أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - داعش والفلوجة ودلالات الهزيمة















المزيد.....

داعش والفلوجة ودلالات الهزيمة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5218 - 2016 / 7 / 9 - 22:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"داعش" والفلّوجة ودلالات الهزيمة..!؟
عبد الحسين شعبان
أكاديمي ومفكّر عربي
اكتسبت مدينة الفلّوجة مكانة خاصّة منذ الاحتلال الأمريكي للعراق العام 2003، فهذه المدينة (المُحافِظة) التي يقدّر عدد نفوسها نحو 700 ألف نسمة (مركز القضاء والنواحي المحيطة به)، كانت أولى المدن التي انطلقت منها الشرارات الأولى للتمرّد ضد الاحتلال، وأصبحت الفلّوجة فيما بعد معقلاً للمقاومة.
اكتسبت الفلوجة طابعاً رمزياً خصوصاً بعد ما تعرّضت له من قسوة على يد القوات الأمريكية المحتلّة من جهة، ومن جهة أخرى من الحكومات العراقية المتعاقبة، لا سيّما في ربيع العام 2004، حين تعرّضت لحصار دام لعدّة شهور، حتى خريف العام المذكور، وكانت قد نزفت دماً غزيراً.
وبالتدريج أصبحت الفلّوجة ملتقىً للمجموعات المسلّحة من شتّى الأصناف، حتى وإنْ اختلفت توجهاتها، لكن العنوان الأساسي "المعلن" على أقل تقدير كان رفض الاحتلال الأمريكي للعراق والتركيبات التي جاء بها، لا سيّما نظام المحاصصة الطائفية – الإثنية، وكذلك رفض النفوذ الإيراني الذي أخذ يتعاظم بكثافة.
ووجدت القوى والعناصر الإرهابية في الفلّوجة بيئة خصبة لتفقيس بيض الإرهاب، لا سيّما في ظل سياسة الإقصاء والتهميش والشعور العام بالتمييز، لذلك أصبحت مرتعاً لتنظيم القاعدة ومن بعده ربيبه تنظيم دولة الخلافة "داعش"، وكان للفلّوجة بعد تشكيل الصحوات العام 2008 وما بعده دوراً مهماً في طرد تنظيم القاعدة وإلحاق هزيمة منكرة بالإرهابيين، لكن الآمال التي علّقها أهالي الفلّوجة والمناطق الغربية والشمالية من العراق لا سيّما ذات الأغلبية العربية - السنية، لم تتحقق، خصوصاً بعدم صدور عفو عام واستمرار وجود عشرات الآلاف من المعتقلين بموجب قانون الإرهاب والمادة الرابعة منه، وقانون المخبر السرّي، وغير ذلك من المطالب التي كانوا قد رفعوها خلال حركة الاحتجاج.
وتكمن أهمية الفلّوجة في تركيبة سكانها العشائرية العربية السنيّة، وغلبة الطابع الديني عليها لدرجة تسمى "مدينة المساجد"، فهي إضافة إلى قربها من بغداد، فإنها جزء من محافظة الأنبار الممتدة في الصحراء نحو الجنوب حتى صحراء السماوة ونحو الغرب باتجاه الأراضي السورية (أعالي الفرات) حيث الحاضرتين السوريتين: دير الزور والرقة، وبهذا المعنى فإن موقعها الجيوستراتيجي يعطيها أهمية مضاعفة.
وإذا كان تحرير الفلّوجة يمتلك دلالات مهمّة تتعلّق بالمستقبل، فذلك لأنها أولى المدن التي وقعت تحت سيطرة "داعش"، حيث دُبِّرَ أمرها بليل كما يُقال، ففي غفلة تامّة تقدّمت عدد من سيارات الدفع الرباعي (قادمة من عمق الصحراء) لتستولي على المدينة، ولم تحرك القوات المحلية الأمنية والعسكرية أي ساكن أو تقوم باعتراضها، وكأن الأمر يحدث في ظل نوع من التخدير أو خدعة من خدع أفلام هوليوود.
وهكذا أحكمت قوات "داعش" سيطرتها على المرافق الحكومية وأغلقت منافذ المدينة نحو العالم الخارجي، وأخذت المدينة أسيرة مغلوبة على أمرها، ولم يكن أمام سكانها الرافضين لمنهج "داعش"، إلاّ الرحيل، فبدأت هجرات متتالية شملت الغالبية الساحقة من سكانها. وحسب تقرير للأمم المتحدة مع بدء المعارك لتحريرها، كان عدد المتبقين من السكان نحو 90 ألف، وصل منهم كنازحين مؤخراً ما يقارب 68 ألف.
مرّ حدث احتلال الفلّوجة مرور الكرام، فلم يترك أثراً يُذكر أو ردود فعل لدى الحكومة العراقية يوازي ما حصل، بل إنها تعاملت معه كأمر واقع، حتى إن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ألقى باللّوم على المدينة وأخذ يردّد إنها "رأس الأفعى"، متعكّزاً على أن بعض شبابها ممّن تمَّ غسل أدمغتهم عملوا في صفوف "داعش"، ونسي أن غالبيتهم كانوا مع الصحوات ضد تنظيم القاعدة، مع الأخذ بالاعتبار معاناتهم من البطالة والتهميش.
وعلى الرغم من فضيحة احتلال الفلّوجة، فلم تجرِ أي مساءلات أو محاسبات تُذكر، رغم أن مجلس النواب ألقى باللاّئمة على حكومة المالكي في (أغسطس /آب 2015)، لكن سيناريو احتلال الفلّوجة تكرّر بحذافيره في الموصل، حين تمكّن "داعش" من احتلالها في 10 يونيو (حزيران) العام 2014.
التأخيـر
لقد تأخّرت معركة الفلّوجة عامين ونيّف، وقد يعود الأمر للأزمة السياسية الطاحنة التي تعيشها البلاد، المترافقة مع أزمته الاقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط، إضافة إلى عدم جهوزية الجيش العراقي الذي وجد نفسه على حين غرّة مصدراً للشك والاتهام، وزاد الأمر تعقيداً التحاق قوات الحشد الشعبي به، ولكن الأهم من كل ذلك هو غياب رؤية لوحدة وطنية تمثّل معيار الحد الأدنى بسبب المصالح الأنانية الضيقة وانقسام المجموعات السياسية، فمقتدى الصدر ترك البيت الشيعي في حيرة من أمره، وانفرد بالشارع نذيراً وخفيراً، والسنيّة السياسية داخل الحكم وخارجه بينها ما صنع الحداد، وتتوزع ولاءاتها بين الحفاظ على ما هو قائم وبين الرغبة في التغيير مع خوف من المجهول.
أما التحالف الكردستاني فلديه مشاكل مستديمة مع بغداد، ابتداءً بالنفط وعقوده وتصديره ومروراً بالرواتب وحصص الإقليم، وليس انتهاءً بالمناطق المتنازع عليها، لا سيّما ما بعد التحرير، وزاد الأمر تعقيداً انقسامه مؤخراً بين كتلتين أساسيتين هما: السليمانية (التغيير والاتحاد الوطني الكردستاني – المقرّبتان من طهران وبغداد) وإربيل (الحزب الديمقراطي الكردستاني – الأقرب إلى تركيا).
لم يكن من سبيل لحكومة حيدر العبادي وطهران والتحالف الدولي، لصرف الأنظار عن الاحتجاجات الشعبية المستمرة والتي كادت أن تطيح بالرئاسات الثلاث، في ظلّ استمرار خطر "داعش"، سوى تصويب الأنظار إلى الأزمة الخارجية، الأمنية والعسكرية، فكان لا بدّ من إعلان المعركة باستعادة الفلّوجة وتحريرها من "داعش"، وهي معركة ناجحة بكل المعايير، لأن العالم كلّه وقف مع العراق، خصوصاً إذا كان الهدف وضع حد لخطر "داعش" الممتد من سوريا إلى مصر ومنها إلى تونس وليبيا والمغرب العربي، وصولاً إلى أوروبا، على الرغم من الانتقادات التي صاحبت معركة الفلّوجة من جانب منظمات حقوقية دولية بشأن انتهاكات الحشد الشعبي.
ومن دلالات هزيمة "داعش" في الفلّوجة، هو أنه مهما بلغ من قوّة وجبروت ووحشية وشراسة، إلاّ أنه لا يستطيع الاستمرار إلى ما لا نهاية على "حكم" المناطق التي احتلّها بالقوّة، لأنه ضدّ منطق الحياة وضدّ التقدّم وضدّ القيم الإنسانية، حتى وإن امتلك جميع آليات التدمير، والحكم عمران لا خراب، على حدّ تعبير عبد الرحمن بن خلدون.
إن قدراً من الوحدة الوطنية للمعركة ضد الإرهاب يمكنه استنهاض الوطنية العراقية، العابرة للطائفية والإثنية، وهو ما أخذ الحديث يكثر عنه بعد فشل نظام الزبائنية والغنائم المحاصصاتية، وكان إلغاء نظام التقاسم الوظيفي هو المطلب الأساسي لحركة الاحتجاج التي شهدتها البلاد من أقصاها إلى أقصاها. ولاستعادة هيبة الدولة لا بد من رد الاعتبار لمبدأ المساواة والمواطنة المتكافئة، واخضاع الجميع لحكم القانون.
وأكّدت معركة الفلّوجة أن الشعب يقف مع الجيش في المعارك الوطنية، بغض النظر عن رأيه بالحكم وممارساته، وأنه يمكن أن يسترخص الغالي والنفيس من أجل الوطن والزود عن حياضه، ولعلّ هذه إحدى الدروس التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار في معركة تحرير الموصل القادمة.
إن المعركة ضد الإرهاب هي معركة عالمية وإقليمية، وليست معركة عراقية خالصة، وبالتالي يمكن التوافق مع دول المحيط، ولا سيّما العربية والتعاون معها ومع دول المحيط الإقليمي أيضاً، مثلما يمكن الاستفادة من التحالف الدولي وجميع الدول التي يهمّها هزيمة الإرهاب، فالمعركة كونية وسبل مجابهتها ينبغي أن تكون بالتعاون مع الجميع لدحر الإرهاب وتجفيف منابعه.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا بعد نشوة النصر في الفلوجة؟
- الوجه الآخر لبريطانيا -الأوروبية-؟
- تيسير قبعة: غيمة فضية في فضاء الذاكرة
- الاتجار بالبشر.. والأمن الإنساني
- الفساد والوجه الآخر لمعركة الفلوجة..!
- الأزمة العراقية الراهنة: الطائفية، الأقاليم، الدولة
- زيد الحلي: حين يغمّس يراعه بحبر المودة
- اسرائيل والخطيئة الجديدة
- الموصل وبعض تداعيات معركة الفلوجة..!
- هل يبقى العراق موحداً؟
- أي مخاض جديد بعد الفلوجة؟
- أي ثمن لتحرير الفلوجة؟
- حوار ومثقفون وأمم!
- حوار الفكر والثقافة -رذيلتان لا تنجبان فضيلة-
- ماذا وراء غبار الحرب في الفلوجة؟
- انطولوجيا الصحافة ومرآة الحياة ونبضها - أوراق من ذاكرة ليث ا ...
- حقوق المدن
- القوة الناعمة: جدل في المفهوم والسياسة
- مأساة الفلّوجة وملهاتها
- الطفولة المعذبة في العراق: إلى أين؟؟


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - داعش والفلوجة ودلالات الهزيمة