أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حكمت عبيد - سارت معي..قصة قصيرة














المزيد.....

سارت معي..قصة قصيرة


جمال حكمت عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 5014 - 2015 / 12 / 15 - 22:14
المحور: الادب والفن
    


في ساعات الغبش السحرية، حيث احمرار الأفق البعيد عن رؤياه، وبين اصوات انينه الممزوجة بدفء الحنين، والشوق المتلاطم بين اضلعه يبعث له أملاً يلتحف به يأخذه نحو اهله، يتنفس الصعداء بمداعبة ابنه.. يسير هائماً على وجهه حالماَ... يذرع ارصفة الطرقات فارشَ الذراعين يلقي التحية على هذا وذاك.. ما اجمل الصورة في وطنه .. يعانق الريح، متبختراً بمشيه، متأملاً طيور الصباح السابحة في السماء ، يطير معها بعيداً يسبح في الفضاء كالطائر الحُر بلا قفص. . يحلم بزغاريد فرح صبايا وطنه وهن يملئنَّ كفوفهن بالحناء ويرفعنَّ ثوب الحزن عنهن ،وحدائق خضراء تجمع العشاق تحت ظلال اشجارها.. جميلة هي بلده ، يحلق عالياً نحو العباب ينظر متأملاً جداول الأنهار وزوارق الخير تبحر فيها وعلى ضفاف الانهار انكسرت صورة النخيل على صفحة الماء وصارت كلوحة فنان محترف.. ثم يعلو متسلقاً خيوط الشمس .. ينهل من ينابيع الجبال العذبة.
فجأة !: تشوشت الصورة عنده، أخذه ضباب التف حوله، أغشى عينيه، ويسقط هاوياً على الأرض..
يمشي في الأزقة ثقيل الخطوات يسحل نفسه، مجانباً حيطان البيوت حائراً.. أين ينتهي مشواره؟ لا يدرى!. خافضاً رأسه الى الأرض، يسند يده على ظهره والأخرى يعد الأيام بها . يعثر ثم يمشي ..صوت كعب حذاءٍ كصوت سنابك الخيل يخُب خلفه. لن يلتفت، لقد تعلم السير في الطرقات لوحده.. اقتربت تكّات الكعب منه، وصلت اليه ، لمحَها بطارف عينيه.. كعب حذائها عريض، سيوره شبابيك حمراء ، وضرْب الكعب برجليها كما الخلخال يبعث في سرائره لحناً وفي الشرع يولد فتنه، وتارة يبعث في دواخله خوفاً.. صورتان مختلفتان تظهر عنده.
مال نحو الاولى فغمَرَه احساساً انشرح فيه صدره، أخذ يلاحقها دون أن يرفع رأسه، ومُثار النقْعُ في خطواتها؛ أثار صفحات أفكاره السليبة، المركونة في رأسه.. تصَفَّحها وانقبض عليه صدره وتسقط الكلمات على شفتيه متسارعةً تُشعل لوعة التمني والخلاص عنده... منذ سنون ركد الخوف والحرمان كالغبار في رأسه.. لاحقه من البيت، من الشارع، من المدرسة، من الكتب و البلدة..
شعَرَ ببطء خطواتها، أصوات رفيعة تُردد في ذهنه، انها تبطئ مشيتها؛ كي أصل اليها ، أسير جنبها ، كلا أنها تسرع خطواتها.. ثم يعود قائلاً لم لا اتركها .
فجأة !! اختفت تكّات كعبها واختفت السيور الحمراء بل كلها غابت عنه.
احاطته الحيرة، وقف مكانه، تاه في الأرض نظره، طافَ حول نفسه، يبحث عنها ولم يجد سوى ظلّه، والشارع الرصاصي المغبر ورصيفه المندثر.. تساءل والحيرة تخنق صدره : في أي بيت دلَفتْ وتوارت خطواتها ؟ ثم يختار الحل بنفسه: سأعود أفتش عنها وانزع ثوب الخوف عنّي، علّها تدعوني السير معها..
عاد طريقه، كلّما سارَ ضاقت به الطريق، واختفت ارصفته، تخطى ابواباً مغلقة... في كل بابٍ مر بها رأى خلف كوّتها الصغيرة وجوهاً خائفة، افواهها مكممة...
انحسر به المكان حتى بات مظلماً ... وقف محتاراً يناديها:
- أين انتِ ..من انتِ؟.. تعالي .. لماذا تُخفينَ نفسكِ عني؟
صوتٌ هفيفٌ كالنسيم البارد مرَّ على أذنه : انا الحرييييييييييييية...
قعقعة مزلاج باب الحديد الصدأة، تلتها رعدة صوت أجش عاطَ به:
- انهضْ..
كان غاطّاً في حلمه.. متكوراً على نفسه ، نائماً فوق فراش رثٍّ استوى بمرور السنين مع الأرض.
فزَّ مرعوبا ً!.. سقطت عيناه على الحذاء وكعبه ،وعلى السوط الأحمر المُلَطخ بالدم ... و توضحت الصورة عنده ...
عاد صوت السجّان :
- انهضْ، جاء دورك ..قفْ على الجدار ودر وجهك..
نهَضَ خائر القوى.. منهك الخطوات يمشي.. وقف جنب الجدار وادار ظهره.
التفت عن يمينه. رآها مصلوبة على الجدار قبله..
- أهذا انتِ؟
- نعم. " اصبر ..لا تحزن ..غداً ستشرق الشمس ويكون الحال أحسن".
- انهال عليه الجلاد بسوطه حتى سلخ جلده، شرائط حمراء كأوسمة ملأت جسمه ..
تحَمَّلَها بالصراخ .. اغمي عليه وعاد الى حلمه.



#جمال_حكمت_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وفاء امرأة هولندية
- مرفأ بلادي
- عزاء صامت..قصة قصيرة
- ساحة التحرير...
- صانعة الإبتسامة...قصة قصيرة
- حرب وأشياء اخرى..ح2...قصة قصيرة
- رحلة مع الموسيقى...قصة قصيرة
- ذاكرة مرْميّة....قصة قصيرة
- طائرُ اللّقلق..قصة قصيرة
- أنا وأُمي ووطني
- من هذه السيدة...قصة قصيرة
- عيد الحب...قصة قصيرة جداً
- حبٌ..وألم....قصة قصيرة جداً
- استوقفني مظفر النواب ...في قصتين قصيرتين جداً
- خربشة عند الفجر...قصة قصيرة
- حرب وأشياء أخرى...قصة قصيرة
- صور متشابكة...قصة قصيرة
- سنة سعيدة وأمنيات...قصة قصيرة
- ذكريات لاجئ عراقي...لحظة وداع...قصة قصيرة
- غثيان...قصة قصيرة


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حكمت عبيد - سارت معي..قصة قصيرة