أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساكري البشير - رواية القلم الضال (6)...يا صاح.. كن أنت المعجزة!















المزيد.....

رواية القلم الضال (6)...يا صاح.. كن أنت المعجزة!


ساكري البشير

الحوار المتمدن-العدد: 5178 - 2016 / 5 / 30 - 00:53
المحور: الادب والفن
    


بعد يوم شاق من العمل، دخلت سجني الصغير، أجوب في مكتبتي بحثا عن كتاب مالك بن نبي الذي يحمل عنوان: " شروط النهضة" لـ مالك بن نبي، إلا أنني فضلت إمساك القلم بعد ذلك، فقد كان لقلبي همسات تدب في شرايينه، وروح جنين قدر لها أن تولد اليوم على هذا الورق الأبيض، حينها؛ رميت كل أفكاري ككرة بعيدا، وأخذت بما أفعله من عاداتي، على كرسيي البالي ومكتبي العتيق، وأمسكت بقلمي، ثم أطلقت العنان لمخيلتي، وقلت في نفسي: " أكتب ما تمليه إنسانيتك، ولا تكتب ما تريده عيون القراء"، فعلا! غالبا ما نكتب ما يحبه القراء منا، ولكن ألا يحق لنا أن نكتب يوما ما تريده أنفسها، وتبغيه الروح من أمنيات تسمو بها في عالم يشع فيه نرو السلام من كل النواحي...ثم إنطلقت في الكتابة:

قد أختلس النظرات من عدة نواحي، أجوب مدن الفكر بحثا عن مخلفات الأفكار، ولكن للأسف لست مفكرا، إذن فأنا أبحث عن بقايا كلمات، ولكنني أيضا لست أديبا ولا شاعرا، يا الله! من أنا..؟
أنا من يبحث في مخلفات قمامات الفكر، فكل الأقلام تتناسى أشياء جزئية بسيطة من واقعنا، وتقبع بمثاليتها ترتيبا في قاع الأمم، قد تبدوا للوهلة الأولى أنها غير ذات منفعة، إلا أنني أجد فيها ما يسد حاجتي، فبدلا من النقل أو إتباع غيري، فالأجدر بي البحث عن ما يستهويني، والآن وأنا أكتب هذه الكلمات فقد وجدت سببا لدفع قلمي للسير نحو الأمام..
يكفيني نهر الإنسانية الذي تتدفق مياهه داخلي، فواقعي عالم صغير محاط بصخب البهجة، وهادئ تغمره روح الرحمة..ومنير تضيؤه أنوار الإنسانية..
الحرارة تطغى على الأرجاء، ولا أثر للسحب في سمائنا، حيث أقطن وسط صحراء، تحيطها الرمال الذهبية من كل النواحي، ووسط تلك الرمال، تدب الحياة، وتزدهر بنخيلها ومزارعها الخضراء، هي جنة على الأرض قد خُلقت على يد الإنسان...
رغم ذلك تبقى الحياة معجزة يستحيل العقل البسيط تقبُّلها، فإن كان للإنسان ذكاء إستطاع من خلاله أن يحول الصحراء إلى أرض خضراء، فبإمكانه أن يصنع بذلك العقل " الإنسانية المفقودة" داخلنا، وبدلا من أن نلهث وراء البحث عن أسلحة أكثر فتكا ودمارا للحضارات البشرية، يجب علينا نحن المسلمون البحث عن وسائل أكثر واقعية لصنع السلام..
سابقا .. تكلمت عن ذات الإنسان التي تعيش الصراع بين حرب وسلام، وفي هذا سنتكلم عن إستراتيجيات كبح الحرب وصنع السلام، وأن تحقق ذلك يجب أن لا تكون أعمى البصيرة..فالحياة يا صاح لا تحتاج إلى عينين، بل تحتاج إلى قلب نقي، وعقل واعِ، لتدرك من خلاله نوافذ العوائق التي تعترضنا..
سر في الكون متأملا وجودك، وتسائل: من أين أتينا؟ وكيف؟ ما غرض وجودنا في هذا الكوكب؟ كل ذلك يدعوك للبحث في أعماقك، لتتأكد أنه لَكَ في الحياة أهداف وأحلام وأمنيات، تستحق الإهتمام، فلا ترمي بها عرض الحائط، ولا تقل ذلك مستحيل..وذلك يحتاج إلى معجزة...
حاول أن لا تجعل ما في طريقك يدعوا إلى المستحيل، ولا تنتظر أن تنزل المعجزات من السماء بل إصنعها أنت، وإن لم تحدث لك معجزة فلماذا لا تصبح أنت أحدها؟
يا صاح لا تنتظر عطاءا من أحد، فالجميع يملك قبضة ولا يملك راحة يد، ولكن كن أنت من يعطي أكثر مما تطلب، فأحيانا أولئك الذين يملكون القليل هم الذين يعطون أكثر فلماذا لا تكون أنت؟
العطاء رمز التواضع، وعلم من أعلام الحكمة، وطريق نحو تحقيق الأهداف المرجوة من وجودك، لأن العطاء هو غلاف الإنسانية، بل هو محمية يقطن فيها البؤساء، وحديقة يستمتع فيها كل من قدرت له النجاة من الحروب... وقانون الوجود يقول: " أن تكون غنيا ليس في كم تملك بل في كم تعطي"...
لا تدع أحداً يقتل الشغف الذي في داخلك، ولا تدع أحداً يسرق الحب الكامن في أعماقك، فنحن نملك من المعارف ما يدمرنا، وليس ما يعيد بناءنا بعد تحطيمنا، ألا يكفي ما عانت منه البشرية لتضيفها شيئا آخر...فالحياة تطلب منك أن تفجر ذلك الشغف وذلك الحب كقنبلة نووية لينعم به الجميع، ألا تستحق إنسانيتك أن تضحي بنفسك لأجلها؟
الحياة لا تحتاج كل هذا التعقيد، ففي بساطتها رسومات طفل الصغير، وفي بهجتها روح التواضع، فكن فيها كعابر سبيل، لا يريد منها الكثير، ولكن ليحقق فيها أكثر فأكثر، لأن كل من حولك هم في حاجة ماسة إليك...صدقني هم في أمس الحاجة لقرابتك إن أظهرت لهم وجهك الحقيقي، هم في أحزان دائمة، فلا تكن من أبخس الناس لهم، فأن تبتسم ومن حولك يبكي فهذا حقا عمل مخز، وهو سلوك مشين... وأن تتكلم عن صحتك أمام المريض فهذا قمة الدناءة..ونملك من هذه الأشكال عشرات الملايين فلا تكن أحدها..
هل ستتركهم على حزنهم؟، ذلك أيضا عمل رخيص يستطيع أيٍّ كان أن يحققه، بل يجب عليك أن تغير ميزاجهم، وتكشف عن العالم الجميل من حولهم، حتى ولو كان الألم يسكن داخلنا..
أعلم أنه أحيانا من الصعب أن تبتسم وتضحك بسبب أمور لا تعلمها ولا تفهمها، ولكني أعلم أنك خُلِقت بتلك المعجزات التي لا يستطيع العقل القبيح أن يكتشفها، ألست إنسانا؟ ألم يقل الله فيك أنك خليفة على كل مخلوقاته في الأرض؟ ألا يكفيك أن تحصل على ذلك اللقب وأنت ومدرك له بأتمّ معنى الكلمة ؟
أن أقول لك بأنه ليس في الحياة عوائق وصعوبات، ولن يعترض طريقك شيء، فقد أكون كاذبا، وهو من المستحيلات، ولكني بدلا من ذلك أقول: حينما ترى نفسك تواجه مصيرك لا ترجع خطوة للخلف بل تقدم ولو شبرا، ومع الوقت ستجد نفسك قد وصلت لما كنت ترغب في الوصول إليه، ذلك هو مبلغ الهدف الذي نرجوه، وتلك هي الحكاية يا صاح..
فالهدف الأسمى لوجودك يكمن في إظهار إنسانيتك حين تغيب إنسانية الجميع..وترسم بسمة على الوجوه التي أرهقتها صراعاتهم مع الزمن حين إصدموا بوحدانيتهم فلم يجدوا أُنسا ليرووا لنا آلامهم وحكاياتهم، أن تقف موقف المتخلّق في مكان تعصفه رياح الخداع والمكر وتطغى عليه الآلة على البشر، فهذا هو ما تريده نفسك حين ترقى، لما لا تكون أنت أول إنسان يُصلح ويَبْنِي بدلاً من الإنتظار واللّوم؟ لماذا لا تكن أنت الحياة وسط تلك الصحراء؟ "
كانت هذه المقالة الصغيرة قد كُتبت في 25 – 05 – 2016، حين إطدمت بواقع مريد، وفي موقف قد سالت من العين دموع، حين رأت العين إهانات كبيرة في وجه صغير من متسول، يقول وسط والجميع ويصرخ بصوته الحزين " ما ذنبنا وقد ولدنا فقراء... وما ذنبي وقد ولدت وسط مجتمع لا يرحم.."
موقف يُدمي القلب حقا! فقد إغتاظت النفس من قساوة قلوب المارة، ولم تعد الرحمة هي السلوك الذي الغالب، بل أصبحت من المفقودات الثمينة، والجميع يعلم أن المفقود لا يُعطى، ولا يقدم..ذلك أنه أصلا مفقود...
كتبتها بحرقة، وألم يقطع أوصالي، فلماذا لا أكون أنا من يبدأ بهذا.. رغم أنني لم أقصر فيه يوما؟



#ساكري_البشير (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية القلم الضال (5)...لن تدرك السلام دون حرب!
- رواية القلم الضال (4)...العاصفة حكمة لم نتعلم معناها بعد!
- رواية القلم الضال (3)...حوار مع الذات
- رواية القلم الضال (1)
- رواية القلم الضال (2)
- الدين والإيديولوجيا عند شريعتي: رؤية عبد الجبار الرفاعي
- لحظة ألم!!!
- أيُّ الذوات تخلصنا من القيود التقليدية: ذات - الأنا- أم ذات ...
- عذرا...يا مسلمين!!
- القَانُون يُقَاتِلُ القَانُون والإنسانية تموت!!
- ماذا تحتاج حضارتنا: الهدم أم البناء!!
- حرب الأفكار: السبيل لبناء واقعنا
- متى ننشغل بقضايانا!!!
- كيف تقضي القوى المضادة على الأفكار؟
- بمناسبة عيد حبهم: قصة فالنتاين!!
- المثقف والمفكر...غموض المفهوم (2)
- المثقف والمفكر...غموض المفهوم (1)
- مقتطف من كتاب -المفكر والمثقف- بعنوان: بروز السكولاستيكية وإ ...
- مقتطف من كتاب: -المفكر والمثقف- - المسيحية بين مشكلة العقل و ...
- مقتطف من كتاب: -المفكر والمثقف- - بوادر ظهور أزمة العقل الغر ...


المزيد.....




- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ساكري البشير - رواية القلم الضال (6)...يا صاح.. كن أنت المعجزة!