أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - عبد اللطيف بن سالم - الإعلام المشهدي














المزيد.....

الإعلام المشهدي


عبد اللطيف بن سالم

الحوار المتمدن-العدد: 5194 - 2016 / 6 / 15 - 21:05
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


الإعلام المشهدي

هل حتى الإعلام الورقي قد أصبح يعتمد على المشهد ويتخذ الصورة طريقا له إلى القارئ ؟ أليس هذا تلاعبا بالعقل البشري وهبوطا به إلى حاسة البصر وحدها المعروفة بكثرة الخدع وإيقاع العقل في الشٌبه ؟ أليس مثل هذا الإعلام يفتقد إلى الكثير من الحرارة البشرية ، حرارة الروح العميقة ؟ فكيف سيكون له بالتالي المطلوبُ من التأثير الإيجابي على الفرد أو على المجتمع ؟ إنه إذن بمثابة زبد البحر الذي يذهب جُفاء في لمح البصر ويترك البحر غائضا غامرا لكل أسراره ولكل ما يحتوي .
عندما كانت الكلمة تلقائية ،نظيفة ونقية سالمة من الزينة والبهرج كانت (مثلها مثل المرأة العادية الجميلة) تنفذُ إلى النفس بسهولة وتلتقي بالروح في أقرب وقت ممكن ، أما اليوم وبتأثير هذه التكنولوجيات المتطورة لم يعد للكلمة من الحرمة التي كانت لها في السابق ولم يعد لها من طريق إلى القارئ إلا عبر هذا المستنقع الذي تخرج منه هذه التكنولوجيات إلى كل بلد باسم المعاصرة دون وعي من الناس أو تدبٌر حتى أصبحت ثقافتنا مشوٌهة بأدران تلك المصانع ونفاياتها الملوثة للبيئة ، ومهمٌشة عن المقاصد والأهداف الرئيسية المطلوبة عادة من المجتمع حتى أن عقلياتنا – في الجملة – قد صارت مريضة ومشتتة في كل منهج ، ويبدو لي أن كثرة المشاهدة للصور سواء هي على الصحف الورقية أو على شاشة التلفاز متعبة للمدارك العقلية المختلفة وبالأخص منها ملكة التذكر إذ قد يكون للصٌور العديدة المشاهدة على الورق أو على شاشة التلفاز أو على شاشة الكومبيوتر فعل المخدر أو المشوش على هذه الملكة .
الإعلام المشهدي المعتمدُ على الصٌور (التوضيحية ) الساكنة منها أو المتحركة وعلى الألوان الزاهية كما هو الماكياج المبالغُ فيه والذي يكاد يغطي عنا وجه المرأة الحقيقي ، كما هو التمثيل في المسرح الذي يتعمٌد أحيانا مسخ الشخصية الحقيقية ليحقق أهدافا ثقافية معينة ، كلها تدفع بالمرء إلى الحصول على معرفة وهمية أكثر منها معرفة حقيقية بما يقع في العالم وهذا ما من شأنه أن يهمٌشه ويروغ به عن اتخاذ الموقف الصحيح اللازم والمناسب من نفسه ومن المجتمع الذي إليه ينتمي . ويتنزل كل هذا في إطار إرادة العولمة تحويل وجهة إنسان اليوم عن ضرورة التفكير في نفسه وعن ضرورة الوعي بواقعه كما ينبغي حتى يتسنى لها تسخيره دائما لتلبية حاجاتها المتزايدة مع مرور الزمن وتحقيق أهدافها الإستراتيجية العديدة .
لو نقوم بتجربة فنطالع كتابا بلا صور (إلا ما كان منها ضروريا ) ونطالع بعده كتابا في نفس الموضوع جلٌه صورُ ونرى بعد ذلك ما كان للكتابين في نفوسنا من الأثر ، سنتأكد وبدون أي شك من أن للكتاب الأول الأثر الأكبر لأن العقل في حاجة إلى أن يعوٌل على نفسه ويستعمل ملكة خياله ليحصُل على ما يحتاجه من الصٌور ويختزنها بسهولة في الذاكرة ويعمل بها لاحقا عند الحاجة ( كما يخبرنا بذلك علم النفس المعاصر ) أمٌا ما يُعرض عليه من الصٌور من الخارج ( والتي هي ليست من صنعه ) فإنه لا يُوليها نفس العناية ولا يتأثر بها كما ينبغي ولا تكون لها بالتالي الجدوى المطلوبة في التفاعل مع الواقع .

هذا النوع من الإعلام المعتمد على الصورة هو البعض من نتاج هذه الحضارة المعاصرة ، حضارة العولمة ، هذه التي لم نشارك فيها جميعا باختيارنا الشخصي أبدا بل هي داخلة علينا بقوة دونما استئذان غالبا ومهمٌتها الأساسية والأولية راهنا هي القضاءُ على كل خصوصية بفعل التهميش والشكلية في كل ثقافة محلية لتهيمن هي ببهرجها الثقافي على العالم كله ومن بهرجها هذا ( المختلفة أشكاله ) صناعةُ الصورة (في مختلف وسائل الإعلام والدعاية ) لتلهية الشعوب عن واقعها الحقيقي والرسمي المهدٌد اليوم بكل المخاطر وهي لا تدري .
ألم نعد اليوم نبحث عن التغذية البيولوجية السالمة من التحويل الجيني فلنبحث أيضا عن ثقافة نظيفة وسالمة من النوايا السيئة إذا بقي لنا منها شيء على هذه البسيطة ؟
لم يعد الناس اليوم في ما يبدو يطالعون الصحف والمجلات (الورقية أو الالكترونية ) إلا بواسطة المشاهدة أكثر منها بواسطة القراءة المركزة لأن القراءة المركزة هذه تتطلب مجهودا إضافيا لم يعد اليوم متوفرا لدى جميع الناس بالقدر الكافي إذ أن أغلبهم قد صار مصابا بالكسل الذهني منذ انتشار هذه الثقافة العالمية المبهرجة ، ثقافة العولمة . أمٌا الإعلام الموجٌه عادة إلى الداخل ، إلى المقاهي والمؤسسات والمنازل وغيرها من الأماكن الشبيهة والمعتمد عادة على الصوت أو على الصوت والصورة فإن ضرره قد صار أكثر من نفعه في أحيان كثيرة إذ يكاد يُحدث القطيعة بين الزوج والزوجة و بين الآباء والأبناء و حتى بين الإخوة بالخصوص منه تلك المسلسلات المتناسلة بعضها من بعض كخيوط العنكبوت الهزيلة المتداخلة في بعضها أحيانا ككبة منحلة ،هذه من الأرجنتين وهذه من المكسيك وتلك من تركيا وأخرى من الشرق العربي ولم نعد ندرك بسهولة ما هو الأنسب لنا في الجملة وإننا في خضم هذه العروض المتوافدة علينا من كل جهة نصاب أحيانا بالحيرة ونقع في كثير من وهم المعرفة و نكاد نفقد الوسيلة الفضلى للتواصل ولم نعد بالأحرى قادرين على استرجاع تلك العلاقات الحميمة التي كانت لنا في السابق وأُُصبنا في علاقاتنا بالبرودة حتى إذا ما مات منا واحد لم نعد نبالي بموته كما كنا نفعل في السابق فهل هذا هو ما نحتاجه من الثقافة المعاصرة أم أن هذه الدنيا اليوم تنحدر بنا في الهاوية من حيث ندري و من حيث لا ندري ؟...



#عبد_اللطيف_بن_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطأ في - الديمقراطية - لا بد الآن من تداركه .
- أليس بين الطبيعي والاصطناعي فرق كبير ؟
- كيف تتكون الحاضنة الشعبية للإرهاب ؟
- الغنوشي في استنكاره على الأمريكان ضربهم ل-داعش - في ليبيا
- من ( الأنا ) إلى ( الإنية ) فإلى (الغيريٌة) ومن (الهُو ) إلى ...
- الحب في فلك الجواز والمنع
- غزوة داعشية
- الإرهاب يضع تونس تحت المجهر .
- العقل والمعتقد ، سؤال انتربولوجي .
- الحلم --- -في ما بين النوم واليقظة -
- الله من خلق االبشر ...
- رسالة إلى المجتمع الدولي
- أحداث الحادي عشر من سبتمبر ( أيلول ) من صنع إسرائيل .
- لماذا التقاعد والخمول ؟
- - الحجاب - في علاقتة بالمسار التربوي .
- الإرهاب ثقافة مؤدلجةسياسيا
- الإرهاب يضع تونس تحت المجهر
- إنذار وتحذير
- الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان
- الشذوذ الجنسي .


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - عبد اللطيف بن سالم - الإعلام المشهدي