أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى حنكر - حوار الفلاسفة __الجزء الأول














المزيد.....

حوار الفلاسفة __الجزء الأول


مصطفى حنكر

الحوار المتمدن-العدد: 4817 - 2015 / 5 / 25 - 23:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إجتمعو في ساحة أثينا على خطبة زاعقة لبروتاغوراس . السفسطائية نوع من الزعق الذي لا يؤدي إلى أين .يدور الكلام حلزونيا دون نهايات حول نفسه دورانا قاتلا .هذا ما يتهيأ لسقراط كمستمع في حلقة النقاش
.بروتاغوراس يتحدث عن "الفضيلة " .موضوع تلك اللحظة اليونانية السحرية .الفضيلة قيمة تنبعث من القوة ،فهي صنيعة الأقوياء دوما ،صاح كاليكليس بسخريته المعهودة . لم يكن نيتشه قاد جاء بعد لحضور الحلقة ،وما
يسميه الرفاق "حلقية" اليوم .يجلس كانط بجانب سقراط يسارا ، فيما أفلاطون يجلس في الجانب الآخر ،يتبادل معهما همسات طائشة حول أقوال السفسطائي الأكبر . يعبر كانط عن انزعاجه بتعابير وجهه ، فيتظاهر أحيانا
أنه غير مبالي بما يقوله معلم السفسطائيين .في الأخير لن يقول شيئا ، يقول كانط مع نفسه .إنتهى بروتاغوراس للتو من حكي أسطورة مفادها أن الإله زيوس كان قد جمع كل كائنات الأرض الحية (الحيوانات و الطيور ..إلخ )
فوزع على كل قدرات حفظ بقائه وجنسه في الحياة .إلا أن الإنسان ، هذا الحيوان الناطق ، لم يتم درجه من قبل سلطات آثينا السماوية في اللائحة لهذا السبب بالذات ، لكونه كائنا قادرا على الكلام .ليس في هذا أية حكمة
على الإطلاق ،فكيف يحرم الحيوان الناطق الوحيد من فن يتخصص فيه ويعلمه لني جنسه ؟! ..أمامنا إنسان عاري القدمين ، دون غطاء على جسده النحيف ، مهلهل البنية ، دون سلاح يدافع به عن نفسه أمام شراسة
الطبيعة . كانت حيلة برومثيوس أن سرق النار من هيفايستوس(إله النار ) فأهداها للإنسان ،فكانت نوره نحو المعرفة ،وأصبحت فيما بعد للإنسان قدرات أسمى في فن العيش قد يتفوق بها على سابقيه .بالرغم أن الإنسان أصبح قادرا على العيش الآن ، إلا أنه مازال قاصرا من حيث الدفاع عن نفسه من هجوم حيوانات تنظر إليه كفريسة مثل باقي الحيوانات الأقل قوة .لذلك كان بحاجة إلى شيء آخر فوق الغذاء ، إلى فن الحرب .فتعلم
هذا الفن بجدارة ، وأسس تحالفات أمنية تحفظ كيانه من الإنقراض . فلابد من شيء إسمه المدينة ،فالسياسة . يجب على الإنسان أن يكون سياسيا ليحقق العدالة لنفسه و بني جنسيه . إنها الفضيلة التي أراد بروتاغوراس الوصول إليها عبر أسطورته الخالدة . فطن عقل سقراط المتوقد إلى مغزاها بخفة كونديرية .لكنه في الآن ذاته يفك ارتباطا مع المتكلم ، ليعود إلى نفسه بخبث .إنه يبحث في صمت عن وصفة أسئلة محرجة ، كالمحققين اللطفاء مع مجرميهم ، تجر محاوره نحو الخطيئة ، خطيئة مناقضة ذاته . فسقراط يتمسك بشيء أسماه أرسطو فيما بعد بال "منطق " .محاورات سقراط في أغلبها تندفع نحو هذا الهدف ، ليثبث أن السفسطائي يناقض نفسه . إذ يقول شيئا في الأول ثم يقول فيما بعد نقيضه . هذا إن السفسطائي يأخد بعين الإعتبار ألا يكون متناقضا مع نفسه .
كانت حكاية بروتاغوراس قد انتهت لتبرهن أنه من حق الجميع التحدث ، مع نفي التخصص في هذا الأمر ، عن الفضيلة جوابا عن سؤال مناور كان قد أثاره سقراط : "فأنت يا بروتاغوراس تقول أنك تعلم الناس الفضيلة ، فما مدى علمك واختصاصك في هذا الموضوع ، أي موضوع الفضيلة ".
مظهر سقراط غير الثابث ، إذ غالبته حركات لاوعية بيديه ورجليه، يوحي بأنه لم يقتنع بما قاله زعيم السفسطائيين حول الفضيلة ، فمازال لديه أسئلة ليطرحها .اعترى بروتاغوراس نوع من الإنتصار ،فزاد في نبرة صوته ليؤكد أنه فوق ، وأن غريمه أصبح مهزوما فقال :" أما أنا يا سقراط ،فأني أرى نفسي الأكثر قدرة على تعليم الفضيلة للناس بأي ثمن أريده وأكثر " ثم انتهى بالقول : "وهكذا تراني يا سقراط قد بينت لك بالأسطورة والبرهان معا كيف أن الفضيلة قابلة للتعلم من قبل الناس ،فالأثينيون يعتقدون هذا على الأقل ، و إن كان أحدهم أهلا لهذا الأمر ، فهو الذي يحدثك الآن ".
إنتهى بروتاغوراس من استعراضه الطويل . كان أبقراط الشاب ضمن الحاضرين معجبا غاية الإعجاب بحديث ملهمه السفسطائي ، وأخذه شوق ممتع ليسمع منه أكثر ، فتمنى لو أنه لازال يتكلم . كان سقراط قد سأل هذا الصغير سبب إعجابه ببروتاغوراس فقال له : إني أريد أن أكون مثله يا سقراط ، سفسطائيا كبيرا !"..



#مصطفى_حنكر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطبة كازانوفا في البار
- يوميات متشرد
- الإنسان بين فرويد و أدلر
- حينما نفكر على نحو مغاير


المزيد.....




- ريانا تتألق بإطلالة زرقاء ناعمة في فستان مستوحى من أزياء الس ...
- لماذا قد يُلوث هاتفك المحمول القديم تايلاند؟
- إسرائيل تريد التطبيع مع سوريا ولبنان لكنها -لن تتفاوض- بشأن ...
- رواية -نديم البحر- لحكيم بن رمضان: رحلة في أعماق الذات الإنس ...
- مصر.. تحذير السطات من ترند -الكركم- يثير الانتقادات!
- شاهد.. ملاكم يتعرض لصعقة كهربائية أثناء احتفاله بالفوز
- غزة وتشكيل لوبي عربي في سلم أولويات مؤتمر الجاليات العربية ب ...
- قصف هستيري على غزة يعيد مشاهد بداية العدوان الإسرائيلي
- ترامب: الولايات المتحدة لا تعرض على إيران شيئا
- إذاعة صوت أميركا.. من الحرب العالمية الثانية إلى عهد ترامب


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مصطفى حنكر - حوار الفلاسفة __الجزء الأول