أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حكمت عبيد - عزاء صامت..قصة قصيرة














المزيد.....

عزاء صامت..قصة قصيرة


جمال حكمت عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 4934 - 2015 / 9 / 23 - 01:57
المحور: الادب والفن
    


التقيته في بيت صديقي رغيد، أسمه "آدري"، هو من وافق على سكني في القرية قالها صديقي.. كان يعمل مديراً في بلدية المحافظة قبل احالته على التقاعد.. طويل القامة نحيف رخيم الصوت في بداية العقد السابع من عمره.. بيته لا يبعد كثيراً عن بيتي.
مضت السنون، هاجر صديقي الى السويد ، تزوج هناك، لقد كان العراقي الوحيد في القرية. كنت إذا رأيت "آدري" صدفة مع زوجته، تبادلنا التحية السريعة والسؤال السريع ونمضي.
في احدى الأيام تصادم من بعيد وجهي مع وجه زوجته في السوبر ماركت.. رفعت يدها ورفعت يدي أحييها .. شيء ما دار في رأسي، كانت تتسوق لوحدها ومنذ مدة طويلة لم أرهما .سألت نفسي يا ترى هل افترقا فهي زوجته الثانية، تزوجا على كبر وكانت صديقة زوجته.
تذكرتُ حينها جاري "ياب" قبل ثلاث سنوات كان خير معين لي.. ساعدني بتصليح دراجتي النارية، ربطتني معه علاقة ودية عمره عند منتصف السبعينات ، طويل القامة، ضخم البنية، ابيض الشعر لا يملك سوى ضرسين وسن قاطع في فمه، في احدى الأيام دلفت بيته عند المساء، كان الرجل يعشق الخمر قال لي: المرأة الهولندية تعشق النقود وأخرج محفظته، طرحها فوق الطاولة وأردف، زوجتي طلبت الطلاق مني حين فقدت عملي إثرَ إصابتي؛ لكني هددتها.. قام من مكانه وفتح دولاب مكتبته وأخرج مسدساً، لا اعرف مدى صلاحيته، قلت لها، بهذا المسدس سأقتلكِ لو تزوجتي !!، لم تتزوج لحد الآن .. إمرأة طاعنة في السن تسكن الشارع الآخر .
أمنيته الوحيدة، الذهاب الى بنَما.. تحققت بعدما بلغ الثامنة والسبعين، غادر مع صديقه، لمّا عادا توفي صديقة بعد شهر بحادث.. ومرض ياب جراء سفره. كانت رحلة الوداع.
سيارة اسعاف واقفة قرب داره، ركضت اليه..أخرجوه المسعفين مربوطاً على الحمّالة.. أدرت وجهي الى ضحكة استفزتني، كانت جارتي الفضولية التي طالما عصيّ اسمها عليّ واصبحتُ اناديها في بيتي صاحبة الكلب، تُكلمُ من شباك غرفتها العالي جارتي الأخرى والتي كانت واقفة قربي، قالت: قد يكون في حالة سكر ولا يدري... ضحكتا.. لكن خيّم الحزن على وجهي.
بعد ثلاثة أيام كانت سيارة واقفة قرب داره، دخلتُ بيته مسرعاً وكان صديقه.. جالس يحتسي البيرة ودمعته صامته في عينيه قال: لقد كان المرحوم صديق أبي، قبل وفاته طلب مني أن أغطّيه بعلم بنما .. سيدة بعمر الأربعينات معها شاب دخلا علينا، حمل الشاب طقم أسنان صناعية ..يضحك ويقول: هذا ما تركه لي جدي ...صُدِمت!! وصمَتَ معي عزائي.
عادت بي ذاكرتي عندما كنت صغيراً، توفى "زاير شامخ" رجل كبير في السن، يسكن الشارع خلفنا، جاءت مركبة كبيرة عارية السقف "لوري" حملت نساء لبسن السواد، بعباءاتهن السوداء ربطنّ خصرهنّ، وصبغنّ وجوههنّ بالطين، نزلنَّ رباعاً رباعا، يلطمنّ بإيقاع يفتت الصخر بلحنه؛ حتى وصلنّ بيته.. والرجال تحلقوا فيما بينهم، حمل أحدهم عَلَماً أخضر اللون رفعه بعصا، نهايتها التصقت بكرة معدنية تبعث خرخشة عند هزها، يدورون حول الدائرة، وآخر حمل مسدساً، يضرب العيارات النارية .عندها عَلِمَ من لا يعلم أن "زاير شامخ" انتقل الى جوار ربه.. هذا ماكنت أراه في العزاءِ.
هاتفي يرن كان صديقي الذي هاجر الى السويد.. منذ اكثر من عام لم أسمع صوته.. بعد أن تبادلنا الكلام والإشتياق سألته عن" آدري "؟
قال :رحمه الله لقد توفى منذ أكثر من عام، اتصلت بي ابنته وقالت لقد توفى أبي!!..
صعقني الحزن وأنا أعيش غربتي، حيث تشتت في أصقاع الأرض أهلي ، وعزاء صامت أحاط بي .




#جمال_حكمت_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساحة التحرير...
- صانعة الإبتسامة...قصة قصيرة
- حرب وأشياء اخرى..ح2...قصة قصيرة
- رحلة مع الموسيقى...قصة قصيرة
- ذاكرة مرْميّة....قصة قصيرة
- طائرُ اللّقلق..قصة قصيرة
- أنا وأُمي ووطني
- من هذه السيدة...قصة قصيرة
- عيد الحب...قصة قصيرة جداً
- حبٌ..وألم....قصة قصيرة جداً
- استوقفني مظفر النواب ...في قصتين قصيرتين جداً
- خربشة عند الفجر...قصة قصيرة
- حرب وأشياء أخرى...قصة قصيرة
- صور متشابكة...قصة قصيرة
- سنة سعيدة وأمنيات...قصة قصيرة
- ذكريات لاجئ عراقي...لحظة وداع...قصة قصيرة
- غثيان...قصة قصيرة
- رائحة الحرية...قصة قصيرة
- نَبْض الضّمير..قصة قصيرة
- عُرْسٌ فوق السطوح


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حكمت عبيد - عزاء صامت..قصة قصيرة