أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - العذارى ومراقد الاولياء














المزيد.....

العذارى ومراقد الاولياء


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 5182 - 2016 / 6 / 3 - 14:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العذارى ومراقد الاولياء
محمد الذهبي
تلك الفتاة الجميلة صاحبة احلى قوام واحلى تسريحة، بقيت اكتب شعرا لها، ولم اجرؤ على الاقتراب منها سنين عديدة، كانت تسير بثقة عالية تجعل الآخرين يخشون الاقتراب، صفاء الجميلة الواثقة، تمسك كيس الحناء بعد اربعين عاما لتدور وتبحث عن صور الاولياء في الاستدارات والساحات التي ملأت بغداد، امرأة عجوز متعبة تسير ببطء شديد، وكأنها متسولة تدور مع دوران عقارب ساعة الزمن الرديء، اين تلك القامة الممشوقة، واين ذلك الشعر الذي كان مصداقا لقول عبد الحليم حافظ، واين تلك الابتسامة الجميلة، صادرها الوقت وصادرتها بلاد يعود فيها الانسان الى وقت متخلف يوقظ حواسا لم تكن صاحية من قبل، تقف في طابور كبير من النساء، لقد مات زوجها وبقيت مع اولادها الستة، تبحث في الامكنة وتخشى كثيرا من الزمن، هي خائفة، زقاق كامل لم يبق فيه بيت لم يعط شابا او اثنين، للموت الفجائي او الموت في الحروب والمفخخات، اعتادت على امر محدد، تستيقظ صباحا، وتسلم على ابنائها وتقول لهم وداعا، ثم تعود لتصحح ماقالت فتصيح الى اللقاء، تقف في الطابور لتضع الحناء على جدران المساجد وصور الاولياء، تتمتم بعدة كلمات وترحل الى صورة اخرى ومسجد آخر، لاتطلب شيئا سوى ان يبقوا اولادها معها.
زقاق باكمله اعطى فيه كل بيت واحدا او اثنين، وبيتها الوحيد بكامل ابنائها،( انا خائفة جدا يامحمد، ماكو بيت مابيه مصيبة، وخاف يوصلنه السره)، هذا كان كلامها حين استوقفتها واستغربت من حالها المزري، تحمل كتبا معها وهي تدور على مجالس العزاء لتقرأ فيها مجانا، وفي نهاية كل مجلس كانت تطلب طلبا محددا، طلبا واحدا لاغير، تطلب من الحسين بالذات ان يحفظ اولادها، جميع النساء الفاقدات في الزقاق يترصدن ابنائي، لم يبق لي حل سوى ان ابيع الدار وارحل الى منطقة اخرى لايعرفون فيها عدد اولادي، او ربما بعثت اثنين منهم ليعيشوا مع اخوالهم، قلبي يتوقف حين تسألني احداهن عن عدد اولادي لتعقب بعدها الله ايخليهم وتغمز المرأة بجانبي، بل اكثر من هذا، لقد سمعت واحدة قالت وبالفم المليان، خوما مثل حظي سكنوا النجف، ذلك اليوم عدت الى البيت مسرعة، وجمعتهم حولي، ولم اسمح لاي واحد منهم ان يغادر البيت، كنت خائفة جدا.
ذلك الصباح كان مختلفا، لم تنم ليلتها السابقة، كان صباحا مغبرا، اتصلت بها اختها واخبرتها ان ماجد ابن جيرانها قد استشهد، وطلبت منها ان تذهب الى العزاء، تناولت كتبها لتطلب في نهاية المجلس حاجتها الوحيدة، وهي تردد ان الحسين يقف معها، ذهبت مسرعة لتكون الصوت الاول الذي سيطرق اسماع الفاقدات، في زحمة البكاء والعويل وفي قمة نشوة الحزن المجنون، والنساء من حولها يلطمن صدورهن ويضربن اكتافهن بقوة، وذهبت عائلة الفقيد الى الابعد فشوهت النساء وجوههن، بالاظافر، الاجساد تترنح تحت طائلة الفقد والثكل، هذه الاجساد البضة المكتنزة خلقت للطم والعيون السوداء الجنوبية خلقت للبكاء، في نشوة انتصارها من انها ستفوز بدعاء جديد يحفظ ابناءها، رن جرس الهاتف، هاتفها المحمول كان عبارة عن دعاء او توسل بالله، بمجرد ان سمعت الصياح سقطت مغشيا عليها، ام ياسر، ياسر استشهد بالانفجار.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدن الموت
- الموت في الوطن المنفى
- تالي العمر محطات
- انا وليلى ولتفتحوا جراحكم
- لم يشترك في تحرير الفلوجة
- ماجدوى الدخول الى الخضراء
- من جيبك نوفي الديّانه
- شهادة الاوراق الصفراء في سوق اعريبهْ
- حين دفنت الشمس
- حين تتكلم المقابر وتفضح الاحياء
- لعل البحر محتاج الى البلح
- الديك الذي ملأ الارض صياحا
- لم اكن هنا
- ماذا تكتب عني
- قائمة الشعراء الموتى
- السومرية الجميلة
- حياة بين صفعتين
- عيون
- الوطن... وعوراتنا
- القصيدة


المزيد.....




- غزة: عشرون قتيلا وعشرات الجرحى إثر انقلاب شاحنة على مئات من ...
- الحرب في غزة: ما حقيقة الخلافات بين الحكومة والجيش في إسرائي ...
- ما حظوظ أن تثمر زيارة ويتكوف إلى روسيا وقفا للحرب في أوكراني ...
- أفريكا ريبورت: صورة كينيا كوسيط محايد تتصدع وسط اتهامات بإيو ...
- أطباء عادوا من غزة: هل بقيت لدينا في أوروبا ذرة من الإنسانية ...
- لماذا اختار الأميركيون هيروشيما بالذات بعد قرار قصف اليابان؟ ...
- كيف علق المغردون على الخطة الإسرائيلية لاحتلال غزة؟
- يوم وطني لدعم غزة.. مبادرة جزائرية للتحفيز على التبرعات الشع ...
- أصوات من غزة.. أطفال مرضى السكري معاناة وسط الانهيار الصحي
- ويتكوف يصل إلى موسكو في -الرحلة المرتقبة-


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - العذارى ومراقد الاولياء