أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - اسرائيل والخطيئة الجديدة















المزيد.....

اسرائيل والخطيئة الجديدة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5201 - 2016 / 6 / 22 - 13:24
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


"إسرائيل" والخطيئة الجديدة!
عبد الحسين شعبان
أكاديمي ومفكّر عربي
حين يفوّض المجتمع الدولي "إسرائيل" بتولّي مسؤولية اللّجنة القانونية الدائمة في الأمم المتحدة، ولا تحصل منافستها السويد على الموقع المذكور، فهذا يعني أن ثمّة خللاً عضوياً وبنيوياً تعاني منه المنظمة الدولية، وهو يكاد يكون مرضاً عضالاً لا يمكنها الشفاء منه، وإلاّ كيف يمكننا تفسير "منح" هذا التفويض لدولة هي الأكثر انتهاكاً لقواعد القانون الدولي المعاصر والقانون الإنساني الدولي، وحجبه عن دولة هي الأكثر احتراماً لحقوق الإنسان على المستوى العالمي؟
والأمر لا يتعلّق فقط بسيادة قانون القوة، بل بتدهور مستوى التفكير والممارسة القانونية، لا على الصعيد السياسي فحسب، بل على الصعيد الأخلاقي والإنساني، إذْ كيف يمكن تبرير انتخاب "إسرائيل" لرئاسة اللّجنة القانونية، وهي التي ترفض تطبيق عشرات القرارات الدولية المتخذة بموجب ما يسمى بالشرعية الدولية، ولا سيّما القرارات الخاصة بالأراضي المحتلّة وحق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني وحق اللاّجئين بالعودة وغيرها؟
إن انتخاب "إسرائيل" لرئاسة إحدى اللّجان الدائمة يحدث لأول مرّة منذ انضمامها المشروط للأمم المتحدة العام 1949، وتعهّدها باحترام حقوق الإنسان، وإذا كان للّجنة قيمة رمزية فلأنها مثل اللجان الأخرى الدائمة: لجنة نزع السلاح، واللجنة الاقتصادية والمالية، ولجنة حقوق الإنسان، ولجنة إنهاء الاستعمار، ولجنة ميزانية الأمم المتحدة؛ تعطي رئاستها دوراً في متابعة تفاصيل تطور الملف الدولي بهذا الشأن، فما بالك حين يكون الملف قانونياً؟ وهو أكثر ما يشغل "إسرائيل" لأنه يتعلّق بشرعية وجودها واستمرارها.
وكانت العادة قد جرت على نوع من التوافق لاختيار رئاسة اللّجان الدائمة، لكن رفض المجموعتين العربية والإسلامية، اختيار "إسرائيل" اضطرّ الجمعية العامة لإجراء انتخابات، حيث فازت بأغلبية مريحة، فحصلت على 109 صوتاً من أصل 193، وامتنع 23 دولة عن التصويت و14 دولة كان تصويتها غير قانوني، فألغيت أوراق تصويتها. وقال داني دانون وهو ممثل "إسرائيل" الذي تم انتخابه: إنه فخور بهذا الاختيار، وأن "إسرائيل" رائدة في القانون الدولي ومكافحة الإرهاب.
وفي الوقت الذي تم انتخاب "إسرائيل" لهذا المنصب، أقدمت على طائفة من العقوبات الجماعية ضد الشعب العربي الفلسطيني. فباشرت بفرض طوق كامل على بلدة المتهمين بتنفيذ عملية تل أبيب (بلدة يطا) وهدم منزلي عائلتيهما، وسحب تصاريح العمل التي يحملها أقارب الشابين (نحو 204 تصريح) وإلغاء 83 ألف تصريح زيارة من الضفة الغربية وقطاع غزة خلال شهر رمضان، ومواصلة إكمال الجدار العازل العنصري (جنوب الضفة)، إضافة إلى عدد من القرارات السرّية، التي يُعتقد أنها تتعلّق باغتيالات ضد قياديين وناشطين فلسطينيين.
كل هذه الإجراءات التي اتخذتها "إسرائيل" عشيّة قرار انتخابها في 13 يونيو (حزيران) 2016، وهي منافية لأبسط القواعد القانونية، سواء على المستوى الداخلي أو الدولي، حيث تحرّم القواعد العامّة لجميع القوانين الجزائية، العقوبات الجماعية، فالعقوبة أساساً فردية وهدفها ليس انتقامياً أو ثأرياً.
فكيف للأمم المتحدة أن تبرّر انتخاب "إسرائيل"؟ وأين هي من قواعد القانون الدولي؟ "فإسرائيل" لا تزال حتى الآن بدون دستور، لأنها ترفض مبدأ المساواة، مثلما لا تعترف بحدود لها، لأنها تسعى للتوسّع على حساب الأراضي العربية، وفقاً لمشروعها الإجلائي الإحلالي من "النيل إلى الفرات".
ولهذه الأسباب، إضافة إلى سجل "إسرائيل" المنافي لحقوق الإنسان، اعتبرت جهات دولية حقوقية عديدة أن انتخابها لرئاسة اللّجنة القانونية استفزازاً للضمير العالمي وللمشاعر الإنسانية، وهو بمثابة مكافأة لها على خرقها للقواعد القانونية العامة من جهة، ولقواعد القانون الدولي والإنساني من جهة ثانية، وخصوصاً لاتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وملحقيها لعام 1977.
ومن جهة أخرى، فإنه إهانة لقيم العدالة وحقوق الإنسان، إذْ كيف يوكل أمر القانون الدولي لأكثر الدول انتهاكاً له؟ وكيف يوضع المُنتهِك حارساً عليه؟ مثلما كيف يحمي الظالم المظلوم؟ وهل بإمكان المحتل إقامة العدل؟ وهل بمقدور المعتدي تحقيق السلام؟ وأخيراً كيف يقيم الجاني العدالة.
إن انتخاب "إسرائيل" لرئاسة اللّجنة القانونية، ليست الخطيئة الأولى للأمم المتحدة، فمثل هذه الخطوة غير الإنسانية وغير الأخلاقية، قد سبق أن اتخذتها في سابقة خطيرة، هي الأولى من نوعها على الصعيد العالمي حين قررت تقسيم فلسطين العام 1947.
وفي سابقة أخرى ألغت قرارها رقم 3379 الذي اتخذته في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) العام 1975 حين اعتبرت بموجبه "الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري". لقد عادت الأمم المتحدة عن قرارها التاريخي ذاك، في شهر ديسمبر (كانون الأول) لعام 1991 مبطلة مفعوله، الأمر الذي أثار تساؤلات خطيرة بمعناها القانوني والسياسي والأخلاقي، حول صدقية قرار الإلغاء، فهل غيّرت "إسرائيل" من طبيعتها العنصرية وممارساتها المغرقة بالتمييز ليتم إلغاء قرار دمغها بالعنصرية؟
وهل أخطأت الأمم المتحدة حين وصفتها بالعنصرية استناداً إلى تقارير دورية لانتهاكاتها السافرة لحقوق الإنسان، على نحو منهجي ومنظّم؟ وإذا كانت الأمم المتحدة قد تراجعت بفعل الضغوط الأمريكية التي مورست عليها، لكن الأمر لم يغيّر من نظرة أوساط واسعة من الرأي العام تدين نهج "إسرائيل" العنصري، فقد أعاد مؤتمر ديربن (جنوب أفريقيا) العام 2001، إلى الأذهان ذلك، حين أدانت نحو 3000 (ثلاثة آلاف) منظمة حقوقية دولية الممارسات "الإسرائيلية" ووصمتها بالعنصرية.
ومن مهمات اللّجنة التي تأسست طبقاً للقرار 1373 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 28 سبتمبر (أيلول) العام 2001: تجريم تمويل الإرهاب (الدولي) والقيام بتجميد أموال الأشخاص والجهات التي تشارك في دعم الإرهاب ومنع الجماعات الإرهابية من الحصول على دعم مالي، وعدم توفير ملاذ آمن للإرهاربيين، وتبادل المعلومات مع الحكومات الأخرى عن أية جماعات تمارس الإرهاب...
ولعلّ هذه "القواعد التجريمية" جميعها تنطبق على "إسرائيل" التي قامت على الإرهاب، حتى قبل تأسيسها، من جانب جماعات إرهابية مثلما هي الهاجانا واشتيرن وغيرهما من المنظمات التي أصبحت نواة لجيش الدفاع "الإسرائيلي"، وحتى بعد قيام الدولة في 15 مايو (أيار) العام 1948 إلى الآن، فإن جماعات مسلحة من المستوطنين تقوم بأعمال إرهابية بصورة روتينية تحت نظر وسمع السلطات المسؤولة دون مساءلة تُذكر، فكيف سيتعامل مندوب "إسرائيل" وهو رئيس اللجنة مع ملفّات مثل التقارير الدولية التي تدين "إسرائيل" مثلما هو تقرير غولدستون، فضلاً عن رفضها تطبيق القرارات الدولية بالانسحاب، ثم قضايا مثل شكاوى ضد تسيبي ليفني وزيرة الخارجية السابقة، وبن أليعازر وزير الدفاع الأسبق وغيره من الملاحقين دولياً؟



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموصل وبعض تداعيات معركة الفلوجة..!
- هل يبقى العراق موحداً؟
- أي مخاض جديد بعد الفلوجة؟
- أي ثمن لتحرير الفلوجة؟
- حوار ومثقفون وأمم!
- حوار الفكر والثقافة -رذيلتان لا تنجبان فضيلة-
- ماذا وراء غبار الحرب في الفلوجة؟
- انطولوجيا الصحافة ومرآة الحياة ونبضها - أوراق من ذاكرة ليث ا ...
- حقوق المدن
- القوة الناعمة: جدل في المفهوم والسياسة
- مأساة الفلّوجة وملهاتها
- الطفولة المعذبة في العراق: إلى أين؟؟
- حوار مع مجلة كولان الكردية
- كوابح التغيير في العراق
- عدوى التعصب الديني
- اتفاقية سايكس بيكو: الاتفاقية الحرام
- أسئلة ودلالات لحكايات النزوح العراقي
- عن فكرة الانتماء والهوية العراقية
- استراتيجية واشنطن وأولويات بغداد
- متى يعاد الاعتبار للسياسة عراقياً؟


المزيد.....




- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - اسرائيل والخطيئة الجديدة