أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - الموت في الوطن المنفى














المزيد.....

الموت في الوطن المنفى


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 5177 - 2016 / 5 / 29 - 22:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الموت في الوطن المنفى
محمد الذهبي
هل هي امنية الرب ان يرحل الفنانون والشعراء والمطربون، منهم من يرحل خارج العراق، والقسم الآخر يغادر الحياة الى مقابر لاتضع سوى شاهدة للقبر توحي بان امل طه او عبد الجبار الشرقاوي كانا فنانين، هنا ترقد المرحومة فنانة الشعب امل طه شايع، وهنا يرقد المغفور له الفنان عبد الجبار الشرقاوي، لم يذكر احد انه نفس الرجل الذي جسد في اعماق الازقة شخصية المختار، مختار المحلة المتعاطف مع الناس، ولم يذكر احد ان الفنانة التي سكنت مقبرة النجف هي ام فضولي التي اسعدت الناس في مجموعة تمثيليات سينما، حين كان يضايقها عزيز كريم ويضايق زوجها محمد القيسي ابو فضولي، فيردد لازمته التي انتشرت مابين فئات الشعب العراقي حينذاك: ( نارك قلبي نارك).
لم يكن الشرقاوي شاعرا فيرثيه شاعر آخر، ولم يكن مطربا لنردد اغنياته ونقيم مأتما خاصا يتناول الصوت الملائكي الذي رحل بعيدا وبصورة مفاجئة، كان فنانا يحترق ويأخذ من اعصابه ليعطي للمشاهد حقيقة الدور ويرسم له صورة واضحة عن معاناة الشخصية التي يجسدها، لم يكن سوى عابر سبيل اتعب اعصابه وارهق نفسه، فاستسلم للموت على قارعة الطريق دون ان يكون مسجى او يحيط به الاهل والاقارب والاصدقاء، على غفلة رحل رحيلا سريعا، وترك كما من الاعمال التلفزيونية سينساها المشرفون على القنوات الفضائية، فالرجل لم يكن جميلا ولاغنيا، وقد التحق بطابور الفنانين المظلومين وهو بعمر يزيد على الاربعين عاما فكانت حصته بامر البطولة شيئا بعيدا ومستحيلا، لكنه مع هذا اجاد اجادة تامة في تجسيد اية شخصية تسند اليه وكأنه قد عاش مع بغداد آلاف السنين فعجن معها بطبعها وطبيعتها، لن تحصد ايها الرجل سوى نعي بسيط في صحيفة واسفل الصفحة، وانت الذي تسامى على المرض والجرح وراح يضعنا امام الضمير الحي للفنان الذي يحاول بشتى الطرق ان يكون الشخصية الحقيقية والتلقائية التي تبعث بنور توهجها للمشاهد.
وهو في هذا يحترق ليجعل الآخرين اكثر نورا، واكثر اضاءة، وهنا تحضرني قصيدة للشاعر ادونيس، صرت انا والماء توأمين،اولد باسم الله، ويولد فيّ الماء، لم تكن مختارا ان تكون فنانا، بل ولدت لتكون فنانا، وولدنا لنكون متعبين، فالفنان مرآة الكون التي تعكس كل شيء، وهذا الوجود الفني الذي يحياه الفنان لايمكن ان يهبط الى مستوى الوجود العادي الذي يمثله السياسي، ولذا يجهد السياسي ان يجعل عصابة على عيون الآخرين ليعيشوا في الظلمة، ويجهد الفنان على ازالة تلك العصابة ليعيش الناس في النور، وكم هو البون شاسعا بين الاثنين، بغداد التي جسد الشرقاوي وامل طه روحها بشكل فني مختلف لهي مدينة مليئة بالاحالات الفنية التاريخية والسياسية، وقد نهل الاثنان منها حد الارتواء، ولنعود ثانية الى ادونيس حيث يقول: قولوا لهذا التابوت الممدد حتى الشاطىء الاطلسي... انني لا املك ثمن منديل لارثيه. فهو الوطن التابوت ايها الشرقاوي وخجل ادونيس كخجلك من الانتماء له.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تالي العمر محطات
- انا وليلى ولتفتحوا جراحكم
- لم يشترك في تحرير الفلوجة
- ماجدوى الدخول الى الخضراء
- من جيبك نوفي الديّانه
- شهادة الاوراق الصفراء في سوق اعريبهْ
- حين دفنت الشمس
- حين تتكلم المقابر وتفضح الاحياء
- لعل البحر محتاج الى البلح
- الديك الذي ملأ الارض صياحا
- لم اكن هنا
- ماذا تكتب عني
- قائمة الشعراء الموتى
- السومرية الجميلة
- حياة بين صفعتين
- عيون
- الوطن... وعوراتنا
- القصيدة
- بطل في الظل
- احلام المطر الاخيرة


المزيد.....




- بعد تصويت على عودة العقوبات.. بزشكيان: لا يمكن إيقاف إيران ع ...
- تزايد إقبال المتطوعين على الخدمة العسكرية في الجيش الألماني ...
- نائب رئيس جنوب السودان المعتقل يعلن استعداده للمحاكمة
- مرصد: إسرائيل تفجر بغزة يوميا 17 عربة كل واحدة تعادل زلزالا ...
- بعد قرار مصر الحد من الولادة القيصرية.. لماذا ترتفع معدلاتها ...
- محاولات شعبية لتسيير أسطول الصمود المصري في مواجهة تحديات قا ...
- كيف دمّرت سياسة ترامب خطط طلاب غزة؟ شاهد ما قالته فلسطينية ل ...
- ماكرون يكشف تفاصيل اتصال له مع محمد بن سلمان
- ما هي دلالات اعتراف بريطاني مرتقب بدولة فلسطينية؟- الغارديان ...
- ثروات وكنوز ثمينة في أعماق المحيطات.. هل تطالها يد الإنسان؟ ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الذهبي - الموت في الوطن المنفى