أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل زهرة - أم رمضان و ساكو ..!














المزيد.....

أم رمضان و ساكو ..!


ميشيل زهرة

الحوار المتمدن-العدد: 5291 - 2016 / 9 / 21 - 02:44
المحور: الادب والفن
    


عندما بدأت موجات النزوح الأرمني ، في مطلع القرن العشرين ، بعد المذابح العثمانية ، التي أولغت في دماء الشعوب ، و الأقليات تحديدا ..
كان ( ساكو ) سركيس ، من حصة أسرة مسلمة ، حيث تعهدت برعايته مقابل عمله كصبي ، في الدار الكبيرة لفلاح ملاّك في إحدى القرى السورية ..! لم يكن قد خفّ ثقل الحزن عن قلب ساكو بسبب فراق الأهل ، و الأخوة ، و الأخوات ، و الأقرباء..! ولم يكن قد استعاد ابتسامته التي اغتصبت لطفل لم يكتمل صبره ، بعد ..! كان ساكو يمضي أيامه منزويا في ركن في الدار الكبيرة ، ليتذكر و يبكي ..و كثيرا ما يكون بكاؤه عويلا يُقطّع القلوب ، عندما يتذكر أهله الذين قتلهم الأتراك ..و لا يتوقف عن العويل ، حتى تطلب منه النسوة ، أو الأولاد ، في الدار طلبا لتلبيته ..و لكنه لا ينسى ..لأن جمرة في القلب الصغير تتقد ، من لوعة الدم الذي أبعد صبي بعمره عن الأسرة التي لم تطلقه للريح بعد ..هو ذلك العصفور الواهن الجناح ..!
في الدار الكبيرة صبي في مثل سنه ..كان يلعب معه ، و يأكل معه ، و يقومان في بعض الأعمال معا ..!
ذات يوم امتنع رفيقه المسلم عن الأكل ..و لم يعد يتناول وجباته مع ساكو ..و عندما تساءل ساكو عن السبب .. كان يأتيه الجواب كلمة واحدة ، حاسمة ، مع ملامح جادة ، و قاسية ..مع رائحة مقززة من فم صديقه : ( إنه رمضان يا ساكو..!! ) و تمضي الساعات ..و الأيام ، و تزداد الوجوه قسوة ، و قتامة ، و نفورا من كل شيء ..هذا ما جعل ساكو أن يفكر : إن ذلك الكائن الذي اسمه رمضان ، يشبه إلى حد بعيد العسكر العصمنلي الذي اجتاح بيتهم في ذاك اليوم المشئوم ، و اغتصب النساء ، و الأطفال ، و قتل الجميع ..و لم ينجُ ساكو لو لم تخبئه الدجاجات في خمّها يوم ذاك . و بقيت تقرقر ، يومها ، خوفا ، مما أوهم ( الجندرما ) العسكر أن يثقوا بأن لا أحد في الخُمّ و مضوا ..و تحت جنح الظلام الدامس ، تسلل ساكو من قريته مجتازا الحدود السورية ، إلى هذه القرية التي كانت مأواه الأخير . كل هذا الذي حدث جعله يربط بين هذا الذي يجوّع الناس و بين الجندرما ..و قد ظن في نفسه أن هذا الرمضان ، لا حول لهم به و لا قوة ..و إنه يدوس على أعناق الجميع ، و يفرض حضوره على الناس ، و يجوعهم ..و إلا لماذا تغيرت طباع صديقه في الدار الكبيرة ..؟ و رجال الدار صاروا أكثر توترا ..و النساء ، تضاعف حمل تعبهن ..!!
ضمر ساكو في نفسه لرمضان مشاعر لم تكن طيبة ..فكر : أن ينصب له فخا في باب الدار ، أو على السطوح ..ليصطاده كعصفور ..و لأنه لم يتقن العربية ، لم يستطع أن يشرح لصديقه الصائم ، خططه ، و أفكاره التي يرسمها لإنقاذ العائلة من كائن يجوعهم ، و يجوعه معهم ..لقد كان الطعام وفيرا قبل ( رمضان ) ..ما الذي جرى ..؟؟ يتساءل ساكو ..!
انتهى رمضان ..و في يوم العيد تكومت أصناف الحلويات ، و اللحوم ...فتسرب الفرح إلى قلب ساكو ..عادت الوجوه إلى ما كانت عليه ..صاروا يبتسمون له ..و صديقه عاد إلى نشاطه في اللعب معه ، و اختفت الرائحة المقززة من فمه..!! و في المساء طُرق باب الدار الخشبي الكبير ..سأل ساكو قبل أن يفتح الباب ، كما علموه : مين إنتا بابا..؟؟؟ و عندما جاءه الرد من خلف الباب : أنا أم رمضان يا ساكو ..افتح يا ابني ..
تذكر ساكو رمضان و ما فعله بالعائلة ..و لأن ساكو وفيا للعائلة التي ضمته إليها ، و لم يُردْ لهذه العائلة ضيقا ، و لا غضبا ، و لا جوعا ، فقد ظن إن أم رمضان جاءت لتعيد المأساة التي يبذرها ، ابنها رمضان الذي يأتي كل عام إلى الدار ..فقرر طرد أم رمضان قائلا : ( ما في بيفوت أنتا بابا ..بيروه ابنك بيجي أنتا ..؟؟؟ ) = ماراح ابنك حتى جئت أنت ..؟؟؟ و عندما ارتفع الصراخ ..جاءت إحدى النسوة ، و هي تضحك ، إذ فهمت سبب سلوك ساكو..لتخلّص العجوز من بين يديه .. ساكو، الوفي ، و المُخْلص لمن يحيطه بالدفء ، و الحنان الذي فقده على أيدي ( الجندرما العصمانلية ..! )



#ميشيل_زهرة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخبر الذي يهز البشرية الآن ..!
- النثر ، و الشعر ..!
- شطحة خيال ..!
- تهافت الأمراء ..!
- أنا المكتوم بلا انتماء ..!
- السيدة الغامضة ..!
- الصورة ..!
- قراءة في رواية الشرنقة و الفراشة للروائي محمد زهرة ، للدكتور ...
- عبدو على تخوم المستحيل ..!
- داعش ، ربيع العرب ..!
- مذكرات جنرال عربي ..!
- العقم الفكري ..!
- الوحش ..!!
- قطب واحد ..!
- الكذب المقدس ..!
- الكذب المقدس ..!!
- الحمير تفكر .. و تعشق أيضا ..!
- الملفّ ..!
- الأميران : السياسي و الديني ، و خصوصية الحكم العربي ..!
- قبل الفيس بوك ..!


المزيد.....




- تركي آل الشيخ يكشف عن رسالة لن ينساها من -الزعيم-
- الاحتفاء بالأديب حسب الله يحيى.. رحلة ثقافية وفكرية حافلة
- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل زهرة - أم رمضان و ساكو ..!