أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ماذا وراء غبار الحرب في الفلوجة؟















المزيد.....

ماذا وراء غبار الحرب في الفلوجة؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5182 - 2016 / 6 / 3 - 18:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماذا وراء غبار الحرب في الفلوجة؟

عبد الحسين شعبان

مع غبار المعارك التي بدأت لتحرير الفلوجة، ثار غبار من نوع آخر طائفي وسياسي، له أبعاد محلية وإقليمية ودولية، لا تتعلّق بالنقاش والجدل حول طبيعة المعركة مع داعش، فحسب، بل في جزء منه وهذا هو الأهم يتعلّق بمستقبل الفلوجة، بل مستقبل الأنبار ككل، ناهيك عن مستقبل غرب وشمال العراق، ولا سيّما محافظة صلاح الدين ومحافظة الموصل، وأجزاء من محافظتي كركوك وديالى وما شهدتا من صراعات مؤخراً.
وإذا أردنا الذهاب أبعد من ذلك، فالأمر مطروح بخصوص مستقبل العراق ما بعد داعش. هل سيبقى موحداً؟ أم ثمّة عوامل ستؤدي إلى المزيد من تفكيكه؟ وبالتالي قد توصله إلى الانقسام الحقيقي، بعد أن شهد انقسامات فعلية بالتدرّج وبالتراكم وتحت عنوان "الأمر الواقع".
وكان الكثير من قيادات الجماعات الشيعية قد توافدت إلى الميدان، بعضهم ارتدى الملابس الزيتونية "العسكرية" التي تذكّر بملابس الجيش الشعبي التي كان يرتديها ما سمي بالمتطوّعين في النظام السابق، فهل يعيد التاريخ نفسه؟ وإذا حصل ذلك حسب ماركس، فقد يكون في المرّة الأولى كمأساة وفي المرةّ الثانية كملهاة.
للفلوجة بالطبع رمزية خاصة، فهي أول مدينة احتلّها داعش، وحصل ذلك في 2 يناير (كانون الثاني) العام 2014، وبعد ذلك بستة أشهر تقريباً تم احتلال الموصل في 10 يونيو (حزيران) من العام ذاته، ثم تمدّد باتجاه غرب العراق، ليحتل صلاح الدين والأنبار وأجزاء من محافظتي كركوك وديالى، ويتوجّه صوب إربيل، لكن الإرادة الإقليمية والدولية أعاقا تقدّمه، فتوجّه نحو بغداد، وظلّ يشاغل عند أطرافها ومداخلها.
ورمزية المدينة تتأتّى من كونها وقفت بوجه الأمريكان بعد أشهر قليلة من احتلالهم العراق، وقد تمّت معاقبتها واجتياحها لعدّة مرّات، ونكّل بها على نحو شديد بهدف إذلالها ونزع روح المقاومة التي تلبّستها، لا سيّما جرأة أبنائها في تحدي القوات الأمريكية والانتصار عليها.
كما نُكبت الفلوجة لعدّة مرّات، حيث شهدت عمليات انتقام ومحاولة إخضاع من جانب الحكومات العراقية المتعاقبة، بهدف تأديبها وتطويعها، وتعرّضت إلى استهدافات خلال الصراع بين الصحوات وتنظيم القاعدة، وبينها وبين بعضها البعض، لفرض الهيمنة عليها، كما عوقبت خلال حركة الاحتجاج التي شهدتها المناطق الغربية، ما بعد العام 2013، بل إن تعبير "رأس الأفعى" أصبح شائعاً عندما يتم الحديث عن الفلوجة، لدى بعض الأوساط الشيعية المتنفّذة، وبدون أدنى شك، فإن ما حصل دفع بعض أبنائها، حتى وإن كانوا قلّة قليلة، وكردّ فعل يائس إلى الالتحاق بتنظيم داعش، لشعورهم بالإذلال والتمييز.
وبعد احتلالها من جانب داعش، فرض عليها نظاماً صارماً، واضطرّ مئات الآلاف من أبنائها وما حولها إلى مغادرة المنطقة والنزوح، إمّا إلى بغداد أو باتجاه كردستان وخلال رحلتهم هذه تعرّضوا إلى صنوف شتى من العذابات والحرمانات، لعلّ أقلّها هو طلب التّعريف بهم من وكيل أو أكثر عند دخولهم إلى بغداد، الأمر الذي زاد من معاناتهم وعرّضهم في معسكرات النزوح إلى حالات إحباط وقنوط ويأس، ولا سيّما للشباب العاطل منهم.
وفي كردستان بدأت معاناة من نوع جديد، تنعكس بالعمل والرواتب ودراسة الأطفال وقضايا الصحة واللّغة والبيئة، وقبل كل شيء العوز المادي، حيث اضطروا إلى مغادرة مدينتهم على عجالة، ولم يتمكنوا إلاّ من حمل ما يمكن حمله من مال سرعان ما نفذ بعد حين، فضلاً عن الحاجة المادية وعدم وصول المساعدات التي وُعِدوا بها، بل إن بعضهم يشكّك فيها أصلاً.
معاناة الذين بقوا في المدينة والذين يقدّر عددهم بين 40 – 50 ألف إنسان مضاعفة، فهم مختطفون من داعش، وهم عرضة أحياناً إلى قصف عشوائي، خصوصاً وأن داعش يحاول أخذ العديد منهم كدروع بشرية، لا سيّما وأن الإرهابيين يتغلغلون في الأحياء السكنية، كما تم تلغيم العديد من الأماكن في المنطقة وبعض الطرق العامة والمباني الأساسية.
إن حياة هؤلاء وهم من المدنيين الأبرياء العزّل في خطر شديد، فهم بين المطرقة والسندان، فمن جهة قوات داعش، ومن جهة ثانية القصف الذي يمكن أن ينالهم إثر اندلاع المعارك، وحتى الذين حاولوا الهرب قُتل عدد منهم، ناهيك عن أن داعش شكّل فرقاً للاغتيال، فيما إذا حاولت العوائل الفرار من الفلوجة، وبعد كل ذلك فإنهم قلقون من الانتقام والكيدية باعتبارهم "متواطئين" مع داعش، حتى لو تحرّرت مدينتهم.
والخشية لدى بعض أهالي الفلوجة تتأتى من مخاوفهم بدخول قوات الحشد الشعبي مدينتهم والعبث بها، كما حصل في مدينة تكريت، فقد سبق وأن اتّهمت الميليشيات بارتكاب أعمال منافية لحقوق الإنسان بعد تحريرها، حيث تم تدمير وهدم وحرق بعض المنازل والمحال التجارية، ومثل تلك السابقة دفعت بعض القوى للاعتراض على مشاركة قوات الحشد الشعبي، وهو ما حذّر منه ناشطون وحقوقيون ومنظمات عربية ودولية.
وكانت منسّقة بعثة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق ليز غراند قد قالت: إن المدنيين في الفلوجة يعيشون ظروفاً معيشية "رهيبة"، وحتى الذين فرّوا عاشوا ساعات مروّعة قبل أن يصلوا إلى برّ الأمان، خصوصاً وأن الغذاء محدود ويخضع لسيطرة مشدّدة، والدواء نفذ، ناهيك عن المياه غير الصالحة للشرب.
وعلى الرغم من التطمينات التي قدمها رئيس الوزراء وما صرحت به مرجعية علي السيستاني من ضرورة التعامل بحذر ورفق مع السكان، إلاّ أن المخاوف لا تزال قائمة كلّما اقتربت ساعة تحرير الفلوجة، وتبقى معاناة أخرى تنتظر المدينة، وذلك عند عودة النازحين وهل سيتم تعويضهم على ما لحقهم من غبن وأضرار؟ فضلاً عن إعادة إعمار ما خربته داعش والحرب عليها.
خضعت الفلوجة لعامين ونصف تقريباً من حكم داعش وتعرّضت للحصار تمهيداً لتحريرها مدة نحو 9 أشهر، ولذلك ستكون معركتها ذات دلالة مهمّة، فمن جهة ستمهّد الطريق نحو الموصل بطرد داعش من المنطقة، ومن جهة ثانية يشارك بعض أبناء الفلوجة في المعركة، وفي ذلك عنصر تطمين لها، ولكن المعركة في وجهها الآخر قد يُراد لها صرف الأنظار عن الانقسامات الداخلية بين القوى الشيعية، والتي أدّت إلى اندلاع أزمة طاحنة للحكم وللعملية السياسية بمجملها، ولكن دون أدنى شك فالمعركة ليست قراراً داخلياً محضاً، وهي بالمحصّلة ليست بمعزل عن توافق أمريكي ـ إيراني، وهي تأتي بعد أزمة البرلمان والحكومة، وترافقت مع زيارات مسؤولين أمريكان أبرزهم جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي، وإيرانيين وفي مقدمتهم قاسم سليماني، وهو ما يعيد السؤال: ماذا تعني الفلوجة؟ وأي رائحة تنبعث منها؟

نُشرت في جريدة "الخليج الإماراتية" بتاريخ 2/6/2016



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انطولوجيا الصحافة ومرآة الحياة ونبضها - أوراق من ذاكرة ليث ا ...
- حقوق المدن
- القوة الناعمة: جدل في المفهوم والسياسة
- مأساة الفلّوجة وملهاتها
- الطفولة المعذبة في العراق: إلى أين؟؟
- حوار مع مجلة كولان الكردية
- كوابح التغيير في العراق
- عدوى التعصب الديني
- اتفاقية سايكس بيكو: الاتفاقية الحرام
- أسئلة ودلالات لحكايات النزوح العراقي
- عن فكرة الانتماء والهوية العراقية
- استراتيجية واشنطن وأولويات بغداد
- متى يعاد الاعتبار للسياسة عراقياً؟
- العراق.. تدوير الزوايا ومعادلات القوة
- الزبائنية وما في حكمها!!
- العربي أبو سلطان -محمد الهباهبه-: حالم لم يفارقه حلمه
- الماراثون العراقي والعودة إلى المربع الأول
- اللحظة اليابانية.. ال«هُنا» و«الآن»
- الفلوجة وسريالية السياسة العراقية
- محمد السمّاك :الشاب الثمانيني الذي يسيل من يراعه عطر الفلسفة


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ماذا وراء غبار الحرب في الفلوجة؟