أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مصطفى حنكر - نادي الصعاليك















المزيد.....

نادي الصعاليك


مصطفى حنكر

الحوار المتمدن-العدد: 5276 - 2016 / 9 / 5 - 17:50
المحور: كتابات ساخرة
    


ماهو الصعلوك ؟
حين بحثت في المنجد عن دلالة كلمة "صعلوك" وجدت أنها تعني (من منظورهم) : حقير ،فقير، بائس . و هذا لم يعجبني في الحقيقة ، فانزعجت كثيرا و تجرعت البيرة في يدي دفعة واحدة .بيد أن المعني الذي أحمله لهذه الكلمة الجميلة كان قويا و كثيفا ، و لا تستحق أن ترادفها هكذا كلمات رسمية ضعيفة و مهلهلة و مشينة ، حتى أنها ليست مثيرة ..
مر في تاريخ الأدب و الفلسفة و الشعر صعاليك كثر ، و قد عاشو كأشخاص حقيقيين و مهووسين و منفلتين و متصالحين مع ذواتهم .لكن لا أحد من هؤلاء قد كلف نفسه عناء تطويق هذا المفهوم و تعريفه .ماذا تقول ؟ تطويق ؟ تحديد ؟..هل الصعلوك أصلا شخص مطوق ومحدود بتعريف أو سياق ما .الأكيد أنه ليس كذلك حسب ما يتصور هو ذاته. فالصعلوك لا يحب هذا الهراء .إنه شخص لم يعد يستطيع حتى أن يتعرف على ذاته من قوة كثافتها .إنه مغترب عنها في كل لحظة يعيشها في حياته. يغترب لكي ينقذ نفسه من انسجام الأفكار و الانطباعات الصادرة من الواقع .صيروري إلى درجة تصل التناقض، و هو ينسى بسرعة أنه كان شخصا ما قبلئذ ، و لا يتحرج من حركيته السريعة لتجاوز نفسه كل مرة.إنه وغد متجاوز بامتياز. يتحرك بدافع الضجر من الحاضر .ينجر غريزيا نحو المستقبل كحامل مجهول للإثارة و المتعة .حساسيته المفرطة من الملل تدفعه ليتخلص من أفكار قد بدت له جامدة و أخلاقية و محترمة.
يعتقد الصعلوك أنه يكون ذاته حينما لم يعد يخجل من نفسه أمام "النحن " كمجتمع ، لدرجة أنه لا يتحرج من أصوات شرجه العنيفة حين يتواجد في مكان تقمع فيه حرية أمعائه .إنه مهووس بأصوات جسده حد الجنون .كل اندفاعاته الداخلية الجامحة تتجاوز قوة المجموع ، و لو كانت مدمرة .إنه الإنسان الذي تحرر من العار و العيب و الإجماع و تهيؤات الآخرين.إنه الشخص اللأخلاقي بتعبير نيتشه ، و هو الذي بات يفكر ما وراء الخير و الشر .
و لكن ماذا عن الفيلسوف الصعلوك ؟
أيمكن أن تكون فيلسوفا و صعلوكا في آن ؟..كيف ذلك ؟ يقول الصعلوك : أن تكون حيوانا ،أي أن تكون فيلسوفا حيوانا(لا_أخلاقيا) على نحور آخر .إن الفيلسوف الحيوان لا يحاول أن يهذب نفسه بكانط ، بالأخلاق ، بالحقيقة ، بالعقل ، بالمثل .إنه نقيض ذلك تماما ، إنسان الفوضى و الغريزة و الجسد و الرغبة .إنه شخص ينبع من جزئه السفلي ، لا يفكر سوى بكونه قضيبا حين يتعلق الأمر بالنساء ،و لا يفكر إلا بكونه معدة حين يتعلق الأمر بالغذاء الجيد و الخمرالعتيق ، و لا يفكر بعقله /لاعقله إلا بكونه منفلتا و مجنونا ، و ليس سوى عملا فنيا حين يستمع إلى الموسيقى .ماذا يريد هذا الصعلوك المارد حين يتجلى في هذا العالم ؟ ..إنه يريد المزيد من اللذة و النشوة ، و قد ينتهكه بعنف ليحصل على انتشاءاته اللحظية و العابرة .
يقول الصعلوك : لا ترتبط بفكرة ان هي أصبحت قضية أخلاقية ، تقتضي التزاما أمامها .و يتمادى الفيلسوف الحيوان ليبرر ذلك ، بالرغم أنه يعتبر التبرير مجرد هراء قطيعي ، ليقول : قد أتخلص منها غذا ، قد لا تروق مزاجي بعد لحظة ..أرأيتم ؟ ..الصعلوك يعبد مزاجه و لا يسمح لأفكار في نقيض المزاج لتسكن عقله قتقيده ثم تفسد ذوقه .لماذا يؤمن الصعلوك بالمزاج لهذا الحد ؟ ..لأنه ثابثه المتغير دوما .صيروري هيروقليطي جدا كتخطيط كهربائي لقلب مضطرب و قلق .حين تتحول الفكرة إلى مبدأ ، قناعة ،فتغدو شيئا محترما ، أو شيئا من هذا القبيل ، فإن الصعلوك يتخلص منها توا دون أن يفكر في عواقب ذلك ، استجابة لمزاجه الفني .تلبية لصوته الداخلي الغريزي .إنها ، أي الفكرة ، بذلك لم تعد موضوعا للإنتشاء و اللذة و المتعة ، بل أصبحت موضوعا للتقديس و الإلتزام .إنه يطرح أي وعي تصيبه أعراض الإنحطاط و المرض .إن الفيلسوف الصعلوك ينظر إلى العقل كقاض في محكمة الأخلاق، له القدرة(و يتساءل الصعلوك من أين له هذه القدرة ؟) ليميز بين الخير و الشر ، و هو غير مؤهل ليفعل ذلك حتي ،بسبب محدوديته .لقد مات العقل . و نحن اللأخلاقيون ، الماقبل سقراطيون قتلناه بالفن و الغريزة و العدمية .إنه لم يعد شيئا أمام جبروت اللاعقل ،و الجسد و الأسطورة و الإستيهام و الحلم ."انصتو إلى أجسادكم".. يتحدث كل صعلوك داخلكم .و لتحررو كل غريزة فطرية داخلكم ، حررو ماردها من القمقم حتى يتسنى لكم أن تصبحو حيوانات منتشية و راقصة كعبدة ديونيزوس ..

يقول نيتشه إن وظيفة العقل تنحصر في حفظ البقاء .و هذا يعني أنه يأتي بعد الغريزة لا مقدما عليها .غريزة الإنسان يجب حفظها بالعقل دون أن تكون خادمه .و لكن فلاسفة الأخلاق بدءا بفيلسوف الأقدام الحافية سقراط كان يعتقد أن الجدل/العقل يمكن أن يكون معيارا لانتاج الحقيقة و الفضيلة ، دليلا لا يخطئ في بحور المعرفة .في حين أن الحقيقة بذاتها أصبحت مجرد وهم نسينا أنه كذلك ، نسينا أن جموع البحاثة ليس غرضهم في الحقيقة بذاتها
، و لكن هدفهم كان مجرد اشغال أنفسهم بالبحث عن شيئ ما .،أو لا شيئ ما .الأمر سيان .وفي المقابل ، فالفيلسوف الصعلوك الذي تعب من كل هذا الهراء السقراطي على مر قرون من الزمن، والذي أصابه بإعاقة غريزية خطيرة في جسده ، و هو يحس أنينها تحت سلطة العقل كل مرة يسمع فيها بال"يجب"، فكانت تلك لحظته التاريخية حين أراد التفكير بالجسد : أخرج من حيث أنت أيها الصعلوك ، فأنت حر الآن ..
من هم أولائك الصعاليك هنا ؟
إنهم أناس مرضى نفسانيا ، عصابيون يعالجون أنفسهم بالإبداع و الفن .المثقلون بالحياة و الغرائز .الطائشون و الحمقى و المنفلتون ، و الهاربون من الواقع .المتغطرسون الأجلاف كرجال الكوبوي .المتشردون في الهوامش ، اللامستقرون في مكان واحد ،
بيد أن الإستقرار بالنسبة لهم توازن ، و هم ينفرون من التوازن و الأمان .إنهم أناس يبحثون عن الخطر في الزوايا الآمنة . مفتعلو المشاكل من حيث لا توجد .الراقصون في ساحات حرب محاصرة بالقناصين .و المدخنون في المقابر انزعاجا من رائحة الموت . المتبولون على الجدران المتآكلة .المتغوطون في الخلاء .و الباصقون في الأماكن العمومية بكثرة .الذين يحفرون أنوفهم من المخاط في الصالات الثقافية و الندوات الفكرية.المنتخمون في المساجد أثناء الصلاة .هؤلاء البوهيميون الذين يشمئزون من مظاهر الحداثة المزيفة .الغرائزيون المابعد الحداثيون .الشعراء الأوغاد و المسعورون بعض الحياة .العرابدة الحالمون .السكيرون الليليون ، و السائرون ترنحا في الشوارع الخاوية فجرا ، ومتأبطو قناني الويسكي و البيرة الرخيصة .أولائك الأنذال الحقيقيون و المنحرفون عن السلوك العام .المتعبون بالكسل و النوم النهار كله.الهزليون من جدية الحياة ، و المستهزؤون بسخافتهم ، و لقطاء الحياة اليومية .المعجبون بإباحية القصائد الرديئة .الفاحشون و المجاهرون بالخطيئة على أنها فضيلتهم .الديونوجيون حين تحجب عنهم الحياة بمثل أفلاطون و أخلاق سقراط ..الذين يلبسون قفازاتهم الطبية في حضور الأخلاق .المتأففون من ثقل الواجب الغيري، و الكارهون لأنفسهم حين تتحول إلى غير و آخر .العارون و الفضائحيون ، و هم حين يتكلمون يفضحون كل شيء .الشتامون و البذيئون ، حين تحدث البذاءة شيئا من الإشمئزاز و القرف ...
أيها الصعاليك إني لا أقول لكم أدخلو هنا ، و لكني سأقول لكم : تشردو في العالم



#مصطفى_حنكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات متشرد 4
- الجريمة و العقاب ..مرة أخرى
- ترانس لهبال: الجديدة_ مراكش
- القول الفلسفي في العلمانية ج2
- القول الفلسفي في العلمانية
- شبح الجنون _1
- دين ودنيا
- يوميات متشرد _3
- يوميات متشرد 2
- إنجذاب غير مرغوب
- حوار الفلاسفة __الجزء الأول
- خطبة كازانوفا في البار
- يوميات متشرد
- الإنسان بين فرويد و أدلر
- حينما نفكر على نحو مغاير


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مصطفى حنكر - نادي الصعاليك