أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - العراق.. تدوير الزوايا ومعادلات القوة















المزيد.....

العراق.. تدوير الزوايا ومعادلات القوة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5153 - 2016 / 5 / 5 - 14:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد مخاض طويل كاد أن يكون عسيراً، وشدّ وإرخاء، جاء التغيير الوزاري في العراق، وكأنه لم يأتي بجديد، والتغيير إنْ لم يكن حفراً في العمق، فسيكون نقراً في السطح، على حد تعبير المفكر السوري ياسين الحافظ. لا أدري كيف استذكرتُ ديوان الشاعر عبد الوهاب البياتي "الذي يأتي ولا يأتي"، فالتغيير الذي حلم به العراقيون ووُعِدوا به، لا يزال بعيد المنال، أما ما حصل حتى الآن، فلم يكن سوى مداورة أقرب إلى المناورة، فليس استبدال وزير بآخر بتغيير، إنْ لم يكن تغيير مناهج وسياسات وإنْ لم يتّسم بمساءلات ومراجعات في إطار من الشفافية وتلبية احتياجات الناس.
إذا ظل التغيير فوقياً، فإنه سيكون إجراءً تجميلياً وليس علاجياً، أو دواءً ناجعاً لمعالجة الأمراض التي يعاني منها المجتمع العراقي مهما سيطلق عليه من تسميات، إنْ لم يذهب إلى الجوهر والمضمون والمحتوى والتّحقق والدّلالة، أي إلى شرعية الإنجاز، وليس الوعود والعبارات الإنشائية والتوافقات الشكلانية، والمهم ليس الحديث عن التغيير، بل السير في طريقه بخطىً حثيثة، وفي سياقات وخطط ومدّة زمنية محدّدة.
لم يكن في الأمر ثمّة مفاجأة فيما حصل، وجميع المؤشرات والتكهّنات، إضافة إلى التداخلات الدولية والإقليمية كانت ترجّح الإبقاء على ما هو قائم في العملية السياسية مع تدوير في الزوايا والمواقع والوزارات والمسؤوليات العليا بين الكتل والجماعات السياسية أو من ترشحهم لإشغالها، سواء كانوا بصفة "تكنوقراط" أو "مستقلين" أو "مهنيين" أو غير ذلك، ولكن المهمّ الإبقاء على علاقة الولاء لها، وهو الحبل السّري للعلاقة الزبائنية التي قامت عليها العملية السياسية منذ الاحتلال الأمريكي للعراق وحتى الآن ولم تشذ عنها جميع الوزارات.
ما أقدم عليه رئيس الوزراء حيدر العبادي من تقديم بعض الوزراء الجدد واستبدال آخرين، وما صادق عليه البرلمان وما تحفّظ عليه، استهدف بالدرجة الأولى امتصاص نقمة الشارع الذي كاد أن ينفجر وهدّد باقتحام المنطقة الخضراء، وكان لانضمام السيد مقتدى الصدر وقيادته للحراك الشعبي، ومن ثم انسحابه والعودة إلى تهديده، وبعد ذلك إلحاحه على التصويت للوزارة الموعودة في البرلمان أثراً كبيراً في دفع مبادرة الشارع باتجاه آخر، غير الوجهة التي أرادها في بداية التحرك الذي بدأ في يوليو (تموز) 2015، حيث ظلّ الحال على ما هو عليه، بل ازداد سوءًا، فالفساد والطائفية والإرهاب والعنف واستمرار داعش والحالة الأمنية وتدهور الوضع المعيشي وشحّ الخدمات الصحية والتعليميّة والبلديّة وتفشّي البطالة والجريمة المنظّمة، كلّها أصبحت من مفردات المشهد السياسي العراقي.
"وزارة الظرف المغلق" التي قدّمها العبادي إلى رئيس البرلمان سليم الجبوري والتي أدّت إلى انفجار الأزمة مارس / آذار ـ أبريل/ نيسان 2016 قادت بالتدرّج إلى اعتصام عدد كبير من النواب ومحاولتهم خلع رئيسهم، لأنّه لم يطلعهم على أسماء بعض الوزراء الذين يفترض أن يصوّتوا عليهم، واجتمعوا بعدها وقرّروا المضي بخطوة أعلى لاختيار رئيس مؤقت بتوفّر النصاب (164 عضواً، أي نصف عدد المجلس 328) في حين كان عددهم 173 عضواً، لكن هذا العدد أخذ بالتبخّر والتناقص بسبب ضغوط مورست عليهم وانسحاب بعضهم بقرارات من رؤساء الكتل، في حين اتخذت قرارات انضباطية بحق الذين استمرّوا في الاعتصام، ولم يبق منهم سوى 110 نائباً قالوا إنهم اتفقوا على تقديم طعن لدى المحكمة الاتحادية للنظر بشرعية رئيس البرلمان الجبوري ونائبيه.
لكن وزارة الظرف المغلق التي أثارت كل هذه الضجة داخل البرلمان وخارجه، والتي ظلّت تحمل غموضاً وسرّية، هي واللجنة التي اختارتها، تسرّبت إلى الإعلام، وبعد التئام البرلمان مجدّداً برئاسة سليم الجبوري باكتمال النصاب، ثم إبطال قرارات النواب المعتصمين، وعادت القائمة إلى الظّهور من جديد وبصورة أقوى من السّابق، وذلك حين انتقل البرلمانيون الموالون إلى الاجتماع في قاعة أخرى غير القاعة الرئيسية التي شهدت فوضى ومشاحنات وعراك وهرج ومرج، حيث تمّت المصادقة على أسماء الوزراء الذين اقترحهم العبادي، ولم يكونوا إلاّ أسماء وزارة الظرف المغلق.
وشكّل مقتدى الصدر لولب التحرّك والمايسترو الذي يحرّك الجموع ساحباً إيّاها معه منتقلاً من ضفةٍ إلى أخرى، لدرجة أطلق عليه "بيضة القبّان"، فهو الذي حرّض الجمهور على الوقوف عند بوابات المنطقة الخضراء، وما أن شعر بأنهم قد يكونوا قاب قوسين أو أدنى من وصولهم إليها، حتى أمرهم بالانسحاب والتراجع، بل استدار نحو مجلس النواب وطلب من النواب منح الثقة لوزراء العبادي (قائمة الظرف المغلق) وحين صوّت البرلمان لصالحها اعتبر ذلك انتصاراً، ثم عاد إلى التهديد والوعيد من أي تلكؤ من إتمام الإصلاحات. ولم يكن تغيير المواقف تلك بمعزل عن تراضي بين الصدر والعبادي والجبوري، فقد رجّح انسحاب نواب الصدر توافق العبادي ـ الجبوري، ولم يكن من بدّ للكتل الشيعية الأخرى باستثناء كتلة المالكي إلاّ التوافق وإن كان بعضها على مضضٍ، كما تمسكّت الكتلة الكردية ببقاء وزرائها، واعتبرت قائمة اتحاد القوى وما حولها من كتل سنيّة أن الأساس في التغيير هو التوافق والحفاظ على ما هو قائم وليس إلغاءه.
إن ما حصل من تطور على مستوى الشارع أو البرلمان يعكس توازن القوى الجديد، الذي يؤشر لتراجع كتلة المالكي الذي حكم البلاد 2006 ـ 2014 من جهة، وتقدّم كتلة الصدر التي ارتفع رصيدها شعبياً من جهة أخرى، مع عدم ثبات مواقفها وانتقالاتها السريعة، لكن الصدر في الوقت نفسه يمتلك قدرة تعبوية هائلة ونادرة على تحريك جموع غفيرة.
والسؤال الكبير الذي يواجه الباحث في الشأن العراقي: ماذا سيعني التغيير إن لم يعالج آثار الماضي حيث تم هدر نحو تريليون دولار وضياع ثلث البلاد التي احتلتها داعش، وتخريب 4 محافظات، وفي الوقت نفسه تراجع أسعار النفط بحيث أصبحت الحكومة لا تستطيع تأدية أبسط التزاماتها وهو ما لم يحدث في تاريخ الدولة العراقية، ونعني به عدم التمكّن من دفع رواتب الموظفين؟ فماذا ستفعل وزارة الظرف المغلق لتوفير الماء الصافي والكهرباء والخدمات الصحية والتعليمية والبلدية؟ وكيف ستتصرف إزاء جيش العاطلين وضحايا الحروب والنزاعات، إنْ لم يكونوا مادّة للعنف وتربة خصبة لتفقيس بيض الإرهاب والحقد والكراهية؟
إذا لم يكن التغيير الذي هو فرض عين كما يقال جذرياً، فسيكون أقرب إلى تبادل أدوار وتغيير في معادلات القوة، بحيث يرضخ الجميع أمام حشود الصدر وتهديداته، ويرتضي كل بحصته من مغانم الدولة الزبائنية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزبائنية وما في حكمها!!
- العربي أبو سلطان -محمد الهباهبه-: حالم لم يفارقه حلمه
- الماراثون العراقي والعودة إلى المربع الأول
- اللحظة اليابانية.. ال«هُنا» و«الآن»
- الفلوجة وسريالية السياسة العراقية
- محمد السمّاك :الشاب الثمانيني الذي يسيل من يراعه عطر الفلسفة
- «غوانتانامو» وتسييس العدالة
- وليد جمعة : كان يشرب من دمه كأنه النبيذ!
- «وثائق بنما» وتبييض الأموال
- ثلاثة سيناريوهات محتملة في العراق - حوار مع جريدة الزوراء
- اللاجئون السوريون وهواجس التوطين
- الدولة العراقية معطّلة ومشلولة بسبب الطائفية السياسية وألغام ...
- تمنيت على الحزب الشيوعي إدانة المحتل أو مقاومته أو الدعوة لس ...
- مشروع التفكيك الجديد
- جورج جبّور : بين كتابين !
- إسرائيل عنصرية مقننة
- تحيّة وداع إلى زها حديد من جامعة أونور
- تمنيت أن يتّبع الحزب الشيوعي المقاومة المدنية السلمية اللاّع ...
- عن تفجيرات بروكسل
- حوار الحضارات أم صدامها؟


المزيد.....




- -سنتورط-.. رئيس CIA الأسبق يبيّن لـCNN ما سيحصل إذا ضربت أمر ...
- فيديو يُظهر صواريخ إيرانية تحلق في سماء إسرائيل
- علاقة صدام حسين والقذافي.. تحليل صورة -نصف ممزقة- لخامنئي بغ ...
- البحرين.. جملة قالها الشيخ ناصر أمام بوتين وردة فعل الأخير ت ...
- مردخاي فعنونو: كيف عرف العالِم سر الترسانة النووية الإسرائيل ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي: أخرنا إمكانية امتلاك إيران لسلاح ن ...
- إسرائيل تضرب وسط إيران.. قصف مبنى في قم وانفجارات في أصفهان ...
- -تمويل بغباء-.. ترامب يكشف سرا عن سد النهضة
- سفن وصواريخ.. كيف تساعد أميركا إسرائيل في صد هجمات إيران؟
- -شالداغ-.. خطة إسرائيل البديلة للتعامل مع منشأة -فوردو-


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - العراق.. تدوير الزوايا ومعادلات القوة