ما سر تشابه الإسلاميين القدامى والمحدثين؟

طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5240 - 2016 / 7 / 31 - 15:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

ما سر تشابه الإسلاميين القدامى والمعاصرين؟
طلعت رضوان
أليس ما حدث فى (وقعة الحرة) شبيه بماحدث مؤخرًا ؟
لماذا توقف نمو العقل العربى/ الإسلامى؟
تبرز أهمية قراءة التاريخ العربى/ الإسلامى فى ربط الأحدادث (الماضية) بالأحداث المُـعاصرة ، فقد ذكــّـرنى الحادث البشع الذى وقع قرب الحرم النبوى، ونحن فى القرن21م بما حدث فى القرن7م الذى شهد واقعة (الحرة) سنة60هـ التى وقعتْ بعد وفاة نبى الإسلام ب49سنة فقط (محمد مات11هـ) وكانت أسبابها سياسية بنسبة100% حيث أنّ أهل المدينة (المُـنوّرة) خلعوا يزيد بن معاوية ، نظرًا لسمعته السيئة من فسق وفجور، فإذا به يـُـرسل جيشـًـا بقيادة (مسلم بن عقبة) حيث قاتل أهل المدينة (المُـنوّرة) فهزمهم فى تلك الموقعة التى أخذتْ اسم (موقعة الحرة) ولم يكتف القائد (المسلم) بالهجوم على المدينة واحتلالها ، وإنما أمر (جيش المسلمين) باستباحة مدينة (نبى الإسلام) لمدة ثلاثة أيام (تنفيذًا لأمر الخليفة له) وذكر الطبرى فى تاريخه وياقوت الحموى فى (معجم البلدان) وابن الأثير فى (الكامل فى التاريخ) وغيرهم أنّ (مسلم بن عقبة) قتل فى هذه الواقعة أربعة آلاف وخمسمائة (مسلم) وفـُـضــّـتْ بكارة ألف فتاة بكر. وبعد تلك المذبحة أمر القائد (المسلم) كل من بقى فى المدينة (المُـنوّرة) من (المسلمين) أنْ يـُـبايعوا يزيد بن معاوية ، بإعتبارهم مجرد (عبيد) عنده.. ومن رفض (البيعة) أمر بقتله.
وذكر كل الذين أرّخوا لتلك المجزرة ، أنه عندما وصل الخبر الأكيد بما حدث لخليفة (المسلمين) يزيد بن معاوية قال : ((ليتَ أشياخى ببدر شهدوا.. جزع الخزرج من وقع الأسل.. لأهلـّـوا واستهلــّـوا فرحـًـا.. ولقالوا ليزيد لا فشل)) أى أنّ خليفة (المسلمين) الذى يتم الدعاء له فى كل صلاة (جماعة) بالتوفيق والتأييد وطول العمر مع حُـسن خاتمته بأنْ يكون مثواه جنة الخـُـلد.. إلخ فإنه رأى أنّ القتل وفض بكارة البنات ، انتقام لأشياخه/ جدوده والذين عبـّـر عنهم بالخزرج ، نتيجة ما وقع من هؤلاء الخزرج فى حق جدوده ، حين حاربوهم فى صفوف نبى الإسلام ، ليهزموا آل سفيان وينصروا راية (الإسلام)
ومن قراءة كتب التاريخ العربى/ الإسلامى يتبيـّـن أنّ موقعة (الحرة) هى معيار التقييم الصحيح لغزوات يزيد بن معاوية ، وغزوات الخلفاء الأمويين جميعًا ، الذين كان همهم الأول والأخير تثبيت ملكهم وبسط سلطانهم وجبروتهم على (الرعايا المسلمين) رغم أنّ هؤلاء الخلفاء تربـّـعوا على عرش السلطة (كما هو مُـفترض) لتحقيق أهداف (الشريعة الإسلامية) ولكنهم تمادوا فى طغيانهم.. ولعلّ ما حدث جعل الخليفة الثالث (معاوية بن يزيد بن معاوية) يتنازل عن منصب الخليفة وخلع نفسه (فى حالة نادرة واستثنائية فى تاريخ الخلافة الإسلامية) لما استشعره من فداحة ما حدث (مسلمون يقتلون مسلمين) وربما وهبته الطبيعة حسـًـا إنسانيـًـا مُـتفرّدًا يختلف عن حس باقى أبناء الجزيرة العربية ، لذلك خطب فى (الرعية) فقال ((أيها الناس ما أنا بالراغب فى الائتمار عليكم لعظيم ما أكرهه منكم . وإنى لأعلم أنكم تكرهوننا أيضـًـا. وأننا بـُـلينا بكم وبـُـليتم بنا... وقد كان أبى يزيد بسوء فعله واسرافه على نفسه غير خليق بالخلافة على أمة محمد ، فركب هواه واستحسن خطاه ، وأقدم على ما أقدم من جراءته على الله ، وبغيه على من استحلّ حرمته.. إلخ)) ومن الأمور المُـلفتة للنظر أنّ هذا الخليفة مات بعد أربعين يومًـا من خلعه نفسه. ولأنّ ظروف موته (غامضة) فإنّ من أرّخوا لحياته تساءلوا : هل مات ميتة طبيعية أم تـمّ قتله لجرأته على قول الحق ، وأنّ من قتلوه هم أصحاب المصالح فى تزييف الحق وتزوير الواقع.
ومما يؤكد أنّ (وقعة الحرة) حقيقية هو اتفاق معظم المؤرخين على سرد أحداثها بل والاتفاق حول عدد القتلى وعدد فض بكارات البنات ، ومن بين هؤلاء : ابن الأثير فى كتابه (الكامل فى التاريخ) والسيوطى فى (تاريخ الخلفاء) وكتاب (المختصر فى تاريخ البشر) لأبى الفداء ، كما ذكرها محمد بن على بطاطا فى كتابه (الفخر فى الآداب السلطانية والدول الإسلامية) بالاضافة إلى تاريخ الطبرى.
ورغم أنّ عدد القتلى فى الحادث الأخير بالقرب من المدينة (المُـنوّرة) لم يصل لذات الرقم فى موقعة (الحرة) فإنّ المغزى الواضح والسافر فى الموضوع هو التشابه فى عدم احترام الأماكن (المُـقـدّسة) لدى المسلمين ، ومع مراعاة أنّ القتلى/ الضحايا من المسلمين ، وأنّ القتلة مسلمون موحدون مثلهم. والمغزى الثانى أنّ التعصب العربى/ الإسلامى استمرّ طوال1400سنة كما هو دون أى تراجع ، أى لم يحدث أى تحرر للعقل (المُـغلق) نحو أفق إنسانى ، يسعى لتحقيق السعادة لكل البشر بغض النظر عن دياناتهم وجنسياتهم ، وأنّ هذا المسعى لا يمكن أنْ يتحقق تحت سياط جرثومة المقولة العربية/ الإسلامية ((أنا الصحيح)) و((أنا الحق المُـطلق)) كمُـبرّر للقتل والاعتداء على (الآخر) المُـختلف مع صاحب الحق المـُـطلق.
***

#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات