أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - قلب النار















المزيد.....

قلب النار


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 5229 - 2016 / 7 / 20 - 16:12
المحور: الادب والفن
    


قلب النار
نص سردي
عبد الفتاح المطلبي
القوي
دَخلَ في روع القوي أنهُ سَمعَ النداءَ القديم ، ..ها قد اعطيتُكَ ما تريد وجعلتُكَ سَيّدَ هذا العالم فماذا تنتظر؟ ، القوةُ (أخت الله شق المنشار) فابطشْ أيها القوي، السماءُ لا تُحبّ الضعفاءَ ، لا ينتمي إليها إلاّ الأقوياء.. النملُ الذي لا رائدةَ لهُ تَحْطمُهُ أقدامُ الجنود قالتْ نملةٌ: ((يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم )) غير أن القوي ضحكَ من قولها وقال: لاتَ حينَ مناص اليوم َلا عاصم َمنْ (التوما هوك) فهو يقلبُ عاليها سافلها، الموتُ ينهمرُ من البحرِ والبر والجوّ كاشفاً عن عورةٍ فاحشةٍ لا يخاف لوماً فقد ارتدى ثيابه التي لا يراها الحمقى بيد أن طفل (أندرسون) صرخ :إنه عارٍ ، تُرى من يصدّق طفلاً؟ هكذا جاسَ في البلاد بعريهِ كاشفا عن سوأتهِ ...
الضحايا
نحنُ الذينَ صدّقنا الحكايةَ وآمنّا مثلما آمن القطيع بالراعي وفقأنا عيون الزرقاء وقلنا ما لها تهرفُ بما لا تعرف أيها الناس هل رأيتم شجرا يمشي ؟ وحين حوصرنا وبلغ بنا الجوعُ مداه وقُتل الكثيرُ منا ما كان أمامنا إلا الفَرارإذ أن الموت نزل إلى طرقات بغداد بعريّهِ دون خجل وكنا قبلاً نتسائل ، كيف يكون عندما يأتي؟الميت منا لا يحظى بشرف الميتة بل بعارها إلا ما رحمَ ربي ، المُدبرُ مطعونٌ في الظهر والمُقبل تسفعُ وجههُ النار ، الآن نراه في المرايا كلما تطلعنا إليها، على الجدران وعلى السقوف حين تأخذنا الأفكار قبل الرقود، في المقاهي ، وعلى الأرصفة في الأسواق وفي مدارس الأطفال، يفجعنا في كل مأمن لم يبقَ لنا إلا الفَرار، هُتافُنا جميعا إهرب ...إهرب...لا تلتفت خلفك وفي كل فجيعة يسحق منّا المئات ،الناجون منهُ ثلّة ، الهاربون ليس لهم شيء سوى الجدّ في الهرب فقد تركوا كلَّ أمرٍ وتعلقوا بالأملِ الغائرِ غياباً، بعضُنا ركبَ البحر وابتلعتهُ الأمواج وكان يظن أنها حضنٌ حنون فأسلم لها الروح لكنّها اكتفتْ بالجسد غنيمةً وأطلقت الروح إلى بارئها وبعضنا لم يغتنم الفرصة جيدا فأتته شظية طائرة ومات تحتَ وقع حوافر الفَجأة وهو غيرُ متوقعٍ لهذا المصير لايسمعُ هسيس زحف المنايا حتى تلقفهُ علي حين غرّة مثل سمكةٍ وشِصّ مثل (سليك السُلكة )ظنَّ وكان كل الظنّ إثماً يومَ ((طافَ يبغي نجوةً من هلاكٍ فهلَكْ)) ، أما نحن الذين أدركنا أن الموت يلاحقنا بجدية صارمة آلينا على أنفسنا أن نواصل الفَرار من وجهه إلى الأمام بكل ما أوتينا من حيلة وغالباً هي حيلة الضعيف ولكي نزيد من فرص نجاتنا تفرقنا فرادى في براري بغداد الشاسعة ،ليس عليّ أن أهمّ بغير نفسي، كنت أفرّ من شدق الموت ولو إلى مخلبه عسى أن يأخذ شيئا من لحمي ويُفلتني فأمام الموت تهون كل المصائر، لسان حال كل منا انج بنفسك وانشغل بها دعك من الآخرين ، الطريدةُ المنفردةُ لا تستهوي الصيادَ إذا كانت هناك مجموعةٌ من الطرائد ِ وبالرغم من أن القوي قد ترك بغداد محض بريةٍ نسكنها كنا نتجمع فيها مثل حبات رملٍ تُقلبها الريح وحيثُ كنا نظن أننا في مأمن أحاطنا سُرادق النار من كل جهةٍ ، في وسط النار تنبتُ للأرواحِ أجنحةٌ فتطير وهكذا طارت روحي هاربةً دون انتظارٍ لأحدٍ ،وحيداً أوصلتني أجنحتها إلى مكانٍ رانَ عليه صمتٌ قديم ولما كانت روحي قد تحملت الشطر الكبير من سعارأنياب النار فقد مدّدتْ ساقيها على اللامكان دون حراك ، أسمعُ قضقضةَ هشيم جسدها بإيقاعه الرتيب المنفيّ إلى مجرّات الغياب ثم غلبني النوم .
البرزخ
استيقظتُ وأنا فوق جبلٍ من رُكامٍ أسود عائمٍ في الفراغِ ذي شعابٍ وأخاديدَ لم يكن يهمني كثيرا أنني في جوف الحلم أو في دهليز اليقظةِ ..مادمتُ أشعرُ أن روحي قد فقدت جسدها وتقطعت الحبال بينهما كان الحيّز الذي حولي غريباً ، كأنه مغارة في البرية تطل على طريق تشبه كثيرا الطريق التي مرت فوقها عربات الأقوياء وهم في طريقهم إلى الحرب ، كأنني رأيت ذلك في أحد أفلام هولي وود، أحراشٌ ذات أوراق محترقة رمادها يغطي فم اللامكان المطل على ذلك الطريق، أتكئ على جدار من العدم واتمدد على فراشٍ من وهمٍ إسفنجي أغطي نصف جسمي بغطاء من خوفٍ رطب أشعر بالحرارة تدب في أوصالي مسببة توترا هائلا في بعض تلك الأوصال، كنتُ حائرا وحيدا لا أعلم ُ من أين انبثقتْ تلك الفتاة التي كانت في المكان، فتاة في ريعان الصِبا وأخرى هرمة تشاركانني هذا التكوين الذي يشبه الكهف، ربما سبقتاني إليه أثناء ليلٍ طويل ولسببٍ ما ذهبت المرأة العجوز تاركةً فراغا منذرا بغواية ملحة بيني وبين الفتاة، العجوز وهي تطوي شفتيها على ابتسامةٍ ماكرةٍ ويضيق ما بين جفنيها عبر رمشاتٍ متتالية ،تتصنع غنجاً ميتاً لا روحَ فيه مشيرةً بطرف ذقنها المدبب إلى رفيقتها الشابة وإليّ، فهمتُ من ذلك أنها تحثها على المباشرة بأمرٍ ما ربما اتفقتا عليه قبل ذلك، ليس هناك ما يمكن وصفه سوى أن العالم يعود إلى نقطة البداية ، لا أحد مطلقا تحت الشجرة التي انبثقت للتو من قلب المغارة سوى آدم الموصوف في جسدي وحواء التي ظهرت ربما بدوافع تشبه ظهورها مع آدم القديم غير أن الشجرة كانت منزوعة الأوراق تبرعمت عليها الآثام حتى صار بعضُها ندوباً وسالت من جذعها الآلام حتى حفرت فيه أخدودا من الأوصاب وتحتها كانت الأرض محروقة، وعندما عادت المرأة العجوز كانت حواء تستر عريها خلف عري آدم الذي نهض من عاريا كما خلقه الله ولم يجد في الشجرةِ ورقا يخصف عليه منه ،راحت العجوز تغري حواء من خلفي وتستدرجها إلى الظهور علنا وهي تقول أن ليس هناك من غريب وهمّ آدمُ أن يحكي لحوّائهِ الحكاية وبين رمشةِ جفنٍ وأختها تملكني خدرٌمريع أفقدني الصواب وتداخلت الرؤية في عيني ، راحت الأشياء تستدق وتستطيل حتى تحولت العجوز إلى أفعى نارٍ طويلة بألف رأس تجول زحفا على بطنها وهي تهيئ ما بين شدقيها لابتلاعي واندلعت النار من بين فكيها لم أستطع بعد ذلك إن أستمسك باليقظة فأخذني نومٌ طويل في اللحظة التي كنت أود فيها بدء الحكاية التي ظننتُ أنها ستدهشُ الصبية عندما حالت بيني وبينها النار ومن وسط الحريق ترددتْ صرخات مكتومة.
منظرواقعي أخير
مثل مساكن النمل التي دهمها السيل كان الناسُ يعومون على بحر الصدمةِ ،الرجل يحمل جثمان ولده المتفحم يضمه إلى صدره وهو يقفز إلى الشارع المكتظ بالفجيعة وكانت المُصيبةُ تغشاه، ربما كان الوحيد الذي تعرّف على بقايا ولده المتفحم وبالرغمِ من ابيضاض وجه الرجل حد الإمتقاع إلا أن كل شيء حوله كان أسودَ ما خلا أسنان الولد البيض التي بدت مغروسةً في فكين مفتوحين إلى أقصاهما وقد تدلت من بينهما بقايا صرخةٍ ماتت منذ وقتٍ قصير ولكنها ما زالت تتدلى بارتخاء لا يراها إلا المكلومون ، الرجل يصرخ : ولدي حبيبي .. كلمني.. يرد الولدُ من برزخه : لقد حكيت لك الحكاية وكما ترى .. قابيل لم يتبْ ولا تكفي كل غربان العالم لمواراة السوأة .




#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوقوف على بساط القصيدة عند خديجة غربوب
- يا جارةَ الروح
- ليلتي لائلة
- خديجة غربوب تصنع بدلة الإمبراطور غير المرئية
- إستيقاظ
- الأمم المتحدة
- موجدة -قصيدة
- إجتماع
- وجد- قصيدة
- قميص أحمر-بحر أزرق
- لاتسأل الدار -قصيدة
- حلول - قصة قصيرة
- خيبة
- مرثية الليالي - قصيدة
- توجس - قصة قصيرة
- أمنيات - قصيدة
- صليل السلسلة -قصيدة
- ظنون- قصة قصيرة
- الحلمُ شرقاً -قصة قصيرة
- ستأتي يوما وأرحب بك


المزيد.....




- ثبتها الــــآن .. تردد قناة ناشونال جيوجرفيك لأعظم الأفلام ا ...
- الفائزة بنوبل للآداب هان كانغ: لن أحتفل والناس يقتلون كل يوم ...
- علاء عبد الفتاح: الناشط المصري يتقاسم جائزة -بن بنتر- الأدبي ...
- اعلان 1 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 167 مترجمة Kurulu? Osma ...
- -مندوب الليل- يحصد جائزة الوهر الذهبي واحتفاء بالسينما الفلس ...
- عفيف: من المؤسف ان بعض وسائل الاعلام في لبنان تصدق الرواية ا ...
- روسيا تسلم سوريا قطعا أثرية اكتشفها الجيش الروسي في تدمر
- الإمارات العربية إلى جانب 6 دول أخرى تشارك في مهرجان -أسبوع ...
- دور قبائل شرق ليبيا في الحرب العالمية الثانية
- الاستشراق البدوي.. الأساطير المؤسسة لرؤية الغرب للشرق


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - قلب النار