أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (89) * حرب الآلهة على الأبواب !















المزيد.....

أديب في الجنة (89) * حرب الآلهة على الأبواب !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5196 - 2016 / 6 / 17 - 09:36
المحور: الادب والفن
    


أديب في الجنة (89)
* حرب الآلهة على الأبواب !
خلد الأمير سحب السماوات والربة عشتار إلى نوم عميق استيقظا منه في وقت متأخر ، وبعد أن استحما أعدت الربة للأمير مائدة ربانية من طعام الآلهة ، لم يعرف الأمير منها أي نوع من اللحوم أو ألخضار أو الفواكه ، لكنه ما أن يتذوق قطعة من أي صنف حتى يشعر بنكهة لذيذة لم يستشعرها لأي طعام من قبل . والأمر نفسه انطبق على نوع الخمر الرباني الذي بدا أن الرشفة منه تنشط الدماغ وتحفز الخيال وتفجر الذهن ، ليجد المرء نفسه وقد أصبح شاعرا وفيلسوفا إن لم يكن إلها . وبدت الربة وقد تألق جمالها وانشرح صدرها وأشرق وجهها ، وهي تجلس بثياب حريرية بيضاء عارية الذراعين والكتفين والعنق والصدر، لتبدو حلمتا نهديها كنصفي حبتي فستق حلبي مقشرتين ، تتوقان إلى من يقضمهما! وأضفى حضورها على الجو هالة ربانية أحالت كل شيء إلى فرح وبهاء ، فبدت صالة الطعام وكأنها ترقص مع الموسيقى الحالمة التي كانت تتردد من كافة أرجائها ،فيما عم الفرح والإبتسامات النوافذ والمناضد والصحون والكؤوس والشوك والسكاكين والملاعق والورود التي على المائدة ،وبدت هذه الأخيرة وهي تؤتي اهتزازات خفيفة وترسل ذبذبات راقصة يتفوح منها عطر الألوهة الأخاذ ، وبدت الستائر وهي ترف بأقمشتها الملونة وتتمايل وكأنها طيور تحلق على تؤدة في سماء رومانسية . أما الحوريتان الملائكيتان اللتان كانتا تقومان بخدمة الربة والأمير مرتديتان ثيابا بيضاء فبدتا كحمامتين وهما ترفان بأجنحتهما البيض بين الموائد وفضاء الصالة .
كانت الربة تجلس إلى جانب الأمير وتلقمه بيدها بين لحظة وأخرى قطعة صغيرة من لحم لم يتذوق أطيب منه . سألها :
- ما هذا اللحم يا حبيبتي ؟
- لحم خاص بطعام الآلهة يا حبيبي كما هو كل شيء على المائدة . يمكن القول أنه أقرب إلى لحم الرشأ !
- وهل هذا الطعام خاص بالآلهة فقط ؟
- أجل يا حبيبي !
- هل هذا يعني أن الأمم محرومة منه ، ولا يوجد لديها حيوانات مثل هذه الحيوانات ،ولا نباتات وأشجار مثمرة مثل التي لدى الآلهة ؟
- أجل يا حبيبي للآلهة حيواناتها وأشجارها ونباتاتها!
شرع الأمير في الضحك وهو يهتف متسائلا :
- أي آلهة امبريالية هذه ؟
لم تفهم الربة كلمة امبريالية . تساءلت :
- ماذا تقصد بإمبريالية يا حبيبي ؟
- إنها مفردة لغوية يطلقها أبناء كوكب يقال له الأرض ، على طبقة بشرية وصلت في ثرائها أعلى مراحل الرأسمالية !
صمت الأمير فجأة مركزا ذهنه . تساءلت الربة :
- هل هناك شيء يا حبيبي ؟
- عفوا حبيبتي . أبي يخاطرني .
وعاد إلى تركيز ذهنه :
- حبيبي طمئني عنك . لا أصدق أنك بخير ولا تخبرني بما يجري . استنفرت كل القوى الممكنة لأشن حربا لإنقاذك إذا دعت الضرورة .
- لا تقلق يا أبي . أنا فعلا بخير ، لكن ثمة مسائل لا بد من حلها . إذا احتجت إلى مساعدة سأخبرك .
- حبيبي . لقد أضفت إلى قدراتك كل ما هو ممكن ، فلا تتأخر في طلب ما هو محال أو شبه مستحيل .
- أشكرك يا أبي . اعطني أمي !
- حبيبي !
جاءه صوت أمه متهدجا :
- ماما حبيبتي لا تبك أنا بخير سأكون معكم قريبا ! أعطني فتنة !
- حبيبي حبي عمري!
- فتونة حبيبتي . اشتقت لك . لن أتأخر عليك . لا تقلقي علي حبيبتي .
وأوقف الأمير التخاطر التذاهني ،أو التذاهن التخاطري .
هتفت الربة وقد أدركت ان الأمير يجيد التخاطر كما الآلهة وكبار الجن :
- وتقول أنك لست إلها يا حبيبي وتجيد المخاطبة بالتخاطركما الآلهة !
- إنها هبة من الله يا حبيبتي !
- من هو الله يا حبيبي ؟
- ربما الإله الأكبر كما هو في معتقدكم . أما عندنا فنطلق عليه الله أو الخالق أو المطلق الأزلي حسب بعض أسماء أبي له !
- أليس هناك آلهة مساعدون له !
- في مفهومنا أنا وأبي، البشرية كلها مساعدة له لكنها ليست آلهة وإن كانت تحمل قدرا من الألوهة في ذواتها .
- لم أفهم !
- أظن أن الأمرصعب عليك !
- لكن حاول أن تفهمني .
- الخالق في فهمنا طاقة سارية في الكون والكائنات ومادة مجسدة في الكون والكائنات ، فهو الوجود كله وما فيه، والوجود كله وما فيه هو . فهو الواحد في الكل والكل في الواحد هو ! وبهذا تكون الألوهة بجزئيتها موجودة في كل كائن ليقوم بدوره في عملية الخلق وبناء الحضارة الإنسانية وتحقيق قيم الخير والحق والعدل والجمال .
أدركت الربة عمق الهوة بين فكرها وفكر الأمير وإمكانية أن تؤثر هذه الهوة على علاقة العشق بينها ا وبين الأمير . هتفت :
- حسب هذا الفهم أنت لست إلها لكنك غير معزول عن الألوهة بشموليتها .
- صحيح .
- وأنا كذلك حسب فهمك .
- أيضا صحيح !
- وما هو غيرالصحيح أننا أنا وأبي الإله لسنا آلهة بل ونقوم بأعمال لا ترضى عنها الألوهة !
بل وبما هو ضد الغاية من وجودنا !
- إنه الصحيح في غير الصحيح أيتها الربة . فأبوك يوظف قوته للحصول على ما يريد ويحتاج إلى عبيد يعبدونه ويصلون له ،ويقيم جهنما يعذب فيها العصاة من غيرالمؤمنين به ،وجنة لمن يعبدونه ، وكل هذه المسائل تتناقض مع مفهوم الألوهة ،التي هي خير بالمطلق ومحبة بالمطلق وعدل بالمطلق وجمال بالمطلق .
انفرجت شفتا الربة قليلا لتفتح فمها وترفع رأسها متأوهة وهي تدرك ما لم تفكر فيه على الإطلاق من قبل . وتنبهت إلى أن الأمير لم يعد يخاطبها ب يا حبيبتي.
- يا إلهي الأكبر كم يختلف مفهومكم عن مفهومنا. هل تظن أن الخطأ في فكرنا أم في فكر الإله الأكبر؟ !
- وكيف عرفتم أن الإله الأكبر فكر واعتبر نفسه الإله الأكبر ؟
- هكذا قيل لنا ودون في كتبنا المقدسة .
- هذا ما فكر فيه أسلافكم وليس هناك إله أكبر وإله أصغر !
- هل سيؤثر هذا الأمرعلى عشقنا يا حبيبي ؟
توقف الأمير للحظة يفكر، ليتابع بما هو خارج حالة العشق المؤقتة مع الربة :
- لا تنسي أيتها الربة أننا في حالة حب مؤقتة ،فلا أنا حبيب أبدي لك ولا أنت حبيبة أبدية لي ، فأنا رجل متزوج كما تعلمين ،واختطفني أبوك عنوة من أحضان زوجتي ،وهذه مسألة تستحق العقاب ،ومع ذلك تجاوزت المسألة وتعاطفت معك بعمق مشاعري وغمرتك بمحبتي وقمت بفعل الحب معك كما لم أفعله من قبل مع أنثى ، رغم أنني قطعت شبه عهد لزوجتي أن لا أمارس الحب إلا معها . الآن أعرض عليك أمرين لا ثالث لهما : أن تبقي في دنياك وأعود أنا إلى دنياي ، أو تذهبي معي لتنضمي إلى حاشيتي معززة مكرمة كربة إن شئت . تعيشين حياتك دون أن تسيئي إلى أحد ،وتمارسين الحب مع من يعجب بك وتعجبين به دون أن يؤثر الأمر على مشاعر آخرين . ولا تعرفين قد يكون لنا ليلة غرام أخرى وربما ليال لسبب ما في يوم ما ،وأنا واثق أن فتنة ستحترمك وترحب بانضمامك إلى حاشيتنا .
اغرورقت عينا الربة بالدموع وألقت رأسها على حضن الأمير وهي تردد:
- عاجزة عن شكرك أيها الأميرسأختار أن أبقى معك حتى لو عارض أبي وجميع مساعديه من الآلهة والجن ، وسأتبع معتقدك لأنني اقتنعت به !
- لكن ثمة مسألة قد تجعلك تغيرين رأيك !
- رفعت الربة رأسها عن حضن الأمير لتتساءل :
- ليس هناك مسائل تثنيني عن رأيي فما هي هذه المسألة ؟
- ما لا تعرفينه أيتها الربة أن أبي رسول محبة للبشرية ومحارب للشر أينما وجد إنما بوسائل فيها الحدود الدنيا من الإنسانية ، فهو يحرص على أن لا يريق دما حتى للأشرار . وما جئت أنا إلى الوجود إلا لأكمل رسالة أبي وبسفك الدماء إن دعت الضرورة . ولا أظن أننا أنا وأبي سنتجاوز سبع مجرات يؤله أبوك نفسه عليها ويبسط رعبه عليها ،خاصة وأنه يمارس جحيمه في الحياة الدنيا وليس في الحياة الآخرة حسب ما أظن !
- أجل أيها الامير جحيم أبي قائمة منذ الآن على الأحياء ، فكل من يشك في أمر إيمانه يساق إلى الجحيم القائمة على كل كوكب ،ويرغم على عبور نهر الحمم المنصهرة سائرا على الحبل الممتد فوق النهر . ويستحيل على أي إنسان اجتياز هذا الحبل ، فالجميع يسقطون في نهر الحمم المنصهرة لتبتلعهم ،وبعضهم لا يستطيعون الإنتظار ليعيشوا كل هذا الرعب وهم يرون الناس تتمايل أجسادهم فوق الحبل ليختل توازنهم ويسقطوا في الجحيم ! فيلقون بأنفسهم في النهر.
- أي سفاح هذا أبوك ايتها الربة ؟ وماذا عن الجن هل يجري عليهم العقاب نفسه ؟
- أجل أيها الأمير يجردهم من جنيتهم ويجعلهم يعبرون فوق الحبل . لكن الجن غيرالمؤمنين أو المشككين في ألوهة أبي ليسوا كثيرين كالبشر .لا أعرف حسب ما قلت لي ما الذي ستفعلانه بأبي إن انتصرتم عليه سلما أو حربا؟
- لا بد من إنقاذ البشر من ظلم أبيك سلما أو حربا ، وبما أنه جني أظن أن أبي سيسجنه في قمقم !!
- أبي قوي جدا أيها الأمير ولن يكون انتصاركم عليه سهلا بل إني أبدي منذ الآن خوفي عليكم ، وأشك في أنه سيقبل الإذعان لاي شرط من شروطكم بسلام !
- ما مدى قوة أبيك ؟
- لن تصدق إذا ما قلت لك أن أبي حسب ما يقول هو، فلم أره يفعل ذلك ، قادر أن يطبق السموات السبع على بعضها وكأنها ألواح صفيح !!
أطرق الأمير للحظات مفكرا في الكيفية التي حصل هذا الجني بها على هذه القدرات الخارقة . لم يجد غير أن يعتبرها أخطاء في الخلق إذا صح وجودها .
- هل سبق وأن رأيته يفعل أشياء خارقة . سبق له وأن دمر مجرة بكاملها وكأنها لم تكن . ورأيته يلعب بكواكب وكأنها طابات !
أدرك الأمير خطورة المواجهة مع أبيها . سألها :
- هل حددت موقفك الآن أيتها الربة مع من ستكونين على ضوء حديثنا هذا ؟
فاجأته الربة حين هتفت :
- أنا معك أيها الأمير ولن أغير رأيي مهما كان الثمن . أبي إله ظالم جدا ولا أظن أن هناك إلها أكثر ظلما منه وليس في استطاعتي أن أكون معه .
- أشكرك أيتها الربة .
وضمها إليه وقبلها على وجنتها .
****
يتبع .



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أديب في الجنة (88) * صرخة الربة عشتار في ذروة الوصال !!
- أديب في الجنة (87) * ثمة أمل في نجاة سحب السماوات من براثن ا ...
- أديب في الجنة (86) * خطف سحب السموات !!
- أديب في الجنة (85) * حديث الروح في بوح الملك إلى الأمير!
- محنة العقل العربي ونفايات القمامة !!
- أديب في الجنة (84) تحليل أميري للتمظهر الوهمي !
- أديب في الجنة (83) * غرام ممتع وجنون فلسفي !!
- أديب في الجنة (82) * الملك لقمان طريح الفراش !
- صلاة الأطفال والمستقبل المرعب! شاهينيات ( 1256)
- أديب في الجنة (81) * هذيانات وكوابيس لقمانية !
- أديب في الجنة (80) حرب طاحنة وسحب سماوية !
- الدين والعقل البشري! خواطر . تأملات . مقولات ومقالات. (5)
- في الجميل والأجمل ! شاهينيات ( 1241)
- تعريف المصطلحات في مذهب - وحدة الوجود الحديث- شاهينيات ( 124 ...
- واحسرتاه على الطفولة القتيلة !
- *في الألوهة وتعريفها وفعلها ! شاهينيات ( 1229 )
- * وعي الألوهة بين المادة والطاقة ! شاهينيات 1228
- أديب في الجنة (79) * عجائب الزمان في عرس الأميرة والأمير .
- أديب في الجنة (78) * حب عابر للكواكب!!
- * في الخالق والخلق والغباء الثقافي والدكتاتورية!


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (89) * حرب الآلهة على الأبواب !