أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حكمت عبيد - شهامة عراقي أصيل..قصة قصيرة














المزيد.....

شهامة عراقي أصيل..قصة قصيرة


جمال حكمت عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 5193 - 2016 / 6 / 14 - 20:28
المحور: الادب والفن
    


في ظهيرة صيف العراق القائظ، وفي البصرة الفيحاء ،حيث الشوارع خلت من المارة، والناس دلفت بيوتها يبحثون عن ظل ٍ يحميهم من حرارة الشمس، وعن نسيم هواء بارد قد يخرج من نافذة أو من ثقب حائط، او من مروحة يدوية "مهفة" مصنوعة من سعف النخيل تضرب الهواء فيها ويبرد جسم الطفل المائع من الحر ِّ ومن رطوبة الجو؛ حيث لا كهرباء ولا ماء، وجميع الخلق هناك يعانون من هذا الحال ،يتضرعون الى رب الأرض والسماء ان يزيل هذه الغمة عنهم وعن وطنهم كي يحيوا بصفاء وهناء..
صوتُ عياط في الشارع، أفزَعَ أهل المحلة!؛ إذ كانت النيران ملتهبة، تلتهم ما تبقى من أثاث البيت... أمٌ تعيط مستغيثة بوجه الناس، تلطمُ خديها: نسيتُ ولديَّ في الغرفة!...
لا يوجد مهرب للخروج فألسنة اللهب أحاطت المكان، والأم مازالت بعياطها تبحث عن نخوة وعن منقذ بوجوه الناس المتجمهرين في المكان :
هناك طفلاي ستحرقهم النار، واوشكت ان ترمي نفسها في النار وتدخل دارها؛ لكن هبَّ لنجدتها من بين الناس شاب اسمه "ناجي" ركض صوب النار مقتحماً ألسنة اللهب!! اخترق النيران وازاحها وكأنها صارت "برداً وسلاماً" !!.
اندهش الواقفون لبطولته ففغرت أفواههم، والنساء وضعن أكفهن على أفواههن وبعضهن وضعنها على خدودهن مندهشات!! لجرأةِ هذا البطل الذي يوحي لهم بأنه سيرمي نفسه في الهلاك...
وماهي إلاّ دقائق معدودة واذا به يخرج حاملاً بيديه طفلاً، ويصيح إنه حيٌ. إنه حيٌ، والناس اخذت تكبر الله اكبر.. الله اكبر !!، وحناجر النساء تزغرد، والرجال يصفقون.
وانتخته الأم ثانية: هناك طفل ثانٍ يا ولدي.. لم يتهاون ونسي لابل تناسى في تلك اللحظة الإنسانية مقتل" آرام" أقاربه ابن البصرة ذلك الشاب اليتيم الذي نحره جاره في العام الماضي بسكينه ويصيح الله اكبر.. الله اكبر !! ولسبب طائفي اعتبره كافراً؛ كونه صابئياً مندائياً!!؟.
نسي ناجي كل ذلك بل قفز مرة أخرى واخترق لجّة النار والسنتها المتصاعدة.. منظر موجع نيران مشتعلة ودخان يعمي العيون وناجي يفتش في الغرف عن الطفل الثاني فوجده، وكان يبكي بصوت واهن وهو في آخر الانفاس منزوياً عند ركن الغرفة.. حمله وركض به الى خارج الدار ..لكنَّ القدر كانت له عيون أخرى، وقبل ان يخرج دوى صوت انفجار هزَّ البيت والمكان !! وكانت أسطوانة الغاز لقد انفجرت من خلفه كالقنبلة ،رماه عصفها مغمياً على الأرض والطفل بين يديه. فأحرقه اللهب وتشوه جسمه.. اخذته الحروق فقفز اليه بعض الرجال فسحبوه والطفل.
مات ناجي ابن سومر وبابل وآشور، مات ابن الرافدين وترك ولديه الصغيرين وزوجته يعيشون باقي أيام العمر حسرة عليه، وهم فخورون به وبشهامته.
-هل مات ناجي الصابئي المندائي شهيداً بفعل نخوته وشهامته وخلقه وحبه للناس والوطن؟، أم انه سيكون "نسياً منسياً" مع مرور الأيام..؟.



#جمال_حكمت_عبيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمي وأوجاع وطن
- وظيفة في دار العجزة..قصة قصيرة
- حرب وأشياء أخرى..ح3..قصة قصيرة
- -ما بين بغداد ورواندا طريق واحد-..قصة قصيرة
- سارت معي..قصة قصيرة
- وفاء امرأة هولندية
- مرفأ بلادي
- عزاء صامت..قصة قصيرة
- ساحة التحرير...
- صانعة الإبتسامة...قصة قصيرة
- حرب وأشياء اخرى..ح2...قصة قصيرة
- رحلة مع الموسيقى...قصة قصيرة
- ذاكرة مرْميّة....قصة قصيرة
- طائرُ اللّقلق..قصة قصيرة
- أنا وأُمي ووطني
- من هذه السيدة...قصة قصيرة
- عيد الحب...قصة قصيرة جداً
- حبٌ..وألم....قصة قصيرة جداً
- استوقفني مظفر النواب ...في قصتين قصيرتين جداً
- خربشة عند الفجر...قصة قصيرة


المزيد.....




- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...
- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال حكمت عبيد - شهامة عراقي أصيل..قصة قصيرة