أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حياوي المبارك - لفظ الجلالة















المزيد.....

لفظ الجلالة


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5195 - 2016 / 6 / 16 - 15:42
المحور: الادب والفن
    


لفظ الجلالة
ليست كلمة (الله) التي تتعامل معها بشكل خاص ومتفرد كل لغات العالم، كلمة جديدة أو وليدة الأديان السماوية، بل هي كلمة أطلقها البشر على الخالق حتى قبل مجئ الديانة اليهودية منذ أربعة آلاف عام خلت*، فالكلمة قد تداولتها مختلف الثقافات وجميع الأقوام كل على أنفراد حتى قبل أن تتحقق أمكانية التواصل فيما بينها، فمنذ أن أكتشف الإنسان لغة للمخاطبة بين أفراد القوم الواحد مستفيداً من أستدارة لسانه وتحكمه ببلعومه وشفاهه لينطق مختلف مخارج الحروف التي تمكنه من نطق مالا يقل عن مائة لفظ متميز الواحد عن الآخر*، كان يخاطب السماء ويؤمن بأن الله قوّة جبارة، ماردة وفريدة.
تنظر اللغة العربية للكلمات عند أعرابها ككيان مجرد كأن يكون أسم أو فعل أو صفة... ولا تنظر للمعنى، ومثلما تُرفع أسماء مثل (السلطان والرئيس والخليفة...) فيمكن جرها فنقول بأنها مجرورة بحرف الجر، فيكون السلطان والخليفة والرئيس مجروراً بحكم موقعه دون النظر لمحتوى الكلمة، لكنها ـ أي اللغة ـ تنظر لأسماء الله الحسنى* بما تعني من معنى جليل أكبر من مجرد كلمة يمكن رفعها ونصبها وجرها.
(الله) يكتبها الحاسوب بالعربية على الشاشة وتطبعها مطابع الكتب بشكل خاص مهيب يحمل الشدّة والألف القصيرة فوق اللام. بالأنكليزية وبقية اللغات يُشيرون (لله) بحرف كبير حتى لو كان بمنتصف الكلمة وهو أستثناء عن القاعدة، حيث في اللغات التي تستخدم حروفاً لاتينية، نجد أن أسم الله God يكون مكتوباً بحرف كبير (كابيتال لتر) حتى لو نشير له بأحد الضمائر...
I feel (Hem) in my heart.
My (God) is Kindness.
باللغة العربية حينما نعرب الأسم (الله) سواءً كانت فاعلاً مرفوعاً (اللهُ ملك الأكوان) أو مفعولاً به (وجدتُ الله غفاراً رحيماً) أو مجرور بحرف الجر (آمنتُ باللهِ) فإننا نحرص أن نعرب الكلمة بشكل يجنبنا المساس بمكانته. ومع أننا ندرك بأن اللغة العربية تجعل الفاعل مرفوعاً، وهو أمر متأتٍ من الرفعة لأنه صانع الفعل والمتحكم به، لكننا أيضاً نقول... (الله: لفظ الجلالة مرفوعاً بالضمة...) وهكذا نوجه أعرابنا للفظ وليس للمعنى حرصاً منا لعدم المساس بالله رب الأكوان ذو الرفعو والمنزلة الأعلى وهو ما سيخدمنا لاحقاً لو وقع لفظ الجلالة بحالتي النصب والجر وذلك بتوجيه أعرابنا للكلمة ونبتعد عن المعنى كي لا نقترف (ذنباً) تضعنا طريقة الأعراب فيه، وهذا دليلاً قوياً كون الإنسان وضع منزلة كبيرة (لله) بلغته منذ القدم وقبل عصر الأديان. الأكثر من ذلك فقد وحّده ولم يُشرك به أحداً بدليل أن هذه التسمية لا تقبل عملية الجمع بكافة اللغات، أي أن الإنسان نظر لخالق واحد له لا شريك له، وأن التوحيد قد تبناه الإنسان منذ القدم ثم جاءت الأديان لتؤكد أفكاره، ولتضع اللغة العربية أسماءه بمنزلة أسمى وأشترطت على من يعددها أن نفسه وبدنه تكونان طاهرة نقية...
من العبارات التي أحببتها وخرمتها بالورق وألصقتها على حائط غرفتي عندما كنت طالباً بالمدرسة، عبارة تقول...
Oh Lord, help me to keep my mouth shut, till I know what I am thinking about.
فيها نسأل الله أن يمنحنا الصبر والحلم كي نفكر بما نقول قبل أن تنطقه أفواهنا. لنلاحظ هنا أيضاً أن كلمة (لور) قد أبتدأت بحرف كبير برغم وقوعها وسط الجملة لأنها تشير لله.
كثيرة أسماء الله الحسنى، وهي معرفة بأل التعريفية ولا يمكن لإنسان حملها دون أن تسبقها كلمة (عبد)، فعبد الرزاق وعبد الخالق وعبد المطلب... كلها تُشير لرجل عبد خالقه، و(عبد الملك) تعني أن الملك ربنا وليس ملكاً أخر، والعبودية فقط لله ولا أحد يستحقها من خلقه سواه. يقول الأزهر بأنه لا يمكن أطلاق كلمة (عبد) قبل أسماء العلم التي لا تشير لله كـ (الزهرة والنبي والرسول والمسيح...)، ولا (الكاظم والإمام والحسين والعباس...) فهذه الأسماء يجب أن تنطق بدون أل التعريفية... (زهرة ورسول وحسين وعباس)، حتى أن معلقي كرة القدم العرب حينما يعلقون على مباراة تظم منتخب العراق، يقولون (ناول عبد زهرة، وشوّت عبد رسول) في أشارة لأسم مركب ليس له علاقة بالله وبالتالي لا يحمل (أل) التعريفية التي تخص الخالق الواحد.
من أسماء الله الحسنى (السلام) وهو يعني الأمان والأطمأنان، و(الخالق) هو أسم فاعل من الفعل (خلق)... وهكذا هي أسماء الله الحسنى بكافة معانيها الجميلة. من بينها أسماً يحق لنا أطلاقه على أبناءنا بعد كلمة (عبد) هو (ذو الإجلال والإكرام)، هل سمعتم وهل يمكن أن يكتب بشهادة ميلاد، أسماً بعشرين حرفاً (عبد ذو الإجلال والإكرام)؟ دون شك يمكن لأبناءنا أن يحملوا أحد أسماء الله الحسنى، لكن لو كان بهذا القدر من الحروف، هل سيرضون؟ لنجرّب ونرى النتيجة بعد عشرة سنين!
الجميع يبجل الله حتى الملحدون أو الكفار، فبمجرد ذكره حتى لو بالسوء، فيعني ذلك الأعتراف ضمنياً بوجوده. لكن دعونا نبتعد عن اللغة وعن كتب السماء والأرض التي تمجد كلها دون أستثناء خالقنا وتتودد له وتتوعد المؤمنين خيراً والملحدين بسوء الخاتمة ونترك الصورة المادية في هذه المعادلة ونتعمق بشكل مقتضب جداً عن الرمز المعنوي لله. تقول بعض الفلسفات أن الله فينا ونحن فيه، أي أننا جزء منه وهو جزء منا بكياننا المادي والمعنوي، وأن التقرب منه تعني التقرب من ذاتنا وضميرنا، وما دام الله يعني الحب والسلام والعدل والحق... وهذه بعض من أسمائه وبالتالي من صفاته، فالتقوى والإنصاف وكل ممارسة للعمل الصالح، ستقربنا منه وتجعلنا فيه.
من وجهة نظري فأن الدعاء لله وطلب المغفرة منه عند رفع الأيادي والوجوه نحو السماء، إنما هي حركة شكلية لا تعني مناداته وهو يجلس في أعالي السموات، وإنما لما تمثله السماء من الرفعة والعلو، أما ما يجب أن نتوجه صوبه حقيقةً حينما نقف بخشوع ونغمض أعيننا ونفتح قلوبنا، فهو لذاتنا وضمائرنا التي يجب أن تنطق بالحق بنقاء دون خوف من لومة لائم، لتكون جزء من الله تسكن فيه وتسير على دربه.
عماد حياوي المبارك
× يمكننا من بضعة حروف علة أن نصدر عشرات الألفاظ، فالألف والواو والياء يمكن أن ننطقها بعدة طرق كل منها يختلف عن الآخر ضمن اللغة الواحدة.

× ويكيبيديا بتصرف... وفقًا لـلكتابات اليهودية التي أصبحت تعرف بـالكتاب المقدس العبري، ينحدر اليهود من شعب إسرائيل القديم الذي أستقر في أرض كنعان الواقعة بالساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط (1451 قبل الميلاد)، وأصولهم مشتركة من نسل إبراهيم وأبنيه إسحاق ويعقوب، وهؤلاء هم العبرانيون الذين تركزت تنقلاتهم بين عامي 1991 و1706 ق م.
× ويكيبيديا بتصرف... أسماء الله الحسنى هي أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد الله بصفات كمال وحكمة ورحمة وعدل. وقد سمى الله بها نفسه في كتبه أو على لسان أحد رسله أو أستأثر بها، ولا يشبهه ولا يماثله فيها أحد، ويراد بالحسنى كمال الحسن التي لا يستوفِها إلا الل،. وهي أصل التوحيد وروح الإيمان وغايته، فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، إزداد إيمانه وقوي يقينه بالله. وقد أمتدح الله نفسه باللغة العربية في القرآن الكريم بها فقال... (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) و(وَلِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَاَ...). وتذهب اللغة العربية لمائة أسماً لله أو أكثر، كلها تبجله وتمجده.
× أتفقُ كثيراً مع بعض الجمل والأفكار بالمقالة القيمة التي قدمها لنا الأخ الأستاذ نعيم عـربي ساجت عن الأديان والتدين... فلسفة وجود الله غير فلسفة وجود الأديان، فلا يختلف العقلاء عن وجود الله بشكلٍ وبكيانٍ ما، لكنهم يختلفون حول نزول الأنبياء وكتبهم المقدسة لأن للبشر تأثير في ذلك. بمعنى آخر... ليس لنا نحن البشر يد في صناعة الله بل بالعكس هو من خلقنا، بينما لنا دور في نشأت الأديان وأختلاف مذاهبها بما يخدم مصالح المجتمعات أو حتى الأفراد. الله هو الخالق الواحد الأحد، لا يجوز لأحد أن يتحجج بأسمه لأستغلال الغير، لكن التاريخ يحدثنا أن الأديان قد أستغلت كلمة الله وتاجرت بها بين البشر البسطاء بشكل معنوي أو حتى مادي لتمرير مصالح وأجتهادات بحجة التقرب لله.
من أشعار وردت بمقالة الأخ الغالي نعيم عربي ساجت، لنتعمق بفلسفة الشعراء، يقول أحدهم أن الأديان فرقت البشر...
إِنَّ الشَّرائعَ أَلـقَت بيننا أَحـُنـاً وعَلَّمتنا أَفانينَ العداواتِ
ويقول بأن الأنبياء مضو والبلاءُ باقٍ...
كم وعِـظَ الواعظون منّـا وقام في الأَرضِ أَنبياءُ
ومضوا والبلاءُ باقٍ ولم يزل داؤنا الـعَياءُ
وقال آخر عن تفرقة الأديان...
في اللاّذقيةِ ضَجَّةٌ ما بينَ أَحـمـدَ والـمـسيحُ
هـذا بناقوسٍ يـدُقُّ وذا بِـمـئذنـةٍ يَـصـيـحُ
كُلٌ يُعـزِّزُ دينَـهُ يا ليت شعـري ما الصَّحيح؟
لكن الشاعـر الفيلسوف الصوفي (أبـنُ عــَربـي) يقول أن الأيمان والتقوى بيضت قلبه وطهرته...
لقد كنتُ قبلَ اليومِ أَنكرُ صاحبي إِذا لم يكن دينهُ إِلى ديني دانـي
فَأَصبحَ قلبي قابلاً كُلَّ صورةٍ فمرعى لغزلانٍ وديرٍ لِـرُهبانِ
وبيتٌ لِأَوثانٍ وكعبةُ طائفٍ وأَلواحُ توراةٍ ومصحفُ قرآنِ
أَدينُ بدين الحبِّ أَنى توجَّهَتْ ركائبُهُ فالحبُّ ديني وإِيماني



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاهد عيان
- عم توفيق
- سكسون
- الثلاثة... سعدي
- فاز باللذات...
- ماذا لو تشرق الشمس من الغرب؟
- حواسم أيام زمان
- على مودك
- أبو عبد الله
- خطة لا يعلم بها أحد
- ليلة من ليالي رأس السنة
- كرسمس
- للأذكياء فقط... أيضاً
- للأذكياء فقط... رجاءاً
- من هم الأذكياء؟
- حدث بشارع حيفا
- كونتاكت
- أبو ناجي
- لاند خود
- ((زوغق))


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد حياوي المبارك - لفظ الجلالة