أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أبحاث وأشعار!















المزيد.....



أبحاث وأشعار!


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5222 - 2016 / 7 / 13 - 00:47
المحور: الادب والفن
    


أبحاث وأشعار !!
محمود شاهين
هيكل سليمان بين الحقيقة التاريخية والخيال الأدبي !
محمود شاهين
القدس القديمة ، مدينة السماء ، التي تحرص جميع الطوائف التي تتبع الديانات السماوية الثلاث على إيجاد أكثر من مقر لها فيها ، يمثل في الكنائس والأديرة للطوائف المسيحية وأبرزها كنيسة القيامة، وفي المساجد والتكايا والزوايا للطوائف المسلمة وابرزها المسجد الأقصى ، الذي سمي الأقصى أي البعيد، لبعده عن مكة ، فيما سميت كنيسة القيامة باسمها لأنها أقيمت على المكان الذي قام منه يسوع المسيح من اللحد وصعد إلى السماء .
وظل اليهود دون مكان مقدس لهم بعد هدم كنيس الخراب في حرب 1948 فراحوا يتعبدون على ساحة أقاموها إلى جانب حائط البراق المجاور للمسجد الأقصى لاعتقادهم أن المسجد الأقصى قد بني على أنقاض هيكل سليمان المزعوم ، وحفروا الأنفاق تحت المسجد في محاولة
للعثور على أثر ما للهيكل ، دون جدوى ." وفي عام 2001 قررت الحكومة الإسرائيلية إعادة بناء الكنيس على مسافة 300 مترمن الجدارالغربي للمسجد الأقص بجوار المسجد العمري ، ورصدت له ميزانية بقيمة 12 مليون دولار. (1) وقد أطلق اسم الخراب على الكنيس لأنه أحرق وخرب عام 1720 بعد عشرين عاما من بنائه على أيدي يهود إشكناز ، فاًصبح خربة .أعيد بناؤه وهدمه أكثر من مرة بعد ذلك . (2)
سنلقي الضوء في هذا البحث على قصة هيكل سليمان كما ورد في التوراة اليهودية ( العهد القديم ) ومدى مقاربتها للعقل والمنطق وسنتطرق إلى ما ذكره علماء التاريخ وعلماء الآثار
عن مملكة اسرائيل المزعومة .
مملكة اسرائيل وحكم سليمان :
حسب التوراة أقيمت مملكة اسرائيل ما بين أعوام 1050 و 930 ق.م. وأن سليمان استلم الحكم من أبيه داود الذي أوصاه ببناء الهيكل ، فقد انشغل داود بالحروب وخاصة مع ابنه أبشالوم الذي حاول الإستيلاء على الحكم من أبيه . وسليمان هو ابن داود من زوجة المحارب في جيشه اوريا الحثي. ( بثشبع) التي رآها داود تستحم على سطح بيتها فاشتهاها وأرسل من يحضرها له ، لتكون سرية له ثم زوجة بعد أن أمرقائد جيشه بقتل زوجها في الحرب بوضعه في مقدمة الجيش عند الهجوم ومن ثم التراجع عنه .(3)
تقدم التوراة سليمان لنا من البداية كشخصية فوق أسطورية ، حين تتحدث عن طعام يكفي لجيش يحتاج له سليمان كل يوم . فمن يتصور مثلا انسانا واقعيا يحتاج إلى التهام مائة خروف وثلاثين ثورا في اليوم ، عدا الملحقات من الأيائل والظباء واليحامير والإوز والسميد والخبز ؟!
لا بد أنه كان بحجم ألف رجل على الأقل ليحتاج إلى هذا الكم من الطعام !
" 22وكان طعام سليمان لليوم الواحد: ثلاثين كر سميذ، وستين كر دقيق
23 وعشرة ثيران مسمنة، وعشرين ثورا من المراعي، ومئة خروف، ما عدا الأيائل والظباء واليحامير والإوز المسمن ( ملوك أول /4 )
وطالما أننا أمام انسان اسطورة فلن نفاجأ إذا ما وجدنا أنه اقتنى 700 زوجة و300 سرية!

1" وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون: موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحثيات
2 من الأمم الذين قال عنهم الرب لبني إسرائيل: لا تدخلون إليهم وهم لا يدخلون إليكم، لأنهم يميلون قلوبكم وراء آلهتهم. فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة
3 وكانت له سبع مئة من النساء السيدات، وثلاث مئة من السراري، فأمالت نساؤه قلبه" ( ملوك أول /11)
ولن يفوتنا أن نذكر أن سليمان كان ملكا حسب التوراة وليس نبيا كما هو في الإسلام ، والحال نفسها كانت مع أبيه داود . وأغرب ما في الأمر أن فرعون مصر زوجه ابنته ، وفي روايات أخرى اسلامية أنه تزوج من بلقيس ملكة سبأ اليمنية !
الأمر الآخر الذي عرف عن سليمان أنه كان حكيما وأن حكمته بلغت الآفاق وأن بلقيس ملكة سبأ سمعت بحكمته فقامت بزيارة له لتتعرف على حكمته وتستنير بها .
1 وسمعت ملكة سبا بخبر سليمان لمجد الرب، فأتت لتمتحنه بمسائل
2 فأتت إلى أورشليم بموكب عظيم جدا، بجمال حاملة أطيابا وذهبا كثيرا جدا وحجارة كريمة . وأتت إلى سليمان وكلمته بكل ما كان بقلبها (ملوك أول /10)
وكنا سنأخذ بهذه الزيارة الشاقة جدا دون شك ، من جنوب أرض العرب إلى أقصى شمالها ،
وكنا سنتقبل هذه الحكمة بصدر رحب لو لم يحدث ما لم يتوقعه أحد ، ربما حتى يهوة ( الإله اليهودي ) نفسه ! فقد تخلى سليمان عن عبادة يهوة :
استعان سليمان بملك صور للحصول على الأخشاب ووظف ثلاثين ألفا من الرجال لنقل الأخشاب عدا آلاف الرجال الذين وظفهم في قطع الصخور وصقلها ، وتم بناء الهيكل الهائل في سبعة أعوام ونصف . لن ندخل في حجم الهيكل وهندسته وزخرفته والمجوهرات التي زينت جدرانه وتابوت الرب الذي وضع فيه والمذبح الذي أقيم فيه لتقديم القرابين ، لن ندخل في تفاصيل كل هذه الأمور لعدة أسباب يأتي في مقدمتها ، أن حكمة سليمان ( العظيمة) التي دفعته لبناء هيكل للرب هي نفسها التي دفعته للتخلي عن عبادة الرب نفسه ، وأن يتبع آلهة الكنعانيين الذين تزوج بناتهم ، وبهذا تحول الهيكل ( المعبد ) من هيكل للرب يهوة ، إلى هيكل للآلهة الكنعانية :
"4 وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى، ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه
5 فذهب سليمان وراء عشتورث إلهة الصيدونيين، وملكوم رجس العمونيين
6 وعمل سليمان الشر في عيني الرب، ولم يتبع الرب تماما كداود أبيه
7 حينئذ بنى سليمان مرتفعة لكموش رجس الموآبيين على الجبل الذي تجاه أورشليم، ولمولك رجس بني عمون
8 وهكذا فعل لجميع نسائه الغريبات اللواتي كن يوقدن ويذبحن لآلهتهن " ( ملوك أول /11)
تذكر بعد المصادر أن قرابة مائتي ألف شاركوا في بناء الهيكل ، فهل يعقل أنه بعد كل هذا العناء والتعب أن يخرج سليمان على دين أبيه وأجداده لمجرد أن نساءه أملن قلبه ؟ أم لأن الدين بحد ذاته لم يكن مقنعا له ، فتخلى عنه في شيخوخته ، أي بعد أن نال من الحكمة قسطا مقبولا جعله يفكر في دينه ، فاكتشف أن دينه دخيل على ديانات المنطقة . هذا إذا أردنا أن نخضع الأسطورة لمنطق ما .
ومن الجدير بالذكر أن بني اسرائيل كانوا يرتدون باستمرار عن عبادة يهوة ومنذ البداية . أي منذ أن اختارهم يهوة شعبا له وعمل على خلاصهم من العبودية المصرية حسب التوراة .
وثمة أسئلة كثيرة يمكن أن تطرح : فإذا كان النص سماويا يهوويا فما الذي يريده يهوة بجعل شعبه المختار يرتد عنه ؟! وإذا كان النص من تأليف عزرا أو غيره من كتبة التوراة فما الذي أرادوا أن يقولوه ؟ هل أرادوا أن يقولوا أن التوراة نص أدبي متخيل كتب بتأثير قبيلة أو جماعة معينة تريد أن توجد تاريخا لها، يجهد لأن يقدم تفسيرا للوجود وللخلق مبنيا على تراث المنطقة السابق ، وأن التناقضات التي فيه جاءت لتثبت أنه اجتهاد قابل للخطأ والصواب طالما أنه اجتهاد مبني على تراث قابل للخطأ والصواب أيضا . ويجمع الباحثون على أن التوراة كتبت بعد السبي البابلي ( 587 ق. م.) واستمرت كتابتها لأكثر من 300 عام ، أي بعد قرابة 700 عام على الأقل من أحداثها ، وأنها كانت تخضع في كثير من الأوقات لثقافة كاتبها وثقافة الزمن الذي كتبت فيه .
آن الأوان لأن نتطرق لما يقوله العلماء، ليس عن الهيكل فحسب بل عن مملكة اسرائيل نفسها التي يقال أنها انشقت بعد عهد سليمان إلى مملكتين : اسرائيل في الشمال ويهوذا في الوسط والجنوب ، حسب التوراة . ولنبدأ بالعلماء الإسرائيليين .
فلنكشتاين يفجر قنبلة :
"مرة اخرى.. يطل علينا عالم الآثار الإسرائيلي الشهير «إسرائيل فلنكشتاين» من جامعة تل أبيب والذي يعرف بابي الآثار، ليفجر قنبلة جديدة في وجه التوراتيين وحكام «اسرائيل» بنفيه وجود أي صلة لليهود بالقدس، اذ أكد في تقرير نشرته مجلة جيروساليم ريبورت الإسرائيلية- 5-8-2011- «أن علماء الآثار اليهود لم يعثروا على شواهد تاريخية أو أثرية تدعم بعض القصص الواردة في التوراة بما في ذلك قصص الخروج والتيه في سيناء وانتصار يوشع بين نون على كنعان»، مفككا بذلك وسيلة وزعما من أخطر الوسائل والمزاعم التي تلجأ اليها الدولة الصهيونية لترويج روايتها حول «يهودية المدينة المقدسة» وأساطير "ارض الميعاد»، و»شعب الله المختار»و»الحق التاريخي لليهود في القدس وفلسطين»، كما ورد من وجهة نظرهم في التوراة التي اثبت الكثيرون من الباحثين العرب والأجانب، وحتى بعض اليهود في العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية، وبعد الاكتشافات الأثرية الجديدة في تل العمارنة وما كشفته الحفريات الأثرية في القدس وبعض المناطق الفسطينية الأخرى، اثبت هؤلاء بأن التوراة كتاب ادبي قصصي مبني على الأساطير والخرافات في معظمه وليس كتاب تاريخ يمكن الاستناد اليه كمرجع للاصول التاريخية والأثنية للشعوب والأمم" .(3)

وهرتسوغ أيضا :
"البروفيسور زائيف هرتسوغ عالم في الآثار من جامعة تلابيب ، شارك في كل أعمال الحفر في البلاد ، يقول إن كل الأحداث المذكورة في التوراة تتناقض تماما مع ما توصل إليه علماء الآثار . وأن هذه القصص لم تحدث في الحقيقة على مستوى شامل ".(4)
مملكة داود وسليمان أوهام لا نهاية لها :
تحت هذا العنوان كتب الباحث أحمد سليم مقالا في موقع أهل القرآن ،ومما جاء فيه :
"رغم وجود أكثر من 300 موقع تقوم فيها البعثات الأثرية بأعمال الحفر، في " إسرائيل " والضفة والقطاع ، لم يتمكن الأثريون من العثور على أى دليل أثرى يؤكد أوحتى يشير إلى مملكة داود وسليمان في فلسطين ، كما لم ترد أية إشارة لهؤلاء الملوك في المصادر التاريخية وأكد ذلك كله كذب المزاعم التوراتية بوجود مملكة إسرائيلية متحدة أيام شاؤول وداود وسليمان ، وأنها روايات أسطورية لا تعبر عن الأحداث التاريخية الحقيقية . وتبين الآن أن قصص التوراة تضمنت أحداثا تاريخية لشعوب وممالك أخرى في الشرق الأوسط، تم اقتباسها لتكون جزءا من تاريخ مملكة بني إسرائيل ، فقد استعار كتبة قصة داود الرواية المتعلقة بتكوين تحتمس الثالث للإمبراطورية المصرية بين النيل والفرات قبل عصر داود بخمسة قرون ـ ونسبوها إلى ملكهم وكما يؤكد ويبين باحث المصريات الكبير العالم أحمد عثمان : لا تزال تفاصيل المعارك التي استعارها الكهنة لقصة داود بني إسرائيل ، مسجلة حتى أيامنا هذه على جدران معبد الكرنك وفي سجلات حروب تحتمس الثالث . ونحن نجد هنا صدى لأهم معركة خاضها تحتمس الثالث ـ عام 1468ق . م ـ عندما تجمع 350 ملكاً بجيوشهم لمحاربته ،عند حصن "مجيدو" بوسط كنعان ، وصار اسم هذه المدينة في اللغة ، منذ ذلك الوقت هو المجد"، تعبيرا عما حققه الملك المصري في هذه المعركة من أعلى درجات الانتصار . ولا عجب في هذه الحالة لو وجدنا أن هذه المعركة نفسها ، هي التي اختار كتبة سفر صموئيل الثاني اقتباسها لصالح داود بني إسرائيل .(5)
لن يفوتنا التطرق إلى الباحث الأمريكي توماس تومبسون وكتابه " التوراة والتاريخ" الذي ترجم إلى العربية ،والذي نفى فيه معظم الأحداث الواردة في التوراة بما فيها مملكتي يهوذا وإسرائيل وحتى وجود داود وسليمان تاريخيا . وسأورد في ما يلي مقتطفات من مقال للباحث العراقي علي الشوك يتحدث فيه عن توماس تومبسون :
"ينتمي توماس ل. تومبسون الى رعيل المؤرخين الذين ضربوا على وتر لاتأريخية الروايات التوراتية، أي أن هذه الروايات من صنع واختلاق كاتبيها، لأنها تتعارض مع الأحداث والوقائع التأريخية التي نعرفها عن طريق البيّنات الآثارية والوثائق التأريخية القديمة. وتومبسون من الفئة القليلة التي تحاول وضع الحقيقة في نصابها في هذا الصدد. ومع ان الكتابات التي تثبت بطلان تأريخية الروايات التوراتية اكتسبت قوة في العقدين الماضيين في ضوء البيّنات الآثارية المذهلة التي تدعمها، إلا أن هذه النظرية التي تشكك في صحة الروايات التوراتية من منظور تأريخي، لها جذور أقدم من ذلك بكثير. بيد ان هذه المحاولات كانت تتعرض دائماً الى القمع والمحاربة والتهميش. ولا تزال هذه السياسة تطاول "المتمردين" أو "المنشقين" عن الصف حتى يومنا هذا وخير مثال على ذلك، المعاملة الظالمة التي تعرض لها تومبسون بعد نشره كتاب " التأريخ القديم للشعب الإسرائيلي" في 1992، فقد فُصل من الجامعة - الأميركية - التي يدرّس فيها إثر نشره الكتاب المشار إليه، لأنه يقدم تفسيراً مخالفاً للنهج السائد الذي يجعل من الروايات التوراتية نقطة انطلاق ومرجعاً محورياً أو مركزاً لأحداث التأريخ المعاصرة
لها . ولم يعاود عمله الأكاديمي إلا بعد أن احتضنته جامعة كوبنهاغن .. وتلتقي النتائج التي توصل إليها تومبسون مع كتابات وأبحاث الباحث الكندي جون فان سيترز، صاحب كتاب ابراهيم في العُرف والتأريخ الصادر في 1975، وجون هايس وجَيْ ماكسويل مِلر مُعِدّي كتاب
"تأريخ اسرائيل ويهودا"الصادر في 1977، وهو كتاب كبير ومهم يحتوي على مقالات بقلم عدد من الباحثين الأكثر شباباً. ويمكن الإشارة الى كتاب إسرائيل فنكلشتاين آركيولوجيا الاستيطان الإسرائيلي، الذي يطرح نظرة جديدة حول التأريخ الإسرائيلي، تختلف تماماً عن
"التأريخ" التوراتي، ويقدم أدلة على أن نظرية "الغزو" الإسرائيلي لم تعد تحتفظ بقوتها. ولعل أكثر هذه الكتابات أهمية، تقرير زئيف هرتسوغ تفكيك أسوار أريحا الذي نشر في صحيفة هاآرتس الإسرائيلية في نهاية عام 1999، وأثبت فيه بطلان الكثير من الروايات التوراتية المسلّمة بصحتها. والأهم من هذا كله، انه قدم أدلة آثارية لا يأتيها الباطل على أن يهوه، إله إسرائيل، كانت له زوجة، اسمها أشيرة (6) وهي، بالمناسبة، إلاهة كنعانية أيضاً. (7)
* مائير بن دوف : لا وجود لما يسمى بهيكل سليمان !
" فجر عالم الآثار الاسرائيلي " مائير بن دوف " قنبلة دوت صدىً في المنطقة حيث كشف النقاب عن أنه لا يوجد آثار لما يسمى بهيكل سليمان تحت المسجد الأقصى، مناصراً بذلك الأصوات السابقة التي كشفت عن ذلك ولاسيما علماء الآثار الاسرائيليين بقسم التاريخ بالجامعة العبرية .(8)
أظن أننا أسهبنا ولم يعد ثمة متسع لمقالات كثيرة وخاصة لباحثين عربيين اعتبرا أن التوراة
جاءت من جزيرة العرب وهما كمال صليبي وفاضل الربيعي . غير أن فاضل يعتبر العقيدة اليهودية عقيدة يمنية وأن اليهود جاءوا من اليمن ،وأن ملوكهم ملوك يمنيون . وأن أحداث التوراة تجري في اليمن . وفي هذه الحال قد لا نستبعد زيارة بلقيس ملكة سبأ لسليمان إن كان ملكا على اقليم أو مدينة يمنية ، طبعا بغض النظر عن وليمة القبيلة التي يحتاجها لطعامه اليومي . كما أننا لن نستغرب أن يرسل الشيطان السبئيين في سفر أيوب لنهب قطعان أيوب ومواشيه وأتنه أل 500 !!(9) وثمة قصة أخرى لفاضل عن نشيد الأنشاد الذي قيل أنه لسليمان ، فقد رأى أن هذا النشيد لسلمى أو سليمى وربما قاله راع أحب راعية بذاك الإسم فقتلت لانكشاف الحب فسمي الجبل الذي كانت ترعى فيه جبل سلمى ،فراح الشعراء يتطرقون لذاك الجبل في أشعارهم (10)
وخير ما نختتم به مقالنا هذا مقتطفات من مقال الياس خوري الذي نشره في القدس العربي ونشره على صفحته في الفيس بتاريخ 27 /تموز / 2015 يتطرق فيه إلى بقرة حمراء يكون مقتلها شرطا لإعادة بناء هيكل سليمان :
المستعمرون و"البقرة الحمراء"»

أقيم في إسرائيل متحف بتمويل حكومي من أجل «مهجري غوش قطيف»، وأربع مستعمرات صغيرة ومعزولة بالقرب من جنين. متحف للذاكرة ونوستالجيا «العودة» نشأ بتمويل حكومي.
فالمستعمرات أو الكوبانيات اليهودية في فلسطين قبل 1948 وبعدها، وقبل 1967 وبعدها، لا تختلف في شيء عن المستعمرات الفرنسية التي أقامها أصحاب «الأقدام السوداء» في الجزائر. طبعا، يجب أن لا يحجب هذا الوصف إمكانية اختلاف المصائر بين المستعمرين الفرنسيين والمستعمرين الإسرائيليين، نتيجة كون المشروع الصهيوني يحمل طبيعتين متكاملتين هما الطبيعة الكولونيالية والمشروع القومي، لكن الحديث عن المصائر لا يزال مبكرا، فالمشروع الكولونيالي الإسرائيلي لا يزال في طور صناعة النكبة الفلسطينية المستمرة، ولن يبدأ الحديث الجدي عن المصائر إلا حين تنكسر شوكته .
المستوطنات كلمة مضللة، لأنها توحي بأنها قرى أو مدن يجري بناؤها، وهذا غير صحيح، انها مستعمرات تُنتزع أراضيها من أصحابها بالقوة كي يقيم فيها مهاجرون قرروا استعمار البلاد والاستيلاء عليها .
يستخدم المشرفون على المتحف كلمات من نوع «اقتلاع» و»طرد» للحديث عن تفكيك مستعمرات غزة، ولا يشيرون إلى كلمات مثل انفصال أو فك اشتباك، ثم تبلغ بهم الوقاحة إلى حد الحديث عن النوستالجيا إلى شواطئ غزة ورمالها، محولين تجربة المستعمرات إلى عصر ذهبي، وجاعلين من الجلاد الإسرائيلي ضحية عملية اقتلاع، وحنين «عودة»، إلى أرضه .)
لم يسبق أن وصلت الوقاحة إلى هذا الحد، وهي وقاحة يختص بها الاسرئيليون، وهذا يذكّرنا بممارسة «حقوق» عودتهم إلى أحيائهم في القدس الشرقية التي غادروها عام 1948.
يشاهد زوار المتحف، المقام على مدخل نيتزان، الواقعة بين أسدود والمجدل (عسقلان)، فيلما يقودهم إلى الحكاية. بطل الفيلم طفل يدعى أفيخاي كان آخر طفل ولد في غوش قطيف ليلة الرحيل، وهو يريد أن يتعرف إلى «جذوره» من خلال الحوار مع شقيقه الضابط في سلاح المشاة. مزيج من البراءة المخادعة والحنين الكاذب إلى غزة التي تبدو كخريطة مستعمرات، حيث يجري تهميش مدنها وقراها ومخيماتها أمام جماليات المستعمرات الصهيونية!
الطفل «البريء» لا يعرف مثلا أن عدد المستعمرين اليهود الصهاينة كان ثمانية آلاف في قطاع غزة الذي يقيم فيه مليون ونصف مليون فلسطيني، كما لا يعرف أن غوش قطيف أقيمت على أراض فلسطينية احتلت عام67

(3) نواف الزرو . الدستور الأردنية 8آب 011
(4) بي بي سي اونلاين 24/12/99
(5) أحمد سليم . موقع أهل القرآن . نت .30 أكتوبر 2012
(6) أشيرة أو عشيرة هي زوجة الإله الكنعاني إيل وهي وإيل أبوان لعشرات الآلهة الكنعانية ، ومن أهمهم بعل وعناة وعشتاروت وموت . ومن الجدير بالذكر أن يهوة اتخذ لنفسه أسماء كثيرة منها اسم إيل الذي ينسب اسم اسرائيل إليه . ليقول لنا كتبة التوراة أن يهوة هو الإله 19
ليس المهم ان تعرف بل المهم ان تعيد انتاج الأسطورة في أشكال لا متناهية، هذه هي لعبة الذاكرة الإسرائيلية. انهم يخترعون لأنفسهم ذاكرة من الأوهام كي يكونوا الضحية في أعين أنفسهم. ضحايا مدججون بالسلاح، يرقصون على إيقاع قنابلهم النووية المكدّسة، ويستغيثون ويبكون. احتلال يصير حنينا وهمجية تتحول حنانا، يا للمفارقة، يكذبون ويدعون الصدق! حفلة تنكرية تحوّل الذاكرة إلى مهزلة، والتاريخ إلى مسخرة .
وبعد المتحف يعدّ لنا الإسرائيليون مفاجأة البقرة الحمراء. هنا تصل كوميديا الأسطورة إلى ذروتها، فهم يبحثون عن بقرة «مقدسة»، يقول تراثهم الأسطوري إنها شرط بناء هيكل سليمان. بقرة توراتية حمراء لا يتخلل جلدها أي لون آخر، ويبدو أنهم وجدوا ثورا يمتلك هذه المواصفات في مكان ما من أميركا، وسيلقحون بقرات إسرائيلية بسائله المنوي، وصولا إلى البقرة المنتظرة التي سيسمح لهم رمادها بالتطهر من دنس الموتى هذا التطهر هو الشرط اليهودي الديني للصعود إلى جبل الهيكل، تمهيدا لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه. وعندما سيحين موعد هذه الكارثة سوف نجدهم وقد امتلأت أعينهم بالدموع، وهم يستعيدون ذاكرة أساطيرهم على أشلاء الحاضر الفلسطيني .
****
(1) كنيس الخراب . ويكيبيديا الموسوعة الحرة .
(2) المصدر نفسه .الذي يجمع جميع الآلهة في شخصه ،وأنه الإله الكلي المطلق .( م. ش )
مقال مطول بعنوان : مملكة داود وسليمان أوهام لا نهاية لها . وللكاتب كتاب يحمل العنوان نفسه صدر عن " الهيئة العامة لقصور الثقافة " عام 2014.
(7) الحياة . عدد 13916 تاريخ 22/4/2001
(8) من لقاء منقول عن صحيفة القدس نشر على صفحة القدس في الفيس بوك في ( 1 تموز 2013)
(9) راجع سفر أيوب في التوراة ( العهد القديم ) أو يحثنا على النت بعنوان ( أيوب التوراتي وفاوست جوته . بحث مقارن )
(10) يمكن العودة لكتب الربيعي وهي كثيرة ومنها (القدس ليست اورشليم ) و(فلسطين المتخيلة : أرض التوراة في اليمن القديم ) وغيرها : وقد اقتطعت هذه الفقرة من مقال عن الكتاب الثاني في الجزيرة نت تاريخ 2/1/2009:
"بينما يُزعم أن الهيكل بني في فلسطين فإن الحقيقة التي لا مناص من التمعن فيها اليوم هي أن القبائل اليهودية اليمنية العائدة من الأسر البابلي هي التي أعادت بناء الهيكل في السراة اليمنية وليس في فلسطين"
11) ) إلياس خوري . صفحته على الفيس . 27/7/2015.
*****
القدس تاريخيا بين منطق العقل ومنطق الجهل والخرافة !*
محمود شاهين
(1) الأسماء التاريخية للمدينة .
القدس: اورسالم ( مدينة السلام) يبوس .إيلياء . بيت إيل . بيت المقدس . القدس الشريف . (1) مدينة السماء ، مدينة الآلهة والأنبياء !! . المدينة التي سحرت البشرية فحرص معظم أبنائها من مسيحيين ومسلمين ويهود على إقامة موطئ قدم لهم فيها . فازدحمت أحياؤها بالمساجد والمعابد والكنس والكنائس والأديرة وغيرها . هذه الأسماء السبعة لمدينة القدس هي المؤكدة أو شبه المؤكدة تاريخيا وهي ليست الأسماء كلها التي أطلقت على المدينة والتي قاربت الخمسين اسما معظمها ملفق. فموقع " يوكيبيديا الموسوعة الحرة " يذكر عشرة أسماء من بينها :مورياه . اورشليم . صهيون . أريئيل. مدينة داود. البلاط .(2) وهذه أسماء مأخوذ معظمها من التوراة التي أجمع الباحثون العلمانيون المعاصرون أن لا علاقة لوقائعها بالتاريخ الحقيقي ، فهي وقائع متخيلة .
ونعرف من العهدة العمرية أن اسم المدينة عند الفتح الإسلامي عام (638) م. كان ( إيلياء ) فقد ورد في مقدمة النص " هذا ما أعطى عبد الله عمرأمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم ..." (*)
من الواضح أن سكان المدينة كانوا مسيحيين وليسوا يهودا .. وفي النص نفسه نرى أن ابن الخطاب منع على اليهود السكن في المدينة !
وحسب الباحث فاضل الربيعي أن اسم القدس لم يذكر في التاريخ إلا ما بعد سبعين هجرية وبعد أن قام عبد الملك بن مروان ببناء قبة الصخرة . أما اسم اورشليم فلا وجود له على الإطلاق في التاريخ القديم (**).وحسب الموسوعة الحرة فإن اسم" بيت المقدس" شاع في القرون الوسطى وهو مقتبس من مفردة سريانية ويعني الكنيس. وربما يعود هذا الإسم إلى مملكة بيت المقدس التي أقامها الصليبيون بين أعوام (1099) و ( 1291) أي أنها دامت قرابة مائتي عام .
المؤرخ الفلسطيني عارف العارف ( حسب موقع فلسطين للحوار ) يطلق على المدينة ثلاثة عشر اسما ليس بينها أي اسم من الأسماء السابقة وهي : المسجد الأقصى . أشلم . أشليم . شلم .مصروت. بابوش . كورتيلا. يشليم .صلون. بياإيل. قصرون. كور شلاه. أزيل .(3)
هل يعقل أن مؤرخا بحجم عارف العارف لم يعرف الأسماء التي اشتهرت بها القدس ؟ على الأغلب ألحقت هذه الأسماء غير المعروفة بالأسماء التي هناك شبه إجماع عليها .
وفي البحث نفسه يذكر معد البحث خمسة عشر إسما آخر من أسماء كثيرة أطلقت على المدينة وهي : إيفن . مدينة الأنهار. مدينة الوديان . يهوستك. نور مستك. نور السلام. نور الغسق. يارة . كيلة . أريانة . جبستي . أوفل. ميلو. أكرى. أنتوخيا .(4)
يبدو أن المعد لم يقرأ شيئا عن القدس في حياته فيورد من ضمن ما ذكره أن القدس مدينة أنهار ؟! كل من عرف القدس أو قرأ عنها يعرف أن لا أنهار فيها . ولم يعرف تاريخها أنهارا قديمة جفت فيما بعد . اضطررت إلى البحث عن أسماء مدينة القدس حسب عارف العارف فوجدت نصا منسوبا إلى "قاسم الشواف " في شبكة ومنتديات قدماء ، يشار في نهايته إلى ما أخذ عن عارف العارف من أسماء أخرى للقدس ، وهي الأسماء التي أوردها المعد . أما ما ورد في نص الشواف فهو مأخوذ في جزء منه من التوراة معتبرا أن اسم إيلياء جاء من اسم باني المدينة الأول " إيلياء بن ارم بن سام بن نوح " (5) الذي لا يوجد اثبات لوجود تاريخي له سوى النص التوراتي . فإسم الإله إيل – المعتبر كنعانيا بالخطأ ، حسب الباحث فاضل الربيعي – يرد بوضوح في الإسم ( إيل – ياء ) التي قد تعني ( يا ألله ) أو(بيت الله ) حسب بعض المصادر. أو ( هو الله ) إذا اعتبرنا (يا ) ضميرا غائبا حسب بعض اللغات القديمة . ويلاحظ بين الأسماء ورود اسم ( بيا إيل ) وهو قريب جدا من التفسير الذي أوردناه بزيادة حرف الباء . أما النسب الكنعاني أو(الكنعانيون ) ولماذا يعتبره الربيعي خطأ فسنأتي عليه فيما بعد . ومن الجدير بالذكر أن الإله إيل كان معبودا في اليمن أيضا حسب بعض المصادر.
وورد (اسم القدس ) في النص الذي عرف بنقش تل العمارنة بالقول :
" ومن أقدم النقوش أيضًا التي ورد فيها ذكر القدس موجودة في مجموعة اللوحات المسمارية المكتوبة باللغة الأكادية والكنعانية . وهذه النقوش عرفت باسم لوحات ، أو رسائل «تل العمارنة» The Amarna letters وقد عرفت بهذا الاسم بسبب اكتشاف فلاحة مصرية لها بالصدفة عام 1887 في موقع تل العمارنة . وقد ترجمها ألبرايت وميندهول. وهذه الوثائق (الخطابات) عددها 377 ، منها 300 كتبها كنعانيون. وهي ترجع إلى عهد فرعون مصر أمنحوتب الثالث Amenhotep111 (1411-1375ق.م) ، وابنه اخناتون Akh-en-Aton (1375-1350ق.م) .
وقد ورد اسم القدس صريحًا باسمها الكنعاني (أورشليم) في هذه النقوش ، وذلك عندما استنجد حاكمها عبدو حيبا Abdu–Heba ، وكان معينًا من قبل فرعون مصر (أمينحوتب الثالث) لصد غارات (العابيرو) ، الذين يعرفهم د. سيد فرج راشد بأنهم من بدو الجزيرة العربية الذين هاجروا إلى فلسطين ولا يمتون بصلة للعبرانيين."
( قد تكون العبيرو قلبا ( تغيير أحرف ) لكلمة عرب أو مشتقة من كلمتي ( العرب البدو ) فأصبحت عبيرو )
"والرسالة التي تطرقت إلى القدس وذكرتها باسمها الكنعاني الصريح ، هي الرسالة التي تحمل الرقم (287) .
ومما جاء في الرسالة:»سيدي الملك أقول أنا خادمه (عبدو حيبا) مكررًا ما سبق وأن قلته مرارًا وتكرارًا ، ليعلم مولاي هذا الأمر أن ميلكيلي وتاجو (؟) سيبوا (قواتهم) لتدخل (مدينة روبوتو(؟) (انتبه ) العمل الذي فعله ميلكيلو(؟) ... لاحظ أرض جازر ، وأرض عسقلان ولاشيش فقد أعطوهم القمح ، والزيت وكل احتياجاتهم ، ولينتبه الملك (لهذا) للرماة ! وليرسل رماة السهام ضد الرجال الذين يتآمرون ضد الملك ، ولذا فيجب أن يأخذ مولاي حذره ، وينتبه لهذه الأرض التي هي على وشك الضياع .. وياليت الملك سيدي يرسل الرماة (أي رماة الأسهم) لوضع حد لأولئك الذين يتآمرون عليه . وإذا لم يرسل سيدي الرماة، فإن هذه الأرض سوف تضيع منه .. انظر ياسيدي إلى أورشليم .. إن أيًا من والدي لم يعطني إياها .. ولكنها يد الملك المعطاء هي التي منحتني هذه المدينة..».
James B. Pritchard : The Ancient Near East , Volume 1, P. 270-271 وتجدر الإشارة إلى أن اسم (أورشليم) ليس عبريا ولا مشتقا من اسم عبري. فأصل التسمية كنعانية (أور سالم) والتي تعني الموقع المقدس (معبد الإله سالم) أي أن سالم إله كنعاني يبوسي قديم.
وأورشليم الكلمة الكنعانية التي وردت في رسائل تل العمارنة والتي تعني مدينة السلام ، هي نفسها (يبوس) التي ورد اسمها في الكتابات المصرية الهيروغليفية باسم «يابثي» و»يبتي» ، وهو تحريف للاسم الكنعاني . وقد جاء في سفر القضاة (1:19) :»فلم يرد الرجل أن يبيت ، بل قام وذهب وجاء إلى مقابل يبوس . هي أورشليم «. وأطلق هذا الاسم (أورسالم / أورشليم) على المدينة المقدسة قبل ظهور بني إسرائيل بعدة قرون وحرفه اليهود إلى «يرو شالايم» Yerushalayim ومنها اشتق الاسم «جيروزاليم» Jerusalem ، ونسبوا هذه التسمية إليهم" (6)
(يرى فاضل الربيعي في مؤلفه ( القدس ليست اورشليم ) وغيره من مؤلفاته أن اورشليم المذكورة هي مدينة يمنية تقع بالقرب من جبل قدس في اليمن . وما تزال منطقة تحمل اسم قدس في اليمن قائمة وموجودة حتى الآن.)(7)
وبعد أن عرضت هذا البحث على الربيعي رغب في إضافة الفقرة التالية :
" تصف التوارة العبرية مكانين مختلفين جغرافيا . تصف جبلا يدعى قدس وتصف مدينة تدعى أورشليم ولا يوجد في النص العبري أي إشارة أو تلميح أنهما مكان واحد أي أن التوراة لا تقول قط أن القدس هي أورشليم أي أننا نتحدث عن مكانين مختلفين في الوصف الجغرافي أحدهما جبل والآخر مدينة" ( 7 مكرر )
" وسميت القدس زمن تعرضها للحكم الفارسي باسم بابوش . ثم أطلق عليها الإغريق اسم هيروسوليما Hierosolyma ، وقد ورد اسمها لدى المؤرخ والرحالة اليوناني الشهير هيرودوت (484 ـ 425 ق.م) هكذا : (قديتس)
ثم جاء أدريانوس في الحقبة الرومانية ليغير اسمها بعد أن دمرها وأعاد بناءها إلى إيليا (إيليا كابيتولينا) . لكن هذا الاسم لم يدم – هو الآخر- كثيرًا ، فلم يستمر لأكثر من 89 سنة (من سنة 135-224م"(8)
موقع ( همسات فلسطينية ) يعرض (26) اسما للمدينه من بينها أسماء لم تذكر في المصادر السابقة ،وهي : راشاليم . يور سلمايا . شهرشلايم. يبوس جلعاد.. إيليا كونستنبل .(9)
موقع وزارة الثقافة الفلسطينية يورد 25 اسما جميعها موجودة في ما ذكرناه دون اسم اورشليم الذي يرد ( راشاليم ) بدلا منه و(يور شالم ) بدلا من أور سالم .
ويرى الموقع أن " الأسماء المذكورة وردت في وثائق وسجلات وجدت في أنحاء كثيرة من العالم وهو ما يدل على اختلاط القدس بالحضارات المختلفة عبر العصور . وهذه الأسماء إما أن تكون كنعانية أو فارسية أو يونانية أو رومانية أو بيزنطية أو إسلامية " (10)
سأكتفي بهذا القدر من الأسماء التي وردت حول المدينة . ومعظمها مأخوذ من التوراة ، وخاصة ما هو منها قبل التاريخ أو حتى الفتح الإسلامي وبضعة عقود بعده . وبعض الأسماء هي أسماء لجبال محيطة بالقدس أو فيها حسب التوراة . وقد اتفق معظم الباحثين العلمانيين المعاصرين، المؤرخين منهم والأركيولوجيين أن وقائع التوراة وقائع متخيلة وأن مدنها وقراها مدن وقرى متخيلة . وحسب الباحث فاضل الربيعي في مؤلفاته المتعددة فإن وقائع وأحداث التوراة جرت في اليمن . وأن اليهودية كديانة نشأت في اليمن وأن المدن والقرى المذكورة في التوراة موجود معظمها في اليمن . وأن الجغرافيا المذكورة في التوراة لا تتطابق مع جغرافية فلسطين . وأن ثمة أحداثا تاريخية ثبت حدوثها في اليمن . وأن شخصيات التوراة شخصيات متخيلة لم توجد لا في اليمن ولا في فلسطين . وقد أوردت في كتابي " أيوب التوراتي وفاوست غوته المنشور على النت " أن الشيطان في سفر أيوب التوراتي سخر السبئيين ( نسبة إلى سبأ اليمنية ) لنهب قطعان أيوب :
"أول ما فعله الشيطان هو أنه قام بتسخير ( السبئيين ) فنهبوا الأبقار والحمير وقتلوا الغلمان :

13 وكان ذات يوم وأبناؤه وبناته يأكلون ويشربون خمرا في بيت أخيهم الأكبر
14 أن رسولا جاء إلى أيوب وقال: البقر كانت تحرث، والأتن ترعى بجانبها
15 فسقط عليها السبئيون وأخذوها، وضربوا الغلمان بحد السيف، ونجوت أنا وحدي لأخبرك ."
( الكتاب المقدس : سفر أيوب 20/1)
وبالتأكيد لا يمكن للسبئيين أن يأتوا من أقصى جنوب الجزيرة العربية إلى أقصى الشمال في فلسطين لينهبوا قطعان أيوب ويقتلوا غلمانه ! وثمة قصة موثقة أيضا ذكرها الربيعي لي في آخر لقاء جمعنا ،سأتطرق لها في القسم الثاني من هذا البحث .
وقد يتساءل المرء هل يعقل أن تكون الأسماء نفسها في مكانين جغرافيين مختلفين . شخصيا أقول أنه يمكن أن تكون أسماء بعض القرى وحتى المدن موجودة في أكثرمن مكانين . مثلا نجد طرابلس في ليبيا وطرابلس في لبنان . أما عن قرى بأسماء متشابهة فحدث ولا حرج ،فثمة عشرات القرى تحمل الأسماء نفسها في سوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق واليمن والسعودية وحتى في مصر .
كانت الأسماء تنتقل عبر الهجرات المختلفة عبر العصور ولأقوام متعددة . فالهجرات إلى بلاد الشام من شبه جزيرة العرب دامت لعصور ربما كان آخرها من اليمن بعد الإنهيار الأخير لسد مأرب حوالي 500 م . ويمكن أن تكون قد تمت أكبر هجرة يهودية إلى بلاد الشام وفلسطين في ذلك الوقت . ف ( بنواسرائيل ) حسب الربيعي قبيلة يمنية وليس بالضرورة أن يكونوا جميعا يهودا . فثمة يهود يمنيون ليسوا من بني اسرائيل . كما هي الحال اليوم ،فمعظم يهود اسرائيل لا علاقة لهم على الإطلاق باليهود العرب القدامى.
وثمة شعوب البحرالمتوسط التي تمت هجرات منها في عصور مختلفة. هؤلاء الأقوام كانوا يطلقون أسماء مدنهم وقراهم على المناطق التي هاجروا إليها . كالكريتيين البلستيين التي تذكر معظم المصادر أن مفردة فلسطين وفلسطينيين جاءت من اسمهم .
وإذا ما عرفنا أن كتابة التوراة قد بدأت في حدود أواخر القرن السادس وأوائل القرن الخامس
ق. م. أي بعد السبي البابلي ، واستمرت كتابتها لقرون طويلة فإن تخيل وإضافة الكثير من الوقائع والأحداث والشخصيات قد تم حسب ما تخيله الكتبة .
يرى الربيعي أن اللغة العبرية هي لهجة عربية يمنية وأن اليهود حتى اليوم يطلقون عليها (العبرية الصنعانية ) نسبة إلى صنعاء . دون أن يدركوا ذلك أو أنهم لا يريدون أن يدركوا! ربما يدركه المختصون بالتاريخ ! وبالتالي فإن السبي البابلي قد تم في اليمن وليس في فلسطين وأن العودة بعد السبي كانت إلى اليمن وإلى قدس أو اورشليم اليمنية ، وليس القدس الفلسطينية ، كما يؤكد الربيعي . ( من حوارات أجريتها مع الربيعي ).
( 2) نشوء مدينة القدس تاريخيا .
يجمع معظم الباحثين على أن مدينة يبوس التي بناها اليبوسيون هي الظهور الأول في التاريخ لمدينة القدس غير أن تحديد التاريخ الذي أقيمت فيه المدينة هو المختلف عليه
بين خمسة ألاف وثلاثة آلاف قبل الميلاد . وهناك من يرجع تاريخ المدينة إلى عشرة آلاف
قبل الميلاد وهو في الواقع رقم عاطفي يرد في الكثيرمن المقالات لمسؤولين ولكتاب غير مختصين . المعقول والممكن أن المدينة حسب ذلك التاريخ الموغل في القدم لم تكن أكثر من قرية صغيرة لبيوتات من الطين أو المغاور والكهوف ،ولم تكن مدينة على الإطلاق .فالباحث
الأمريكي توماس طومبسون يرى أن القدس كمدينة مزدهرة لم توجد قبل أواسط القرن السابع قبل الميلاد "إن حجم أورشليم لا يدل على صفة المدينة الكبرى حتى النصف الثاني من القرن السابع ومن الواضح أن أورشليم خرافات داوود وسليمان لا تلقى دعماً تاريخيا .وإن إسرائيل تاريخية مثل التي يتوخاها علماء الكتاب هي في الواقع إسرائيل أدبية على نحو كامل، ووهمية تاريخياً، إن إسرائيل التوراة هي بناء أدبي وليست شعباً تاريخياً" (11)
"كما يقول زائيف هيرتزوغ: (تصبح الصورة أكثر تعقيداً على ضوء الحفريات في أورشليم والمفترض أنها عاصمة المملكة الموحدة حيث لم يوجد أية بقايا لابنيه، فقط القليل من قطع الفخار من مراحل سابقة أو لاحقة ولقد أصبح واضحاً أن القدس في المرحلة المفترضة لداوود وسلميان لم تكن في أحسن الحالات أكثر من بلدة صغيرة لا يمكن أن تكون عاصمة لإمبراطورية... وبذلك فإن مملكة داوود وسليمان (العظيمة )الموحدة هي عبارة عن مغالطة تاريخية متخيلة).(12)
كما يقول كيث ويتلام (وتحتاج الفترة التي سميت المملكة الموحدة إلى إعادة تقييم جذرية، أما سراب الإمبراطورية الداوودية وإرجاع الكيانية الإسرائيلية إلى العصر الحديدي فقد خرب تاريخ المنطقة تخريباً تاماً). (13)
كما يقول توماس طومبسون أيضا: (ولا يتوافر دليل على وجود ملوك يدعون شاول أو داوود أو سليمان ولا نملك دليلاً على وجود هيكل في أورشليم في هذه الفترة (
(لا يمكن للمرء أن يتكلم تاريخياً على دولة بلا سكان ولا يمكن أن يتكلم عن عاصمة من دون بلدة) (14)
أما إسرائيل فنكلشتاين ونيل سيلبرمان فيقولان: (كانت الملحمة المجيدة للحكم الملكي المتحد مثلها مثل قصص الآباء وقصص الخروج الجماعي من مصر وقصص غزو كنعان تأليفاً رائعاً ونُسج حكايات وأساطير بطولية قديمة أدمجت مع نبوءات متماسكة ومقنعة لشعب إسرائيل في القرن السابع ق.م(. (15)
(ولعل من المناسب أن نشير إلى أن مسحاً كاملاً قد تم في منطقة المرتفعات أي ما هو الضفة الغربية تقريباً والتي تشكل ما أصبح مملكتي إسرائيل (السامرة ويهوذا) وما كانتا عليه في القرن العاشر ق.م أي في العصر الذهبي لإمبراطورية داوود وسليمان ولقد كانت النتيجة مفجعة لذوي الخيالات التوراتية. يقول فنكلشتاين وسلبرمان: (التقديرات السكانية للمراحل التالية لفترة التوطين الإسرائيلي تنطبق أيضاً على القرن العاشر ق.م إنها تعطي فكرة عن حجم الإمكانيات التاريخية. من بين ما مجموعه 45000 نسمة تقريباً يعيشون في مناطق المرتفعات كان حوالي 90% منهم يسكنون القرى الشمالية (السامرة) مما يبقي حوالي 5000 شخص فقط متناثرين بين أروشليم وحبرون (الخليل) وحوالي عشرين قرية صغيرة في يهوذا( (16)
ملفات بعض المؤسسات الفلسطينية الرسمية ترى وجود عصر يهودي وتقر بوجود داود وسليمان ، متفقة بذلك مع ما جاءت به التوراة :
العصر اليهودي (977 – 586 ق.م:)
دام حكم اليهود للقدس 73 عاماً طوال تاريخها الذي امتد لأكثر من خمسة آلاف سنة. فقد استطاع داود االسيطرة على المدينة في عام 977 أو 1000 ق.م وسماها مدينة داود وشيد بها قصراً وعدة حصون ودام حكمه 40 عاماً. ثم خلفه من بعده ولده سليمان الذي حكمها 33 عاماً.) (17)
أمر جيد أن المؤرشف لم يتطرق لبناء هيكل سليمان كما تطرق لقصر وحصون داود !!
لا شك في أن القدس مدينة قديمة وقد تكون من أقدم عشرين مدينة في العالم من بينها جبيل ودمشق . وليس في الإمكان تحديد دقيق جدا لإنشائها كمدينة مزدهرة قبل التاريخ.
سأكتفي بهذا القدر من التأريخ المقبول والملفق أيضا وأنتقل إلى اجتهادات مختلفة . الإجتهادات التي ترى أن القدس (اورشليم ) هي في اليمن وليست في فلسطين . كما سأتطرق
إلى الأمة أو الشعوب الكنعانية وهل هم حقيقة أم تلفيق.
في آخر لقاء لي مع الصديق فاضل الربيعي حدثني القصة اللاحقة ليثبت لي أن اليهودية نشأت في اليمن وأن بعض أحداث التوراة – ذات المنشأ الواقعي - تجري في اليمن . وقد سبق له أن أشار في حوارات سابقة إلى أن التوراة العبرية لا تحوي لا سيناء ولا تيه ولا حتى فراعنة . فالمدونات المصرية تتحدث عن أسر مالكة حاكمة (الأسرة كذا والأسرة كذا) وليس هناك إشارة إلى فراعنة أو فرعون ما .
القصة حسب الربيعي ومراجعه :
" جاء في أدب المفاخرات الشعرية في العصر العباسي أن شجارا نشب بين زعيل الخزاعي والكميت الأسدي وهومن بني اسرائيل القحطانيين . رد عليه الخزاعي شعرا ورد فيه ( فإن كان بنو اسرائيل منكم / وكنتم بالأعاجم فاخرين ) وهذه إشارة إلى أن اليمنيين كانوا يفخرون بالأعاجم. فلماذا ؟ حين هاجم الرومان سواحل عدن وأزاحوا حكم سيف بن ذي يزن (معد كرب ) استنجد بالفرس .ذهب إلى أبناء عمه المناذرة في الحيرة . وهم قدموه إلى الفرس سنة ( 579) م. أي بعد ولادة النبي محمد بتسع سنين . وكان الملك الفارسي أنو شروان في آخر أيامه .فأرسل ثماني سفن محملة بسجناء جنائيين كانوا مسجونين في خانقين العراقية ، بعد أن سلحهم وولى عليهم قائدا عسكريا اسمه (وهرز) حسب المسعودي . قام هؤلاء بتحرير اليمن من الرومان والأحباش الذين كانوا خاضعين للكنيسة الكاثوليكية .من هنا بدأ اليمنيون يمتنون ويفتخرون بفارس لأنها حررتهم، خاصة وأن الفرس لم يتركوا أي قوات في اليمن بعد تحريرها، لكنهم شجعوا الفرس على الزواج من يمنيات ، فنشأ جيل أسموه (الأبناء) .لذلك ترسخ الشعور بالإفتخاربالفرس حسب قول الخزاعي ( وكنتم بالأعاجم فاخرين )
فبنو اسرائيل ( ما يزال الكلام للربيعي ) كانوا قبيلة يمنية . ويقال في التاريخ اليمني عن الشاعر الأعشى وهو هنا أعشى همدان المسيحي ،أنه أراد أن ينبه مسيحيي نجران من خطر داهم ،وهو صعود ذي نواس الحميري الملك اليمني اليهودي إلى نجران ليعيد سكانها إلى دينهم اليهودي بعد أن تخلوا عنه واتبعوا الكاثوليكية ، وكانت بعض القبائل اليمنية قد تخلت عن اليهودية واتبعت المسيحية الكاثوليكية .
يخاطب أعشى همذان القس الحارث وابنيه يزيد وعبد المسيح بقصيدة جاء فيها :
" أيا سيدي نجران لا أوصينكما ...... بنجران فيما نابها واعتراكما
فإن تفعلا خيرا وترتديا به..... ...... ..... فإنكما أهل لذاك كلاكما
وإن أجلبت صهيون يوما عليكما ...فإن رحى الحرب الدكوك رحاكما( ***)

" وكلمة صهيون هنا تعني أن ذا نواس سيصعد جبل صهيون ويتجه نحو نجران .. ومن غير المنطقي تخيل جبل صهيون في القدس الفلسطينية "
انتهى كلام الربيعي (18)
* الكنعانيون !!
من يكون هؤلاء الكنعانيون الذين أرجع كل شيء لهم ؟
حين عدت إإلى الأبحاث حتى التي لا تعترف بالتوراة ككتاب تاريخي يمكن اعتماده وجدتها تعتمد الكنعانيين كمرجع لشعوب سادت في بلاد الشام كلها حقبة طويلة من التاريخ ،وحتى اليبوسيين الذين يفترض أنهم وجدو قبل اليهود يعيدهم الباحثون إلى الكنعانيين . رغم أن التاريخ التوراتي حسب يوسف زيدان لا يتعدى أل ( 5780 سنة بدءا من خلق آدم وحتى عام
2020م. الذي لم يأت بعد ) (19)
وإذا ما اعتبرنا أن البشرية ما بعد آدم وحتى طوفان نوح قد انقرضت كلها في الطوفان ما عدا نوح وأولاده سام وحام ويافث وزوجاتهم ولم يكن هناك ذكر لكنعان (الكافر) حسب الموسوعة الحرة !ولنفترض أن الطوفان حدث حوالي 3000 ق.م. حسب بعض الباحثين العلمانيين فإن عمر البشرية لا يتعدى خمسة آلاف عام ! (20) فمن في مقدوره أن يصدق هذا الكلام ويعتبره تاريخا؟! ( كان المصريون حسب زمن الطوفان التوراتي قد شرعوا في بناء الأهرامات )!!
وحين بحثت عن نسب هؤلاء الكنعانيين وجدت أنهم ينسبون إلى كنعان بن نوح كإبن رابع لنوح وكان كافرا :
"كنعان بن نوح هو ابن نوح يقال له أيضا يام هو الابن الكافر من أبناء نوح الاربعه هم : سام والذي ينحدر منه الساميون وحام ويافث وكنعان"(21)
"نسبه : كنعان بن نوح بن لامَك بن مَتُّوشَلَخَ بن خنوخ وهو إدريس بن يرد بن مهلاييل أو مهلائيل بن قينان أو قينن بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشر"(22)
وهناك مراجع تعيد كنعان إلى حام بن نوح أو سام بن نوح . أي أنه غير متفق على نسبه
حسب موقع منتديات الجلفة لكل الجزائريين والعرب !(23) فكيف ينسب الكنعانيون إليه ؟ والأمر نفسه ينطبق على الساميين نسبه إلى سام والحاميين واليافثيين نسبة إلى حام ويافث الذين جاءت البشرية من نسلهم . وتصوروا ما يلحق ذلك من تبعات معرفية تاريخية . كالشعوب السامية واللغات السامية وغير ذلك لنجد أنفسنا أمام تاريخ ملفق للبشرية كلها !
أما حسب فاضل الربيعي فالكنعانيون تلفيق استشراقي كما هي الحال مع الأشوريين ومعظم الشعوب الواردة في التوراة لتبرير احتلال اليهود لفلسطين . فالأشوريون هم السوريون.. ومفردة كنعانيين تعود إلى الجذر ( كنع ) بمعنى خنع أي أسلم .. والمقصود اتبع دينا معينا . (24)وحسب هذا التفسير يكون الكنعانيون طائفة تتبع دينا كنعانيا وليسوا عرقا كما هي اليهودية والإسلام والمسيحية والصابئية والمانوية وغيرها التي يعود نشوؤها إلى منطقة الجزيرة العربية وبلاد الشام .
******** ********* **********
المراجع:
(1) موقع أخبار القدس عن دراسة لمحمد شراب أعدتها أسماء ظاهر.
(2) أسماء القدس . ويكيبيديا الموسوعة الحرة .
(*) العهدة العمرية ويكببيديا نفسه .
(**) فاضل الربيعي في حوار خاص معه.
( ***) ياقوت الحموي . معجم البلدان . مادة صهيون.
(3) شبكة فلسطين للحوار .أسماء القدس عبر التاريخ . معد أطلق على نفسه : نمر الظلام . وكأن هذا المعد يدرك أن المعلومات قد لا تكون دقيقة فأطلق اسما وهميا على نفسه حسب ما يشير الإسم .
(4) المصدر السابق نفسه .
(5) أبو الهدى ! أسماء القدس . شبكة ومنتديات قدماء.
(6) المصدر السابق نفسه. وقد أرفقت النص كاملا مع مراجعه كما ورد .
(7) فاضل الربيعي "القدس ليست اورشليم " وكتب ومحاضرات له وكتابات عنه وحوارات معه.
(7مكرر) فقرة أضافها الربيعي نفسه .
(8) أبو الهدى. شبكة ومنتديات قدماء . مصدر مذكور.
(9) موقع همسات فلسطينية . أسماء القدس كما وردت في السجلات والوثائق التاريخية عبر العصور.
(10) وزارة الثقافة الفلسطينية . الأرشيف الوطني الفلسطيني . أسماء القدس كما وردت في السجلات والوثائق التاريخية عبر العصور.
(11) لطفي السومي (تلفيق التاريخ “الإسرائيلي” في مواجهة علم الآثار والدراسات التوراتية الحديثة) مؤسسة القدس للثقافة والتراث.
( 12) + (13) +(14) +(15)+(16) المصدر نفسه أعلاه .
(17) الأرشيف الوطني الفلسطيني .موقع تابع لوزارة الثقافة الفلسطينية .( معلومات كاملة عن القدس )
(18 ) فاضل الربيعي في سهرة خاصة معه في 9/11/2015
(19) يوسف زيدان . مقدمة تاريخية لروايته ( ظل الأفعى ) في موقعه على النت .
(20) راجع كتب ومؤلفات محمود شاهين في موقعه في مؤسسة الحوارالمتمدن " قصة الخلق التوراتية . طوفان نوح . دخول اليهود إلى مصر وخروجهم منها . قراءة نقد وتعيلق "
http://www.ahewar.org/m.asp?i=7683
(21) +(22) الموسوعة الحرة .
(23) منتديات الجلفة ... نسب كنعان !
(24) فاضل الربيعي في سهرات معه.
* مجلة مشارف مقدسية ع4 كانون الثاني 2016
*******
الفلسطيني ..
للشاعرة الإسبانية بيبا أوبيدا
( القصيدة المرفقة للشاعرة الإسبانية بيبا أوبيدا ،التي زارتني في دمشق
قبل خروجي منها ، وعلى أثر هذا اللقاء كتبت قصيدتها . هناك ثلاث ترجمات إلى العربية لأصدقاء ، وترجمة أخرى إلى الإنكليزية ، وكم شعرت أن الترجمة حرفية ، ولم تستطع بلوغ روح النص ، مما أفقد القصيدة الكثير من دلالاتها ، لذلك قمت بصوغ الترجمة من جديد على ضوء الترجمات الثلاث ، مستلهما روح النص ، وآمل أن أكون قد وفقت )
محمود شاهين
أتتذكر محمود ؟
في سوق دمشقي عتيق
ولجت مرسمك فجأة
كعادتي : أقتحم الحياة بضربات أمل
مسافر في الأحلام
وبنظرات صمت صحراوي
اخترقت عيناك روحي
كنت تلون أنهار بلادك
بأغان محطمة
تود أن تلقيها فوق ذاكرة
غير مخلصة للعالم
ذاكرة من يقومون بنفي بعضهم بعضا
هل ما زلت تتذكر يا محمود ؟
******
بسن قلم
أوصلوك إلى ظلمة الحزن :
الأيادي الخجولة لأم تحتفي بالخبز
الأذرع القوية للأب في قلب الصلوات
وسيقان أخوة يتطارحون الغرام
في موجات بنفسجية
ورقصة الياسمين البهية
في أقدام الأخوات
والرعد الأول للربيع
والظلال الأولى لصيف منتصف اليوم
والقنابل الأولى
والخوف الأول
وقطار المنفى الأول
والتواءات الطرق إلى المدرسة
في الوراء وإلى الأبد
وشجرة الساحة أمام البيت
وأوراق الشاي تتسلق عتبة الدار
وقدماك الصغيرتان وهما تهربان من صغرهما
والجن الطيبون في المساء
وهم ينسجون حولك خيوط الحكايات
نساجون لا يعرفون التعب
حسنا ، أنت تعرف ألف ليلة وليلة
هل ما زلت تتذكر يا محمود ؟!
********
وفي النهاية شعرت أنني إلى جانبك
وإنني كنت أسألك
وإنني كنت أود أن أعرف
وأنك كنت تجيبني ببراءة
ولكن ،بنقرات من يدك فوق ورقة
وضربات من عينين غير مسكونتين !
أتتذكر محمود ؟!
عندما كنت تتعب من الكلمات
تهمس شفتاك
لتسافرا بعيدا عن الحزن
وعن زمن الكوليرا
دائما تبددان الخوف
لقوافل منفية على طرق الجنون !
*************
ولاحقا يا محمود
راحت أصابعي تعتصر بانفعال
إنهاك جسدك !
وأنك بين ردفي
كنت تتخلص من كل حطامك
أتتذكر يا محمود ؟
وأنه أيضا في المساء
كنت أشم في جلدك
عبق جلود كل المنفيين
وفي فوضى دموعك :
ملح جسدك المنهزم
كنت أتذوق ملح أجساد المشردين
وأنك خلال نومك
كنت تنبض بذكريات بلادك الملونة
أتتذكر يا محمود ؟!
أترك لك كلمات صديقة
مرسومة في الخريطة
كلمات لغريبة مثلك
مغتربة عن بلدك
ومغترب أنت عن بلدي
خذها إلى أراضيك
خذها إلى بلدك
إلى نسماتك الزرق
إلى صخورك السود
إلى سوسنك
إلى صحرائك التي دائما ما ترافقك
الصحراء التي يتشارك فيها كل المنفيين
الصحراء القاحلة
الذاكرة الخائنة للعالم
التي سوف تقرعها
بضربات من الرمل !!
*****
بيبا اوبيدا


النص الإسباني

EL PALESTINO…M.Shahin .
1
¿Recuerdas, Mahmoud?
¿Cómo asalté tu taller en el souq de Damasco?
Como siempre asalto la vida:
a golpes de un deseo transeúnte de esperanzas.
¿Y cómo tus ojos me asaltaron el alma?
A golpes de un desierto transeúnte de silencios.
¿Lo recuerdas, Mahmoud?

¿Y que coloreabas la orografía de tu país rehecho a canciones rotas?
¿Y que querías verterlas sobre la memoria infiel del mundo?
¿Sobre la memoria de los que se exilian los unos de los otros?
¿Lo recuerdas ya?

II

Y con un punteo sordo te llegan desde la oscuridad del tiempo
las manos tímidas de la madre en la exaltación del pan
y los brazos firmes del padre en el corazón de las plegarias
y las piernas de los hermanos emparejándose a oleadas violeta
y los revoloteos de jazmín tierno en los pies de las hermanas.

Y también el primer relámpago de primavera
y las primeras sombras del verano a mediodía
y las primeras bombas
y el primer miedo
y también el primer tren del exilio.

Y las calles camino de la escuela,
atrás definitivamente.
Y el árbol de la plaza enfrente de casa
y las rosas de te enredándose por el dintel de la puerta
y tus piernecillas camino arriba de la valla huyendo de la chiquillería
y los genios benévolos de la noche bordando sobre ti con hilos de cuentos,
tejedores infatigables, bien que lo sabes, de Las mil y una noches.

¿Lo vas recordando ya todo, Mahmoud?

III

¿Y recuerdas que me senté (finalmente) a tu lado?
¿Y que te preguntaba?
¿Y que quería saber?
¿Y que me contestabas aun inocente
a golpes de mano sobre el papel,
a golpes de ojos deshabitados?

¿Recuerdas
cuando descansé de las palabras sobre la soledad de tus labios?
Siempre viajeros remotos de la cólera,
siempre fustigando el miedo,
siempre desterrando caravanas por rutas de locura.

¿Y que más tarde mis dedos licuaron en la noche el desasosiego de tu cuerpo?
¿Y que entre mis caderas tumbaste toda la pena?
¿Recuerdas, Mahmoud?

¿Y que también en la noche husmeé en tu piel la piel de todos los exiliados?
¿Y en el desorden de tus lágrimas las lágrimas de todos los exiliados?
¿Y en la espuma de tu rostro derrotado el rostro de todos los exiliados?
¿Y que mientras dormías pulsé a recuerdos tu orografía coloreada?
¿Lo recuerdas todo, Mahmoud?

IV

Te dejo palabras amigas dibujadas sobre el mapa.
Palabras de extranjera como tú,
forastera de tu pueblo,
forastero tú de mi pueblo.
Llévalas a los tuyos,
llévalas a tu país,
a sus brisas azules,
a sus piedras negras,
a sus lirios.

A su desierto, que siempre te acompaña,
al desierto que compartimos todos los exiliados los unos de los otros,
al desierto definitivo,
al que vaciará a golpes de arena la memoria infiel del mundo.

Pepa Ubeda




إما أنت أو لا أحد !!
القصيدة الكاملة المعدلة في مذهب وحدة الوجود حسب فهم محمود شاهين

إما أنت أو لا أحد !!

أحسست بدنو الأمد
وأنا الوحيد دون أحد
هتفت باسمه من عمق الجراح
مثل لي بجلال مقتصد
همست: هل لي ببوح يعتمد؟!
قال : قل ما لم يسمعه أحد !
وأكمل رسالتك
فلن تعيش إلى الأبد .
قلت : أشهد أن لا إله إلا أنت
إنك " الواحد الأحد "
وإنك " الله الصمد "
وإنك " لم تولد ولم تلد "
" ولم يكن لك كفوا أحد "
***************
قال: لقد قيل هذا من قبل !
أضفت : وأشهد أنك الطاقة
السارية في الخلق
فإما أنت أو لا أحد
وأشهد أنك الروح
وأشهد أنك المحبة والحب
وأشهد أنك الجمال
وأشهد أنك الإبداع
وأشهد أنك السمع
وأشهد أنك البصر والبصيرة
وأشهد انك النّفس
وأشهد أنك الشعور والإدراك والوعي
وأشهد أنك الضمير
وأشهد أنك الكَلِمُ
وأشهد أنك العقل
وأشهد أنك الخلق الساري في الخلق
وأشهد أنك الخالق والخلق
فإما أنت أو لا أحد !
*******
وأن الإنسانية حبيبتك
وإنها إليك تستند
وأنت عليها تعتمد !
عشق الأحبة متبادل
بنبض القلوب
وآهات الروح
ورعشة الجسد
لا يكتمل الحبيب إلا بالحبيب
فلا اكتمال بحب منفرد
سعي الخلائق إلى الكمال
بسعي الخالق يتحد
فإما كمال يعم الخليقة
وإما انتهاء إلى الأبد !
*******
قال: أحسنت إذ اجتهدت
فالإجتهاد حق معتمد
فأنا في الهي والنحن والهم كنت
والهي والنحن والهم والكل
في أناي تتحد
فلا معزل لفرد عن كل
ولا معزل لكل عن فرد
تنزهت باسمي ( الله )
ولا تنزيه غير ذلك يعتمد
******
أنا في الهيولى البدئية كنت
دون أن يكونني أحد
أوجدت نفسي بنفسي لنفسي
دون أن أدري ما الغاية
وما القصد ؟
وبقيت دهورا كامنا
لا أدري إن كنت أدري
ما اريد ، وما لم أرد
كجنين في رحم أم
غافل عما يستجد
إلى أن ضاق بي الكمون
وضقت به، فانفجرت
محطما جدران الهيولى
التي عنها انبثقت
لأنتشر في كون شاسع
حدوده لا تحد
ولينبثق معي الخلق
كائنا من رحم المهد
فكل كائن كان في
وفي كل كائن كنت
فانا الكينونة دون حد
وآفاقي لا تحد
فليس للحد مني حد
ولا حد حيث كنت
أنا " الله " أل بلا حد
لا غنى للخليقة عني
ولا غنى لي عن الخليقة
فنحن الواحد في الكل
والكل في الواحد يتحد !
محمود شاهين 11/ 3/ 2016
*********

القدس " مدينة السماء " في بعض النثر قديمه وحديثه !
محمود شاهين
* مدخل تاريخي
القدس . بيت المقدس . اورشليم . يبوس . إيلياء . اورسالم . مورياه. وأسماء أخرى كثيرة بلغات مختلفة تجاوزت العشرين اسما لمدينة الآلهة . مدينة عناة وعشتروت وإيل وبعل ..مدينة الأمم والطوائف. مدينة المعابد والكنائس والأديرة والمساجد . مدينة العشق والحب والآلام ، ظاهرها ايمان مطلق بآلهة ( أو إله ) بمفاهيم وأسماء متعددة ، وباطنها لا يخلو من غواية وضلال من أقدم العصور،لا لأكل تفاحة، بل للوقوع في الخطيئة الأكبر من أكل تفاحة حسب الشريعة . فمن على سطح بيته فيها ، المبني من خشب الأرز، رأى داود بثشبع الجميلة زوجة المحارب أوريا الحثي تستحم ، فأغوته،فاشتهاها وأرسل من يحضرها له ليواقعها، رغم مئات النساء والسراري لديه ، وليأمر بقتل زوجها ليضمها إلى نسائه لتحمل فيما بعد وتنجب سليمان الأسطورة : مروض الجن ومروع الأمم المولع بالنساء، الموله ببلقيس ملكة سبأ ، والمتمرد على عبادة يهوة! أثارداود غضب يهوة فأعلن " أن السيف لن يفارق بيته وأنه سينزل الشر به ويجعل نساءه تزني بأقاربهن أمام عينيه " فقام أبشالوم بن داود باغتصاب ملك أبيه والإستيلاء على نسائه وسراريه ، كما قام أمنون باغتصاب أخته ثامار شقيقة أبشالوم مما دفع أبشالوم لينتقم من أخيه أمنون بقتله، لتستعر الحرب بين داود وابنه أبشالوم ليقتل أبشالوم معلقا بين أغصان شجرة بطم " (1)
مدينة اختلف المؤرخون حول تاريخها بين من أعاده إلى أكثر من ألف عام ق. م. وآخر إلى سبعمائة عام ..هدمت وأعيد بناؤها ثماني عشرة مرة حسب ما تذكر بعض كتب التاريخ. وكانت تنهض من دمارها لتحيا من جديد وتبقى رغم أنف جميع الغزاة ، من أشوريين وكلدانيين وفرس ويونانيين ورومان وصليبيين وإنكليز وإسرائيليين .
*ندبها إرميا في مراثيه " مترنما " بعد الغزو الكلداني ، وكأنه يندب حالها اليوم ، قائلا:
1 كيف جلست وحدها المدينة الكثيرة الشعب كيف صارت كأرملة العظيمة في الأمم. السيدة في البلدان صارت تحت الجزية
2 تبكي في الليل بكاء، ودموعها على خديها. ليس لها معز من كل محبيها. كل أصحابها غدروا بها، صاروا لها أعداء
7 قد ذكرت أورشليم في أيام مذلتها وتطوحها كل مشتهياتها التي كانت في أيام القدم. عند سقوط شعبها بيد العدو وليس من يساعدها. رأتها الأعداء. ضحكوا على هلاكها
8 قد أخطأت أورشليم خطية، من أجل ذلك صارت رجسة. كل مكرميها يحتقرونها لأنهم رأوا عورتها، وهي أيضا تتنهد وترجع إلى الوراء
16 على هذه أنا باكية. عيني، عيني تسكب مياها لأنه قد ابتعد عني المعزي، راد نفسي. صار بني هالكين لأنه قد تجبر العدو
19 ناديت محبي. هم خدعوني. كهنتي وشيوخي في المدينة ماتوا، إذ طلبوا لذواتهم طعاما ليردوا أنفسهم (2)
15 يصفق عليك بالأيادي كل عابري الطريق . يصفرون وينغضون رؤوسهم على بنت أورشليم قائلين: أهذه هي المدينة التي يقولون إنها كمال الجمال، بهجة كل الأرض (3)
1كيف اكدر الذهب، تغير الإبريز الجيد انهالت حجارة القدس في رأس كل شارع
4 لصق لسان الراضع بحنكه من العطش . الأطفال يسألون خبزا وليس من يكسره لهم
5الذين كانوا يأكلون المآكل الفاخرة قد هلكوا في الشوارع . الذين كانوا يتربون على القرمز احتضنوا المزابل
6 وقد صار عقاب بنت شعبي أعظم من قصاص خطية سدوم التي انقلبت كأنه في لحظة، ولم تلق عليها أياد
7 كان نذرها أنقى من الثلج وأكثر بياضا من اللبن، وأجسامهم أشد حمرة من المرجان . جرزهم كالياقوت الأزرق
8 صارت صورتهم أشد ظلاما من السواد . لم يعرفوا في الشوارع . لصق جلدهم بعظمهم . صار يابسا كالخشب
9كانت قتلى السيف خيرا من قتلى الجوع . لأن هؤلاء يذوبون مطعونين لعدم أثمار الحقل
10 أيادي النساء الحنائن طبخت أولادهن . صاروا طعاما لهن في سحق بنت شعبي
12 لم تصدق ملوك الأرض وكل سكان المسكونة أن العدو والمبغض يدخلان أبواب أورشليم
13 من أجل خطايا أنبيائها، وآثام كهنتها السافكين في وسطها دم الصديقين (4)
ويختتم أرميا مراثيه بالقول :
1اذكر يارب ماذا صار لنا . أشرف وانظر إلى عارنا
2 قد صار ميراثنا للغرباء . بيوتنا للأجانب
3 صرنا أيتاما بلا أب . أمهاتنا كأرامل (5)
*وفي "ترانيم غوايتها"(6) تغنت ابنة اورشليم بجمالها وسحرها وأسرار محبتها في نشيد الأنشاد:
2ليقبلني بقبلات فمه، لأن حبك أطيب من الخمر
5 أنا سوداء وجميلة يا بنات أورشليم، كخيام قيدار، كشقق سليمان
6 لا تنظرن إلي لكوني سوداء، لأن الشمس قد لوحتني. بنو أمي غضبوا علي. جعلوني ناطورة الكروم. أما كرمي فلم أنطره
7 أخبرني يا من تحبه نفسي، أين ترعى ، أين تربض عند الظهيرة. لماذا أنا أكون كمقنعة عند قطعان أصحابك
8 إن لم تعرفي أيتها الجميلة بين النساء، فاخرجي على آثار الغنم، وارعي جداءك عند مساكن الرعاة
10 ما أجمل خديك بسموط، وعنقك بقلائد
11 نصنع لك سلاسل من ذهب مع جمان من فضة
13 صرة المر حبيبي لي. بين ثديي يبيت (7)
2 كالسوسنة بين الشوك كذلك حبيبتي بين البنات (8)
1 ها أنت جميلة يا حبيبتي، ها أنت جميلة عيناك حمامتان من تحت نقابك. شعرك كقطيع معز رابض على جبل جلعاد
2 أسنانك كقطيع الجزائز الصادرة من الغسل، اللواتي كل واحدة متئم، وليس فيهن عقيم
3 شفتاك كسلكة من القرمز، وفمك حلو. خدك كفلقة رمانة تحت نقابك
5 ثدياك كخشفتي ظبية، توأمين يرعيان بين السوسن
7 كلك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبة (9)
4 أنت جميلة يا حبيبتي كترصة، حسنة كأورشليم، مرهبة كجيش بألوية
5 حولي عني عينيك فإنهما قد غلبتاني.
7 كفلقة رمانة خدك تحت نقابك
8 هن ستون ملكة وثمانون سرية وعذارى بلا عدد
9 واحدة هي حمامتي كاملتي. الوحيدة لأمها هي. عقيلة والدتها هي. رأتها البنات فطوبنها. الملكات والسراري فمدحنها
10 من هي المشرفة مثل الصباح ، جميلة كالقمر، طاهرة كالشمس، مرهبة كجيش بألوية (10)
1 ما أجمل رجليك بالنعلين يا بنت الكريم دوائر فخذيك مثل الحلي، صنعة يدي صناع
2 سرتك كأس مدورة، لا يعوزها شراب ممزوج. بطنك صبرة حنطة مسيجة بالسوسن
4 عنقك كبرج من عاج. عيناك كالبرك في حشبون عند باب بث ربيم. أنفك كبرج لبنان الناظر تجاه دمشق
5 رأسك عليك مثل الكرمل، وشعر رأسك كأرجوان. ملك قد أسر بالخصل
6 ما أجملك وما أحلاك أيتها الحبيبة باللذات
7 قامتك هذه شبيهة بالنخلة، وثدياك بالعناقيد
8 قلت: إني أصعد إلى النخلة وأمسك بعذوقها. وتكون ثدياك كعناقيد الكرم، ورائحة أنفك كالتفاح
9 وحنكك كأجود الخمر. لحبيبي السائغة المرقرقة السائحة على شفاه النائمين (11)
*مدينة الآلام :
في طريق جلجلتها سار يسوع المسيح مترنحا تحت وطأة صليبه ، حاملا آثام البشرية ، ليصلب على تلة من تلالها ، ولينهض في اليوم الثالث من لحده ويصعد إلى السماء .. ومن فوق صخرتها صعد محمد بدوره إلى السماء ليلتقي الله حسب الرواية الإسلامية .
تاريخ القدس تاريخ مخضب بالدماء والدموع وتحولات الشرائع. ولا غرابة إن قيل في الحروب الصليبية أن الخيول كانت تخوض في دماء القتلى العرب في ساحات الأقصى وحارات القدس .
هذه بعض الملامح التاريخية لمدينة الحب والآلام . المدينة التي تقبل كل الصفات والأسماء
بخيرها وشرها ، حسنها وقبحها.
*****
عن مدينة الآلهة والأنبياء هذه، مدينة الآلأم والدموع ،كتب بعض الكتاب الفلسطينيين والعرب حتى دون أن يدخلوها حسب ما يذكر د. عادل الأسطة في صحيفة الأيام ( 8 شباط 015) "ومنهم واسيني الأعرج في "سوناتا لأشباح القدس"، وحسن حميد في "مدينة الله"، ( واسيني دخلها فيما بعد حسب ما يذكر د. عادل ) والروائي العراقي علي بدر صاحب رواية "مصابيح أورشليم: رواية عن إدوارد سعيد".
وتطرق عادل إلى ابن القدس "عيسى بلاطة صاحب رواية "عائد إلى القدس" و جبرا إبراهيم جبرا وسيرته الذاتية "البئر الأولى" (1986)، فقد شغلت القدس حيزاً فيها، ولكن جبرا، مثل عيسى بلاطة، لقد أقام في القدس سنوات عديدة، وحين استحضرها استحضرها من الذاكرة، وفي السيرة تحديداً استعادها في الصفحات الأخيرة منها، حين كتب عن انتقاله من بيت لحم إلى القدس للإقامة "
كما كتب د. عادل في "المنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني16 أكتوبر 09" عن القدس في القصة الفلسطينية متناولا قصص أربعة كتاب من الرواد هم محمود شقير وخليل سواحري وتوفيق فياض وأكرم هنية .
كما كتاب آخرون بعد عودتهم إلى القدس كمحمود شقير وهو أكثر من كتبوا عن القدس .
ولا شك أن هناك بعض الكتاب الذين عرفوا القدس أو عاشوا فيها ، أو في ضواحيها، أو زاروها وربما كتب كثيرون ممن يقيمون في المنافي ، ولسوء الحظ لم نطلع إلا على القليل مما كتب ، نتيجة للتشتت ونكبات الزمن التي يتعرض لها بعض الكتاب في تشردهم من بلد إلى بلد .
ومن أبرز من كتبوا عن القدس وقرأت لهم : ليلى الأطرش ومحمود شقير وعارف الحسيني ، وصبحي فحماوي . وكاتب هذه السطور ، إذ أن معظم قصصه ورواياته لا تخلو من وقائع في القدس حتى لو كانت أحداثها تدور في السماء ، كملحمتي ( الملك لقمان ) و(غوايات شيطانية ) . فمحمود شاهين سكن قبل حرب 1967 في أكثر من حارة من حارات القدس القديمة ، وخاصة حارتي السعدية ووادي الجوزوعمل في فنادق جمعية الشبان المسيحية Y.M.C.A. وسان جورج والإنتركونتننتال وجرين بارك وفندق جبل الملوك في بيت حنينا. وعرف حاراتها وأزقتها بالحارة . وبعد الحرب إياها عرف بعض ملاجئها وأقبيتها كمقاتل ضد المحتلين .
سنحاول قدر الإمكان أن نورد بعض أهم الفقرات في روايات لهؤلاء الكتاب إضافة إلى عادل الأسطة وجميل السلحوت وابراهيم جوهر الذين زودونا مشكورين ببعض نتاجهم المقدسي . وعذرا لكل كاتب كتب عن القدس ولم نتطرق لأعماله لعدم اطلاعنا عليها كما أسلفنا وحتى علمنا بها نتيجة للظروف وعدم التخصص في المسألة . وربما يتاح ذلك في وقت آخر لنا أو لكتاب آخرين فقد سبق وأن تطرق الدكتور عادل الأسطة لبعض الروايات ، كما قدم بعض الباحثين أبحاثا عن القدس وفلسطين في الأدب ،ومنهم بعض المستشرقين كالدكتورة الألمانية بيرجت زيكامب ( زوجة محمود شاهين سابقا ) التي كتبت رسالة الماجستير عن القصة الفلسطينية منذ النشوء حتى أوائل عام 1981. وكتبت رسالة الدكتوراة عن "الشخصية الفلسطينية في روايات بلاد الشام " عن الفترة نفسها . وكتبت رسالة الأستاذية عن " بيروت في الحرب "
*****
* عارف الحسيني " كافر سبت " جميل !!
يدخل عارف الحسيني عالم الرواية المقدسية بثبات وبنفس جديد يضاف إلى الرواية الفلسطينية لا يخلو من كوميديا سوداء . في روايته الواقعية جدا ( كافر سبت ) الصادرة عن دار الشروق 2014، يتناول عارف حياة اسرة مقدسية من اواسط القرن الثامن عشر حتى الزمن الحالي عبر وقائع ومذكرات في حياة حفيد يعيش في الحاضر .
*من الرواية : العانسات العذراوات :
" بقيت عماتي معتزات وفخورات بعذريتهن وعنوستهن حتى آخر يوم في حياتهن ، وفي كل نقاش نسوة حول ما هو بين الفخذين ،كانت تقوم إحداهن وتقول باللهجة المقدسية :
" يوه أنا شو بعرفني بالبكارة شيت البنات ، شو انسيتوا ؟ إحنا غشمى " !
كان الموضوع مدعاة للفخر عندهن ،وعندما كانت عمتي الوسطى تحتضر في المستشفى وهي في عقدها الثامن من العمر ومصابة بمرض السرطان في النخاع ، ذهبت لزيارتها في يومها الثاني هناك ، فسألتها عن حالتها ووجدتها مستعدة ومجهزة أغراضها لمغادرة المستشفى ،وبكل عصبية ألحت وطلبت :
- خذني يا عمتي من هون ، بدي أروح معك هلأ .
استغربي طلبها وسألت عن السبب فقالت :
- صار لي سبعين سنة ما شاف أي رجال غريب إشي مني ،وعلى آخر العمر واحد داخل وواحد طالع بدهم يكشفوا علي .
اقتربت مني وهمست في أذني :
- أنا لسا بنت بنوت11 ياعمتي !"( ص 39 /40 )
تقصد أنها ما تزال عذراء .
ويتابع عارف أو نبيه حسب الرواية :
" أنجب جدي أبناءه جميعهم في ست ليال موزعة على عشرين عاما ، لكنه لم يتحمل مسؤولية أي شيء يتعلق بالاسرة والأولاد . ولكن أهل زمان على حد قول عمتي الشريفة ، كانوا مخلصين لأبيهم الأمريكي ، الذي لم يورثهم إلا بعض الدولارات التي جاء بها بعد غربته الطويلة ، فاشتروا بها بعض الأسهم في سينما القدس ، الكائنة في شارع الزهراء ، وسط البلدة الجديدة أي خارج السور . أعتقد أنهم فعلوا ذلك لإدمان عماتي على مشاهدة الأفلام العاطفية بالأبيض والأسود ، فقد كن يعشقن عماد حمدي وكمال الشناوي ، الممثلين المتألقين أيامها .ولأن من يشتري أسهما يحصل على أولوية في الجلوس في مقاعد الدرجة الأولى بسعر جيد . وبقية الدولارات وضعوها في شركة الكهرباء، ولكنهم لم يعلموا أن هذه الأسهم لن تبقى لها قيمة بعد نكسة العام 1967، فسينما القدس أغلقت ابوابها وتحولت إلى خرابة بعد الحرب . أما شركة الكهرباء فقد منعت بعد مرور سنوات قليلة على الإحتلال من توليد الطاقة ،وفرض عليها شراؤها من شركة الكهرباء الإسرائيلية القطرية وتوزيعها على المشتركين فقط ! أما بقية الأعمال فقد بدأت تعاني بسبب القوانين والإجراءات الإحتلالية التي تعمل بشكل منهجي وطويل الأمد من أجل الترحيل البطيء وإفراغ الأرض من سكانها ، لتتحقق مقولتهم الشهيرة :
-أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.
ولكنهم لم يدركوا أن الفلسطيني باق في بيته وأرضه مهما فعلوا ، فمفهومنا عن الأرض والوطن وارتباطنا ببيوتناوقبورنا ، يختلف تماما عن مفهومهم عنها . ( 40/41)
أما عن عنوان الرواية الطريف ( كافر سبت ) فقد جاء من عمل العربي في بيوت اليهود يوم السبت ، الذي يحرم على اليهود القيام بأي عمل فيه . فيستدعون كافرا عربيا ( غير يهودي )
للقيام بأي عمل يحتاجون إليه . وقد اشتغل بطل الرواية لبعض الوقت في هذه المهنة ، وخاصة في الأعمال الكهربائية والفنية .
*******
* محمود شقير في " فرس العائلة "
تتحدث رواية محمود شقير ( فرس العائلة ) عن هجرة عشيرة العبداللات من الريف إلى تخوم مدينة القدس ، أتبعها محمود برواية مكملة يمكن اعتبارها جزءا ثانيا هي ( مديح لنساء العائلة ) وما أعرفه أن محمود سيكتب جزءا ثالثا ربما شرع فيه . الرواية في جزأيها تغطي مرحلة تقارب القرن أو تزيد من حياة وتحولات هذه العشيرة . وقد سبق وأن كتبنا عن االروايتين في شؤون فلسطينية ،ومشارف مقدسية .
* " منان " ويوم حافل بالهموم والأحزان في أحياء المدينة .
"يمشي منّان على مهله ويفكّر في رحيل نجمة وزوجها إلى المدينة، وظهور ابنتهما نوال في طابور للبنات يجبن أسواق المدينة أمام الناس بملابس فاضحة، وشعرهن مكشوف. يفكّر في تذمّر أخيه عبّاس من تقاليد الآباء والأجداد، فكأنّه هو الآخر صار يضيق ذرعًا بالعشيرة من دون أن يفصح عن رأيه تمام الإفصاح. يفكّر في البنت التي ذبحها عمّه عبد الجبّار. ليته لم يذبحها. ليتها بقيت على قيد الحياة لتربّي أطفالها، وليقل عنّا الناس ما يقولون. ليقولوا إنّنا أنذال. يقترب من بركة السلطان، يمشي صاعدًا نحو سوق الحلال، ويقترب من باب الخليل. هذا الباب كم دخله بشر وكم خرج منه بشر! وهذه المدينة كم جرّبت من أوضاع وكم عاشت من ظروف وأحوال! يروي العارفون بالعلم أشياء كثيرة عنها. منّان لا يعرف الشيء الكثير عنها، لأنّه لم يتعلّم في المدارس. لم يكن على زمنه مدارس في البرّيّة لكي يتعلّم فيها. كلّ الحقّ على الأتراك. لكنّه يحبّ هذه المدينة حتّى وهو لا يعلم عنها إلا أشياء قليلة. مرّة قال له أحد شيوخ المسجد الأقصى: مدينتنا هذه عمرها خمسة آلاف عام. يومها ذهل منّان. الآن يكفيه كلّما ألَمّت به الهموم والأحزان أن يأتي إليها، يتمشّى في أسواقها، يتلذّذ بالرطوبة المنبعثة من الأسواق، فتنعش قلبه وتجعله قادرًا على المشي ولا يشعر بإرهاق. يصعد درجات كثيرة ويهبط درجات. يمرّ من أمام المساجد والكنائس والمحالّ التجاريّة والمقاهي. يجلس في مقهى بباب العامود اعتاد الجلوس فيه. يشرب القهوة ويدخّن النرجيلة ويراقب حركة الناس. يستمع إلى بائع الجرائد وهو يصيح بصوت مرتفع، ملخّصًا بصياحه بعض أخبار البلاد. يشتري المتعلّمون الصحيفة، بعضهم يطويها بين يديه ويمضي قدمًا، وبعضهم الآخر، يقبض على الصحيفة متلهّفًا إلى قراءة ما فيها، ينعطف نحو المقهى، ويختار مكانًا وينهمك في قراءة الأخبار، ومنّان يتابعه من طرف خفي، ويتمنّى لو كان قادرًا على فكّ الحرف. ينتهي من تدخين النرجيلة، يطوي خرطومها حول عنقها ويدفع حسابه للنادل ذي الشاربين الصغيرين، ويمضي نحو المسجد الأقصى، يصلّي صلاة الظهر وبعدها صلاة العصر، ثم يعود إلى راس النبع بعد يوم طويل من التأمّل والتعبّد واجترار الهموم والأحزان" (فرس العائلة : 298 /299)
* رحيل منان في ( مديح لنساء العائلة )
: أنجب والدي ثمانية عشر ولدا وتسع بنات . قال لي ذات مرة :
- النفس لا تهرم يا ولدي ،وتظل الرغبة في البحث عن الشيء المفقود اللي نتوق إليه ثاوية فيها ، وعندما تثور تلك الرغبة تصير مصدرا للعذاب.كان أبي محبا للحياة وهو الآن على وشك أن يموت .
مساء اليوم السابع جاءت نساء العشيرة وهن يرتدين السواد. وصلهن الخبرقبل أن يتحلقن كعادتهن في الساحة . لفظ أبي أنفاسه الأخيرة قبل الغروب ،ولم يلبث الخبر أن انتشر في رأس النبع وفي القرى المجاورة . ظلت نساء العشيرة جاثمات حول جثمانه حتى الصباح ،وكان رجال العشيرة يترحمون عليه ويتذكرون مآثره في المضافة التي خلت من صاحبها تاركا وراءه فراغا غير قليل .
في الصباح غسلناه وكفناه وجللناه بعلم فلسطين . حمل ستة من أحفاده نعشه على أكتافهم ،وهيأنا له جنازة مهيبة مشى فيها أبناء العشيرة وأهالي رأس النبع ،وبعض رجالات القدس ووجهاء القرى المجاورة وأصهار أخي فليحان وزوج أختي فلحة وأقاربه المقيمون في مخيم العودة . ومشت خلف الجنازة نساء العشيرة وهن ينعينه بأصوات حزينة فيما مطر تشرين الثاني ينزل خفيفا من السماء :
وافتحوا لمنان بيوت العز والكرم
منان أجاكم ضيف يا أهل الزرم
تطفر الدموع من عيني وأنا أتذكر وعدي لأبي بأن أجمع شتات العائلة وكذلك العشيرة . تلك المهمة الشائكة التي لم أقدر عليها ،ولم أبذل في سبيلها أي جهد يذكر ، لأنني لم أكن مقتنعا بها في قرارة نفسي ، ذلك أن أبي كان يريدني أن أصبح صورة عنه . وهذا لم يكن ممكنا لاختلاف الظروف والمعطيات . أمر واحد نقلته إليه قبل أن يدخل في غيبوبة ،هو أنني شرعت في تدوين وقائع حياة العائلة وكذلك العشيرة . الوقائع المتوافرة لدي من بعض كبار السن أو التي استخلصتها وأستخلصها من حكايات أمي وأخبارها ،وما اشتملت عليه حياتي وحياة بعض أبناء العائلة وبناتها وكذلك أبناء العشيرة وبناتها ،من تفاصيل وخبرات .
نظرت في عينيه وعاودني الشعور بالخجل ،ورأيت شبح ابتسامة على وجهه ، لم أستطع تفسير معناها ومغزاها،إلا أنه قال بصوت واهن :
- أنا تعبت واصلوا أنتم .
وبعد صمت قال ، كما لو أن هذا كل ما يهمه في نهاية المطاف :
- ادفنوني في قبر مجاور لقبر أمي .
ثم دخل في غيبوبة مديدة ،وفي تلك اللحظة أدركت فداحة الفراق وشعرت بأنني سأكون بعده نهبا للنقصان .
مات أبي منان مساء الخميس ودفناه مساء الجمعة ( 199/200/201)
*****
القدس " مدينة السماء " في بعض النثر قديمه وحديثه !
*جميل السلحوت يناجي محبوبته القدس .
يناجي جميل السلحوت محبوبته المدينة بقلب مفعم بالألم والأمل:
"أعرف يا حبيبتي أنك تعلمين أن ملوك الطوائف لم يبكوك كما بكى ذلك الملك ملكه الضائع في الأندلس، فقالت له أمّه: أتبكي كما النّساء ملكاً أضعته، ولم تحافظ عليه كالرّجال " لقد أضاعوك ويا حسرة التاريخ لو يعلمون أيّ مدينة أضاعوا، ولو يعلمون أنّهم عندما تركوك سبيّة لم تعد عصمة لأيّ من عواصمهم، لكنّك بالتأكيد تعلمين أن التّاريخ يعيد نفسه مرّتين، مرّة على شكل مأساة ومرّة على شكل ملهاة، وأنّك تكسرين قواعد التاريخ لأنّ تاريخك يعيد نفسه مرّات ومرّات بمأساة وملهاة، ومع ذلك فإنّ الغزاة لا يتعلّمون من التّاريخ، ولعلّ الغزاة الحاليين هم أكثر الغزاة تزييفاً للتاريخ، فخدعوا أنفسهم بطاحونة التزييف الاعلاميّة العالمية التي يمتلكونها، فكذّبوا وصدّقوا أكاذيبهم، وازدادوا ضلالاً وازدادوا جهالة وجهلاً بالتّاريخ، فعملوا بك ما تقشعرّ له الأبدان، وما ترتجف له صحائف التّاريخ، لأنّ التّاريخ لم يشهد تنكيلاً بجسد جميل بريء مثلما يشهد جسدك الطّهور.
لقد عرفتك يا حبيبتي منذ كنت طفلا غرّا عندما كان المرحوم والدي يردفني خلفه على البغلة البيضاء، ليتسوق حاجيات البيت من أسواقك، فتعلقت بك كما يتعلق الطفل الرّضيع بوالدته، ومن يومها فإنّ أجمل لحظات حياتي هي التي أمضيها متجوّلا في زقاقك وحواريك وأسواقك وتكاياك وناسكا في مساجدك وكنائسك، وزاوياك وأديرتك، فسحرك هذا أشتم منه رائحة الآباء والأجداد، وعبق تاريخ وحضارة شعبي وأمّتي الذي لا يكذب، فلكلّ حجر فيك حكاية يشهد بأنّك لنا ولن تكوني لغيرنا. فأشعر بحنانك الزائد، أيّتها الأمّ الرؤوم.
أدخل المسجد الأقصى من باب السلسلة، وأتوقف أمام البناية الأخيرة الواقعة على يميني، أحاول أن أدخلها لأستعيد ذكرياتي الجميلة في هذه البناية التاريخية التي تحدّ حائط البراق من الجهة الشمالية، إنها المدرسة "التنكيزية"التي درست فيها المرحلة الثانوية، حيث كان"المعهد العلميّ الاسلاميّ" الذي تحول في بداية سبعينات القرن العشرين الى "ثانوية الأقصى الشرعية" بعد أن استولى المحتلون على بناية المدرسة، التي كان طابقها العلويّ مقرا للمؤتمر الاسلامي، فيمنعني عسكر المحتلين من تحقيق رغبتي، لكنّ البناية العظيمة مرسومة في ذاكرتي ولا يمكن محوها، ولا أعرف مصير المحراب المزركش بالفسيفساء العجيبة الذي يقابل الباب الرئيس للبناية، حيث كان الطلبة يُصلّون، ومن النوافذ الجنوبية كنّا نشاهد السيّاح يقفون بين الأبنية التاريخية وحائط البراق يلتفتون يمنة ويسرة ويضعون أوراقا في الحائط، لم نكن وقتها نعلم سبب ذلك، وقبل انتهاء حرب حزيران 1967، تمّ هدم تلك الأبنية وتجريف المكان الى عمق يزيد على عشرة أمتار، وليتخذ اليهود المكان دار عبادة لهم، أسموها"المبكى"...هدموا حارتي الشرف والمغاربة...هدموا 1012 بيتا تاريخيا وبنوا مستوطنة يهودية جديدة، ولاحقا بنوا كنيس"الخراب ليعلو الأقصى من الجهة الغربية، أكظم غيظي وأدخل الأقصى باكيا على أمجاد مدينة يُسرق تاريخها أمام ناظري كما سُرقت جغرافيتها.
واذا كان أحد الأجداد الجاهليين قد قال بالفطرة أن " للبيت ربّ يحميه" فصدقت فطرته وتحطمت خراطيم فِيَلِهِ – جمع فيل - الغزاة قبل أن تصل البيت، وغار الغزاة في الأرض، وكان العسس الذي قاد جيش الغزاة عبرة لمن لا يعتبر عندما رُجِمَ بالحجارة حتى الموت، ولا يزال يُرجم وسيبقى يُرجم الى ما شاء الله .
حبيبتي أنت التي تحتضنين أولى القبلتين، ومهد المسيح، وتاريخ أمّة كانت "خير أمّة أُخرجت للناس "واثقة من أن لك ربّا وشعبا يحميانك، ولن يتخليا عنكِ، فما الأعوام إلّا ساعات في تاريخ الشعوب و"هي الدّنيا كما شاهدتها دول .. من سرّهُ زَمنٌ ساءته أزمانُ"
وما هي إلّا سحابة صيف ستنجلي، وستعودين عروس المدائن كما أنت دوما."
( الجنوب ميديا 24/ 4/ 2013)
*****
* العشق الحرام في "ترانيم الغواية " لليلى الأطرش :
تجوب ليلى الأطرش أحياء مدينة القدس وأهم وقائع تاريخها الحديث عبر تتبعها لحياة
ميلادة أبو نجمة وعشقها للراهب متري الحداد . نورد مقاطع من مقال لنا نشر في شؤون فلسطينية العدد 260 .
*ميلادة سالم أبو نجمة ، الملقبة ( ميلادة الحنش ) :
في يوم الزفاف في الكنيسة أشرقت بوادرترانيم مستقبل مختلف يرسمه القدر لميلادة ..فالخوري الكاهن متري الحداد الذي يقوم بطقوس الزفاف ، والمولود يوم وفاة زعيم الطائفة البهائية ،ويوم تسيير أول قطار بين القدس ويافا في السابع عشر من تموز عام 1892 ، وقف مبهورا بجمال ميلادة وهو يمسك بيد زوجها ليدور بهما حول المحراب ويعلنهما زوجا وزوجة . يقول في أوراقه لابنه رفيق : ( وميلادة تشبهني . فرس شاردة مما يطاردها . جامحة أمام ما تخشى . تنفلت مما يقيدها إلى أكوان بعيدة . رأيت هذا في عينيها فسحبني إلى غربتها .. عيناها حمامتان تبحثان عن لا شيء. طرت وراءهما .. فتهت في عالم لم أعرف طريق عودتي منه ." والعين سراج الجسد ") ( ص 167- 168)
من هنا بدأت " ترانيم الغواية " وبانتهائها سيسدل الستار !
* قصة اللقب وفضيحة العشق الحرام !
سبق وأن أشرنا إلى أن ميلادة لقبت ب ( ميلادة الحنش ) ولذلك قصة تداولتها الألسن همسا
وعلانية بعض الشيء :
خرجت " ميلادة " تتنزه في أحراش دير المسكوب .. داست على حنش تكوم في شمس الربيع ، فهاجمها . تسلق ساقها وطوق خصرها وبدأ ينقبض ويرتخي . قالت لم تره ! معقول؟! على طوله وضخامته؟ أكيد.. العشق بيعمي ! قالت لمزارعين هبوا لصراخها : قتلته وحدي، فلم يصدقها أحد ..ونبع الشك من سكوت الرجال . رفض أي منهم أن يحكي عما رأى . كل ما قالوه بعد إلحاح . الله يستر على ولايانا .. وصلنا ورأسه مسحوق ! لكن من يقتنع أن صبية تقتل حنشا وحدها ؟! يعجز عن هذا رجل بطول وعرض! وبعد الحادثة إذا تحدثت النساء عن ميلادة تغامزن وقلن " الحنش راح والحنش جاء "( ص11+12)
شاعت قصة الحب على الألسن إلى أن بلغت بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية اليوناني ذيميانوس . قرر الحداد أن يترك الكهنوت . غير أنه فوجئ بصد البطريرك قائلا : ( لن تحتمل كنيستنا فضيحة ثانية ، يتحلل كاهنان من الرهبنة من أجل النساء والشهوات ،ستنال الطوائف من سمعتنا ،وكنيستنا ما زالت تقاسي من فضيحة الراهب أشيل، بعد أن فشلنا في السيطرة على رعونته . لن نحتمل فضيحة أخرى " ( ص 152)
حاول متري الحداد مقاومة قدره . ترك ابنه في رعاية جدته لأمه "وأبحر يطلب الخلاص في دير بستان العذراء فوق قمة جبل آثوس اليوناني .. متوحد يراقب البحر . زاهد يتعبد لخالقة . يسبح بترانيم الإعجاز صبحا ومساء " ( ص155)
كاد أن يحدث مع الحداد ما حدث مع نيكوس كازنتزاكي خلال اعتكافه في الجبل نفسه وربما في الدير نفسه بحثا عن الله ، فقد " سبقت صورة ميلادة رحيله ،وسكنت كهوف تبتله . تجلت في صلاته لوحة على جدران الدير . تعربشت أشجارا تحرس البحر . غطت صفحة الماء " ( ص 155 بتصرف )
" البقاء بين نساك عابدين أثقل صدر الحداد، زهدهم زاد من ذنوبه. عاد إلى القدس ليتحلل من قسم قطعه على نفسه ،فخذلته قدرته" ( ص 155 بتصرف )
أعلن للبطريرك صراحة " أيها المبجل .. نفسي تدفعني إليها وعاجز عن ردعها . سنوات وأنا أقاوم رغبة المعصية ،ولا مجال لاحتمال أكثر، يراودني الإغواء كل لحظة ،وستتحمل ذنبي يا عظيم الإحترام " ( ص 155 )
بعد مداولات" ومشاورات مع رهبان أخوية القبر المقدس ، هداهم الله إلى قرار أملوا أن يكون فيه الخير ، رغم تعارضه مع قوانين الكنيسة ونواميس الشريعة ، وهو السماح بزواج كاهن أرمل لحماية الكهنوت ولدرء خطيئة الزنى ، شريطة أن يقسم الحداد على الكتاب المقدس ، أن يظل الزواج سرا لا يعترف به لأحد ، حتى ابنه"( ص 156 بتصرف ) ( 12)
******
* القدس لم تعد القدس لعادل الأسطة .
في قصة مطولة له تحمل عنوان ( تلك القدس ذلك السبت ) تتحدث عن الواقع الفلسطيني في ظل الإحتلا ل . يطرق عادل الأسطة أبواب القدس من وجهة نظر بطله النابلسي :
"حين نظرت إلى باب العامود، وجدت سيلاً هائلاً من البشر، كأن المدينة هذه غير المدينة التي أعرفها وتساءلت: هل هي القدس؟؟ عشرات من البشر: رجال ونساء وأطفال من ذوي البشرة البيضاء والشعر الأشقر والعيون الزرق. قلت: يا الهي. أأحلم؟ أين أنا؟
اتجهت يساراً، كانت الإشارة الضوئية تحول دون قطع الشارع، فقد كان اللون البادي هو اللون الأحمر، كنت أحاول الانتقال إلى طرف الشارع ولكن الشرطي على مقربة مني. همست: كل شيء ضدنا، حتى الإشارة الضوئية. فكرت للحظات في أن أعود واستقل السيارة عائداً إلى نابلس، ولكني عزفت عن ذلك، نظرت إلى الأمام: كان الطريق الممتد من باب العامود إلى مكتب البريد مكتظاً بالبشر. كانوا كأولئك الذين أبصرتهم وهم يتجمعون أمام باب العامود . البشرة البيضاء والشعر الأشقر والعيون الزرق.
أهذه هي القدس ؟
أذكر أول مرة جئت فيها إلى هذه المدينة. كان ذلك عام 1964م حين نظمت المدرسة التي كنت فيها رحلة مدرسية إلى البحر الميت فالقدس. كان الطقس ربيعياً وكان منظر السماء جميلاً. يومها اقتادنا المدرس عبر شوارع القدس وأزقتها حتى وصلنا إلى الصخرة. ويومها نظرت إلى السماء وأنا جالس على السور الذي يحيط بالمسجد الأقصى فأبصرت نوراً قلت لعله نور الجنة. كانت القدس في مخيلتي فيضا من الاشراقات، ولحظة غادرنا المكان حزنت كثيرا، كنت أتمنى لو أبقى هناك إلى الأبد، أقيم فيها وأظل حتى أدفن في مقابرها. أنظر إلى الناس فأرى وجوها أليفة وديعة هادئة. أما الآن فأبدو نغماً نشازاً فرداً فريداً، كأنما هبط من السماء، فجأة، على مكان لم يألفه ولم يره من قبل..
هبطت الطريق الفرعية المؤدية إلى مكاتب جريدة الشعب مسرعاً. صعدت الدرج درجتين درجتين، وفتحت الباب بلا استئذان، وسرت باتجاه رئيس التحرير الذي رحب بي كعادته، وبادرته متسائلاً عن السبب الذي حال دون صدور الصفحة الأدبية يوم الخميس، فقال إن الرقابة حذفت أجزاء كبيرة من مقال، ورفضت نشر مقال آخر وقصة قصيرة وقصيدة، ولم نكن طبعنا المواد الاحتياطية التي أرسلتها.
تحدثنا قليلاً عن الأدب والأوضاع السياسية والقدس يوم السبت، وبدا حزيناً. وقال: إذا ظلت الأوضاع على ما هي عليه فهذا حسن، وكنت أنظر إلى لوحة كتب عليها: تذكر أن الجريدة ستصدر غداً. ابتسم لقد كان الرقيب حاضراً حين كنت أحرر الصفحة ويحتل جزءاً من ذاكرتي، كما احتل أولئك الذين يسيرون في الشوارع مساحة القلب ليصاب بالتجلط. ودعته وقفلت عائداً إلى المدينة التي أتيت منها. ولأول مرة لم أفكر بالذهاب إلى مكتبة المحتسب في شارع صلاح الدين لرؤية الكتب وشراء ما أراه مناسباً. كنت أسير بخطى سريعة لأصل إلى موقف سيارات نابلس، غير آبه أيضا ببائع الكعك المقدسي الذي كان مشغولا ببيع ذوي البشرة البيضاء والشعر الأشقر، ذلك الذي عرفني لكثرة ما اشتريت منه، فقد كان لزاما علي أن اشتري، كلما زرت القدس، كعكا مقدسياً، ذلك أن أمي كانت توصيني باستمرار أن أحضره معي لأنه من المدينة المقدسة التي زارها الرسول وأسرى منها ليلاً. وتمنيت لو أنني أصل نابلس فجأة، فقد كانت القدس تختفي ولا أرى منها ما كنت أراه، وبدا لي – وأنا أسير – أنني في مكان آخر غير القدس، مكان لا أشعر فيه بالدفء، مكان يبعث في القلق والرعب والخوف، وحين اقتربت من المقهى القريب من موقف السيارات كانت إذاعة عربية تبث نشرة أخبار الساعة الثانية ظهراً، وكان المذيع يتحدث عن القدس والأهل الصامدين بصوت حاد، غير أنه بدا لي تافهاً وغير ذي بال، فقد كنت أصغر وأصغر ولا أقوى إطلاقاً على التحديق في وجوه الآخرين. لقد كنت فرداً شاذاً في هذا الجمع البشري الهادر. ولا شعورياً – وأنا أصعد السيارة – بدأت أقرأ سورة الفاتحة على المدينة التي كنت أعرفها" ( ديوان العرب 2 آب 2015)
*****
* ابراهيم جوهر : الأمل في الشباب والخير في عزائمهم القوية .
"القدس ، لها من اسمها نصيب القداسة والحماية والحنان . إنها قدسنا التي نحبها ، ونحكي عنها بشغف العشاق المفتونين . قدسنا التي نرسمها كما تحلو لذاكرتنا أن تسترجع تفاصيلها ، فنحنّ لأزقتها ، ولأسوارها ، ولرائحة أسواقها ، ولمناظر ناسها .... لدرجها ، وسقوفها .... لكل شيء فيها أو منها أو يرتبط بها برباط . قدسنا التي تفهم لغتنا ونفهم لغتها ...من هنا كانت حيرتي وحزني وغربتي حين رأيتها وقد تشوّه جمالها الروحي كما تحفظه روحي أنا . ... لعل خيرا قادما من بين دفقات عزم الشباب ينبئ بكفكفة دموع القدس ، وإشاعة الفرح المنتظر لحواريها وناسها وتاريخها ... الشباب بادروا يوما لتنظيف شوارعها من القمامة .... الشباب قالوا هذه خطوة أولى لتنظيف القدس من كل قمامة ... الشباب يدخلون لغة الأدب في أحاديثهم وتصريحاتهم ، فالقمامة هنا تصير رمزا وتكتسي ثوب التورية . إنهم الشباب وهم يتواصلون عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة . إنهم زملاء شباب ميادين التحرير في القاهرة وتونس وصنعاء وبنغازي ... الأمل في الشباب والخير في عزائمهم القوية وسواعدهم الفاعلة" .
وهل تنسى القدس؟!
"الجرافة كانت قريبة من زاوية السور. زاويته العالية كانت قريبة من أنياب الجرافة الباحثة عن أثر ما لمارّ من هنا بالصدفة أو بالتخطيط اللئيم، أو بالقوة ، أو بالادعاء...المهم أنها كانت قريبة كما رآها قلمي الصادق وهو يحذر بعفوية وصدق في قصة (تذكرة سفر) التي أخذت مجموعتي الأولى عنوانها.
واللوحة الصفراء التي تحذر من مخاطر الدروب والابتعاد كانت تهتز، وعيون القلم والقلب رأت في اهتزازها إمكانية للتغيير.
التغيير حصل، التغيير قام. التغيير كائن، بالاتجاه الآخر المعاكس تماما لاتجاه الروح والتمنيات.
القدس التي تذوب أرضا وتاريخا ومباني وثقافة اليوم بدأ التخطيط السلحفائي لتغيير روحها مع الساعات الأولى للحضور الغريب .
أغرقت بالمال المشبوه، والمخدرات، والقشور وتبدلت الثقافة بفعل مخطط وجد نفوسا تساوقت معه وغابت رؤاها وانتماؤها. فماذا كان؟
...
في القدس التي أعرفها طفلا وأحمل لها صورة وردية حدث أمر غريب صبيحة ذاك اليوم الدخاني القاتم.
نظرت إلى الدخان الأسود في عام الحريق من هناك من قمة الجبل الذي كان استراحة تكبير لفاتح عظيم بحجم (عمر بن الخطاب).
كان الدخان يتصاعد شاكيا ، والناس في تساؤل وترقب، فما زال في الروح بقية من أمل وانتظار ورجاء، وعجز وكثير من الحيرة...
(غولدا) قالت: لم أنم تلك الليلة!!
نامي يا عزيزتي، نامي...فالناس الذين تخشين ردة غضبهم الفاعلة لاهون ينتظرون الفارس الأبيض ينزل من سماء عجز ومن حكايات (ألف ليلة وليلة).
ونامت بفرح وطمأنينة، حتى ولغ الذئب في قلب المدينة والناس والتاريخ."(13)
*****
* صبحي فحماوي يعيد بناء القدس الكنعانية .
في روايته ( قصة عشق كنعانية . يذهب صبحي فحماوي بعيدا في أعماق التاريخ ليعيد بناء القدس اليبوسية . ( يبوس أو اور سالم ) نسبة إلى الملك الكنعاني سالم الذي كان يحكمها والذي بنى أسوارها حسب الرواية .
" يصل موكب الأمير دانيال في ليل يرخي سدوله والقمر والنجوم يضيئان سماء الجبال المحيطة بيبوس،وخيوله المجهدة تزفر برطانة شديدة وهي تدخل الباب العالي للمدينة المضاء بمشاعل مرفوعة على الجانبين وذلك قبل الإغلاق المعتاد لرتاجها عند انتصاف الليل "(95)
" يأمر دانيال مساعده فيضحي بسبعة جداء سمان على صخرة الهيكل ، ثم يدخل البهو فيستقبله خادم الهيكل ، وعندما يتعرف إليه ويشاهد ضحاياه تنزف دما على الصخرة يبلغه الأمير عن مقصده فيقوده إلى جبريل كاهن الهيكل "(95)
" ولقضاء السهرة يأخذ كاهن الهيكل جبريل ضيفه الأمير في عربته الخاصة ، فتسير بهم في طريق مضاء بالمشاعل ، ينتهي بساحة مستديرة تدعى مسطبة الحكواتي ، فشاهد أنها محاطة بأسيجة حجرية مرتفعة لتعطيها خصوصية بعيدا عن المساكن والبيوت ، حيث يلتقي كبار رجال المدينة ونساؤهم لمشاهدة وسماع الحكواتي بعليل وهو يتصدر المكان على عتبة مسطبة مرتفعة ، بينما يتجمع حضور كثيف في الساحة المجهزة بمقاعد خشبية تتسع للحضور " (100)
"يصف الكاتب ساحة المدينة بالقول " في أطراف الساحة العامة التي تتفرع منها طرقات المدينة تقف تماثيل متباعدة بأطوال مختلفة للأرباب عشيرة وبعل وعناة . وفي زاوية معتمة بعيدة يقبع تمثال مخيف للرب موت . وتنهض في وسط الساحة صخرة المذبح المقدسة أمام تمثال إل العظيم المنحوت من حجر أبيض ضخم ،ويتعاظم خلفهما هيكل اورسالم الكنعاني ، الذي لم يبن مثل معماره الحجري في البلاد ،والمبطنة جدرانه من الداخل بخشب الأرز ، بطول حوالي مائة ذراع ،وعرض يقدر بمئة ذراع ،وارتفاع خمس وثلاثين ذراعا . والذي تمكن رؤية قمة طابقه السابع من كل قمم جبال فلسطين وموآب وعمون وجلعاد وعجلون ". (83/84)
وكأن الكاتب يريد أن يقول لنا هنا أن هذا هو الهيكل الذي ادعى بنو إسرائيل أنه هيكل سليمان !
*****
* محمود شاهين والقدس في سبعة عقود !
لم يعد ثمة مجال للإستفاضة وحتى التطرق إلى كتاب آخرين ، آملين أن يتم ذلك في مقال آخر . لكننا سنتطرق لمحمود شاهين في أول مجموعة قصص طويلة له ، كلها عن القدس . تشكل في مجموعها رواية ، لتكرر بعض الشخصيات في قصصها ، تبدأ بالعهد التركي وتنتهي بعد حرب 67 . وهي مجموعة " نار البراءة " الصادرة عن دار ابن رشد 79 .
* أسبوع الآلام وموسم النبي موسى !
" انطلق موكب النبي موسى من ساحة المسجد الأقصى وقد تصدره بعض الولاة الأتراك والعرب ،وبعض القضاة والأعيان ورجال الدين الإسلامي والمسيحي وبعض الوجهاء ،وقد أحاطت بهم البيارق والأعلام المركزة على الخيول ،وسارت خلفهم فرق الإيقاع بطبولها الصغيرة والكبيرة ،ومزاهرها وكؤوسها النحاسية ،يرتدون ثيابا ملونة وينقرون على دفوفهم بإيقاعات جميلة مختلفة ،وسارت خلف هؤلاء وعلى مسافة منهم جوقة تنشد وترتل الموشحات والمدائح النبوية . تبعها فرق وحشود من مختلف القرى ،وبدوا وهم يهزجون وينشدون :
صلوا يا أهل الفلاح ... على النبي زين الملاح
شعره أسود يماني .... كامل زين المعاني
ماله في الحسن ثاني ...شأنه شأن الملاح .
اصطف عشرات الرهبان بملابسهم الفاخرة في موكب منظم تظلله أعواد السعف المزينة بالازهاروالاشرطة الملونة . خرج البطريرك من الكنيسة وقد زاده اللباس الفاخر المزين بالجواهر الثمينة هيبة وجلالا . تقدم من الحمار الذي أسرج بسرج زين بالذهب والفضة وأرسن برسن من الحرير الثمين الموشى بالخيوط الملونة ،فساعده المطارنة والقساوسة على امتطائه ...
انطلقت المواكب متتبعة الطريق التي سار معها المسيح عندما دخل القدس ....
في باب السباط اصطدم موكب البطريرك بموكب أهالي الخليل الخارج من ساحة الأقصى . وقف شيوخ الخليل على خيولهم تحيط بهم البيارق والأعلام ،ووقف البطاركة والمطارنة
خلف حمار البطريرك المزركش ،تظللهم أعواد السعف ..احتار الطرفان في الامر .. ألقى البعض اللوم على رجال الجندرما الذين لم ينظموا سير المواكب بحيث لا تتصادم مواكب المسيحيين مع مواكب المسلمين في هذا المدخل الضيق .
بعد مداولات دامت أكثر من نصف ساعة أقنع الخلايلة بالتراجع إلى ساحة الأقصى،ريثما يمر موكب المسيحيين الذي انحسر بين الأسوار .
انتهى موكب المسيحيين إلى كنيسة القيامة ،وتابع موكب الخلايلة طريقه إلى النبي موسى "
( مقتطفات من قصة أسبوع الآلام ص 135/136/137)
بقي أن نشير إلى أن غاية هذا البحث ليست نقدية . هي ارشيفية فقط وتلقي الضوء على أسماء في الساحة الفلسطينية وبعض ما كتبوه عن القدس .
م.ش.
****
1- راجع الكتاب المقدس . سفر صموئيل الثاني . الإصحاح الثامن وما بعده . علما أننا نورد هذه الوقائع استنادا إلى الكتاب المقدس دون اعتمادها كنصوص تاريخية حقيقية ، فنحن نتعامل معها كأدب متخيل بالدرجة الأولى .
2- مراثي ارميا الإصحاح الأول . ونورد مراثيا إرميا كأدب متخيل ودون اعتماده كأدب لبني اسرائيل الوارد ذكرهم في التوراة والذين أثبت علماء التاريخ عدم وجودهم في القدس في ذلك الزمن !
3- مراثي أرميا الإصحاح الثاني
3- ( من 1 إلى 13 ) مراثي أرميا الإصحاح الرابع .
4+ 5(1-2-3-) مراثي أرميا الإصحاح الخامس.
6- من وحي رواية ليلى الأطرش " ترانيم الغواية "
7- نشيد الأنشاد الذي لسليمان . الإصحاح الأول .(2-15) وما قلناه عن مراثي إرميا ينطبق على نشيد الأنشاد الذي أشارت بعض المصادر أنه نشيد كنعاني ،وأخرى قالت أنه نشيد يمني .
8- المصدر نفسه الإصحاح الثاني.
9- نفسه .. الإصحاح 3 ( من 3-7)
10- نفسه الإصحاح 4 ( من 4 – 10 )
11- نفسه الإصحاح 7( من 1- 9)
هوامش القسم الثاني :
12- ترانيم الغواية . ليلى الأطرش . ضفاف 2014
(13) (من الورقة التي قدّمها الكاتب في مؤتمر القدس الذي عقد في مقر المؤتمر الشعبي للقدس- رام الله) 22 /1 / 2012.



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- * لن تخرسوا أصواتنا مهما فعلتم !
- حملة التضامن مع الشاعرة والكاتبة التنويرية الأردنية زليخة أب ...
- أديب في الجنة . ملحمة أدبية فلسفية . الجزء الثاني.
- أديب في الجنة (93) ( الفصل الأخير) * الملك لقمان يذهب في الم ...
- أديب في الجنة (92) * ألآلهة بلا ألوهة !
- أديب في الجنة (91) * حرب الآلهة الكونية !
- * ترقبوا - حرب الآلهة الكونية -!
- أديب في الجنة (90) * المحبة المطلقة في إله مطلق المحبة !
- أديب في الجنة (89) * حرب الآلهة على الأبواب !
- أديب في الجنة (88) * صرخة الربة عشتار في ذروة الوصال !!
- أديب في الجنة (87) * ثمة أمل في نجاة سحب السماوات من براثن ا ...
- أديب في الجنة (86) * خطف سحب السموات !!
- أديب في الجنة (85) * حديث الروح في بوح الملك إلى الأمير!
- محنة العقل العربي ونفايات القمامة !!
- أديب في الجنة (84) تحليل أميري للتمظهر الوهمي !
- أديب في الجنة (83) * غرام ممتع وجنون فلسفي !!
- أديب في الجنة (82) * الملك لقمان طريح الفراش !
- صلاة الأطفال والمستقبل المرعب! شاهينيات ( 1256)
- أديب في الجنة (81) * هذيانات وكوابيس لقمانية !
- أديب في الجنة (80) حرب طاحنة وسحب سماوية !


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أبحاث وأشعار!