أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - كهلان القيسي - إرهاب وانتقام متجدد في خرائبِ الفلوجة















المزيد.....

إرهاب وانتقام متجدد في خرائبِ الفلوجة


كهلان القيسي

الحوار المتمدن-العدد: 1406 - 2005 / 12 / 21 - 07:12
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


أولاً أجبرت أن أغير ملابسِي الغربيةِ إلى برقع اسود ونعال، ثمّ حشرتُ نفسي في المقعدِ الخلفيِ لسيارة مكتظّة بالنِساءِ والأطفالِ الآخرينِ في رحلة محفوفة المخاطر. وطلبت من طفل الجُلُوس في حضنِي لذا أنا أخفيتُ نفسي تقريباً مِنْ جلب الأنظار.وقد حذّرنيَ السائق بأنّ لا أَتكلّمَ حين نتوقف، في نقاط تفتيش الحرس الوطني العراقي لكي لا يميزون لهجتَي الأجنبيةَ. طُبّقت كُلّ الإجراءات الوقائية لتفادي خطر حواجز الطرق مندفعة نحو الفلوجة، تلك المدينة العراقية المُحَطَّمة التي لم يدخلها مراسل صحفي غربيَ لأكثر مِنْ سَنَة بدون إشرافِ من قوّاتِ التحالف. وتمايلت بنا السيارة على طول طريق مترب عبر الأرض الزراعيةِ وخلال القُرى الصغيرةِ عبر طريق التفافي إلى المدينةِ التي في وسطِ العراق السني، 40 ميل غرب بغداد. في النهاية تُوقّفنَا في أحد نقاطِ التفتيش حيث أنَّ العبور حُدّد فقط للسكّانِ الذين يَحْملونَ بطاقاتَ تعريف biometric. أنا حَبستُ أنفاسي بينما ألقى احد الحراس نظرة داخل سيارتِنا. وكانت النِساء بجانبي يدردشنَ، يُحاولونُ أَنْ يَبْدينَ غير مكترثات. للحظات ثم لُوّحنَا للأمام وهكذا بدأت زيارتَي إلى معقلِ العراق الأكثر تحديا و تمرّداً. للأيام الخمسة التاليات قام السكّان والمتمرّدون على حدّ سواء بقيادتي للطواف حول المدينةِ المُخَرَّبةِ، لكي يجعلوني أرى الحقيقةَ الحَارِقةَ والمؤلمة للحياةِ تحت الحصارِ الأمريكيِ.
في نوفمبر/تشرين الثّاني 2004 أنا كُنْتُ اخر مراسلَ غربيَ يتَرْك الفلوجة قَبْلَ أَنْ ينطلقَ الجيشَ الأمريكيَ بعمليةِ " الشبح الغاضب"، هجوم من الجو والأرض إستهدفَ إزالة المتمرّدين مِنْ المدينة التيَ قَدْ أَصْبَحَت معقل المقاومةِ ضد السلطة الإئتلافيةِ.
نهاية الإسبوع الماضي أنا كُنْتُ أول صحفي يعود بشكل مستقلِ ومن المستحيلَ أن لا أكون مَصْدُومة بهذا بالخرابِ. مناطق ضخمة، كانت فيها بيوتَا عامرة سُويت بالأرض. في زوايا الشوارع العديدة، جبالَ القمامةِ تَقْذفُ أعمدة من الدخان الأسودَ إلى الهواءِ.عبر حقول من الأنقاضِ تَمتدُّ إلى مدى البصر. هنا وهناك أطفال يعدون عبر منظر الدمار، يَبْحثُون عن الطابوقِ والصخورِ الأكبرِ لإستعمالِها في عملية إعادة البناء المرهقةِ.
هناك إشارات متشتتة لعملية إعادةِ البناء السريعةِ التي وَعدَتهم بغداد بها في أعقاب هجومِ الأمريكان إلا في المناطقِ الأغنى. في الغالب هناك نِساء مثل رسمية محمد علي، التي جلست القرفصاء بين ركام بيتها المهدم وهي تحاول أن تجد طريقها بتكسير حجارة الاسمنت بمطرقة صغيرة، والتي أنقذها أولادها ذو السبع والثمان سنوات
وتقول السيدة: وهي أم لخمسة أطفال، هم لَمْ يَعطونا حتى خيمة.ماذا يمكن أَنْ أعْمَلُ لذا أنظف واحضر هذه الأحجارِ لكي يُمْكِنُ أَنْ نُعيدَ بناء بيتَنا؟ وكانت قد إستلمَت فقط 700$ كتعويض بعد ان حُطّمَ بيتِها أثناء الهجومِ الأمريكيِ.
أنا كُنْتُ أُحاولُ لشهورِ دخول الفلوجة لكتابة تقارير صحفية على ما يحصل هناك منذ أن قطعتها القواتِ بقيادة الولايات المتحدةِ في الواقع مِنْ بقيّة العراق. ونَجحتُ مرّة تقريباً، لكن الجهة العراقيةَ التي تُرتّبُ رحلتَي أُخبرتْني بأنني قَدْ أُختَطفُ مِن قِبل فئة محليّة متمرّدة ويبيعونني إلى أبو مصعب ألزرقاوي، رئيس القاعدةِ في العراق. سَمعنَا حتى بأنّ سعر رأسي كَانَ قَدْ حدد ب: 50,000$.
عندما وَصلتُ المدينةَ أخيراً، تذكرت ملاحظة مِن قِبل ضابط أمريكي في فيتنام التي إدّعى بأنّه كان لا بُدَّ أنْ يُحطّمَ قرية للحفاظ عليها. الفلوجة في الحقيقة قد حُطّمتْ. لَكنِّي لم أجد أحدا هناك يَعتقدُ بأنّها قد حميت.
ستّة أسابيعِ بعد إحتلالِ العراق وفي 28أبريل/نيسان, 2003، ظَهرتْ الفلوجة كبؤرة للتمرّدِ ضدّ الأمريكان. عندما تَجمّعَ حشد خارج مدرسة إحتلَّت من قبل القوات الأمريكيةِ، وفَتحَ الجنود النار، وقْتلواُ 15 مدنيا عراقيا.
وبعد أحداث ومناوشات وقبل فترة قليلة من إنطلاقِ هجوم الشبح الغاضب أخبرَ العقيدَ غاري Brandl من البحرية الأمريكية المراسلين: “ إن العدو لَهُ وجه. وهو الشيطانُ. وهو في الفلوجة ونحن سَنُحطّمُه".
بالقوةِ المطلقةِ مِنْ الأسلحةِ، إحتلَّ الأمريكان الفلوجة و أوقفوا المقاومة في المدينةِ بشكل مؤقت. كما إكتشفَ بقيّة العالمِ عاجلا، فقد إستمرَّ التمرّدَ في مكان آخر.
رغم ذلك فإن الذي وَجدتُ في الفلوجة الأسبوع الماضي كَانَ محبطا لدرجة أكبر. ليس فقط الوعد الذي أعطي لإعادة بناء المدينةِ أو إُعادتُها إلى الحالة الطبيعيةَ لكن بشكل ظاهر حطمت تماما. الحقيقةَ المرّةَ إنّ تلك الأعمالِ مِنْ القواتِ الأمريكيةِ والعراقيةِ أعادتْ إيقاد التمرّدَ. الغضب والحقد وسوء الظنّ بأمريكا أعمق بكثير من أي وقت مضى.
إن أخطاء الجنود الأمريكانِ والحرس الوطني العراقيِ — الذي جله مِنْ الشيعيّةَ — عَزلتْ السكّانَ وشجّعتْ الدعم للمتمرّدين. “ قالوا بأنّهم هاجمونا لتَوفير الأمنِ لنا, كما إشتكت أم أحمد، التي وافقتْ عائلتها على حِمايتي مخاطرين بأنفسهم.
قبل أسابيع قَليلة بيتها هوجمَ مِن قِبل الجنود الأمريكيينِ، الذين حطّموا الأبوابَ وفتّشَوا ممتلكاتهم العائليةِ. إدّعوا أَنْهم يُطاردون متمرّدَاً مشتبها بهَ، لكنهم اعتذروا لاحقاً. بأنهم هاجموا البيتَ بالخطأ.
“ إن الأمور تسوء نحن خائفون من الحرس الوطني والجنود الأمريكانِ الذي يُفترض بأنهم هنا لحمياتنا، كما أضافت أم احمد.
لم يكن لدى أبو سيف- وهو رجل اعمال غني - أي أدنى معْرِفة عندما نَامَ في احد ليالي فبراير/شباط الماضي بأنّه كَانَ عَلى وَشَكِ أَنْ يقبض عليه ويتّهم بقتل كينيث Bigley ، المهندس البريطاني الذي أُخِذَ رهينة ووجد مقطوع الرأسَ لاحقاً. لقد كانت الساعة 4 صباحا عندما أيقظته
أصوات المروحيات الأمريكية وهي تطير على ارتفاع منخفض وقريب، وبعد لحظات هجم جنود المارينز الأمريكان بصحبة الكلاب، وهم يطلقون النار والغاز المسيل للدموع. وقيد أبو احمد وعصبت عيناه ورمي في مروحية أمريكية, ووجد نفسه يسال لماذا قتلت بيغلي، ؟؟وكان جوابه أي بغلي؟؟ ويبدوا إن جوابه قد اغضب المستجوب الأمريكي، الذي سحب سكينه وضغطه على رقبة أبو احمد.وعلى مدى الأيام الـ15 التالية قد أُخضعَ إلى روتيناتِ الإستجوابَ الذي أَصْبَحَ سيئ السمعةَ في معسكراتِ الإعتقال الأمريكيةِ. الكابلات الكهربائية وُضِعتْ على سيقانِه المُقَيَّدةِ وهو أُخضعَ إلى القتل الوهمي بالصدمة الكهربائية،. انه عَانى من الحرمانِ من النوم وفقدان الإحساس.كذلك السماعات ثُبّتتْ إلى آذانِه وبثت فيها " ضوضاء عالية قبيحة متعذر وصفها ”. أدركَ آسريه بعد حين بأنّه لم يكن عِنْدَهُ شيء لإخْبارهم ثم نقل إلى موقعِ آخر، حيث أُزيلتْ أصفاده وجيء بجنديِة بحرية ناطقة بالعربيةِ لتَهْيِئته للإفراج.
جَلبتْ له غذاءَ جيدَ وتَركتْه يَستعملُ مشغل أقراصها المدمجةَ. بعد أيام قليلة أعطوه قرآن و حصيرة صلاةِ جديدةِ، وأُخبرَ للإنصِراف بدون نَظْر للوراء.لقد أشعرتْ التجربةُ أبو سيف بالمرارة لذا بأنّه يَدْعمُ المتمرّدين الآن. “ إن الذي فعله الأمريكان في الفلوجة غير مقبولُ، وإذا يَعتقدونَ بأنّ الأمر انتهى فهم لا يَعْرفونَ ما هو القادم. كما قال
لقد حذّرَ مسئولي المدينةِ بأنّ المشاقِ والاعتقالات يُشدّدانِ على زيادة العداوةَ للأمريكان. مركز لدراسةِ لحقوقِ الإنسان الديمقراطية مقرّه فيِ الفلوجة و إدّعى بان هناك 4,000 إلى 6,000 شخصِ قُتِلوا في المدينة أثناء عملية الشبح الغاضب، معظمهم من المدنيين.تأجيج الغضب ايضا كان ايضا البطء من دفع التعويضات، بالرغم من إن الحكومة المؤقتة قد خصصت 490 مليون دولار في السنة الماضية. الدّكتور حافظ الدليمي، رئيس لجنةِ التعويضِ في المدينةَ، ذَكرَ بأنّ 36,000 بيتَ و8,400 دكانَ قد حُطّمتْ في الهجومِ الأمريكيِ.كذلك ستّون روضة أطفال ومَدارِس و65 مسجد ومؤسسات دينية أخرى حُطّمت ايضا. أما مدير بلدية الفلوجة، ضاري العرسان قد ادعى بان 20 % فقط من التعويضِات الموَعودَة قد وُصِلتَ المدينةَ.
في وقت مبكّر من المساءً تَبْدوا شوارعِ الفلوجة ُ فارغة. حيث رجع فقط 170,000 شخص وهم نِصْف العدد الفعلي للسكان— العائدَون يعيشون في ظروف قاسية جدا بتواجد 4,200 جنديِ بحري أمريكي و5,000 جندي عراقي يَفْرضونَ عليهم حظر تجول مِنْ 11 مساءً إلى 6 صباحاً.
ويحذر العرسان: إن الأمريكان يَجِبُ أَنْ يَصغوا لأنه عندما يَصِلُ الناسَ حد اليأس سَيَكُونُ من الصعب السَيْطَرَة على النتائج،إن الغضب داخل الفلوجة لَيسَ من اهتمامات أي احدِ. لكن لا أحد يَستمعُ إلى تحذيراتِنا. التَحَالُفُ لا يوفر أي جُهدَ لدعمِ رئيسَ البلدية. فقد هاجمَ الجنود الأمريكيونُ بيتُه أربع مراتَ، وقال وهو يهز رأسه بحيرة، انه في الأسبوع الماضي أطلقت النار على أحد حرّاسِه مِن قِبل جندي أمريكي, وهو يرقد في المستشفى، لقد أصيب في الرئتين والكبد.
العديد من المؤسساتِ المتَضرّرة، وتلك التي تبْقت فهي تحت الضغطِ الذي لايُطاقِ. فبنايات المدارس مستعملة من قبل ثلاث أو أربع مَدارِسِ على شكل وجبات أما الكهرباء والماء فهما محدودان جدا.
أنا كُنْتُ محظوظَة بما فيه الكفاية للبَقاء مَع العائلة التي يُمْكِنهاُ أَنْ توفرَ مولّدة كهربائية، لَكنَّهم ما زالوا يَجِبُ أَنْ يُقتصدوا على أنفسهم. ففي الليل العديد مِنْ الناسِ يَعتمدونَ على فوانيسِ النفطِ. كما ان أي نَقْص في البنزينِ يعني الإحباطَ المُريعِ. قالَ إبنَ أم أحمد الأكبر بأنّ القوَّاتِ الأمريكيةِ والعراقيةِ تَمْنعُ السكّان من مَلْئ صفائح النفط من خارج الفلوجة والعودة بها إلى البلدةِ ربما لأنهم يَخَافونَ من إن البنزينَ سَيَكُونونَ مستعملا في القنابل الحارقةِ. في بَعْض المناطقِ، الرائحة الكريهة تنبعث مِنْ مياه مجاري تَمْلأُ الهواءَ، والأطفال حفاة ووسخون يَتسلّقونِ على الهياكل المتبقية مِنْ عرباتِ كوّمتْ في الأنقاضِ. لقد إكتشفتُ بنفسي كم هي الصعوبة في أن تبقى كل شيء نظيف عندما قدمت لي أم أحمد قدر من الماءِ الذي غَلتْه على طبَّاخِ قديمِ في الحمّامِ، لكي تخْلَطَه مَع قدر الماءِ الباردِ للصَبّ في حمام مؤقت.
بينما يُكافحُ سكّانَ المدينةَ في روتينهم اليومي، تَنْشرُ توترات جديدةِ. من نشاطاتَ الحرس الوطني العراقيِ التي تُصعّدُ الإجهادَ الطائفيَ. يَدّعي السكّانُ السنّةُ بان الحرس الوطني يَقتحمُون دكاكينَهم وأعمال التجارية بشكل دوري في الليل لغرض عملياتِ الأمنِ المُفتَرَضةِ. ويَشتكي الكثيرُ مِنْ الإهانة الكلاميةِ مِنْ الجنود الشيعةِ.أما الاعتقالات العشوائية فهي روتين يومي.
رئيس البلدية أراني العديد من شكاوى مِنْ سكّانِ الفلوجة التي تَقُولُ إن حاجاتَهم قد سُرِقتْ أثناء هجماتِ من قبل القوات الأمريكيةِ والحرس الوطني. ويقول حراس السيد العرسان, اشتكوا بأنّ المصانعِ والبيوتِ كَانتا قَدْ عُرّيتَا مِنْ المكائنِ، ومولّدات وأشياء ثمينة أخرى.
إمرأة من الفلوجة كَانتْ في طريقها إلى البيت بالسيارة مَع مبلغ 2,000$ كانت قد إستلمتْها للتو كتعويض لخسران بيتِها وعندما أوقفت من قبل الحرس الوطني سرقوا كل ما لديها وقد قدمت شكوى رسمية. رجل آخر فَقدَ 3,500$ في حادثة مماثلة.
بينما حتى في حضيرةِ الحرمانِ هذه بِالمُقارَنَة مَع ضحايا عوائل الفلوجة التي تَدّعي أنْ عَانتْ على يدي إِحْتِلال القواتِ. تَكلّمَ الشهودُ عن جنودِ البحرية الأمريكانِ وكيف يَتخلّصونَ من الجثث ورميها في نهر الفرات مباشرةً بعد الهجومِ ومِنْ القبورِ الجماعيةِ أين المِئاتِ التي زعموا بأنها دْفنتُ.
في الأسبوع الماضي أبو سلام دَخلَ مقبرة مؤقتة كانت ملعب كرةِ قدم — لأداء طقوسِه اليوميةِ لقِراءة القرآنَ على أرواحِ المَوتى. يَتمنّى بأنّ أحد أبنائِه بين أعداد كبيرةِ من التلالِ الصغيرة الغير مسماةِ والغير مؤشّرةِ وتدعى قبورا. فَقدَ أبو سلام أربعة أطفالِ في العملياتِ الأمريكيةِ في الفلوجة. بلال, ولد بعمر خمسة سنوات، ونوال بنت بعمر ثلاثة سنوات، قُتِلَوا في هجومِ أبريل/نيسانَ؛ إبنان آخران، بعمرِ 15 و18، إختفيا بعد عملية الشبح الغاضب.ابني الذي بعمر 18 عاما كان مقاتل مقاوم ،بقي يدافع عن مدينته، وان هذا ليس عارا، لم يكن إرهابيا، وسوف لن اخفي اشتراكه في المعركة.أبو سلام هذا لا يعلم لربما أبنائه قتلوا، لكنه يخاف إن أجسادهم رميت في النهر أو في احد القبور الجماعية ، منذ ذلك الحين انضم هو نفسه إلى المقاومة.ويضيف واصفا القوات الأمريكية : إنهم يدوسون على شرفنا، يريدون تحطيمنا لأننا قلنا لا للاحتلال، ولكن بإرادة الله سوف لن يقدروا على ذلك.
من الواضح لي بأنّ أغلب سكّانِ الفلوجة معزولون مِنْ السلطةِ. محادثاتي مع الناس دارتْ حول قصصَ مكررة عن حوادث وحالات القتل الجديدةِ من قبل القواتِ المؤيّدة للحكومةِ.
الشهر الماضي وزارة الدفاع الأمريكية أَكّدتْ بأنّها إستعملتْ فسفوراً أبيضاً, ;مادة كيمياوية تَشتعلُ بمجرد الإتصالِ بالهواءِ، وتسبّبُ إصاباتَ مروّعةَ. “ هناك الآن كراهية وغضب ضدّ الحكومةِ والقواتِ التي تُمثّلُ هذه الحكومةِ,” كما قال رئيس البلدية .
إنّ المتمرّدين يَعُودونَ لإِسْتِغْلال الغضبِ الشعبيِ. وفي اجتماع سري الذي ضم زعماءِ المتمرّدينِ الذين يُمثّلونَ الفئاتَ الرئيسيةَ التي تُحاربُ في العراق، تَعلّمتُ بأنّ شكلا جديدا مِنْ المقاومةِ بدأ يَتشكّلُ.
الإجتماع حُضِرَه 11 قائدِا الذين جَلسَوا على المفارشِ الرقيقةِ بعثرتْ حول أرضيةِ ألغرفه. البعض أسندوا بنادق النصف اخمس على الحائط في زاويةِ واحدة؛ أبقىَ الآخرون مسدّساتُهم بجانبهم. “ المقاومة الجديدة التي تُشكّلُ في الفلوجة واحدة من التي سَتتُميّزُ بالإنتقامِ وتَضم الأعداد الكبيرةَ, "كما أوضح قائد الفئةِ الأصوليةِ “ بالإضافة إلى قتال الإحتلالِ، هدفها سَيَتضمّنُ الإنتِقام. . من. الجرائم التي إرتكبتْ بما يسمى قوات (عراقية ) في الفترةِ بعد الهجماتِ إدّعى قائدَ المقاومة بأنّ القوَّاتِ الأمريكيةِ والعراقيةِ قد “ إنتهكتَ قداسةَ البيوتِ، والعوائل وحتى الدين. لقد اعتقلوا آلافِ الرجالِ وكُلّ بيت عَانى من خسارةِ أو اعتقال على الأقل أحد رجاله”.
بَعْدَ أَنْ تخفت المقاومة من وجه الهجماتِ الأمريكيةِ السابقةِ، المقاومة تَعلّمتْ تَنظيم نفسها بشكل مختلف.كما أضاف قائد الفئةِ الأخرى: هناك “ مجموعات وخلايا يتشكّلانِ لكن، على خلاف الماضي، التدرج والقيادة سَيَكُون صعبا تعقبهما ”
يَبْدو أن المتمرّدين أيضاً تعلموا بان الهجماتَ العشوائيةَ التي تُنتجُ عنها إصابات بين المدنيينَ ثقيلةَ ويُمْكِنُ أَنْ تُقسّمَ المجتمع. “ دروس تُعلّموها بأنّ الناسَ مهمون جدا لبقاءِ المقاومةِ وخسارة الناس سَتُحبطُ عملَنا,” كما قال القائد
بَدا الزعماءُ المتمرّدونُ هم بإنتِظار نَتائِجِ إنتخاباتِ الأسبوع الماضي قبل التَقْرير بكيفية المَضي قدما. كان هناك كلامُ عن "مهلة" للرُؤية إذا أن أيّ شئِ في الفلوجة سيَتغيّرُ كنتيجة لها. إذا ليس هناك إغاثة مبكّرة، قائد أخر أضافَ، هجماتنا سَتَكُونُ مكثّفة.
في إجتماع منفْصلُ أنا رَأيتُ أبو سيف عضو مجموعة أنصار السنة المتمرّدة التي إدّعتْ مسؤوليتها عن عِدّة عمليات تفجير إنتحارية وأحكام إعدام كلا من الرهائن الأجانب والعراقيين. لكن في إشارة إن تلك الوسائلِ قَدْ تَتغيّرُ، قالَ أبو سيف زعيمه الروحي نَصحَه بعدم القيام بمهمّة إنتحارية.
رجل الدين أخبرَه بان حياتَه سَتَكُونُ مهمة في التخطيط أفضل لقَتْال الأمريكان لمدة طويلة. قالَ أبو سيف إن مجموعته كَانتْ تُشكّلُ خلايا أصغرَ الآن لتَفادي التسرّبِ مِن قِبل المخبرين وكَانتْ تُخطّطُ إستعمالَ أكثرَ مِنْ هجمات الضرب والهروبِ، "الكر والفر"..
“ انه من الصعب قَول هذا ، لكن هناك تعاطف مع التمرّدِ,” إعترفَ مسئول عسكريَ أمريكيَ مؤخراً. “ أساساً كُلّ شخص عِنْدَهُ الإمكانيةُ هنا لِكي تَكُونَ متمرّدا ”
بالنسبة لسكّانِ الفلوجة المُحاصرين، لا تَبْدو نهايةَ مبكّرةَ على مرأى البصر إلى النزاعِ الذي سَحقَ مدينتَهم. عندما دوت إنفجارات قصيرة مِنْ إطلاقِ النار ردّدتْ خلال الليلِ قريبة من البيتِ حيث كنت أنا أقابل القادةَ المتمرّدينَ، قلبي ينهار و هَيّأتُ نفسي للهجوم.
بضعة مكالمات هاتفية لاحقاً، ضحك إندلعَ في الغرفةً. المضاءة الفانوسِ تبين بان فريقَ كرةِ القدم الوطنيِ العراقيِ فاز على سوريا 4-3 بضربات الجزاء لنيل الميدالية الذهبيةِ في الألعابِ الآسيويةِ الغربيةِ. الناس المحليّون كَانوا يَحتفلونَ بهم بإطلاق النار إلى الهواءِ. لقد كَانتَ لحظة نادرة مِنْ إطلاق النار في مدينة حيث يَعْني إطلاقَ نار عودةَ دورة مستميتة مِنْ التمرّدِ و الثأر والانتقام.
ملاحظة هامة: غُيّرتْ بَعْض الأسماءِ لحِماية المصادرِ
هالة جابر: الصّنداي تايمزَ 18ديسمبر/كانون الأول, 2005

ترجمة: كهلان القيسي



#كهلان_القيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا: تَدْعو إلى طرد وزيرِ داخلية العراق لتعذيبه السجناء ا ...
- توقعات ما بعد انتخابات العراق
- إذا غادرت أمريكا العراق؟؟ما الذي سيحدث، نظرة من الداخل
- إيران تَدير العراق عبر مليشيات بدر- وثيقة دامغة ضد وزير الدا ...
- الحرب الجويةَ المخفية في العراق
- رعب النِساء الحوامل في طرقِ بغداد الخطرة
- تلاشى حلم عودة العراقيين
- نظرة على الجماعات المسلحة في العراق: من هم وكيف يقاتلون.
- شارون في كردستان بلا عربان
- -السفر مَع أولادِ السوء-، نشوء فرقِ الموت العراقيةِ
- الحرب القذرة: تعذيب وتشويه العراقيين, وحرقهم بالفسفور هذه بغ ...
- وحوشنا في العراق: خفايا وأسرار تمس الحكومة العراقية
- فرق الموت السرية، مغاويرِ شرطة العراق الجدد
- أرامل السواد: قصة الاستشهاديات المسلمات من الشيشان إلى بغداد ...
- الأكراد يُريدونَ سَحْب المستثمرين إلى العراق الآخر
- نابلم، فسفور، تعذيب، حرق، ودريل التثقيب، واسود هل هذا هو ثمن ...
- القصّة الحقيقية وراء السرقاتَ الكبرى للمتحفِ العراقي.
- أسطورة ألزرقاوي: بين الأمن الكردي والأمن الأردني
- إرهاب توماس فريدمان
- صناعة القتل- حقيقة المرتزقة في العراق-ج2


المزيد.....




- فندق فاخر في أبوظبي يبني منحلًا لتزويد مطاعمه بالعسل الطازج ...
- وفاة 61 شخصا في تايلاند منذ مطلع العام بسبب موجة حر شديدة تج ...
- زعيم الحوثيين يعلق على موقف مصر بعد سيطرة إسرائيل على معبر ر ...
- بعد صدمة -طفل شبرا-.. بيان رسمي مصري ردا على -انتشار عصابات ...
- المزارعون البولنديون ينظمون اعتصامًا في البرلمان بوارسو ضد و ...
- فيديو: ملقيًا التراب بيديه على التابوت... زعيم كوريا الشمالي ...
- تكثيف الضربات في غزة وتحذير من -كارثة إنسانية- في رفح
- باير ليفركوزن.. أرقام غير مسبوقة وأهداف في الوقت القاتل!
- من أين تحصل إسرائيل على أسلحتها ومن أوقف تصديرها؟
- مستوطنون يقطعون الطريق أمام قافلة مساعدات إنسانية متوجهة إلى ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - كهلان القيسي - إرهاب وانتقام متجدد في خرائبِ الفلوجة