أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - طيف














المزيد.....

طيف


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 5186 - 2016 / 6 / 7 - 01:50
المحور: الادب والفن
    


طيف
في حديقة يبس العشب فيها، وتساقطت بتلات ورودها ، وهجرت العصافير أشجارها ، واحتلت الغربان أرجاءها ، كانت هي ممددة على تربة القحط ، تحاول لملمة ما تبقى من كينونة ، وما تبعثر من إيمان ، زائغة العينين ، تنظر في الفراغ ، حاولت أن تحط بنظرها على نقطة في السماء ، لم تسطع ، ظلال أشجار أيامها الماضية حجبت عنها السماء ، قامت متثاقلة ، لا بد أن تنظر إلى نور لتختبر بصيرتها ، هل استعادتها ؟
تحاملت على نفسها ، قامت ، في البداية ، لم تحملها أرجلها ، لقد كان الدرب الذي سلكته طويلاً وشاقاً ، سنوات من الأشواك عبرتها ووصلت إلى مكانها مدمّاة ، حاولت فرد ظهرها
تألّمت ، تلقت الكثير من الضربات على ظهرها العنيد ، لم ينكسر ، لكنه تصدّع ، هناك الكثير من الفقرات المنزلقة فيه ، لا بأس المهم أن لا كسور أخيراً وقفت ، وإن كانت مترنّحة ،
مشت على اليباس خطوة ....خطوتين ، وصلت إلى بقعة انفرجت فيها أغصان الأشجار كنافذة أطلت منها الشمس قوية متباهية ، رفعت نظرها وبسرعة عاودت النظر أسفلاً وغطّت عينيها بيدها ، عيناها اللتان بقيتا مرويتان بدموع القهر والحرمان سنينَ
عديدة ، كيف لها أن تبصر بهما نور الحرية فجأة ؟ !
لا يهم ، المهم أنها الآن حرة ، نظرت إلى ملابسها ، مهلهلة كالحة كليالي أرقها ، لا بأس يمكنها أن تعيد هندمة نفسها ، يداها معروقتان ، وكأنها عجوز في التسعين ، فكيف حال وجهها ؟ هزت رأسها ، تطرد الشحنات السلبية ، تعزز نفسها بأنها حرة ، غادرت سقماً ، وستتعافى ، هي فترة استشفاء ستقضيها بالتعرف على نفسها التي استعادتها بعد أن اغتُصبت منها منذ سنين ،
ستحاول استرضاءها ، و كسب ودّها وتعقد معها صلحاً دائماً.
مرّ الزمن مبلسماً جراحها ، لامست أناملها حروفاً أخذت تنساب دفقاً تجرف حطام حياتها بعيداً ، وتجزّ يباس روحها ، تقيّأت أحقادها ،
ثم عرضت ذاكرتها للبيع ، عندما لم يشترِها أحد أرسلتها إلى أيقونة النسيان ، بالمختصر ، أخضعت نفسها لعملية تخلية ، واستعدت للتحلية .
وبدأ العشب الأخضر ينمو ، مرويّاً بماء حروف بدأت تنبع من بين أصابعها ، بداية ًكانت حروفها غيوم سود محمّلة بدموع قهر ، تسقط بعد البرق والرعد ، عاندتها الألوان كثيراً حتى بانت ، كان الأزرق أول الألوان
رافقه الأصفر خجولاً ، عندها لاح طيف ومضَ فجأة ، حيّرته حروفها الزرقاء ، عندما دَنا منها قليلاً ، ألفاها
لا تذكر الألوان ، بدأ يرسل لها كل يوم
وردة يُعَنْونُها بلون ، تحمل الوردة إلى حديقتها وتزرعها ، حتى تلوّنت بكلِّ الأزاهير والورود ، وبدأ عبقها يعطّر سماء حياتها ، سألته يوماً : ما لونك ؟
قال : أبيض .
قالت : لا أذكره .
قال : سأراكِ غداً وستذكرينه .
جاء الغد ، تزيّنت بكل الألوان التي عرفتها ، وتعطّرت بكل الزهور ، ومضت تنشد لقاءه ، يطير بها الشوق إليه .
على طاولة اللقاء ، باقة ورد أبيض
ورسالة معطرة بعطر الزنبق مكتوب فيها بأحرف نور : تلك الورود هي اللون الأبيض ، إزرعيها في قلبك لتزهر ،
وطيفك يكفيه النظر .

د. عبير خالد يحيي



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشهار كتاب ( رسائل من ماض مهجور ) مجموعة قصص قصيرة للكاتبة ا ...
- المحاكاة الداخلية في نصوص الكاتبة المصرية هالة محمود مقدّم م ...
- نقد أدبي لنص ( جنون في النقل لا في العقل ) للكاتب العراقي كر ...
- قراءة نقدية لنص ( أحلام ورق ) للكاتب المصري محمد البنّا مقدم ...
- انتظار
- قراءة نقدية لقصيدة ( كارثة ) للشاعر العراقي عبد الرزاق عوده ...
- قراءة نقدية لنص ( الغائب ) للكاتب صاير الجنزوري مقدم من الدك ...
- حديث سمر
- قراءة نقدية لنص الكاتبة السورية ريتا الحكيم ( تعتيم )مقدّم م ...
- أيام عذرية
- وفاء اللؤلؤ
- ديمقراطية الرفض
- دانتيللا
- قراءة نقدية
- نقد الأستاذة انتصار كمون لنص موت بحكم الحياة
- رقصة مؤجلة
- موت بحكم الحياة
- أربع قصص قصيرة حداً( أجنَّة )
- تجوال
- 4 قصص قصيرة جداً


المزيد.....




- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك
- لا خلاص للبنان الا بدولة وثقافة موحدة قائمة على المواطنة
- مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن قائمة السينمائيين المشار ...
- جائزة الغونكور الفرنسية: كيف تصنع عشرة يوروهات مجدا أدبيا وم ...
- شاهد.. أول روبوت روسي يسقط على المسرح بعد الكشف عنه


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - طيف