|
ميراث المرأة و العنصرية الدينية البغيضة
منال شوقي
الحوار المتمدن-العدد: 5162 - 2016 / 5 / 14 - 18:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لما كانت الأديان ذكورية المنشأ و الإنتشار كان بديهياً أن يميز مبتكروها بين الرجال و النساء علي أساس أن إنتشار الدين كان منوطاً بالرجال فهم من يحاربون أعداء هذا الدين و يتوسعون و يغنمون و يدافعون عن المنظومة الدينية و التي تشكل دستور و أيدولوجية الجماعة . لم يكن للنساء أي فائدة من المنظور الديني سوي إنجاب الأطفال و هكذا نجد أن الطرح الديني فيما يخص النساء قد إنصب علي الرؤية الجنسية للمرأة في معظمه ، فالمرأة لم تكن تحمل السلاح للدفاع عن الجماعة و الأرض و الأيدلوجية و الدستور أو الدين الذي يحكم هذه الجماعة و يحمي أرضها و يصون أيدلوجيتها . و لم يكن غريباً إذن أن يُعلي الدين من قيمة الرجل و يميزه علي حساب المرأة و الرجل هنا بالنسبة للدين هو الجندي الذي يُكسبه الوجود و الإنتشار و الحماية . و في هذه المجتمعات البدائية التي لم تعرف نظام الدولة و مؤسساتها و لا القوانين و احترامها كان ضرورياً أن تسن الأديان قوانين معتنقيها ، بل كانت الأديان نفسها ضرورية لضمان طاعة و امتثال أفراد الجماعة لهذه القوانين مما يفسر أن مبتكريها كانوا يتحدثون بلسان الإله ككائن فوقي ذو قدرات أعلي من تلك التي للبشر و ليس بألسنتهم هم لضمان خضوع أفراد الجماعة لذلك الدين أو الدستور . و من هنا نشأ تمييز الرجل عن المرأة في الميراث في اليهودية ثم الإسلام فيما بعد بوصفه مُستقي و منقول في معظمه عن اليهودية . فاليهود كانوا قبائل بدوية تحترف الرعي و كذلك كان المسلمون في عصر واضعه محمد و معروف أن القبائل البدوية التي تحتترف الرعي ليس لديها الفرصة لتكوين مجتمعات ثابتة ذات أسس حضارية تصلح لأن نطلق عليها دولة . و علي العكس من ذلك كان قدماء المصريين قد توصلوا لإقامة الدولة بكل مقوماتها فعرفوا القوانين و نظام التأمين الصحي و الإجتماعي و الوزارات و المدارس و كل ما من شأنه أن يكرس لحضارة و بالتالي نجد أنهم قد ساووا بين الرجل و المرأة في الميراث مما يجعلنا نستنتج أن المجتمعات المتحضرة كانت دائماً تحرص علي المساواة بين الجنسين . . و من التلفيقات و التبريرات التي يسوقها وارثي الثقافة البدوية من أن تمييز الرجل عن الميراث لأن أعبائه المادية المكلف بها تفوق تلك التي للمرأة و يستدلون علي ذلك بمفاهيم هي من صميم أديانهم كمسألة المهر و الذي هو تشريع إسلامي أشبه بالبيع و الشراء فلا محل له من الإعراب اليوم ، فما استمتعتم به منهم فأتوهن أجورهن لم يعد يصلح لنا اليوم و كان مناسباً لمجتمعات البدو التي لم تكن للمرأة فيها أي فائدة سوي إسعاد الرجل و إنجاب الأطفال فالمرأة اليوم ليست كائن إعتمادي بل تكسب رزقها و قادرة علي إعالة نفسها و لا تتزوج بهدف أن تجد من يوفر لها المسكن و المأكل و الملبس . ثم إن المرأة في معظم دول العالم المتحضرة تنضم للجيش و تثبت كفاءة في القيام بواجبها فلا تنقصها المهارة و لا الشجاعة و عصر الحرب بالسيف و القوة البدنية قد ولي و لن يعود . لذا كان واجباً علينا أن نتطور و نغير موروثاتنا التي لم تعد تصلح للعصر و خاصة إذا علمنا أن المرأة تشارك اليوم في الأعباء المادية للإسرة تماماً كالرجل بما معناه أن هذه الأسر لا تستطيع الصمود إن هي إكتفت بدخل الرجل فقط و ليس هذا فحسب بل إن نسبة لا يًستهان بها من الأسر في كل المجتمعات الشرق أوسطية تعولها إمرأة بمفردها ، في المجتمع المصري 33% من الأسر علي سبيل المثال تعولها النساء كما تقول الإحصلئيات . فلا الثمن الذي كان الرجل يدفعه لأهل المرأة من أجل الزواج بها أصبح يناسبنا و لا القوة البدنية للرجل المحارب بالسيف و الرمح أصبحت مبرراً لكسب حرب في وجود الأسلحة المتطورة و لا المرأة مازالت ذلك الكائن الضعيف الإعتمادي الذي يعيش عالة علي الرجل . أما المتشدقين بمقولة أن المرأة في الإسلام ترث أحياناً أكثر من الرجل فأقول لهم أن من أبجديات عقد المقارنات أن نثبت جميع المتغيرات كي تكون المقارنة صحيحة . فالقول بأن الإبنة ترث أكثر من الجد لا يختلف عن القول بأن المديرة تحصل علي مرتب أكثر من الفراش الذي ينظف مكتبها ، و لكي تكون المقارنة خالية من الغش و التدليس لابد أن يكون طرفيها من نفس الشريحة فنقارن ميراث الإبنة بالإبن و الأخت بالأخ و هكذا . و ما يثير عجبي حقاً هو التدليل علي إنصاف الإسلام للمرأة بمقارنة وضعها في اليهودية مع مثيله في الإسلام و لهؤلاء أقول : و ما العجب في ذلك و قد سرق محمد أحكام شريعته من اليهود ! فاليهودية و الإسلام من نفس المستنقع و عما قريب سنصل لمستوي من الوعي يجعلنا نرفض هذا الميراث البغيض ، ميراث المجتمعات البدوية العنصرية البدائية و لعل مشروع القانون التونسي للمساواة بين الرجل و المرأة في الميراث هو الحلم الذي يقترب من التحقيق .
#منال_شوقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فبُهِت الذي كفر
-
الفرق بين الملحد العربي و الملحد الغربي
-
الرد علي منكري حد الردة 2/2
-
فازت العلمانية أم فاز صادق خان !
-
الرد علي منكري حد الردة 1/2
-
مغالطات ذاكر نايك في التشبيه و الإستدلال 2/2
-
التشريع الهدام لإله الإسلام
-
المغالطات في التشبية و الإستدلال عند ذاكر نايك 1/2
-
يا هؤلاء أنا أري الله في الزهور و أنتم ترونه في القبور
-
المجد لك محمد ولد امخيطر
-
دينك علي راسي و لكن !
-
هل عليكم حرج إن تحممتم في بيوتكم ؟
-
أزمة الله مع النسوان
-
و هل كان محمد ليسأل و هو المُجيب !
-
القرآن يزدري الأديان
-
أرباح الله البنكية من الرؤوس
-
كنت لأختار القناطر لا تورنتو
-
و إنك لنصاب كبير
-
و الله خير الماكرين
-
هل تجدان صعوبة في بلع حذائي ؟
المزيد.....
-
شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال
...
-
مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا
...
-
إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح
...
-
في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض
...
-
لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
-
3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
-
الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
-
مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال
...
-
كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
-
واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|