أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حكمت عبيد - فِراق...قصة قصيرة














المزيد.....

فِراق...قصة قصيرة


جمال حكمت عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 5264 - 2016 / 8 / 24 - 03:29
المحور: الادب والفن
    


في احدى أسواق دولة الانتظار، حيث كانت السوق غاصة بالناس، وعند تلك المسافة التي بيننا ..خالني وجه امرأة أعرفها، هفا قلبي اليها، كنت قد فارتها من زمان..
تسمَّرت في مكاني واشرأب عنقي نحوها.. أرنو اليها أتبعها بنظراتي؛ لكيلا تتوه عني، وشعاع عبْرَ الأثير صار يخرج من عيني، يريد أن يخطفها ويجذبها لي..
لحظة مرَّت.. استدارت بوجهها نحوي، كأني رمقتها بنظراتي وأحسَّتْ بي ...
أخذَتنا الدهشة والعجب. حلمٌ جمَعنا.. خطونا نحو بعضينا. ادنو اليها، تدنو لي؛ حتى اقتربنا عند فسحة صغيرة التقينا..
لبثنا صامتيْن، وعيوننا شاخصة، انفصَلت في تلك اللحظة كل معالم الوجود عنّا، ونسينا الناس من حولنا.. نتعبد بوجهينا كأننا في صومعة راهب
زمنٌ طويلٌ مَرَّ على فراقنا، تألمنا به وشقينا بهوانا، سرق منّا أحلامنا وأخذَ معه ملامح وجهيْنا، ضاعت فيه أساريرنا وارتسم الملل فينا.
أنظرُ اليها، تنظرُ لي.. أتعقب كل قطعة أحببت فيها، وكياني المهزوز في تلك اللحظة كاد يخرج من صدري، تملكتني رغبة جامحة في الصراخ بأعلى صوتي.. أني وجدتها...
-هي أنتِ
قالت: هو أنتَ
نداءُ عقلي أخذني نحو أصابعها؛ أخاف رؤية طوق لامع فيها.. رفَعْتُ رأسي اليها رأيتها تتفحص أصابع يدي...وابتسمنا..
سرور في تلك اللحظة غمرنا ...
مددتُ يدي نحوها.. تسللتْ بهدوء اليها.. فتصافحنا.
شعرتُ بإغفاءة أصابعها وهي تتلملم في حضن كفِّي.. ضغطت كفّها بكفّي وإذا بسيل متدفق هادر في داخلي أشعلَ كل قناديلي، فبانت مخابِئ لوعة الفراق في جسمي، واستباحت أوراقي القديمة المرمية فوق رفوف ذاكرتي...عندها اكتمل احساسي بها وسلّمْتها كل رسائلي.
حرّكَت ابهامها، واخذت به تداعب كفّي؛ كأنها تقول لي: تسلمت كل رسائلك يا عمري
لم اكُ اشعر بجمال المدينة ورائحتها سوى اليوم.. لقد عادت أسارير الفرح فينا.. ابتسمنا وابتهجنا، كأن كل واحد منّا رسم للآخر أن لا فراق بعد هذا اللقاء، والقدر قد أعاد لعبة الحظ الينا..
أسألها.. وتحدثني عن حالها.. اصغي اليها.. أكاد أغفو بين شفتيها القرمزيتين التي طالما شربتُ الحنان منها.
شكراً لك يا إلهي لم تنسني..
هاتفها النقال يدق..
ألو نعم..
- نحن من دائرة الهجرة، نحيطكِ علماً إن دولة الاستيطان وافقت على طلبكِ...فاستعدّي للسفر
ارتبكَتْ نظراتها. لم تقو في إخفاء الحزن على وجهها.. تنظر بوجهي لا تعرف ما تقول لي..
انقبض صدري والتاع فؤادي. تطوحتُ كالسكران في مكاني، لم أعد أحمل نفسي، وحيرتي كبست على فمي؛ كأني شرِبْتُ كل قوارير الخمر دون أن أدرى.
عاد الصوت في داخلي يصيح يا لحظّي العاثر وخيبة أملي.. أما زلتَ أيها الخائب فيّ تلاحقني..
تحيرت دمعة في عينيها.. كادت تنطق خجلاً وتأسفاً...فأطبقتُ كفّي على فمها
صعب الكلام عليّ وأنا أداري حيرتي.. تمتمتُ بصوتٍ خفيضٍ
-أتمنى لكِ السلامة وراحة البال في بلدك الثاني، يا......
دمعةٌ سقطت من عينها.. مسحتها بيدي وشكرتني..
حملَتْ نفسها وذهبت.. أنظر اليها وحسرة الخجل في عيني حتى توارت عني. كأنها لمح الشِّهابُ إذ أبرَقت في السماء وانطفت
أخذتُ وجهي ومضيتُ في طريقي. العن الشتات.. حاملاً معي لوعة الغربة وخيبة الفِراق.



#جمال_حكمت_عبيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهامة عراقي أصيل..قصة قصيرة
- أمي وأوجاع وطن
- وظيفة في دار العجزة..قصة قصيرة
- حرب وأشياء أخرى..ح3..قصة قصيرة
- -ما بين بغداد ورواندا طريق واحد-..قصة قصيرة
- سارت معي..قصة قصيرة
- وفاء امرأة هولندية
- مرفأ بلادي
- عزاء صامت..قصة قصيرة
- ساحة التحرير...
- صانعة الإبتسامة...قصة قصيرة
- حرب وأشياء اخرى..ح2...قصة قصيرة
- رحلة مع الموسيقى...قصة قصيرة
- ذاكرة مرْميّة....قصة قصيرة
- طائرُ اللّقلق..قصة قصيرة
- أنا وأُمي ووطني
- من هذه السيدة...قصة قصيرة
- عيد الحب...قصة قصيرة جداً
- حبٌ..وألم....قصة قصيرة جداً
- استوقفني مظفر النواب ...في قصتين قصيرتين جداً


المزيد.....




- أمير الكويت يعلن رفع التمثيل الدبلوماسي مع لبنان
- الرئيس والفيلسوف.. سياسات ماكرون و-دموع- بول ريكور؟
- نخبة من المخرجين وجزء ثانٍ من فيلم توم كروز.. كل ما تود معرف ...
- الروائي أحمد رفيق عوض يشارك في ندوة حول الرواية الفلسطينية ب ...
- كل الأولاد مستنيين يظبطوه”.. تردد قناة ماجد كيدز للأطفال وأح ...
- بعد عرض أفلام الشهر”.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على الن ...
- سوريا تحضر بثقلها الثقافي في معرض الدوحة للكتاب من خلال -سوق ...
- رحيل مغني -الراب- كافون.. أبرز الوجوه الفنية التونسية بجيل م ...
- السيرة الذاتية مفتاحٌ لا بدّ منه لولوج عالم المبدع
- من قبوه يكتب إليكم رجل الخيال.. المعتقل السياسي لطفي المرايح ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حكمت عبيد - فِراق...قصة قصيرة