أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد مصارع - حمام والكلب الفرنساوي














المزيد.....

حمام والكلب الفرنساوي


احمد مصارع

الحوار المتمدن-العدد: 1399 - 2005 / 12 / 14 - 11:04
المحور: الادب والفن
    


حمام أستاذ للغة العربية , وهو خريج جامعة الأزهر , وقد لقبه زملاؤه من جامعة القاهرة بهذا اللقب , لأنه مسربل بالبياض , و( بدشداشة ) ليست من صبغ النيل , بل من بطاريق القطب الشمالي ,أو الجنوبي ,
ولكنه حين يمشي يسوج كما الحمام , , ولكنه يصرخ غالبا بدون هديل .
صرخ حمام بصوت مرعب :
- يافرنساوي يا ابن الكلب و تعال خذ كلبك ؟
كان حمام عالقا , لا يستطيع التقدم أو التراجع , متجمدا من الخوف لا يقدر على القيام بأدنى حراك , لا يفصله عن كلب الراعي غير مسافة قليلة , كان الكلب ينظر إليه مخنزرا , يتفرسه بفظاظة بالغة , فتارة ينظر الى كرشه البرميلية , وتارة ينظر الى رأسه المدور الصغير , والى عينيه الجاحظتين , المسمرتين و للحظات من الصراخ في المفاوضات بينهما , مرت عليهما لحظات انتظار بدا فيها مشهد تمثالين تدب فيهما حيوية ظاهرة .
حين لمحني حمام مبتسما , هتف بغضب :
- أنت تضحك مني , اصرفه عني يا أخي .
لم يكن يجرأ على تحريك يديه , بينما في الأحوال الاعتيادية , فكل جسمه يهتز , يتكلم بصوت مرتفع , وحين يحدثني أقف على مسافة كافية منه , لأنك تشعر أنه سيلاطمك بدون قصد عند ما يتحدث .
سلمت على الكلب بالفرنسية , وداعبت رأسه , فحشرته برفق صوب الحائط , وأفسحت المجال لحمام كي يمر بأمان ,وحين اطمأن قليلا , قال متعجبا ؛
- ما هذه العلاقة ؟ أنتما صديقان حميمان على ما يبدو ؟!.
- ألا يعجبك الصداقة مع الكلب ؟
كان يبتعد ناقما على الكلب حين قال :
- هذا ليس بكلب , هذا وحش حقيقي .
فهم الكلب ما قاله حمام , فعوى وهو يصدر همهمة تنم عن نفاذ صبره .
قلت- انتظرني يا حمام للحظات .
قرعت جرس الباب فخرجت سيدة فرنسية , وبعد التحية , دلف الكلب داخلا , سألتها عن زوجها , فقالت انه ذهب للسوق وسيعود بعد قليل ودعتني للدخول , فوعدتها بالعودة بعد قليل , وأثناء ذلك , كان حمام يحتج :
- قل لها أن تربط الكلب وأن لا يخرج ثانية لوحده , قل لهم أن لا يفلتوا الكلب في عماره , أهذه هي الحضارة ؟
قلت لها هو جارنا يحثني للذهاب معه , وهو ينتظرني و سأعود قريبا .
قلت لحمام معاتبا - ماذا جرى لك يا جارنا العزيز , لماذا تكره كلبهم الى الحد ؟
قال مستاء - ما هذه الحالة , كلما صادفته , وغالبا مع أبيه الفرنساوي ,إلا وحد جني بنظرة وحش , وهذه المرة كان لوحده و فكيف سأتفاهم معه ؟.
قلت له ببرود تام : سلم عليه بالفرنسية .
ضحك معلقا : السلام بالفرنسية , ونحن لا نسلم حتى بالعربية ؟
قلت له مستفزا : يا رجل ألا تسلم على جارك ؟ انه مثلي ومثلك جميعا نسكن في عمارة واحدة .
قال هازئا : مثلك ربما أما مثلي فلا , أبدا .
قلت له مهددا - في المرة القادمة لن أتدخل في الخلاف بينكما أبدا .
ضحك وراح يربت على كتفي بشكل ودي قائلا:
- لا, الله يحفظك , لا تتركني لوحدي مع هذا الكلب الشرس .
قلت له - يا عزيزي , يا حمام , ماذا تخسر لو ألقيت عليه السلام !؟.
رد متعللا - ولكنني لا اعرف الفرنسية يا جاري ؟
قلت مبسطا الأمر
- إنها كلمة واحدة فقط , مرحبا , وتكون جواز مرور آمن , ما لذي ستخسره في حفظ كلمة واحدة ؟
وراح يردد معي مرحبا بالفرنسية , ولعدة مرات , ولكنه عاد ليسألني من جديد , محتجا
- لماذا يسكن معنا في العمارة كلب شرس مثله ؟ المباني للبشر أم للكلاب ؟
قلت له شارحا
- أنت تعرف البروفيسور الفرنسي العجوز وزوجته , بدون أولاد , وهذا الكلب حارس لهما , وهو مثل ابن لهما , وهما يدللانه كثيرا.
كان يهز رأسه موافقا , وكأنه قد قبل بالأمر الواقع .
لم تتكرر المشكلة ثانية أبدا , ولم تقم بينهما أي صداقة , من مجرد التحية , لأن حمام كان يعقد حوله على الدوام مؤتمرات صحفية ليحدث الناس في الحي والمدينة , عن الكلب المدلل الذي يعامله أهله كابن لهم , والذي يفرض على كل الجيران أن يسلموا عليه بأدب كلما صادفوه داخل البناية , وانه جار لنا مثله مثل كل السكان .
يضحك كثيرا , ويضحك معه كل من يسمعه .



#احمد_مصارع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المتمدن حر , فلماذا يحار ؟
- السجن
- شعوب (ماع ماع ) , وحكام طغاة رعاع ؟
- الشرق المقلوب ولزوم قلب الغرب ؟ - بقية
- الشرق المقلوب ولزوم قلب الغرب ؟
- الشرق الشوفيني , يساري أم يميني ؟
- السيناريو السوري المتوسط ؟
- المفروض والمطلوب من إعلان دمشق ؟
- أمام : در ؟
- البحث عن غيلان ؟
- مطرود
- نخب اليانصيب
- السماء الجرداء بلا طيور
- الطيور
- المعوقون
- الديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي
- أحفاد بدون أجداد
- لو كنت قرأت التاريخ
- ? الدنيا , اشتعلت نار
- الاهتراء


المزيد.....




- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد مصارع - حمام والكلب الفرنساوي