أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - متى يعاد الاعتبار للسياسة عراقياً؟















المزيد.....

متى يعاد الاعتبار للسياسة عراقياً؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5163 - 2016 / 5 / 15 - 13:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مع أول مظهر من مظاهر الاحتلال الأمريكي للعراق العام 2003 بدأت تتشكّل ملامح جديدة للسياسة العراقية ولصورة السياسي العراقي "الجديد" غير الصورة النمطية التي عرفناها في الأحزاب الثورية والسرّية في الغالب. ومن مواصفات سياسي اليوم، أن لا يكون بالضرورة له ماضي نضالي، وليس مطلوباً مستوى ثقافته ومعرفته وخبرته، ولكن المهم أن يكون تحت سقف جماعة طائفية أو إثنية أو مجموعة عشائرية أو فئة سياسية موجودة في المنفى.
هكذا ازدحمت الساحة بما يسمى بـ"سياسي الصدفة" أو "القضاء والقدر" والبعض منهم جيء به، باعتباره ممثلاً عن هذه الطائفة أو تلك، وتحت عناوين مختلفة، ليمثّل الداخل بشكل خاص، لا سيّما بعد أن تصدّرت جماعات الخارج المشهد السائد.
وجاءت صيغة مجلس الحكم الانتقالي، لتقدّم صفقة جديدة لمشكلة الحكم المزمنة والمعتّـقة في العراق، وذلك بابتداع قسمة طائفية ـ إثنية، زادت المشكلة تعقيداً، حتى يمكن القول إنّما أصبحت أخطر أزمة تواجه البلاد. وإذا كان الاحتلال صائراً إلى زوال، فإن الطائفية وانعكاساتها لم ينتهي مفعولها، ربما لعقود من الزمان، وذلك على صعيد الوطن والمواطنة والعلاقة بين القوى والفئات المختلفة، ناهيك عن الاصطفافات التي ساهمت في تعميقها، والتوترات والتطاحنات التي خلفتها. ولعلّ الأزمة الراهنة التي تعيشها البلاد منذ شهور خير دليل على ذلك.
لقد بهتت صورة السياسي التقليدي وتلاشى بريقها تدريجياً، كما أن العمل السري منذ أواخر الستينات، حتى إذا ما وصلنا إلى أواخر السبعينات، كان غائباً تقريباً، بل أصبح ضرباً من المغامرة غير المحمودة العواقب، ولذلك اتجهت الأحزاب المعارضة، إما إلى الاتفاق مع الحكومة أو تعريض نفسها إلى التصفية الكاملة، أو اختيار الحل الثالث وهو الرحيل إلى المنافي، وحتى في المنافي لوحق السياسي المعارض بالقمع البوليسي من جهة، والقمع الإيديولوجي من جهة ثانية، عبر حملات تشويه مستمرة، خصوصاً وأن بيئة المنفى تشجّع على ذلك، ناهيك عن الاختراقات بأشكال مختلفة مباشرة وغير مباشرة.
وحسب تنظيرات سائدة آنذاك، يُراد للمنفى أن يكون "مقبرة" للسياسيين الذين يعيشون على نستولوجيا الماضي، وكم من المناضلين والمثقفين قضوا حياتهم في المنفى، أو الجزء الأهم منها، الذي تعمّق بالمعرفة واختزن بالتجارب الحياتية والاطلاع على ثقافة الشعوب والأمم التي عاشوا بين ظهرانيها، وظلّوا يؤملون أنفسهم بالعودة، ويحلمون بجمع الأوراق والقصاصات والصور والذكريات، لنقلها إلى الوطن المفقود والأمل الموعود، لكن لقاء الباري عزّ وجل كان هو الأقرب.
لم تكن هناك إمكانية المعارضة داخلياً، فقد سدّ النظام السابق أية هوامش أو ثغرات يمكن التحرّك من خلالها، لا على الصعيد السياسي ولا على الصعيد الإعلامي، وهكذا بدأت تتكرّس على نحو منقطع النظير ثقافة الصوت الواحد واللون الواحد، واختفت التعدّدية والتنوّع اللذان كانا من سمات السياسة العراقية سابقاً، حتى وإن لم يتم إقرارهما قانونياً، إلاّ أنهما كانا من الأمور الواقعية في المجتمع العراقي المتعدّد الأعراق والقوميات والأديان والمذاهب واللغات، ناهيك عن تنوّع الـطيف السياسي واللون العقائدي.
بعد الاحتلال جرت اصطفافات جديدة، فالقوى التي كانت مخلوعة وممنوعة من العمل السياسي والعلني والقانوني، سعت لمنع وتحريم القوى الحاكمة السابقة، في حملة محمومة من الثّأر والانتقام والكيديّة، وصدر قانون اجتثاث البعث من قبل بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي في العراق، والذي تحمّس له البعض كثيراً، مثلما بالغ في حماسته لحلّ الجيش العراقي، وقد ترك هذان القراران تأثيراتهما الخطرة على الواقع السياسي والاجتماعي العراقي، الذي لا نزال نعيش مأساته، ليس كذكرى أليمة لوقوع العراق تحت الاحتلال، بل ما نجم عنه من قيام نظام المحاصصة الطائفية ـ الإثنية.
وبموجب هذين القرارين تم الاستغناء عن كفاءات وعقول للدولة العراقية، عملت على تنميتها وتطويرها لعقود من الزمان، وتعرّضت البلاد إلى فوضى لا حدود لها، مثلما شهدت أعمال عنف منفلتة من عقالها وتطهير طائفي وإثني وفساد مالي وإداري بلا ضفاف، وصراع على مراكز النفوذ والسلطة، وهو الأمر الذي يدور الصراع حوله، وينقسم البرلمان بخصوصه، ويتم تعويم الدولة التي ظلّت سيادتها مجروحة وكرامتها الوطنية مهدورة، وزاد الأمر تعقيداً بعد احتلال داعش للموصل وتمدّدها نحو ثلث الأراضي العراقية.
وإذا كانت نبرة المطالبة بالإصلاح والتغيير ومساءلة الفاسدين ووضع حد للفساد ترتفع اليوم بصوت عال، مثلما تتعالى الأصوات لحكومة تكنوقراط وكفاءات وخبرات، فإن نظام ما بعد الاحتلال هو الذي فرّط بخفّة وعدم شعور بالمسؤولية إزاء الوطن ومستقبله، بطاقات مهنية وإبداعية وكفاءات مشهود لها كانت قد اختزنتها الدولة العراقية عبر تاريخها، ولا سيّما خلال سنوات ما قبل الاحتلال وفي حقول مختلفة.
في السابق أُلغيت السياسة كعِلم واستعيض عنها بالشعارات، وذلك بطريقة ممنهجة ومبرمجة كما هو معروف في الأنظمة الشمولية، حيث تبتلع السلطة الدولة، وتتغوّل هذه الأخيرة على المواطن والمواطنة، وحقوق الإنسان عبر الأجهزة القمعية ويتربّع على رأسها حاكم يحتفظ لنفسه بالصلاحيات ويمسك بيده جميع السلطات التي تكاد تكون مطلقة. أما الاحتلال فقد ألغى السياسة بطريقة مبدّدة ومبعثرة، بإشاعة الفوضى والعنف والطائفية والفساد على نحو لم يسبق له مثيل، وتفشى نظام الزبائنية وتغلغل في جميع مفاصل الدولة للحصول على الغنائم والامتيازات.
وظلّت الحياة الحزبية في العراق شبه غائبة باستثناء تجربتين: الأولى في العام 1946 والثانية في العام 1960، وكلاهما محدودتين، وحتى حزب البعث الذي حكم منذ العام 1968 وانفرد بالسلطة، كان أقرب إلى الحزب السري. أما بعد الاحتلال وحتى اليوم، فإن الأحزاب تعمل دون ترخيص قانوني، ولا يزال الجدل محتدماً حول قانون الأحزاب، وهكذا فإن صورة السياسي "الجديد" مستمدة من هذا الواقع الملغّم والموبوء بالفساد وعدم معرفة مصادر التمويل، وعدم وجود رقابة، وقضاء مستقل، الأمر يعتبر تصرّف السياسي الجديد نوعاً من "التشاطر" و"الفهلوة" والاستقواء بمرجعيات طائفية أو إثنية أو عشائرية أو غيرها.
لقد فسّر السياسيون ما بعد الاحتلال، التعدّدية والتنوّع اللّذان يحتاج إليهما العراق، بالتقاسم الوظيفي الطائفي ـ الإثني الذي ربطهم بشرنقته بول بريمر، وما يزالوا يدورون في الفلك ذاته، بل أصبحوا أسرى له، أما السياسة بمعناها علم إدارة الدولة والمؤسسات خارجها، والتي هي نشاط إنساني يهدف إلى تحقيق الخير العام حسب عبد الرحمن بن خلدون، فهي غير مدرجة في قاموس السياسيين الحاليين.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق.. تدوير الزوايا ومعادلات القوة
- الزبائنية وما في حكمها!!
- العربي أبو سلطان -محمد الهباهبه-: حالم لم يفارقه حلمه
- الماراثون العراقي والعودة إلى المربع الأول
- اللحظة اليابانية.. ال«هُنا» و«الآن»
- الفلوجة وسريالية السياسة العراقية
- محمد السمّاك :الشاب الثمانيني الذي يسيل من يراعه عطر الفلسفة
- «غوانتانامو» وتسييس العدالة
- وليد جمعة : كان يشرب من دمه كأنه النبيذ!
- «وثائق بنما» وتبييض الأموال
- ثلاثة سيناريوهات محتملة في العراق - حوار مع جريدة الزوراء
- اللاجئون السوريون وهواجس التوطين
- الدولة العراقية معطّلة ومشلولة بسبب الطائفية السياسية وألغام ...
- تمنيت على الحزب الشيوعي إدانة المحتل أو مقاومته أو الدعوة لس ...
- مشروع التفكيك الجديد
- جورج جبّور : بين كتابين !
- إسرائيل عنصرية مقننة
- تحيّة وداع إلى زها حديد من جامعة أونور
- تمنيت أن يتّبع الحزب الشيوعي المقاومة المدنية السلمية اللاّع ...
- عن تفجيرات بروكسل


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - متى يعاد الاعتبار للسياسة عراقياً؟