|
الانتخابات المحلية مغامرة سياسية وعوار دستوري
إبراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 5247 - 2016 / 8 / 7 - 12:03
المحور:
القضية الفلسطينية
حتى قبل الانقسام ومنذ الانتخابات الأولى عام 1996 حذرنا من الأهداف الخفية لواشنطن وتل أبيب وإصرارهم على إدراج الانتخابات كجزء من الاتفاق ، حيث إن هؤلاء لم يكن هدفهم تعليم الشعب الفلسطيني الديمقراطية والالتزام بمن ينتخبهم الشعب بل تغيير طبيعة الصراع ، من صراع الكل الفلسطيني في مواجهة الاحتلال إلى صراع الفلسطينيين مع بعضهم البعض على السلطة ومنافعها ، وجاءت الانتخابات التشريعية في يناير 2006 لتؤكد هذه التخوفات ، حيث استغلت حركة حماس الانتخابات للانقلاب على السلطة الوطنية و المشروع الوطني . بالرغم من ذلك ارتضى الشعب العملية الانتخابية ونتائجها ما دامت غالبية القوى السياسية ارتضت الاحتكام للقانون الاساسي ولقانون الانتخابات ، ولمبدأ الانتخابات باعتبارها آلية لممارسة السلطة في إطار سلطة الحكم الذاتي واستحقاقات اتفاقية أوسلو لإدارة أمور الحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة باعتبارها وحدة جغرافية واحدة ، ولمدة محددة ، دون أن تمس أو تؤثر الانتخابات على مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد لكل الشعب في الداخل والخارج ، ودون أن تتجاوز الانتخابات واقع أن الشعب الفلسطيني ما زال يعيش مرحلة التحرر الوطني ومن حقه اللجوء لكل أشكال المقاومة المشروعة لمواجهة الاحتلال ، ولكن للأسف استمرار الانتخابات بعد المرحلة الانتقالية المحددة في اتفاق أوسلو ساعد على تحويل المؤقت إلى دائم . بالإضافة إلى ما سبق فإن الانتخابات ليست آلية أو ممارسة قائمة بذاتها ومنفصلة عن السياسة العامة أو الاستراتيجية الوطنية الشمولية ، كما لا يمكن عزلها عن المتغيرات التي تطرأ على مجمل مؤسسات النظام السياسي والثقافة السائدة في المجتمع ، أيضا لا يمكن التعامل مع الانتخابات المحلية بمعزل عن بقية مسلسل الانتخابات وعن المتغيرات الجيوسياسية التي تطرأ على النظام السياسي ، وخصوصا إن مست هذه المتغيرات الوحدة الجغرافية والسياسية لأراضي السلطة الفلسطينية . مع استمرار غياب استراتيجية وطنية متكاملة وبرنامج وطني يحيط بكل قضايانا ، تأتي مسألة الانتخابات المحلية لتظهر خطورة ممارسة حق قانوني بطريقة ارتجالية ودون الأخذ بعين الاعتبار واقع الحالة السياسية الفلسطينية الراهنة في ظل الانقسام واختلافها عن الحالة التي تم فيها وضع القانون الأساسي وقانون الانتخابات ، أيضا تجاهل أن الانتخابات المحلية حلقة من مسلسل الانتخابات ولا يمكن التعامل معها بمعزل عن بقية المنظومة الانتخابية . مع تفهمنا أن مجلس الوزراء بإعلانه عن إجراء الانتخابات المحلية في موعدها كان يلتزم بالمادة الثانية من القرار بقانون الصادر عام 2012 المعدِل لقانون الانتخابات المحلية لعام 2005 ، إلا أن طبيعة الظروف الراهنة وخصوصا تكريس الانقسام واستمرار حركة حماس في رفض المرجعيات المؤسِسة للسلطة والنظام السياسي ، وهيمنة نخبة من خارج المدرسة الوطنية مرتبطة بمصالحها الخاصة ومتعاونة مع أجندة خارجية على القرار السياسي واشتغالها منذ سنوات للانقلاب على الشرعية الفلسطينية والمشروع الوطني ، مع مؤشرات على تنسيق خفي أو على الأقل التقاء مصالح بين هذه النخبة وأطراف في حركة حماس وأطراف خارجية ، كل ذلك يتطلب التعامل مع الانتخابات المحلية كقضية سياسية سيادية تتجاوز اختصاص الحكومة . إن ملابسات المرحلة تضفي على الانتخابات طابعا يتجاوز كونها مجرد انتخابات لمجالس خدماتية . الأمر الذي كان يتطلب دراسة الموضوع بعمق داخل منظمة التحرير وداخل حركة فتح خصوصا ، للنظر في تداعيات هذه الانتخابات على المشروع الوطني ووحدة الأرض والشعب وعلى منظمة التحرير الفلسطينية وعلى حركة فتح ضامنة استمرار المشروع الوطني . لأن الهزيمة في الانتخابات لا يعني فشل وهزيمة الحكومة بل فشل وهزيمة حركة فتح والقائلين بالمشروع الوطني . استمرار الانقسام واستمرار حركة حماس على موقفها ، وطريقة وشروط موافقتها على المشاركة في الانتخابات المحلية ، وتجاوز لجنة الانتخابات المركزية لصلاحياتها بهذا الشأن ، والتحركات النشيطة لأطراف إقليمية مع حديث عن مبادرة سياسية جديدة ، كل ذلك يُثير الشكوك إن كانت دوافع حركة حماس بالمشاركة دوافع ديمقراطية ووطنية . بل نخشى أن أطرافا في حركة حماس تُبَيت لانقلاب جديد على السلطة وعلى المشروع الوطني من بوابة الانتخابات المحلية استكمالا لما جرى مع الانتخابات التشريعية في يناير 2006 ، انقلاب بمدخل (ديمقراطي) يكرس الانقسام ويثير الفتنة في الضفة الغربية ، و جماعات من داخل السلطة تساعدها على ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، ولو كان هناك نوايا صادقة بأن تكون الانتخابات مدخلا للمصالحة وإنهاء الانقسام لتم التوافق على قوائم مشتركة أو الالتزام بمواعيد محددة للانتخابات التشريعية والرئاسية . بالإضافة إلى المقاربة السياسية أعلاه فإن أية مقاربة قانونية لقرار إجراء انتخابات محلية الآن ستصل لنتيجة أنه يشوبها عوار دستوري حيث تتعارض مع نص وروح القانون الأساسي الفلسطيني ومع قانون الانتخابات . ذلك أن القانون الأساسي الفلسطيني وقانون الانتخابات يتحدثان عن انتخابات في أراضي الضفة الغربية والقدس كوحدة واحدة خاضعة لسلطة وحكومة واحدة ، وتشرف عليها الأجهزة القضائية والأمنية التابعة لحكومة السلطة الوطنية ، إلا أن الواقع الآن يقول بوجود حكومتين وسلطتين في الضفة وغزة ، مما يُبطل من صلاحية قانون الانتخابات للتنفيذ . هذا بالإضافة إلى غياب الاتفاق بين كل المشاركين بالعملية الانتخابية على المرجعيات والثوابت الوطنية وطبيعة العلاقة بين الضفة وغزة ، وهو شرط ضرورة لأية عملية انتخابية . كما أن إجراء انتخابات بلدية دون الالتزام بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في مواعيد محددة مسبقا يثير شبهة التقصد في تكريس الانقسام . كل ذلك يجعل إجراء انتخابات محلية مغامرة غير مضمونة النتائج وطنيا وديمقراطيا حتى وإن خدمت مصالح البعض ، الأمر الذي يتطلب تدخل المحكمة الدستورية أو تدخل الرئيس شخصيا لتأجيل الانتخابات إلى حين ضمان أن تكون انتخابات وطنية وديمقراطية . [email protected]
#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حتى تكون الانتخابات استحقاقا وطنيا وديمقراطيا
-
فشل الانقلاب في تركيا نصر للعرب وفلسطين
-
أزمة الاتحاد الأوروبي وفشل رهانات العولمة الثقافية
-
الجامعات الفلسطينية : ما لها وما عليها
-
االمصالحة بين تركيا وإسرائيل تستنزف رصيد حركة حماس
-
ما وراء إثارة مسألة خلافة الرئيس أبو مازن
-
في ذكرى الانقسام : مقاربة مغايرة
-
الوجه الآخر من الصراع
-
لماذا يتعثر المشروع الوطني الفلسطيني ويتقدم المشروع الصهيوني
...
-
الشعب الفلسطيني يفتخر بتاريخه ورموزه الوطنية
-
في قطاع غزة حالة غضب على الجميع
-
في ذكرى النكبة نستحضر تاريخنا الوطني
-
المبادرة الفرنسية تكشف بؤس الدبلوماسية الفلسطينية
-
ميناء غزة : مشروع جاد أم ورقة ضغط وابتزاز ؟
-
السلطة والمعارضة في النظام السياسي الفلسطيني
-
حول جدلية السلطة والمعارضة
-
حالة فوضى وليس مجرد انقسام سياسي
-
ماذا بعد انهيار السلطة وفشل خيار حل الدولتين ؟
-
حركة فتح أمام منعطف مصيري
-
الإرهاب : من تفجيرات الملك داوود إلى تفجيرات بروكسل
المزيد.....
-
ياسمين عبد العزيز تستمع بوقتها قبل انطلاقة تصوير مسلسلها الر
...
-
كوريا الشمالية تستعرض قوتها النووية.. كيف يؤثر ذلك على السعو
...
-
خريج جامعة عين شمس في مصر.. ماذا نعلم عن رئيس وزراء سوريا ال
...
-
حرب غزة في يومها 344: قصف لا يهدأ وعداد الضحايا في ارتفاع مس
...
-
مسؤول سابق بالجيش الإسرائيلي: عالقون وننزف في غزة وعلينا الخ
...
-
مصر.. اكتشاف ظاهرة غريبة فوق الأهرامات
-
-المحيط-2024-.. قوات الأسطول الشمالي تطلق صواريخ مجنحة في بح
...
-
إنقاذ حوت أحدب عالق في شبكات في كندا
-
الأقصى يواجه تهديدا وجوديا غير مسبوق بموسم الأعياد التوراتية
...
-
الصومال يحتج على أديس أبابا ويهدد بدعم متمردي إثيوبيا
المزيد.....
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
المزيد.....
|