أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - نضج














المزيد.....

نضج


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 5228 - 2016 / 7 / 19 - 23:47
المحور: الادب والفن
    


نضج

-" شوكولا مو كالعادة ؟!"
قالها النادل الوسيم في ذلك المقهى الأنيق الذي اعتدنا اللقاء به خطيبي وأنا على فترات تتباعد أحياناً وتتقارب أحياناً أخرى تبعاً لظروف سفره .. المكان هادئ جداً ..ديكورات المكان ، اللوحات الفنية ، الموسيقى الناعمة والأضواء الخافتة .. الحركة الصامتة للعاملين في المكان .. كل ذلك يجعل من المكان معقلاً للرومانسية بامتياز ...
لذلك كان مقصداً للعاشقين الباحثين عن لحيظات فرح بلقاء كلٍّ بنصفه الجميل ، مع أن ( الطلبات ) فيه مرتفعة الثمن نوعاً ما ، لكن لقاء النصف الجميل يستحق أن يُبذَل من أجله الغالي ...
كان يغيظني أمر واحد ، ذلك النادل الذي لهدف ما عرفته يوماً يفرض علينا نوع المشروب الذي سنتناوله...!
كنت أظن أن خطيبي أوعز إليه بذلك ، إلى أن تجاوزتُ خجلي في إحدى المرات وسألته : " هل شوكولا مو هو مشروبك المفضّل ؟ "
عاجلني بنظرة دهشة جعلتني أُصادق على ما سيقوله :" لا أبداً.. لكني ظننت أنه المفضّل لديكِ أنتِ ، فأشارككِ اختيارك ".
قلت له : " هل تصدِّق ؟ هذا النادل يضحك علينا منذ زمن ، ويفرض علينا اختياره هو، لا اختياراتنا ، بإيحاء لكلينا، أرى في عينيه نظرة الظفر كلّما سألنا سؤاله المهذّب بظاهره ، الآمر بباطنه ، مستغلاً خجلنا من بعضنا، ربما لمح نظرات تكلّف بيننا، أو هكذا ظن ".
قاطعني خطيبي بضحكة قائلاً : " فلنرفع عنه هذا الظّنّ إذن ، ولتكن الأمور بيننا ( على بساط أحمدي )"
اعتلتني حمرة خجل أعادتني سيرتي الأولى من الانضباط والابتعاد عن الانجراف في العواطف ووو :" في المرة القادمة سأقول له ، لا ..لا اريد شوكولا مو، نحن لا نحبه بالعادة ".
ضحك خطيبي حتى التفت إليه كل من بالمكان ، وهذا في عرف هكذا أماكن عيب وتجاوز ..
دقائق قليلة مرت ، فُتحَ الباب الخارجي ، ودخل منه فتى لا يزيد عمره عن خمسة عشر سنة ، ترافقه فتاة في نفس سنه تقريباً ، يرتديان زي المدرسة ، الزِّي الذي ينبئ أنهما في المرحلة الإعدادية.. أضحكني منظر الفتى فقد بدا كأنه ينفخ عضلاته وكلّ أعضاء جسمه ليبدو أكبر من عمره ، وقد صفّف شعره بطريقة عصرية جداً ، رافعاً أكمام بزته المدرسية بالمختصر ( شيخ الشباب) بوجه طفولي، المضحك أكثر منظر الفتاة التي بذلت جهوداً جبارة لتبدو صبية بعمر العشرين ، مساحيق التجميل التي استقرت على وجهها الطفل بطريقة عشوائية تحكي قصة علبة مكياج استقرت في حقيبة المدرسة طوال فترة الدوام ثمّ خرجت ألوانها متسلّلة لتستقر على عجل في مواضع على الوجه كيفما اتّفق ...
اتجها إلى إحدى الطاولات وجلسا،
ليباشر الفتى النّظر إلى نصفه الحلو ، ويمسك يدها بين كلتا يديه مسدداً نظرات حالمة ... أما هي فقد تورّدت خجلاً ؟ لا لا تورّدت هياماً ..
نظرت إلى خطيبي فرأيته ينقّل نظره بيني وبين تلك الفتاة ! وكأن لسان حاله يقول : " لماذا لا تكونين مثلها ؟".
ردّدتُ عليه نظرته بأخرى تقول : " هل كنتَ أنتَ مثله ؟".
وانفجرنا ضاحكين ..
انشغلنا بالنظر إليهما ، لم تدم سعادتهما طويلاً، ذلك النادل المستبد أتاهما سريعاً ، طلب منهما بلباقته التي بتّ أكرهها : "عليكما مغادرة المكان ، المقهى للأعمار +18".
السبع الذي كان مع فتاته غادر مسرعاً..! تاركاً مدلّلته في المكان تشرح للنادل في محاولة شجاعة أنها في العشرين من العمر وأنّه .. -تلتفت باحثة عنه -لا تجده ...!
تتمتم : "أظنه في الخامسة عشر من عمره !".


د. عبير خالد يحيي.



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في تجربة أديب الأطفال جاسم محمد صالح
- هل أبكي ..؟
- رحلة
- محكمة
- التابوهات وقلم الأديب
- جنة ... أم جحيم؟
- الغرائبية والانزياح في نصوص الأديب العراقي الأستاذ عبد الرزا ...
- التحدي العظيم
- طيف
- إشهار كتاب ( رسائل من ماض مهجور ) مجموعة قصص قصيرة للكاتبة ا ...
- المحاكاة الداخلية في نصوص الكاتبة المصرية هالة محمود مقدّم م ...
- نقد أدبي لنص ( جنون في النقل لا في العقل ) للكاتب العراقي كر ...
- قراءة نقدية لنص ( أحلام ورق ) للكاتب المصري محمد البنّا مقدم ...
- انتظار
- قراءة نقدية لقصيدة ( كارثة ) للشاعر العراقي عبد الرزاق عوده ...
- قراءة نقدية لنص ( الغائب ) للكاتب صاير الجنزوري مقدم من الدك ...
- حديث سمر
- قراءة نقدية لنص الكاتبة السورية ريتا الحكيم ( تعتيم )مقدّم م ...
- أيام عذرية
- وفاء اللؤلؤ


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - نضج