أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - الجريمة و العقاب ..مرة أخرى














المزيد.....

الجريمة و العقاب ..مرة أخرى


مصطفى حنكر

الحوار المتمدن-العدد: 5086 - 2016 / 2 / 26 - 19:26
المحور: الادب والفن
    


حكمت المحكمة :
بحضانة الأب لأبنائه الثلاثة .. لم يكن القاضي ، و هو ينطق هذا الحكم الجائر، يراعي مشاعر الأمومة الجياشة.فالمحاكم عادة لا تقيم وزنا للمشاعر على حساب ما تراه عدلا .حين سماعها للحكم كان قد أغمي على الأم ذات الأربع عقود وسط قاعة المحكمة . كان هذا بعد مسطرة طويلة و مريرة لأجل الطلاق .لقد انتزع منها القاضي إحساس الأمومة .ذاك الشعور بالإمتداد في الحياة و المعنى . كل ما تريده المرأة من الرجل هو الأمومة ، و ها هو بطل المحكمة اليوم يصادرها باسم الشعب . بعد فترة من الحكم ، وجد القاضي ميتا في الحديقة التي كان يرتادها صباح كل سبت لممارسة رياضة المشي.قالت الشرطة ،بعد إجراء تشريح للجثة ،أنه قد مات مسموما بالسيانيد . و هذا يعني أنه قتل من طرف أحدهم . جيني ،صديقة أستاذ الفلسفة غريب الأطوار بالجامعة ، و طالبته المسعورة تجر أستاذها لصداقة غير بريئة و جامحة .لقد أغويت بغرابته الفلسفية و عفويته الأدبية و أفكاره العدمية ، بإيمانه العبثي بقوة الصدفة .لقد كانت منجذبة للعدمية في شخص آيب.لا يوجد إغراء فيزيزلوجي سواءا تعلق بالوسامة أو الجسم جذبها إليه . إنها كانت منجذبة لوقاحته الفلسفية .كانت تلاحقه بعد كل حصة له في الجامعة .تلح للحصول على شيء حميمي صغير و لو كان قبلة مباغتة و محتشمة . بعد إصرارات طفولية متوالية على لقاء في الفراش ، هاهي تتصيده لأول مرة بهذه الطريقة البذيئة .كان معجبا بعفويتها و جرأتها الفاحشة ، بفجورها المتحرر من الأخلاق . كانت تأوهاتها عنيفة ، و لهاثها ساخنا و فتيا ، و صراخها المرغوب لا يخف إلا بضربات على مؤخرتها البضة و الآخدة في الإمتلاء .كانت علاقة جنسية غير متكافئة ، و لذتها في لاعدالتها .استلقيا على ظهريهما بعد أن ضاعت طاقتهما في لقاء حميمي لم يكن سلسا نحو الرعشة الأخيرة لآيب ، أما الصغيرة فقد كانت رعشاتها متتالية ، و لم يتمكن الراوي من حساب عددها . تململت جيني على السرير ، و بإطلالة خاطفة على الطاولة بجانب السرير يسارا لاحظت رواية الجريمة و العقاب .أخذتها بأيد مرتعشة كأن هلعا مفاجئا هاجمها .
ما بالك جيني ..هل ترتعشين لدوستويفسكي لهذا الحد ؟
كنت قد قرأتها ..و قرأت كل رواياته
مابك إذا ؟
مجرد شكوك حول أحداث الرواية ..
وضحي ..لم أفهم شيئا ؟
شيء بالرواية حدث هذه الأيام ..ألك علاقة بالأمر ؟
ماذا تقولين حبيبتي ؟
القاضي ..أنت قتلته ؟
ماذا تقولين ..أفقدت عقلك ؟
أجبني ..أأنت من قتله ؟ قل لي الحقيقة ..أريد سماع ذلك
تنظر إليه بشفاه مرتعشة ، كما أن يداها يهتزان من الخوف .كانت مفزوعة جدا و كأنها تدين نفسها بكونها تحب مجرما ، و هي لا تستطيع الآن أيضا كرهه بهذه السهولة .بعد صمت مدان لدقائق قليلة يعترف آيب:
نعم أنا قتلته
أوه يا إلهي ..لماذا ؟
لقد رأيت حكمه غير عادل ..كان يجب أن يحكم بالحضانة للأم .لماذا حرمها من أمومتها ؟
بهذه البرودة تقول أنك قتلته ؟
ماذا في الأمر ..لقد خضعته لعدالتي .أنا لست إنسانا عاديا . بدا لي من الواجب قتله .بل من حقي أن أقتل ..
فرت جيني بفزع من السرير الذي كانا ينامان فيه معا متدثرة بملاءة بيضاء شفافة ، و مازالت سيقانها عارية .لقد كانت جيني مرتعبة جدا. الدموع لا تتوقف من السيلان من عينيها الخائفتين .إنها كانت تخاف من فقدانه ، من فقدان أحاسيسها الجامحة تجاهه...أأنت مجنون ؟
أليس العالم أفضل الآن حبيبتي ، بعدم وجود ذاك القاضي الغير عادل فيه ، معنا في الحياة التي نعيشها نحن العادلون ..قولي ؟ ...أجيبيني
إنه الجنون بعينه ..قتلت القاضي ثم إنك تبرر جريمتك البشعة براسكولينكوف
راسكولينكوف لم يفعل سوى ما يتوجب فعله ..لقد قتل تلك العجوز القبيحة لأنها مرابية و جشعة و قد أخدت جريمته مجرى العدالة .كيف تدينين عدالة الإنسان الحر ، الغير العادي ، و لا تدينين عدالة القضاة ، و هم أناس عاديون جدا ، بكل قساوتها..من يكون هذا القاضي حتى لا ندين عدالته أو رؤيته الرسمية للعدالة ؟
ستسلم نفسك للشرطة ..و الآن
لا ..لن أفعل
لماذا ؟
لأني لا أرى أي جدوى من ذلك ، ثم إني طبقت العدالة .العدالة ذاتها التي تسعى مؤسسات الدولة لتطبيقها و حمايتها بالقانون...أنا العدالة ، فلما الذهاب إلى الشرطة ؟
أأنت تتفلسف في ظروف كهذه ؟ في حضرة الموت ؟
الفلسفة هي تعلم الموت ..قال مونتيني
ألست الشر بعينه أيها المجرم الوقح ؟
نعم ..ولكنه شر غير عادي .كان مصدره شخصا غير عادي ، و هذا يجعله مبررا .عبقرية الشر أفضل بكثير من غباء الخير .العالم مليء بالأشرار ، و لكن القليل منهم فقط هم العباقرة .أنا أنتمي لهؤلاء العظماء
سأذهب للشرطة إن لم تسلم نفسك .
قد أقتلك صغيرتي قبل أن تفكري في ذلك .كما قتلت القاضي و هو الذي كان يفكر أنه سيعود إلى بيته سليما بعد كل حصة مشي ، و في كل صباح سبت .لقد كان يعتقد أنه سيعود لبيته ،فيأخد دوشا دافئا فيما بعد ، و لكنه للأسف ، مات .أليس هذا كافكاويا عزيزتي جيني ؟ ..هل قرأت كافكا ؟
لا ..و لكنك مجرم و شرير .فيما لست متأكدة بعد أني أكرهك منذ الآن .لست أعرف هذا بعد ..و هل يجب أن أكرهك فعلا ؟
هذا سؤال جيد عزيزتي
سأغادر الآن ..أريد أن أكون لوحدي لبعض الوقت
إياك أن تقتربي من الشرطة ..لازلنا في بداية علاقتنا ثم ابتسم في وجهها و هي تحضر نفسها للخروج
قبلة حبيبتي ؟ ..
لن تنالها أيها المجرم الحقير
تبدين جميلة حينما تغضبين
وغد



#مصطفى_حنكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترانس لهبال: الجديدة_ مراكش
- القول الفلسفي في العلمانية ج2
- القول الفلسفي في العلمانية
- شبح الجنون _1
- دين ودنيا
- يوميات متشرد _3
- يوميات متشرد 2
- إنجذاب غير مرغوب
- حوار الفلاسفة __الجزء الأول
- خطبة كازانوفا في البار
- يوميات متشرد
- الإنسان بين فرويد و أدلر
- حينما نفكر على نحو مغاير


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - الجريمة و العقاب ..مرة أخرى