أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - شرنقة الفساد -العراقية-















المزيد.....

شرنقة الفساد -العراقية-


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5251 - 2016 / 8 / 11 - 15:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بعد الجلسة المثيرة والصاخبة للبرلمان العراقي التي اتّهم فيها وزير الدفاع خالد العبيدي، رئيس البرلمان سليم الجبوري وعدداً من النواب بالفساد، بدا المشهد السياسي على كل ما فيه من مآسي وأحزان وآلام، أقرب إلى السّخرية من أي وقت مضى، وإنْ كانت سخرية حزينة، فهي "ضحك كالبكاء"، باستعادة الشاعر المتنبي.
هكذا وبسرعة خارقة «بزغ» نجم وزير الدفاع خالد العبيدي، وأصبح الشغل الشاغل للعراقيين، فتناسوا أزمة الكهرباء، وشحّ المياه الصالحة للشرب، واستقطاعات الرواتب، وتدهور الخدمات، ولا سيّما الصحيّة والتعليميّة، وارتفاع نسبة البطالة، وازدياد معدّلات الفقر، وأخذوا يضربون أخماساً بأسداس، بخصوص الفساد وشبكاته والمتورطين به، وذلك بعد "فضائح" جلسة البرلمان المنعقدة في الأوّل من أغسطس (آب) الجاري.
لم يكن الفساد المالي والإداري ظاهرة غير مألوفة، فقد استفحل على نحو شديد، ليشمل جميع مظاهر الحياة العامة، وأصبح على كل لسان، وكان العراقيون يعرفون قبل غيرهم حجمه وتأثيره على حياتهم وأوضاعهم المعيشية، حيث تردّت حالة البلاد على الرغم من أن وارداتها بلغت نحو تريليون دولار خلال السنوات الثلاث عشرة الماضية. وانصبّ فضول العراقيين ورغبتهم على معرفة الأساليب والوسائل المتبعة للاستحواذ على المال العام، وشراكة السياسيين مع بعض رجال الأعمال، واستعدادهم للقيام بكل ما يلزم لتحقيق مآربهم، سواء بالابتزاز أو التهديد. وهكذا يظهر الفساد كوجه آخر للإرهاب وأحد المنابع الأساسية لتمويله، وبالتالي لخلق بيئة تساعد على نموّه، لا سيّما في ظل أجواء التعصّب والتطرّف والتنافس الطائفي المحموم.
وتأتي أزمة الحكم الجديدة، في الوقت الذي ما تزال بغداد ومدن عراقية أخرى، تشهد تظاهرات ضد الفساد والفاسدين، الذين تسبّبوا في سقوط الموصل، ونحو ثلث الأراضي العراقية في قبضة تنظيم "داعش" الذي احتلّها قبل أكثر من عامين، حتى بات العراقيون يتندّرون بشأن الأولويات، مستعيدين نقاشات الفلاسفة بشأن أولوية البيضة أم الدجاجة، وهل الملائكة ذكور أم إناث؟ وماذا بعد التحرير، وكيف سيتم توزيع الغنائم؟
صحيح أن تصريحات العبيدي كانت جريئة، واتّهاماته لبعض الرؤوس جسورة، وإعلانه أنه لا يساوم على دماء الجنود والمقاتلين في ميدان المعارك ضد "داعش" مبدئية، ولكن لِمَ تأخّر في كشف محاولات ابتزازه وعقد صفقة معه؟ ولِمَ احتفظَ كل تلك الفترة بالأسرار التي بحوزته؟ ولِمَ ظلَّ صامتاً، ولماذا لم يبُحْ بالمعلومات التي لديه لمفوضية النزاهة أو للقضاء؟ وهل رغب في تصدير الفضيحة عبر البرلمان، أو أنه استدرج، ولم يكن أمامه خيار آخر!؟.
إذا افترضنا تأجيل جلسة الاستجواب، أو حتى إلغاءها، فهل كان سيفضح الفساد والفاسدين، ويفجّر مثل تلك القنبلة من العيار الثقيل ؟ أم أن هذه المعلومات الخطرة، لو صحّت، ستبقى في صدره وسيلفّها النسيان، لأن النّار ظلَّت بعيدة عنه؟ إنها أسئلة تحتاج إلى إجابات، ولا بدّ عند إفادته أن يقول ما عنده بحق الأسماء الواردة أو غيرها، إضافة إلى جوابه بسبب صمته وعدم إبلاغ الجهات القانونية والقضائية ذات العلاقة، وهو ما ينتظر أن يكشف عنه المتهمون أيضاً.
البعض يقول إن العبيدي وجّه الاتّهامات بعد أن أخذ الضوء الأخضر من مقتدى الصدر (زعيم كتلة الأحرار وقائد جيش المهدي المنحل وسرايا السلام حالياً)، ومن عمار الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، بالإضافة إلى حيدر العبادي رئيس الوزراء والقيادي البارز في حزب الدعوة، إضافة إلى أنه من المحتمل أن يكون قد أبلغ السفير الأمريكي ستيوارت جونز الذي كان في لقاء معه قبيل أيام من الاستجواب.
أراد العبيدي، وهو محسوب على ما يسمّى "السنّية السياسية"، إثبات ولاءه أمام "الشيعية السياسية الحاكمة" للبقاء في منصبه، وكي لا يتم تغييره، أو إقالته بعد استقالة أو إقالة الوزراء الستة كما يذهب إلى ذلك البعض. والشيعية السياسية ممثّلة بالصدر والحكيم والعبادي، وهؤلاء يمثّلون قوى هي الأخرى متّهمة بالفساد السياسي والإداري والمالي، والتلاعب بمقدّرات الدولة والمال العام.
وهناك من يقول إن العبيدي اختار الحلقة الأضعف في السنّية السياسية، والمقصود بذلك سليم الجبوري واتحاد القوى، التي أخذت علاقاته تتلكأ وتتعثّر وتتعارض مع كتلة "متّحدون" ورئيسها أسامة النجيفي وشقيقه أثيل النجيفي، والهدف هو ترتيب الأدوار لما بعد تحرير الموصل، وتمثيل السنّية السياسية، خصوصاً في ما يتعلق بفكرة الأقاليم، وتحديداً إقليم الموصل.
جدير بالذكر أن الملعب السياسي العراقي الذي ازدحم بعد الاحتلال بزعامات طارئة، وسياسيّي الصدفة، حاول كل منهم إقصاء الآخر والتحكّم بقواعد اللعب، سواء كان لاعباً أساسياً أو ثانوياً أو غير محترف، الأمر الذي شجّع على "الانتهازية"، واستغلال الفرص لمكاسب شخصية وامتيازات حزبية وطائفية وإثنية، خصوصاً في ظل نظام المحاصصة والتقاسم الوظيفي، وهكذا كانت الاتهامات تلقى جزافاً أحياناً وعلى الملأ، وكل يستهدف التشهير والتحقير للآخر، أو عقد صفقات هدنة بحيث يسكت كل عن الآخر، الأمر الذي أدى إلى أن يعمّ الفساد المالي والإداري، وتنتشر الفوضى والإرهاب في أجواء الطائفية والمغالبة.
الفساد في العراق تحوّل إلى شبه مؤسسة في ظلّ الدولة الغنائمية التي تعتمد على نظام الزبائن، ولكل زبون حصته، ويتم الصراع والأخذ والشدّ بهدف توسيع حجم الحصص والامتيازات والمكاسب، ذلك أن الزبائنية بمختلف أوجهها السياسية والطائفية والدينية والحزبية والاقتصادية والاجتماعية والعشائرية والجهوية والمناطقية، وغيرها، تقوم على مراتبية يتم الاتفاق والتوافق عليها بهدف ضمان استمراريتها، حتى وإنْ تمّت مناقلات في مواقع بعضها.
ليس بإمكان أحد في ظل نظام المحاصصة الغنائمي محاسبة الفاسدين الكبار. المحاسبة ستكون أقرب إلى "نقر في السطح"، لكنه لن يمتدّ ليتحوّل إلى "حفر في العمق"، لأن الدولة الغنائمية القائمة على نظام الزبائن تفترض وجود حدود للكتل والجماعات، وتصبح مع مرور الأيام أقرب إلى "حقوق مكتسبة" لما يسمى في العراق بالمكوّنات، التي وردت في الدستور ثمان مرّات، والتي تتعارض مع مبادىء المواطنة والمساواة في الدولة العصرية.
وحتى في الفساد فهناك محاصصة، والكتلة تدافع عن الفاسدين وتحميهم وتحول دون كشفهم، وإنزال العقاب بهم، وحتى لو ثبت ارتكابهم، فإنها تعتبره من باب المكائد السياسية والاستهداف للطائفة، أو للحزب، أو الجهة المعنية، خصوصاً في ظل غياب حكم القانون واستقلال القضاء، كما أن القضاء لا يستطيع محاسبة الفاسدين، لأنه أيضاً يقوم على المحاصصة، فضلاً عن الخشية من تعرّض القضاة أنفسهم إلى التصفيات، والأمر له علاقة بالنظام ذاته من جهة، ومن جهة أخرى بظروف الإرهاب المتحكّمة بالبلاد، وتلك هي شرنقة الفساد وشبكاته المتداخلة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية التعبير في العراق.. تأجيل المؤجل
- الأهرام منبر تنوير عروبي بأفق عالمي
- قانون الإقصاء -الإسرائيلي-
- ما بعد التعددية الثقافية
- استقالة أم إقالة ل6 وزراء عراقيين؟
- ميونخ وصورة أخرى للإرهاب
- أمريكا تبحث عن حصة في الانتصار -العراقي-..
- -نيس- وخريطة الإرهاب
- تقرير تشيلكوت وماذا بعد؟
- حقائق تقرير تشيلكوت ودلالاته..!!
- جدلية الهوية والمواطنة في مجتمع متعدد الثقافات
- داعش والفلوجة ودلالات الهزيمة
- ماذا بعد نشوة النصر في الفلوجة؟
- الوجه الآخر لبريطانيا -الأوروبية-؟
- تيسير قبعة: غيمة فضية في فضاء الذاكرة
- الاتجار بالبشر.. والأمن الإنساني
- الفساد والوجه الآخر لمعركة الفلوجة..!
- الأزمة العراقية الراهنة: الطائفية، الأقاليم، الدولة
- زيد الحلي: حين يغمّس يراعه بحبر المودة
- اسرائيل والخطيئة الجديدة


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - شرنقة الفساد -العراقية-