أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منال شوقي - مَن الذي ينفخ الفقاقيع ؟















المزيد.....

مَن الذي ينفخ الفقاقيع ؟


منال شوقي

الحوار المتمدن-العدد: 5204 - 2016 / 6 / 25 - 11:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما يصل الديني إلي المرحلة التي يحاجج فيها بطرحه السؤال : ( إن لم يكن الإله موجوداً فكيف جئنا إلي هذه الحياة ؟ ) بغرض إثبات صحة إعتقاده ، فاعلم أنه قاب قوسين أو أدني من اللادينية .
كيف ذلك ؟
في هذه المرحلة يكون الشخص قد فكر بالفعل و أعمل عقله فاستطاع أن يضع يده علي لامنطقية الطرح الديني فنمي بداخله من الشكوك ما جعله يتسأل عن بديل يستطيع من خلاله إستبدال خرافة الدين بقناعة يقبلها عقله و تجيب في نفس الوقت علي الغيبيات القديمة قِدم العقل الإنساني نفسه و التي كانت الأساس الذي بُنيت عليه الأديان منذ عصور عبادة الطوطم .
.
هذا السائل لا يطرح سؤاله بهدف تعجيز اللاديني و إجباره علي الإستسلام و القبول بإله الأديان حتي و إن بدا ذلك في حواره أو حاول هو أن يخدع نفسه بأن ذاك هو هدفه من السؤال ، و في الحقيقة هو ينتظر الإجابة فعلاً و لو وجدها لألقي بالدين في أقرب سلة مهملات .
في هذه المرحلة يكون هذا الشخص قد وجد منطقاً و معقولية في أدلة اللاديني علي بشرية الأديان و يكون في أقصي حالات الإستعداد للإستيقاظ من الوهم و لكنه لا يريد أن يغامر بترك الدين الذي يقدم له أجوبة علي كل أسئلته في مقابل اللاشئ .
و اللاشئ هو اللادينية التي تقوض الدين من داخل الدين نفسه و لا تقدم بديلاً يحل محله علي المستوي الوجودي أو الروحاني أو الأخلاقي عند هؤلاء الذين يعتقدون في أن الدين هو مصدر الأخلاق .
فالديني هنا يكون كمن واجهوه بحقيقة أن الرجل الذي رباه منذ طفولته والذي فتح عينيه فوجد نفسه يناديه بأبي ليس هو أباه الحقيقي ، فها هي الملامح مختلفة جداً و تحاليل الحمض الوراثي ينفي النسب بشكل قطعي ، كما أن نتائج التحاليل الطبية لهذا الأب تقول بأنه لا يستطيع الإنجاب من الأساس و هنا يأتي السؤال : إن لم يكن هذا الرجل أبي فمن يكون ؟
و حينما تكون الإجابة بلا نعلم يكون الرفض و إنكار كل الأدلة التي سيقت ، فمرارة العيش كشخص مجهول نسبه هي الجحيم عينه و الذي لن يقبل به الضعيف نفسياً و الغير ناضج عاطفياً بالقدر الكافي بحيث يمتلك الشجاعة لتقبٌل الحقيقة و التأقلم معها .
.
أقول لك أن خصائص و صفات الإله في الأديان مغلفة بهالة من القداسة و الخوارق التي لا تنسجم مع بشرية تفضحها صبيانية أفعاله كالانتقام من مخلوقات تافهة مقارنةً بعظمته المُفتَرضَة وتفاهة اهتماماته و التي لا حصر لها في الكتب المقدسة ، و لكني مع ذلك لا أملك البديل الذي يُسَكِن فضولك القاتل حين ينسحب الدين من خلايا دماغك بعد أن أدمنت عليه .
من أين جئنا ؟ و كبف وصلنا إلي هنا ؟ و لماذا نحن هنا ؟ كلها أسئلة يقابلها أسئلة أخري من مثل : من أين جاء الإله ؟ و من الذي أوجده ؟ و كيف كان موجوداً في العدم حيث لم يكن شئ سواه فلا مكان و لا زمان و فقط الله في العدم أو مع العدم ؟
و احتيالاً علي عقولنا التي تطرح الأسئلة الغيبية كان لابد من كسر قاعدة العلة و السبب و عدم تطبيقها علي الله باعتباره ( كائن ) خارق أو ماهية / قوة خارقة لا تسري عليها قواعد التفكير العقلاني المنطقي أو العلمي التجريبي .
.
و علي ذكر العدم ، فالعدم ذو مدلول معنوي و يكون من الجنون محاولة تصوره في إطار فيزيائي و إلا فاغلق عينيك و حاول أن تتخيل أنه لا زمان و لا مكان و لكن احترس فالنقطة السوداء و الصغيرة جداً التي وصلت إليها بعد جهد جهيد ليست عدماً فمازالت تحتل مساحة .
و نحن نقول ، عدم الأمان ، عدم الراحة ، عدم النوم ، عدم الصبر و لكننا لا نقول عدم الكرسي و عدم الحديقة و عدم الأيام و الشهور .
فالعدم كلفظ و كمعني لا يصح إستخدامه إلا مقروناً بكلمة ( إسم ذو مدلول غير ملموس ) : عدم التسامح ، عدم الرضي إلخ، و بما أن الأشياء بضدها تُعرف فالوجود كذلك ذو مدلول معنوي و لا ينبغي أن نقع في خطأ الإلتباس بين مفهوم الوجود و مفهوم الحياة و من هنا فالوجود بمعناه المجرد لا وجود له تماماً كنقيضه العدم و هو ما يبرهن عليه عدم استطاعتنا تعريف الوجود في غياب الموجودات .
و بالعودة للإله ، هل يجوز لنا أن نتسائل عن الكيفية التي كان بها إلهاً في غياب كل و أي من أو ما من شأنه أن يؤلهه أي يضفي عليه صفة الألوهية ؟
لقد كان الله في مرحلة ما - لا أعرف ماذا أطلق عليها نظراً لأنه خارج إطار الزمان و المكان - وحيداً فهو الأول الذي ليس قبله شئ و بناءً علي ذلك فلم يكن في ( الوجود ) من يعبد هذا الإله أو يألهه أو حتي يعلم بوجوده !
لم يكن الله دائماً إله بل كان مجهولاً حتي ، و لذا فقد ( إحتاج ) لخلق و إيجاد من / ما يُضفي عليه صفة الألوهية .
.
يذكرني هذا بالسؤال الفلسفي الذي يقول : إذا سقطت شجرة في غابة فهل سيُحدث سقوطها صوتاً ؟
و إجابتي أنا عليه : سيُحدث سقوطها صوتاً فقط إن وُجِد من / ما يسمع صوت هذا السقوط و باستثناء ذلك فلا صوت .
و لكن الطرح الموضوعي يجبرني علي الذهاب أبعد من ذلك و التعلل بأن عدم سماع صوت سقوط الشجرة لا ينفي وجودها ، أليس كذلك ؟
و لكن كيف للشجرة أن تكون موجودة في عدم وجود من يعلم بوجودها ؟ ، و بالتالي فصوت سقوط الشجرة يُستدل عليه فقط بعد تواجد من رأها و قد سقطت بالفعل ، أما قبل ذلك فهي ليست موجودة من الأساس !
.
كان الناس قديماً و قبل اكتشاف درجة غليان الماء و ما يطرأ عليه من تغيير في الحالة بانتقاله من الحالة السائلة إلي الغازية عند الوصول لهذه النقطة يندهشون من ظهور فقاعات علي سطح الماء بوصفها ظاهرة خارقة لم يكن لها تفسير علمي و بالتالي فقد حاولوا إيجاد تفسير لها لإرضاء الفضول و لإسكات الدهشة و التي هي حالة من عدم التوازن بين مشاهدة الظاهرة و تفسيرها و هي حالة مقلقة أو لنقل غير مريحة ، و في غياب التفسير العلمي الذي يهدأ العقل في وجوده يصبح اللجوء للغيبيات و الاجتهادات البدائية أمراً لا مفر منه و لا مانع هنا من أن ينسج الخيال خرافة ما أو قصة أسطورية حول الظاهرة فيجعل لها مدلولاً دينياً كون الأديان نشأت في الأساس لإيجاد تفسير لكل ما لا تفسير له .
و لذلك فقد كان الناس قديماً يطرحون السؤال التالي : من الذي ينفخ الفقاقيع ؟
و كما نري - في ظل ما نعلمه اليوم عن الفقاقيع - فإن صيغة السؤال بالأساس خاطئة لأننا نعلم أننا كي نجيب عن السؤال المطروح حول ظهور الفقاقيع علي سطح الماء عندما ترتفع درجة حرارته علينا أن نسأل عن : كيف تظهر الفقاقيع ؟.
و الحقيقة أننا مازلنا نرتكب نفس الأخطاء فنطرح الأسئلة بصيغة خاطئة و لهذا فنحن لا نصل حتماً للإجابة الصحيحة ، و لكننا في ذلك معذورون، إذ لم تتطور أدمغتنا بعد بالقدر الكافي الذي يسمح لها بطرح الأسئلة الصحيحة بل مازلنا في طرحنا لأسئلة من مثل ( من الذي أوجدنا ؟ ) في مقابل ( كيف وُجِدنا ؟ ) كمثل الذين كانوا يسألون عن ( من الذي ينفخ الفقاقيع ؟ ) في مقابل ( كيف تظهر الفقاقيع ؟ ) .



#منال_شوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقفة و إهداء
- مناوشات مع الله
- أسباب النزول
- براحتك طبعاً ( لكنك غبي )
- عندما يفقد الإله ذاكرته ( الإله الكيوت )
- بين فاطمة ناعوت و مجدي خليل مع حفظ الألقاب
- كنت أعرف هذه المرأة
- كان يتقزز من المثليين
- و من الرجال أيضاً عاهرون (5)
- و من الرجال أيضاً عاهرون (4)
- و من الرجال أيضاً عاهرون (3)
- و من الرجال أيضاً عاهرون (2)
- و من الرجال أيضاً عاهرون (1)
- موقع شرف المسلم من الإعراب
- ميراث المرأة و العنصرية الدينية البغيضة
- فبُهِت الذي كفر
- الفرق بين الملحد العربي و الملحد الغربي
- الرد علي منكري حد الردة 2/2
- فازت العلمانية أم فاز صادق خان !
- الرد علي منكري حد الردة 1/2


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منال شوقي - مَن الذي ينفخ الفقاقيع ؟