أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - دين ودنيا














المزيد.....

دين ودنيا


مصطفى حنكر

الحوار المتمدن-العدد: 4840 - 2015 / 6 / 17 - 20:40
المحور: الادب والفن
    


محمد فقيه متبحر وواعظ فذ في الدين .قد نعتبره من أبرز الشخصيات الدينية تأثيرا في وسائل الإعلام في الوقت الحاضر . بحكم شهرته الصاعدة ، يتنقل كثيرا من مدينة إلى أخرى لإلقاء دروس الوعظ والإرشاد في قضايا الدين الحالية .إنه اليوم ، بعد أن تم إستدعاؤه ، في بلدة لا يبدو مهما ذكر إسمها .. إستمر درسه لأزيد من ساعتين دون مناقشة من قبل الحاضرين ، و لكنه لم يخلو من بعض الإستفسارات الخجولة هنا و هناك ،فانتهت بإجابات مقدسة من الفقيه أخرست أفواههم و عقولهم نهائيا . النقاش الإعتراضي هنا أشبه بلعب طائش وسط رمال مليئة بالألغام . يبدو الفقيه محمد من الجنس اللطيف من رجال الدين ، هؤلاء الذين يسمون عادة بالمعتدلين . كما أن خطابه ثقيل و خافت ، خال من كل صوت عنيف ومزمجر .إنتهى وعظ اليوم على الساعة الواحدة بعد الظهر .هم الحاضرون بالنهوض ثم الإنصراف .توجه شخص إلى الفقيه يبدو من هيئته أنه أحد أعوان السلطة في البلدة فقال له : "غذاء اليوم عند القائد الممتاز ، إنه يدعوك بنفسه أن تحظى بشرف الحضور في بيته "..إبتسم الفقيه فرد عليه : "سآتي إنشاء الله "
يقع بيت القائد خارج المدينة ببضع كيلمترات ، لذلك كلف أحد حراسه بنقل الفقيه إلى بيته بسيارته الشخصية . كان رئيس المحكمة من المدعوين أيضا إلى الغذاء . وصلو أخيرا ، وهم ينتظرون أمام باب الفيلا الفاخرة .خرج السيد الممتاز يستقبلهم بابتسامات ودودة . السلطة تعانق الدين في مثل هكذا مناسبات . دخلو عبر باب الفيلا يتقدمهم صاحب البيت ، ثم مرو بممر وسط حديقة البيت ، ثم دخلو باب الصالة الكبيرة ." تفضلو بالجلوس.." قال الممتاز بلباقة .
البذخ الذي وجد في طاولة الصالة الكبيرة لا يصدق .إنها ملأى عن آخرها . خروف مشوي بأكمله يتوسطهاو يأخد منها مساحة كبيرة . أطباق من الدجاج المشوي موضوعة في الجوانب ، ثم أطباق السلطة بكل الأشكال و الأنواع بجانبها .ذبلت شهوة الفقيه لمجرد رؤيته غذاء باذخا بهذا الشكل . لم ينبس ببت شفة ..دعاهم الممتاز من جديد ليبدأ بالأكل : "باسم الله الفقيه ، تفضل بالأكل "
لم يجبه الفقيه فرمقه بنظرة سريعة .بدا للممتاز أن صاحب القداسة يزعجه شيء ما ، كأنه يريد أن يقول شيئا ، فيتردد أخيرا .سأله أخيرا : "ماذا هناك ؟" ..صمت الفقيه للحظة ثم قال :"كيف بامكاننا أن نأكل كل هذا الخير دون مشروبات ، فأنا شخصيا لن أقدر على الأكل " ..ابتسم الممتاز ثم نادى على الخادمة لتمدهم بالمشروبات الغازية "..
رد عليه الفقيه بابتسامة متصنعة وخجولة : لم أكن أقصد هذا سعادة الممتاز
أي مشروبات تعنيها إذاً ؟!.. قال الممتاز باستغراب
قال الفقيه : "سعادة الممتاز ، بالحقيقة أريد أن أتكلم ، لكني أخاف أن أخدش انطباعات جميلة لدى رجال السلطة عني ، ورجال الدين عموما "
قاطعه الممتاز بابتسامة ساخرة : ما تريد أن تقول بالضبط يا صاحب السعادة ؟
قال الفقيه : قبل قليل كنت أحاضر بصفتي واعظا ومرشدا في المسجد ، كنت أقدم نفسي كشخص ديني ملتزم يدعوالناس إلى الإلتزام بالدين ، و قد انتهى درسي بخصوص هذا الأمر . أما الآن ، يا صاحب المهابة ،فأنا هنا معكم أمام هذه الطاولة ، أمام هذا البدخ ، أمام الشهوة كغريزة الدنيا . لقد كان شعاري دوما سواء كنت بصدد إلقاء دروس الإرشاد أو في أي مكان آخر أمارس فيه دنيويتي الشهوانية : "دين و دنيا ، الدين هو الدين ، و الدنيا هي الدنيا " .لذلك ، فأنا يا صاحب السعادة ، أطلب منك إحضار المشروبات الروحية إلى هذه الطاولة المنعمة .
إستغرب الممتاز ورئيس المحكمة طلب الفقيه هذا _ بالرغم أنهما يشربان الكحول _ معبرين عن ذلك بنظرات وضحكات مريبة يتبادلانها فيما بينهما . ثم هم رئيس المحكمة قائلا "ما هذا الذي تقوله " . كأن رئيس المحكمة يريد إنتزاع تأكيد من الفقيه ، لإحضار الكحول
قال الفقيه بنبرة من يريد أن يحسم نقاشا تافها: قلت وأقول دائما "دين ودنيا ،فهاتو لنا الويسكي أرجوكم "
أثار كلام الفقيه بعض الصخب و الضحك في الطاولة . غمز رئيس المحكمة للممتازإشارة منه إلى قبول طلب الفقيه ، فصاح بصوت مرتفع : "هاتو الخمر في الثلاجة ، ولنحتفل بالدنيا . هذه الدنيا يا صاحب السعادة ، لا تقتضي منا سوى إحتفاءا حسب متطلباتها ..أليس كذلك يا صاحب القداسة ؟".
والآن ،نعم ..أجابه الفقيه






#مصطفى_حنكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات متشرد _3
- يوميات متشرد 2
- إنجذاب غير مرغوب
- حوار الفلاسفة __الجزء الأول
- خطبة كازانوفا في البار
- يوميات متشرد
- الإنسان بين فرويد و أدلر
- حينما نفكر على نحو مغاير


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - دين ودنيا