أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - هل الواقع أفرز النص أم العكس ؟















المزيد.....

هل الواقع أفرز النص أم العكس ؟


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5272 - 2016 / 9 / 1 - 22:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل الواقع أفرز النص أم العكس ؟
طلعت رضوان
من بين الأمثلة العديدة على أنّ الواقع الاجتماعى هو الذى أفرز النص الدينى ، ما جاء فى القرآن بشأن (الحجاب) وهو ما نصـّـتْ عليه آية ((يا أيها النبى قل لأزواجك (= زوجاتك) وبناتك)) إلى ((يـُـدنينَ عليهنّ من جلابيبهنّ ذلك أدنى أنْ يعرفنّ فلا يؤذين)) (الأحزاب/59) عن تلك الآية أخرج البخارى عن عائشة قالت ((خرجتْ سودة بعدما ضـُـرب الحجاب لحاجتــها ، وكانت امرأة جسيمة لا تـُـخفى على من يعرفها ، فرآها عمربن الخطاب فقال : يا سوده : أما والله ما تــُـخفين علينا ، فانظرى كيف تخرجين ، فانكفأتْ راجعة ورسول الله فى بيتى وإنه ليتعشى... ودخلتْ سودة وقالت : يا رسول الله إنى خرجتُ لبعض حاجتى ، فقال لى عمر كذا وكذا.. وأضافتْ عائشة : فأوحى الله إليه ، ثم قال : إنه قد أذنَ لكم (الأدق لغويـًـا لكنّ) أنْ تخرجنَ لحاجتكنّ))
وعن ذات الآية أخرج ابن سعد فى الطبقات عن أبى مالك قال : كان نساء (الأدق لغويـًـا) كانت نساء النبى يخرجنَ بالليل لقضاء حاجتهنّ. وكان ناس من المنافقين يتعرّضون لهنّ فيؤذينَ فشكوا ذلك ، فقيل ذلك للمنافقين فقالوا : إنما نفعله بالإماء (= العبدات) فنزلتْ هذه الآية. وأخرج نحوه عن الحسن ومحمد بن كعب القرظى. وتلك الآية تستوجب الملاحظات التالية :
أولا: إنّ نساء الجزيرة العربية كنّ ينتظرنَ حلول الليل ليذهبنَ إلى الأماكن البعيدة عن البيوت، لقضاء حاجتهنّ ، ومعنى ذلك أنه لم يكن فى (كل) بيوت الجزيرة العربية (دورات مياه) كما كان الوضع لدى شعوب أخرى.
ثانيـًـا : عدم وجود دورات مياه داخل بيوت العرب ، وتلك الحقيقة تؤكد الفارق الحضارى بين العرب ومصر، حيث ذكر هيرودوت فى كتابه الثانى عن مصر، أنّ المصريين كانوا يتغوطون داخل بيوتهم)) (هيرودوت يتحدث عن مصر- ترجمه عن اللغة الإغريقية د. محمد صقر خفاجة- هيئة الكتاب المصرية- عام 1987- ص118) ومعنى ذلك – كما كتب علماء علم المصريات وجود شكل من أشكال الصرف الصحى فى مصر القديمة.
ثالثــًـا : الآية المذكورة فرّقتْ تفرقة واضحة لا لبس فيها بين السيدات (الحرات) والسيدات (العبدات) اللائى أطلقتْ اللغة العربية عليهنّ (إماء) وهو ما نصّ عليه ابن سعد فى الطبقات ، ومعنى ذلك أنّ المجتمع العربى ، مجتمع (عبودى) حتى بعد رسالة الإسلام.
رابعـًـا : التفرقة بين نساء النبى وبناته.. إلخ وبين (الإماء) كانت واضحة وصريحة فى لفظ (ليـُـعرفنَ) الذى جاء بعد نساء النبى وبناته.. أما الحكمة من ذلك فهى كما جاء فى الآية ((فلا يؤذينَ) ومع مراعاة أنّ لفظ (يؤذين) نزل من (السماء) ردًا على رزالة الرجال الذين كانوا ينتظرون حلول الليل ويتربـّـصون بالسيدات وهنّ يقضينَ حاجتهنّ ، فلما عوتبوا قالوا : إنما نفعل ذلك مع (الإماء)
خامسًـا : ترتب على ذلك التفرقة فى الزى بين (الحرات) و(العبدات/ الإماء) ولذلك كان عمربن الخطاب يضرب (العبدة/ الأمة) بالدرة (عصا عمر الشهيرة) إذا رآها وقد تشبـّـهتْ ب (الحرة) فى الزى. وفى تفسير ابن تيميه لآية ((وليضربنَ بخمرهنّ على جيوبهنّ)) (النور/31) قال ((الحجاب مُـخصـّـص للحرائر دون الإماء. والحرة تحتجب والأمة تبرز)) وأضاف أنّ عمربن الخطاب إذا رأى أمة (= عبدة) تختمر ضربها (فتاوى ابن تيميه – مجلد 15- ص372) وجاء فى تفسير الطبرى للآية رقم 59 من سورة الأحزاب ((يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين لا تتشبـّـهنَ بالإماء فى لباسهنّ))
سادسًـا : الآية 59 لها ارتباط بالآية 53 من سورة الأحزاب التى نظــّـمتْ (بروتوكول) دخول (بيوت) النبى ، أى أهمية الاستئذان نظرًا لما كان يفعله العرب الأجلاف. وعن تفسير القرطبى لهذه الآية كتب ((فى هذه الآية دليل على أنّ الله تعالى أذنَ فى مسألتهنّ من وراء حجاب فى حاجة تـُـعرض أو مسألة يـُـستفتى فيها ويدخل فى ذلك جميع النساء بالمعنى وبما تضمنته أصول الشريعة من أنّ المرأة كلها عورة ، بدنها وصوتها فلا يجوز كشف ذلك إلاّ لحاجة كالشهادة عليها أو داء يكون ببدنها.. إلخ)) (تفسير القرطبى- طبعة دار الشعب- ص5309)
سابعـًـا : وعن التفرقة بين (العبدات) و(الحرات) كتب المستشار محمد سعيد العشماوى ((القرآن الكريم وإنْ توسّـع فى أبواب تحرير الرقيق (= العبيد) لم يلغ الرق ولا التسرى بالجوارى إطلاقــًـا.. وقد ورد التسرى بالجوارى فى القرآن فى 25 موضعـًـا. وقد ألغى المشرع المصرى بالدكريتو الصادر فى 4/8/1887 والأمر العالى الصادر فى 21/1/1896 على اعتبار أنّ الرق لا يـُـساير روح العصر الحديث (حقيقة الحجاب وحجية الحديث- مؤسسة روزا ليوسف- الكتاب الذهبى- عام 2002- ص 53)
ثامنــًـا : تتأكــّـد التفرقة أكثر، ليس بين (الحرات) و(العبدات) فقط إنما بين (الحرات) ونساء النبى وهو ما نصـّـتْ عليه آية ((يا نساء النبى لستنّ كأحد من النساء)) (الأحزاب/32)
تاسعـًـا : رغم أنّ الآية 59 من سورة الأحزاب أباحتْ حق خروج نساء النبى وبناته بعد أنْ (يـُـدنينَ عليهنّ من جلابيبهنّ) فإنّ آية سابقة (فى نفس السورة) منعتْ خروجهنّ منعـًـا مُـطلقــًـا ونصها ((وقرنَ فى بيوتكنّ ولا تبرجنّ تبرج الجاهلية الأولى.. إلخ)) (الأحزاب/33) فكيف يمكن التوفيق بين هذه الآية والآيات التى صرّحتْ بخروجهن ؟ وما المقصود بالجاهلية (الأولى) وهل معنى ذلك أنه توجد (جاهلية) ثانية؟ وأين مكانها وزمانها ؟
عاشرًا : كيف يتم منع نساء النبى من الخروج من البيوت (وقرنَ فى بيوتكنّ) والبيوت ليس بها دورات مياه؟ وكيف يتم حل تلك المشكلة؟ وهل لها حل غير السماح لهنّ بالخروج ؟ ولذلك نزلتْ الآية59 من سورة الأحزاب التى (أجازتْ) لهنّ الخروج بعد تطبيق النص الخاص بزيهنّ؟
حادى عشر: ما معنى (يـُـدنينَ عليهنّ من جلابيبهنّ) (الأحزاب/59) وما معنى ((وليضربنَ بخمرهنّ على جيوبهنّ)) (النور/31) وما معنى ((ويحفظنَ فروجهنّ)) (النور/31) ؟ وهل معنى ذلك أنّ نساء العرب لم يكنّ يحافظنَ على فروجهنّ ؟ كل هذه الأسئلة تكشف أنّ الواقع الاجتماعى كان فى حاجة ل (ضبط) السلوك الحياتى بعد الإسلام ، ومن أمثلة ذلك فيما يتعلق بزى المرأة، فإنّ كتب تفسير القرآن أفصحتْ عن السبب الجوهرى ، حيث كانت السيدات (قبل الإسلام) يسرنَ فى الشوارع عاريات الصدور، متشحات بإزار يـُـغطى ظهورهنّ. وجاء فى تفسير ابن كثير لسورة النور/31 أنّ سبب نزول هذه الآية ما ذكره مقاتل بن حيان حيث قال : بلغنا – والله أعلم – أنّ جابربن عبدالله الأنصارى قال : أنّ أسماء بنت مرشدة كانت فى محل لها فى بنى حارثة ، فجعل النساء يدخلنّ عليها غير مُـتآزرات فيبدو ما فى أرجلهنّ من خلاخل وتبدو صدورهنّ. فقالت أسماء ((ما أقبح هذا)) فأنزل الله الآية.
وعن تفسيره للأية رقم 59 من سورة الأحزاب قال: وليضربنَ بخمرهنّ على جيوبهنّ المقانع (أى ما يستر المرأة) ضاربات على صدور النساء لتوارى ما تحتها من صدرها ، حتى يـُـخالفنَ نساء الجاهلية ، حيث كانت المرأة تمر بين الرجال ((مُـسفحة بصدرها)) لا يـُـواريه شىء.. وربما أظهرتْ عنقها وذوائب شعرها. والخـُـمر: خمع (خمار) أى ما يـُـخمـّـر به ويـُـغطى الرأس واسمها (مقانع) وقال سعيد ابن جبير: يضربنَ بخمرهنّ : يعنى النحر والصدر.
وعن فلان عن فلان عن أنس قال : إنّ النبى أتى فاطمه (ابنته) بعبد وهبه لها وقال : كان على فاطمة ثوب إذا (قنعتْ) به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطــّـتْ به رجليها لم يبلغ رأسها ، فلما رأى النبى ذلك قال لفاطمه ((إنه ليس عليكِ بأس.. أنا أبوكِ وهو غلامك)) والمعنى (وفق رواية أنس) أنّ الحرة يجوز لها التعامل مع (عبدها) وهى بهذا الزى الذى لا يسمح لها بستر رجليها ورأسها معـًـا : فإما الرأس وإما الرجلين. وهو ما يدل على شظف العيش فى بداية الدعوة الإسلامية، وقبل الغزوات التى حوّلتْ مجتمع الجزيرة العربية من حالة البؤس إلى رغد الحية ورفاهيتها على حساب الشعوب التى تم نهب مواردها تحت مسمى (الخراج) على الأرض و(الجزية) على رؤوس البشر. وفى كل الأحوال فإنّ مسألة زى المرأة ، والنصوص القرآنية بشأنها فيها الدليل القاطع على أنّ القرآن كان يـُـتابع المتغيرات التى حدثت على أرض الواقع.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أفرز الآخر : الواقع أم النص ؟
- ملاحقة القرآن للواقع (2)
- لماذا تجاهل النقاد مسرح اللامعقول لتوفيق الحكيم؟
- لماذا وقف القرآن مع الوثنية وليس مع المسيحية
- ملاحقة القرآن للواقع الاجتماعى
- لماذا تختلف الأنظمة فى الدفاع عن مواطنيها ؟
- متتالية أسباب النزول
- لماذا غفر الله لوحشى ولم يغفر لأم النبى ؟
- هل النص الدينى سابق على الواقع أم العكس؟
- مغزى تجاورضريح محمد بن أبى بكروضريح مارجرجس
- ما حقيقة موقف سارتر من الصهيونية ؟
- العلاقة بين المجتمع والنص الدينى
- نوال السعداوى والقمنى والفاشية الدينية
- حملة التضامن مع سيد القمنى
- إحنا المصريين بنتكلم مصرى
- أهمية الاحتفال بذكرى ميلاد فرج فوده
- شخصية اليهودى المُتدين والنزعة العدوانية
- هل يوجد فرق بين لفظ العرب ولفظ (الأعراب)؟
- تضامن ناهض حتر
- الملياردير فى منظومة الفساد إبداعيًا


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - هل الواقع أفرز النص أم العكس ؟