أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رعد تغوج - مُتغير المياه في الإستراتيجية التركية (الصراع على نهري دجلة والفرات)















المزيد.....



مُتغير المياه في الإستراتيجية التركية (الصراع على نهري دجلة والفرات)


رعد تغوج

الحوار المتمدن-العدد: 5167 - 2016 / 5 / 19 - 16:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مُتغير المياه في الإستراتيجية التركية
(الصراع على نهري دجلة والفرات)


إعداد : رعد خالد تغوج


ملخص الدراسة

قامت الإستراتيجي التركية المائية في العقدين الأخيرين في التأثير على البيئة الأمنية المُحيطة، وخصوصاً دُول المجرى والمصب (سوريا والعراق) ، مما كلف تلك الدُول خسائر فادحة ، اقتصاديا وبيئياً وزراعياً، ولم تتراجع تركيا عن ذلك رغم القوانين الدولية الصارمة التي تمنع دُول المنبع باحتكار المياه وتحويلها إلى سلعة سياسية بغرض الابتزاز، وقامتْ تركيا بإنشاء مشاريع مائية مُستدامة في جنوب شرق الأناضول ، مما زاد حدة التوتر بين الدول المُتصارعة، ومما كاد يُؤدي إلى نزوع حرب إقليمية لولا تحول دُول المجرى والمصب إلى دُول فاشلة نتيجة الربيع العربي.





Abstract
The Turkish water strategies have had a negative impact on the surrounding security environment in the last two decades, especially downstream countries (Syria and Iraq). Thus, causing huge losses economically, environmentally and agriculturally. Turkey never complied with the strict international laws that prohibit upstream countries of monopolizing water and using it as a political commodity for extorting other countries. On the contrary, Turkey established sustainable water projects in southeast Anatolia, which has increased tension between the conflicting countries. The only reason a regional war hasn’t broken out is that the Arab Spring has turned downstream countries into failed states.
مقدمة عامة
تُعد المسألة المائية من أكثر المشاكل التي تواجه العالم اليوم بشكلٍ عام ، والشرق الأوسط منه على وجه الخصوص ، وأسباب هذه الأزمة المائية متعددة ويبقى أهمها هو أن مصادر المياه العربية تأتي من منابع خارجة عن الإقليم ، مثل إيران وتركيا وأثيوبيا وغيرها من المناطق ، مما جعل السياسة العربية المائية رهينة التبعية المائية والغذائية لتلك الدول ، وانعكس ذلك على المواقف السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدول العربية التي تسعى جاهدةً لحل تلك الأزمات.
ويبدو أن الصراع لا يتوقف وينحصر بالصراع السياسي والعسكري بل شمل أيضاً ميادينَ أخرى ، منها الماء والغذاء ، وعلى إثرِ ذلكَ تطور مفهوم جديد للأمن الشامل يأخذ بعين الاعتبار البعد الأمني للمياه المتمثلة بالبحار والمحيطات ، ويكفي أن نشير إلى أن في شرق أسيا لوحدها ما يزيد عن عشرين أزمة حدودية مائية، بالتالي فإن المعارك المستقبلية ستشمل المعارك والكفاح من أجل المياه والطاقة ، وهذا ما لاحظه عدد من الخبراء في المجال المائي والسياسي .
يقعُ الوطن العربي في منطقة جغرافية مهمة استراتيجياً ، فهي التي تصل أوروبا بإفريقيا كما تصلها بأسيا والولايات المتحدة ، وهنالك عدة أنهار مهمة في الوطن العربي ، كانتْ وما زالت هذه الأنهار محط أنظار القوة الإقليمية والدولية ، وإذا كانَ هنالك من استقطاب نحو المنطقة فهو يتجه صوب الثروة المائية والطاقة والنفط ، تلك هي على الأقل القوة الاستراتيجية التي تستطيع الدول العربية ايضاً استغلالها من أجل النهوض والقيام بالتطور والأخذ بأسباب الحداثة والتمدن.
ومن أهم الأنهر الموجودة في الوطن العربي نهري دجلة والفرات ، وهما نهرين دوليين يعبران من تركيان عبر سوريا وصولاً إلى العراق ، وعبر التاريخ الحديث لم تقم مشاريع شراكة تعاونية وعادلة بين تلك الدول الثلاث من أجل استغلال هذه المياه وتطوير المشاريع التي تستطيع سد الرمق المائي لدول عربية أخرى، وعلى العكس من ذلك ساهمت كل دولة – وخصوصاً تركيا – في بناء مشاريعها الخاصة بشكل فردي ودون التعاون الإقليمي ، مما أدى إلى نشوب نزاعات وحروب سياسية ودبلوماسية بين جميع الأطراف.
وفي العقدين الأخيرين قامت تركيا بالتفرد في هذا المجال ، عبر المساهمة وبالشراكة مع شركات أجنبية ودولية ، بتدشين المشاريع المائية الضخمة على نهري دجلة والفرات ، مما أدى إلى التأثير المباشر على دول المجرى والمصب ، وتكبدت تلك الدول خسائر باهظة تراوحت بين الخسائر الاقتصادية وتدهور الزراعة والأراضي الزراعية ، والتأثير على البيئة ونجوم مشكلات خطيرة مرتبطة بها مثل التصحر والكثبان الرملية، وغيرها من المشكلات الديمغرافية والمجتمعية والبيئية التي أضرت بمصالح البلدين : سوريا والعراق.
ورغم أن تركيا لا تملكُ نقصاً حاداً في المياه ، بل على العكس تملك من مصادر المياه التقليدية وغير التقليدية مثل مياه الأمطار والثلوج والأنهر والبحار الداخلية ، ما يجعلها مكتفية ذاتياً بل ومُتخمة مائياً وغذائياً ، رغم ذلك حاولت تركيا – ولا زالتْ – بناء المشاريع المائية على نهري دجلة والفرات ، رغبة منها للوصول إلى قدرة استراتيجية مؤثرة في منطقة الشرق الأوسط ، ومدفوعة بهاجسها التطوري والذي لازمها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، وصعودها كقوة وسطية بين الإسلام والغرب ، أو بين الشرق والغرب.
أصبحَ الأمن المائي العربي على المحك نتيجة تلك المشاريع وبسبب الإهمال العربي من قبل الحكومات ، وبسبب الهدر غير المبرر للمياه ومصادرها ، مما يسلط الضوء على احتمالية نشوء حرب جديدة مستقبلاً ، في ظل الانخفاض الحاد من حصة الفرد المائية ووصولها إلى ما دون حدّ الكفاية المائية.

مُشكلة البحث
أصبحت مُشكلة المياه ونُدرتها تُمثل تهديدا مباشراً للأمن المائي والغذائي العربي ، وهذه ليستْ بمشكلة جديدة أو طارئة تعاني منها شعوب الوطن العربي ، إنما الجديد في المشكلة هو استمرار دول المنبع (تركيا في دراستنا) في إقامة المشاريع والسدود والقنوات المائية على نهري دجلة والفرات ، وهما نهرين دُوليين تتشاطىء عليهما كل من سوريا والعراق ، هذه المشكلة كان – ولا يزال – لها أثار سلبية على دول المجرى والمصب.
أهداف البحث
تهدف هذه الدراسة إلى تغطية جُملة من الأهداف الرئيسية، مثل كشف ”المسكوت عنه“ في السياسة التركية تجاه الإقليم ، وبيان أن الاقتصاد – والاقتصاد وحده – هو المُحرك الرئيسِ لسياسة تركيا المائية تجاه الإقليم.
أما الأهداف الفرعية فتتمثل في الكشف عن الخسائر التي تكبدتها دول المجرى والمصب (سوريا والعراق) جراء تلك السياسة ”القطبية“ التي تتخذها تركيا ؟ وبيان "الأيدي الخفية" التي تتحكم بسير تلك المشاريع ، أما السؤال الأكبر فهو من المُستفيد؟
أهمية البحث
تكمن أهمية البحث في التعريف بأهم المشاريع التركية التي تقام على نهري دجلة والفرات، وبيان أنّ لتلك المشاريع تأثير بالغ الأهمية وعميق في دول أخرى متقاسمة مع تركيا في هذين النهرين ، وهما سوريا والعراق.


صعوبات البحث
واجه البحث عدة صعوبات في جمع البيانات والتأكد من صحتها وواقعيتها ، حيثُ تضاربتْ الأرقام في عدد من الدراسات ، لهذا تمّ الإعتماد على أكثر من مصدر وهيئة أو منظمة دولية.

أسئلة البحث
تتمحور الدراسة حول بعض الأسئلة التي نُجملها بالأتي :
- ما هي أهم مصادر المياه في دول النزاع (تركيا وسوريا والعراق)؟ وأينَ يكمن نطاق النزاع؟
- ما هي المشاريع المائية التي قامت تركيا بتنفيذها على منابع نهري دجلة والفرات؟ - وما هي المشاريع المُستقبلية التي تعزم على تنفيذها ؟
- وما هي إستراتيجية تركيا طويلة الأمد بخصوص استغلال المياه ؟
- وما هي الخسائر التي تكبدتها دول المجرى والمصب جراء تلك المشاريع؟
- وما أثر تلك المشاريع على الأمن البيئي والاقتصادي والزراعي لدول المجرى والمصب؟

مفاهيم البحث
المياه الدولية : هي المياه التي تمر عبر عدة دول وتتشارك بنسب متفاوتة من نفس المصدر المائي ، وعادة ما تكون أنهراً دولية ، حيثُ ينبع النهر من دولة ويجري في دولة أخرى ، ويصب في دولة مختلفة.
المياه الوطنية : هي المياه التي تنبع وتجري وتصب في نفس البلد ولا تتعداه إلى حدود جغرافية أخرى.
الأمن المائي : هو توفر الثروة المائية في الدولة بما يلبي حاجات الطلب عليها ، من حيثُ مخزون المياه وتنوع مصادرها وطرق استثمارها وكيفية تحسين نوعيتها.
الأزمة المائية : هي خلل في التوزيع والتوازن المائي وإدارتها بين الدول المتشاطئة.

منهج البحث
تلجأ هذه الدراسة إلى توظيف التحليل كعنصر رئيسِ في الوصول إلى النتائج ، وذلك بعد جمع البيانات المُتوفرة بأنواعها (الرسمية ، الأرقام الإحصائية ، المقالات، الأبحاث المنشورة من كلا طرفي النزاع) .
وقد تضمن المبحث عدة مباحث أو موضوعات ، حيثُ بُدأ بالحديث عن مصادر المياه في دول النزاع ، تركيا وسوريا والعراق ، ثم تحديد نطاق النزاع المتمثل بنهري دجلة والفرات فقط، وليس باقي المصادر . كذلك الحديث عن أهم المشاريع المائية المقامة من قبل الجانب التركي، للوصول إلى النتائج والآثار السلبية لتلك المشاريع على كل من سوريا والعراق.




المُحتويات
• ملخص البحث
• المقدمة
• مصادر المياه في دُول النزاع
• مصادر المياه في تركيا
• مصادر المياه في سوريا
• مصادر المياه في العراق
• نطاق النزاع : نهري دجلة والفرات
• أولا: نهر دجلة
• ثانياً : نهر الفرات
• مشاريع المياه في تركيا
• مشاريع نهر الفرات
• مشاريع نهر دجلة
• التحديات الأمنية لدول المجرى والمصب
• أثر المشاريع التركية على الأمن البيئي الشامل لسوريا والعراق
• الاستنتاجات والتوصيات
• الخاتمة
• المصادر والمراجع







مصادر المياه في دُول النزاع
أولاً : مصادر المياه في تركيا
تقع تركيا في إقليم مُتنوع جغرافياً ومَناخياً ، حيثُ تبلغُ مُتوسط درجات الحرارة ما مقدارهُ ( 18- 20) درجة مئوية في مناطق الساحل الجنوبي ، بينما تنخفض إلى (14-15) درجة على الساحل الغربيّ ، و تتراوح بين (4 – 19) درجة مئوية في الأقاليم الداخلية ، بحسبِ المسافة بين البحر والإرتفاع ، بينما يبلغُ هطولُ الأمطار ما مقدارهُ (593) ملم في السنة.
وهُنالكَ 26 حوض مائي في تركيا ، وفيها أيضاً أكثر مِنْ 120 بُحيرة طبيعية و579 بُحيرة صناعية ، وتُقدر الموارد المائية المُتجددة إجمالياً بنحو 227 كيلومتر مُكعب في السنة ، منها حوالي 186 كيلومتر مُكعب مياه سطحية ، وحوالي 69 كيلومتر مُكعب من المياه الجوفية ، بينما المزيج من المياه الجوفية والسطحية يصلُ حوالي 28 كيلومتر مكعب . 2015)-;- (aquastat –EN
وتقعُ مُعظم الأنهار داخل تركيا ، وهي لذلك تُعتبر دولة منبع ، بيدَّ أنَّ هنالك مياه تتدفق إلى الأراضي التركية مِنْ الخارج تُقدر بحوالي 4.7 كيلومتر في السنة ، مِنها 0.6 كيلومتر مُكعب تأتي مِنْ نهر "تونكا" في بلغاريا ، وحوالي 1.2 كيلومتر مُكعب تتدفق مِنْ نهر "العاصي" الآتي مِن سوريا ، وهُنالكَ أيضاً نهر "مريتش" الذي ينبعُ مِنْ بلغاريا ، ويقعُ على الحدود بين تركيا واليونان ، ويصلُ تدفقهُ إلى الأراضي التركية ما مقدارهُ 2.9 كيلومتر في السنة تقريباً.
بينما تُقدرُ المياه المُتجددة التي تخرجُ مِنْ الأراضي التركية بحوالي 43.74 كيلومتر مُكعب في السنة، تذهبُ مِهنا 28.1 كيلومتر مكعب إلى سوريا ، وحوالي 21.33 كيلومتر مُكعب إلى العراق، وتذهبُ 4.31 كيلومتر مُكعب إلى جورجيا .
وتُعدُ تركيا من الدول الغنية جداً بالموارد المائية ، بحيثُ تقدر مواردها المائية بنحو 203 مليار متر مكعب في السنة ، والمياه المُستخدمة منْ هذه الموارد 15.6 مليار متر مكعب فقط ، أي أنَ هنالك فائضاً مائياً وتخمة في المياه ومصادرها ، ويبلغُ حجم ما تستخدمه تركيا من مياه لأغراض الري بحوالي 9.04 مليار متر مكعب من إجمالي ما تملكهُ ، كما تشكلُ مساحة الأراضي المروية نسبة 31% فقط . (الناصح، 2009، ص169)
إذنْ تشتركُ تركيا مع العراق وسوريا بنهري دجلة والفرات ، وبعض روافدهما الرئيسية والفرعية ، وقدْ كانَ لهذه الشراكة نصيبٌ كبير في نشوء النزاعات والتوترات بين جميع الأطراف ، التي يُحاول كلُّ طرف نسبة المياه لهُ بُحججٍ مُختلفة : أما قانونية مثلّ ما فعلتْ تركيا عندما قالتْ بأنَّ مياه النهرين وطنية وليستْ دُولية ، أو حُجة تاريخية مثل ما فعلتْ العراق عن طريق اللجوء إلى حُجة "الحق التاريخي المُكتسب" ، أو حُجج سياسية وتقنية كما تفعلُ سوريا .
ثانياً : مصادر المياه في سوريا
تتفاوتُ تضاريس المياه في سوريا طِبقاً لموقع الإقليم الجغرافيّ وقربهُ أو بُعدهُ عنْ المرتفعات والمناطق الساحلية والمُنخفضة ، ومِنْ مصادر المياه التقليدية في سوريا مياه الأمطار ، حيثُ يُقدرُ هطول الأمطار داخل البلاد بنحو 7.1 كيلومتر مُكعب في السنة ، بينما تُقدرُ موارد المياه السطحية المتجددة الداخلية بنحو 4.3 كيلومتر مُكعب في السنة ، وتبلغ نسبة المياه الجوفية بنحو 4.8 كيلومتر في السنة .
ويُشكلُ الهطول في سوريا أهمية كبرى ، ف 84% من المساحة المزروعة تعتمد بشكل رئيسي على الزراعة البعلية ، بينما تتراوحُ معدلات هطول الأمطار وتتنوع حسب الموقع الجغرافي ، ما بين 800 ملم إلى 1600 ملم تقريباً على الساحل السوري ، وتتراوح في المناطق الجنوبية ما بين 600 إلى 800 ملم ، أما المناطق لشمالية الشرقية فأمطارها بين 100 إلى 300 ملم . ( الربيعي ، هندي ، 2013 ، ص184)
ومِنْ مصادر المياه في سوريا الأنهار ، فمنْ أصل 16 نهراً ورافداً رئيسياً في البلاد ، هُنالكَ ستة أنهار دولية تشتركُ فيها سوريا مع دُولٍ أخرى ، وهذه الأنهار هي :
1- نهر الفرات ، وهو أكبر الأنهار في سوريا ، ويأتي مِنْ تركيا ماراً في سوريا ويصبُ في العراق، ويبلغُ طولهُ الكليّ حوالي 2.330 كم ، منها 680 كم داخل الأراضي السورية ، مما يجعله مصدراً رئيسياً ومهماً للمياه في البلاد.
2- نهر عفرين ، ويقعُ في الشمال الغربي من البلاد ، وينبعُ من تركيا ويمرُ عبر الأراضي السورية عائداً بعدها إلى تركيا.
3- نهر العاصي ، الذي يقعُ في غرب سوريا ، ويأتي من لبنان ماراً بسوريا وينتهي في تركيا.
4- نهر اليرموك ، ويقعُ في جنوب غرب البلاد ، وينبعُ في سوريا والأردن ، ويُشكلُ الخطَ الحدوديّ بين البلدين ، ويصبُ في نهر الأردن .
5- النهر الكبير الذي ينبعُ في سوريا ولبنان ، ويُشكلُ الخط الحدودي بين البلدين.
6- نهر دجلة الذي يُشكل الخط الحدودي بين سوريا وتركيا .
إذنْ تُعتبرُ الأنهار في سوريا مصدراً رئيسياً بالإضافة إلى موارد المياه السطحية الأخرى التي تشملُ الأنهار والينابيع والخزانات المائية الطبيعية أو الإصطناعية ، وقدْ جرى العُرفُ على تقسيم الأنهار في سوريا إلى ثلاثة أقسام : قسم ينبعُ مِن خارج سوريا ويمرُ فيها أو تنتهي إليها مثل نهر الفرات ودجلة والعاصي والعديد من الأنهار الصغيرة الأخرى ، والقسم الثاني ينبعُ مِنْ سوريا ويصبُ خارجها مثل نهر اليرموك ونهر بانياس وغيرها ، أما القسم الأخير فينبعُ مِنْ سوريا وينتهي إليها ، أيّ أنها أنهار داخلية ، مثل نهر الخابور والنهر الكبير الشمالي ونهر بردى ونهر السن وغيرها. (خدام ، 2001 ، 144)
وهُنالكَ سبعة أحواض هيدروغرافية رئيسية في البلاد ، هي : الجزيرة ، وحلب ، والبادية ، وحوران أو اليرموك ، ودمشق ، والعاصي ، والساحل. اه . وتختلفُ مُعدلاتُ سقوط الأمطار وهطولها في هذه الأحواض ، كما يُعدُ تساقط الأمطار هو الموردُ الرئيسِ لتغذية هذهِ الأحواض. 2015)-;- (aquastat –AR
وبالإضافة إلى الأنهار ومياه الأمطار قامتْ سوريا ببناء السدود كمشاريع تنموية مُستدامة، حيثُ بلغَ عدد السدود 166 سداً ، تبلغُ سعتُها التخزينية الإجمالية حوالي 19.7 كيلومتر مُكعب، وأكبر هذه السدود هو سد الطبقة الذي يقعُ على نهر الفرات (بالقرب من الرقة) ، ويُشكل بحيرة الأسد المشهورة ، التي تبلغُ سعتها التخزينية 14.1 كيلومتر مُكعب ، وتقعُ مُعظم السدود بالقرب من حمص وحماة في غربي البلاد.
وتُعاني سوريا – كما العراق – مِنْ نفس الآزمة المائية الحيوية ، حيثُ تقعُ أهم مصادرها المائية خارج أراضيها وحُدودها الجغرافية ، مِما يجعلُ السياسة المائية السورية محكومةٌ بإعتباراتٍ خارجية ، وخصوصاً مِنْ قِبل الجانب التركيّ .
ثالثاً : مصادر المياه في العراق
يقعُ العراق في منطقة قاريّة مناخياً ، حيثُ يسودُ المناخُ شبهُ الإستوائيّ وشبهُ القاحل في مُعظم مناطق البلاد ، في حين يسودُ المناخ المتوسطي المناطق الشمالية الجبلية من البلاد ، ويُقدرُ متوسط هطول الأمطار السنوي بحوالي 216 مليمتر ، ويتراوح ما بين 1200 مليمتر في المناطق الشمالية الشرقية من البلاد ، وأقل من 100 مليمتر في أكثر من 60% من باقي البلاد (جنوباً) .
هذا يعني أن مصادر المياه المُعتمدة على هطول الأمطار وتساقطها في العراق شحيحة جداً، كذلكَ تُعتبرُ موارد المياه الجوفية ضعيفة أيضاً ، رغمَ أنَّ "الدراسات الجيولوجية قد بينتْ انتشار الطبقات الحاملة للمياه الجوفية ، من صخور رملية وكلسية ، خصوصاً في مناطق السهل الرسوبي ، حيثُ تقوم الزراعة منذ أقدم العصور ، وتقدر كمية المياه الجوفية المتاحة للإستعمال في العراق بنحو ملياري متر مكعب" . (خدام ، 2001 ،ص 178)
وتُعتبرُ المياه السطحية ، والأنهار خصوصاً هي الموردُ الأهم للعراق ، حيثُ يقعُ على الأراضي العراقية أهم نهرين كبيرين ، هما نهري دجلة والفرات ، وهما نهرين عابرين للحدود ( أنهر دُولية) ، ينبعانِ من تركيا ، ويعبرُ نهر الفرات نحو 1000 كيلومتر داخل الأراضي العراقية ، بينما نهر دجلة يمر بنحو 1300 كيلومتر داخل الأراضي العراقية أيضاً ، مما يُشكلُ أهمية إستراتيجية للأمن المائي والغذائي العراقي .
يتعدى الوارد المائي للعراق 80 مليار متر مكعب سنوياً في الظروف الطبيعية للأنهر ، وتمثل الموارد المائية لنهر دجلة وروافده نحو 50 مليار متر مكعب ، مقابل 30 مليار متر مكعب تمثله الواردات السنوية لنهر الفرات القادم من تركيا ، كما أنّ هنالك أنهار موسمية وأخرى دائمة في العراق ، تتشارك مع دول أخرى كسوريا وتركيا وإيران ، كنهر الكرخة على الحدود الإيرانية ، والذي يصب في هور الحويزة ، وكذلك نهر كارون الذي يصب في شط العرب ، وأنهار الطيب وروافد نهر ديالي والزاب وغيرها ، هذا عن المياه السطحية ، أما المياه الجوفية فتتركزُ أكثرها في أحواض المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من العراق ، وفي المنطقة الصحراوية غرب الفرات ، وتقدر هذه الموارد بحدود المليارين متر مكعب تقريباً ، كما يقدر حجم المياه التي تم تحليتها في العراق لأغراض صناعية بحوالي 100 مليون متر مكعب تقريباً . ( وهاب ، 2014، ص245)
نُلاحظُ أنَّ الإعتمادَ الرئيس للمياه في العراق هو على المياه السطحية ، وبالذات الأنهار بما تُشكلهُ مِنْ مسافةٍ طويلة تجعلُ مِنْ العراق دولة غنية بالمياه فيما لو تمّ إدارة التوزيع وفض النزاعات بشكلٍ سلميّ ، على الأقل مع الجانب التركيّ والسوريّ .

نطاق النزاع : نهري دجلة والفرات
إنَّ مُشكلة النزاع الرئيسية بين كل من تركيا وسوريا والعراق تتمحورُ حولَ نهري دجلة والفرات، حيثُ تشتركُ تلك الدول بهذين المصدرين الرئيسين من الأنهار ، رغم أن لكل بلد مصادر أخرى للمياه لا تقتصر على نهري دجلة والفرات فقط ، لهذا تم تحديد نطاق الدراسة بالمياه المتنازع عليها فقط ، ورسم صورة طبوغرافية لنهري دجلة والفرات .
أولا: نهر دجلة
تقعُ المنطقة التابعة لحوض نهر دجلة في العراق على مساحة 253,000 كيلومتر مُربع، أي ما
يعادل 54 % من مجموع مساحة حوض النهر، ويقدّرُ متوسط الجريان السطحي السنوي بحوالي 21.33 كيلومتر مُكعب لدى دخوله إلى الأراضي العراقية، كما تقعُ جميع روافد نهر دجلة على ضفته اليسرى ، ومِنْ هذه الروافد الحيوية :
- (الزاب الكبير) الذي ينبع في تركيا ، يُولّد هذا النهر 13.18 كيلومتراً مكعباً من المياه لدى التقائه بنهر دجلة ، وتقعُ 62 % من المساحة الإجمالية لحوض هذا النهر البالغة 25,810 كيلومتر مربع في العراق.
- (الزاب الأصغر) الذي ينبع في جمهورية إيران الإسلامية والمُجهزُ بسد دوكان (6.8 كيلو متر مكعب) يولّد حوض النهر البالغة مساحته 21,475 كيلومتراً مربعاً ) يوجد 74% منها في الأراضي العراقية( حوالي 7.17 كيلومتر مكعب ومنها 5.07 كيلومتر مكعب من العائد السنوي الآمن بعد بناء سد دوكان.
- (نهر العُظيم) الذي يشغلُ مسافة 13,000 كيلومتر مُربع كلها داخل الأراضي العراقية،
يُولد حوالي 0.79 كيلومتر مكعب حين يلتقي بنهر دجلة، وهو عبارة عن نهر متقطع
مُعرّض للسيول العارمة.
- (نهر ديالى) الذي ينبع في جمهورية إيران الإسلامية، ويمتد على مسافة 31،896 كيلومتراً مربعاً، يقع 75 % منها في الأراضي العراقية، وهو مُجهز بسد ديربندي خان
ويولّد حوالي 5.74 كيلومتر مكعب حين يلتقي بنهر دجلة.
- (أنهر الطيب ودويرج والشهابي) التي تغطي معاً أكثر من 8,000 كيلومتر مُربع، وتنبعُ هذه الأنهر في الأراضي الإيرانية وتأتي مجتمعةً بكيلومتر مكعب واحد من المياه
شديدة الملوحة إلى نهر دجلة.
- (نهر الكرخة) الذي يوجد مجراهُ الرئيسي في جمهورية إيران الإسلامية، والذي يأتي من
منطقة تصريف تبلغ مساحتها 46,000 كيلومتر مربع، بحوالي 6.3 كيلومترات مكعبة
سنوياً إلى العراق، لاسيما إلى هور الحويزة خلال موسم الفيضانات وإلى نهر دجلة
خلال موسم الجفاف. 2015)-;- (aquastat –AR
ثانياً : نهر الفرات
نهر الفرات هو مِنْ أعظم الأنهر في تركيا ، حيثُ ينبعُ مِنْ المُرتفعات الجبلية (مرتفعات أرضروم) التي تقع بين بحيرة "وآن" و"البحر الأسود" جنوب شرق تركيا ، ويبلغُ طُول النهر في الدول الثلاث التي يمُرُ بها (تركيا وسوريا والعراق) حوالي 2940كم ، حصةُ تركيا مِنْ هذه المياه تبلغُ (1176) كم ، وحصة سوريا (604) كم ، بينما يمرُ في العراق بمسافة تُقدر بحوالي (1160) كم ، وتبلغُ مساحة حوض نهر الفرات حوالي (444000) كيلومتر مُربع.
ويستمدُ نهر الفرات مواردهُ المائية من مصدرين رئيسيين هما : مراد صو ، الذي يصل طوله 60كم تقريباً، وفرات صو ، وطولهُ حوالي 40كم ، ويسيرُ هذان الرافدان في اتجاه الجنوب الغربي حتى يلتقيا إلى الشمال من مدينة كيبان التركية ليكونا معاً نهر الفرات الذي يأخذُ في الإنحدار جنوباً نحو الأراضي السورية حيثُ يدخلها عند مدينة جرابلس ، ثم يأخذُ النهرُ بعد ذلك في السير في اتجاه جنوبي شرقي مخترقاً الأراضي السورية حتى يصل إلى الأراضي العراقية عند مدينة القائم. (العجيلي ، 2012 ، ص258)
وتُزودُ تركيا بحوالي 90 % من إجمالي التدفق السنوي لنهر الفرات، بينما ينبع الشطر الباقي في سوريا ، ولا يضاف إليه أي نسبة في الجزء السفلي من مجرى النهر في العراق. وتساهم تركيا بنسبة 38 % مُباشرة في المجرى الرئيسي لنهر دجلة ونسبة 11 % غيرها في روافده التي تنضم إلى المجرى الرئيسي للنهر في الجزء السفلي منه في العراق .
أما المرتفعات العراقية التي تعتمدُ على الفرات فهي : الأنبار ، وبابل وكربلاء والنجف والقادسية وذي قار والمثنى وكذلك أجزاء من بغداد ومحافظة البصرة ، وقبلَ أنْ يصل النهر إلى العراق يمرُ بسوريا ، حيثُ يدخلُ إلى الأراضي السورية عند مدينة جرابلس ، وبعدها تصبُ فيه عدة روافدها ، هي :
- نهر البليخ : وهو نهر يصب في الأراضي السورية عند قرية حمرة بلاسم بالقرب من مدينة الرقة ، ويبلغ طوله حوالي 202 كم تقريباً ، منها 117 كم في الأراضي السورية.
- نهر الساجور : وهو أول مصدر مائي لنهر الفرات في سوريا ، ويقعُ عند قرية قرة كوز غرب مدينة جرابلس السورية ، ويبلغ طولهُ 108 كم تقريباً.
- نهر الخابور : ويستمدُ هذا النهر مياهه من مرتفعات رأس العين السورية ، أي أنه ينبع في سوريا ، ويصب في الأراضي السورية أيضاً ، ويبلغ طول النهر حوالي 460 كم تقريباً.
ويُعدُ نهر الفرات الذي يمر في الأراضي السورية على مسافة 675 كيلومتر تقريباً ، حيثُ تشغل سوريا الحوض الأوسط منه ، مهماً واستراتيجياً بالنسبة لسورية ، حيثُ تعتمد عليه بنسبة 80& من احتياجاتها المائية والإروائية ، ويقدر الإيراد السنوي لسوريا من نهر الفرات بحولي 30 مليار متر مكعب في السنة ، وذلكَ وفقاً للقياسات التركية ، بينما القياسات السورية تقول أن ما يصلها من نهر الفرات لا يتجاوز 14 مليار متر مكعب ، كما يمثل نهر الفرات العمود الفقري لسوريا ومشاريعها الإستراتيجية . ( الربيعي ، هندي ، 2013 ، ص184)
وبعد أن يعبر نهر الفرات الأراضي السورية يستمرُ في الجريان حتى يصل إلى هضبة بادية الشام ثم يأخذ بالاتجاه نحو الجنوب الشرقي ، ويمر في طريقه بمدينة الطبقة والرقة ، ثم يواصل جريانهِ ليدخل مدينة دير الزور والبو كمال على الحدود السورية العراقية ، ثم يدخل الأراضي العراقية عند مدينة القائم ثم مدينة هيت ، وبعدَ هيت يدخل مدينة الرمادي – حيث أقيم فيها سد الرمادي – ثم يواصل نهر الفرات بالاتجاه جنوباً حتى يصل منطقة المسيب ليتفرع إلى فرعين رئيسيين : فرع الحلة وفرع الهندية، وعند منطقة كرمة علي في البصرة يلتقي نهر الفرات بنهر دجلة ليكونان شط العرب الذي يصب في الخليج العربي . (هويش ، 2011 ، ص44)

مشاريع المياه في تركيا
تُعتبرُ تركيا دولةً غنية بمصادر المياه السطحية ومِنها الأنهار الدولية التي تقعُ على أراضيها، وقد باشرتْ – إعتماداً على كمية المياه المُتاحة على أراضيها – بإقامة المشاريع المائية الكبيرة، وذلكَ بهدف استغلال الموارد المائية لأهداف إروائية وإنتاج الطاقة الكهرومائية وإقامة السدود والآبار والأنهر والبُحيرات الصناعية ، وأكبر هذه المشاريع هو مشروع أنابيب السلام Peace pipelines ومشروع "غاب" التركيّ ، حيثُ قامتْ الحكومة التركية بالترويج لهذه المشاريع لإستغلال نهري دجلة والفرات ، ولتعويض الهدر المائي الكبير لنهري "سيحان" و"جيحان" في مشروع أنابيب السلام وغيرهِ مِنْ المشاريع.
أما مشروعُ أنابيب السلام ، فقدْ بدأ هذا المشروع أولَ ما بدأ في حُقبة الرئيس التركيّ "تورغوت أوزال" عندما اقترحهُ في عام 1987 ، ويرمي إلى تحويل 6 ملايين متر مُكعب من المياه يومياً ، من نهري سيحان وجيحان في تركيا إلى كل مِنْ سوريا والأردن ، مع احتمالية ضم فلسطين وإسرائيل ، بالإضافة إلى دُول الخليج والسعودية ، مِنْ خلال أنابيب يبلغُ طُولها الكلي حوالي 6600 كم ، لتلبي استهلاك (14-17) مليون نسمة منْ سكان تلك الدول ، وبهدف تقليل الأزمة المائية التي تُعاني منها المنطقة العربية.
لقد روجَ الرئيس تورغوت أوزال للمشروع ، وساندهُ في ذلكَ مُستشارهُ للشؤون الخارجية "جيم دونا" ، ولاقى المشروعُ أذاناً صاغية في كل مِن الولايات المُتحدة وإسرائيل ، ففي 25 تشرين الثاني عام 1986 ، عقدَ برنامج دراسات الشرق الأوسط التابع لمركز الدراسات الدولية والإستراتيجية في واشنطن ، ندوتهُ البحثية المُتعلقة بالمياه في الشرق الأوسط، بمشاركة الأطراف العربية والإسرائيلية ، وتمَّ فيها مُناقشة مشروع أنابيب السلام بجدية وإهتمام بالغين، وقد أعلن الرئيس تورغوت أوزال عنْ المشروع رسمياً في زيارته لأمريكا سنة 1987، ثمَّ تابعتْ تركيا طرق المشروع مراراً وتكراراً في المحافل الدولية ، وقد قامتْ بالتعاقد مع شركة براون أند رووت الدولية (brown and root international) لدراسة الجدوى الإقتصادية من المشروع ، مقابل 2.7 مليون دولار ، تدفعُ الولايات المُتحدة منها 1.2 مليون ، وتركيا 800 ألف ، وبريطانيا 700 ألف ، وبينتْ الشركة أثار المشروع وأنهُ مُجدٍ إقتصادياً وفنياً ،ولهُ مردودٌ جيد على الإقتصاد التركيّ . ( عبد العزيز ، 2008 ،ص 4+5)
يهدفُ مشروع أنابيب السلام إلى تسخير الفائض من الحاجة من مياه نهري سيحان وجيحان التركيين ، لاستفادة بلدان المشرق العربي وإسرائيل ، عبر خطين للأنابيب ، "يمرُ الخط الأول عبر كل من سوريا والضفة الغربية والأردن والسعودية ، أما الخط الثاني فيمرُ عبرَ سورية والكويت والسعودية والبحرين وقطر والإمارات وعُمان" (الجبوري ، 2014 ،ص 82)
أمّا نهري سيحان وجيحان اللذان تنوي الحكومة التركية إنشاء المشروع عليهما ، فينبعانِ مِنْ الأراضي التركية ويصبانِ فيها ، أيّ أنهما أنهر داخلية وليستْ دُولية ، ويقعُ نهر سيحان في جبال تقعُ ضمن سلسلة جبال طوروس الواقعة جنوب وسط تركيا ، ويبلغُ ارتفاعها 2500م فوق سطح البحر ، ويبلغُ طول النهر حوالي 300 كم ، ويصبُ في خليج الاسكندرونة شرقي مدينة مرسين ، بينما تُقدرُ مساحة حوضه المائيّ حوالي 22 ألف كيلومتر مربع ، والمساحة القابلة للري في هذا الحوض تبلغ 43 هكتاراً .
وبالنسبة إلى نهر جيحان فينبعُ مِنْ جبال طوروس أيضاً ، على مستوى ارتفاع 3000 م فوق سطح البحر ، ويبلغُ طولهُ الإجماليّ 200 كم ، ويصبُ قرب خليج الاسكندرونة ، وتبلغُ مساحة حوضهُ المائيّ حوالي 20 ألف كيلومتر مُربع ، وتُقدرُ المساحة القابلة للريّ في حوضه 18 هكتاراً .
أمّا التفاصيل اللوجستية المُتعلقة بالمشروع ، فيُمكنُ استقراءها مِنْ الخرائط المطروحة من جانب الحكومة التركية والمنظمات الراعية للمشروع ، وتتمثلُ في تشييد نفق يبلغُ طولهُ حوالي (15-20) كم ، يمرُ بعدة مناطق وأقاليم ، مِنها : أضنة ثم جبال نُر في الأراضي التركية ، وهي مناطق تفصلُ أضنة عن نهر العاصي ، ويتجه الخطُ عبر مسارهِ جنوباً مُتوجها نحوَ الأراضي السورية ، ليُغذي مُدن حلب وحماة وحمص على التوالي ، وعند هذه النقطة بالذاتْ يتفرعُ الخطُ – كما هو مرسومٌ له – إلى نفقين أو أنبوبين أو قناتين : نفقٌ يقعُ في الجهة الغربية مِنْ نُقطة الإنفصال ، والآخر يقعُ في الجهة الشرقية .
يبلغُ طُولُ الخط الغربي ما مقدارهُ 2700 كم ، بينما يُشكلُ نصف قطر الأنبوب ما بين 1.5 إلى 2 متر تقريباً ، وعلى هذا الخط ستكونُ هنالكَ ما لا يقلُ عن إحدى عشرَ محطة لعمليات ضخ المياه بقوة 900 ميغاواط ، ويسيرُ هذا الخط عبر خارطة مرسومة لهُ مُسبقاً ليروي حلب وحماة ودمشق ماراً بهضبة الجولان ، وفي النهاية يُزود فلسطين وإسرائيل بالمياه ، ليستمر مسير الأنبوب مُزوداً تبوك وينبع وجدة ومكة المكرمة بالمياه اللازمة.
أما الخط الشرقيّ الذي صُمم ليبلغَ طولَ 3900 كم ، ونصف قطر أنبوبهُ حوالي المترين ، فسيقامُ عليه خمس محطات لضخ المياه ، وخُطته اللوجستية تُشيرُ إلى سيرهِ من جنوب حمص إلى الهضبة الأردنية المُتاخمة للحدود العراقية ، ثمّ يسيرُ الأنبوب بموازاة خط الأنبوب العراقي (النفطي) – التابلاين - ماراً بشواطئ الخليج العربي ، ليغذي الكويت وشرق السعودية وقطر والإمارات العربية وعُمان . وبحسب الخطة فإنهُ سيغذي هذه الدُول بما مجموعهُ 2.500 مليون متر مُكعب من المياه يومياً .
ورغمَ ما تقوم به تركيا من ترويج للمشروع عبر عقد المؤتمرات والاجتماعات والزيارات إلى الدول المعنية إلا أن المشروع لم يجد القبول لدى الأقطار المعنية ، فمن جهة هنالك خوف من تحكم تركيا بهذا المشروع واستغلاله لإبتزاز الأطراف الأخرى ، ومن جهة أخرى فإن المشروع مرتع الكلفة اقتصادياً ويتعذر إيجاد التمويل اللازم له ، فضلاً عن الصعوبات التقنية والطبوغرافية التي تواجه المشروع . (ابراهيم ، ص3)
نستنتجُ مِمّا سبقَ أنَّ مشروعَ أنابيب السلام سيقومُ بتزويد المياه لتسع دُول ، هي : تركيا ، سوريا ، الأردن ، السعودية ، الكويت ، البحرين ، قطر ، الإمارات ، عُمان . بالإضافة إلى إسرائيل وفلسطين ، بنحو 6 ملايين متر مكعب من المياه يومياً ، ولمدة خمسين عاماً ! ، ومن المتوقع أن يوفر المياه لما بين 14-17 مليون نسمة بمعدل 400 لتر من المياه للفرد يومياً ، فيما تقدر تكلفة المشروع المالية بنحو 21 مليار دولار أمريكي ، وذلك استناداً إلى إحصاءات شركة براون أند رووت . ( عبد العزيز ، 2008 ، ص10)
أمّا المشاريع الأخرى التي باشرتْ تركيا بتنفيذها على نهري دجلة والفرات ، فهي المشاريع المُتعلقة بجنوب شرقي الأناضول ، ومِنْ أهم المشاريع في هذه المناطق مشروع غاب Gap، وهو مشروع يُعرف بمشروع جنوب شرقي الأناضول ، وقدْ بدأ التخطيطُ لهُ في فترة مُبكرة منْ ستينيات القرن الماضي ، وكانَ يستهدفُ إنشاء 23 سداً مائياً ، و19 محطة كهرومائية لإرواء ما يُقارب (1.7) مليون هكتار من الأراضي الزراعية وإنتاج حوالي (7500) ميغاواط من الطاقة الكهربائية. (المخزومي، 2011، ص59)
يُعرفُ مشروع غاب بأنهُ أكبر مشروع للتنمية الاقتصادية والسياسية والاقليمية في تاريخ تركيا الحديث ، الذي بدأت في تنفيذه واقعياً منذ أوائل الثمانينات، بتكلفة إجمالية تُقدرُ بنحو ٢-;-٠-;- مليـار دُولار ، ويتضمن – بالإضافة إلى بناء السدود ومحطات الكهرباء - تنشيطَ قطاعات الزراعة والصُناعة والمُواصلات والصحة والتعليم والبيئة وغيرها مِنْ القطاعات ، وقد تم بالفعل الانتهاء من بعض مُكوناته، وستحقق تركيا عوائدَ عدة ، منها توفير المياه اللازمـة لـري ما يعـادل ٢-;-٠-;-% مـن المساحة الزراعية الحالية، ومُضاعفة انتاجها من الطاقة الكهربائية وتـوفير ٥-;- و١-;-مليـون فرصة عمل جديدة في هذه المناطق، وتحويل تركيا الى "سلة غذاء" الشرق الأوسط.
ويغطي المشروع ست محافظات تركية هي كل من ولايات (غـازي عنتـاب – آدي يامان– اورفة– ديار بكر– ماردين– سعرت) وتبلغ المساحة التي يشغلها المشروع ٧-;-٤-;- ألـف، وتُعدُ المناطق التي يقع بها المشروع مناطق طرد سكاني لانخفـاض مُـستوى المعيشة بها، اذ يتركز بها الأكراد، (العبيدي ، 2010 ، ص60) .
أما أهم الأهداف الرئيسية لمشروع غاب ، ووفقاً للجانب التركيّ ، فيمكن إيجازها بما يلي :
- سيعمل مشروع غاب على تنامي دور ونفوذ تركيا ودورها الاستراتيجي في الإقليم والمنطقة بشكل عام .
- الضغط على الأقطار العربية التي تتشارك مع تركيا في مصادر المياه ، وخصوصاً سوريا وتركيا ، حيثُ يتهم الجانب التركيّ سوريا بدعم الأكراد وحزب العمال الكردستاني في جنوب تركيا ، عن طريق تسليح سوريا للمعارضة الكردية . ( داوود ، ص111)
- ستعمل المشاريع التركية في الأناضول على سد عجز تركيا من الطاقة الكهربائية وتقليل اعتمادها على المصادر الخارجية (بلغاريا والإتحاد السوفيتي سابقاً) ، وكذلك مساومة العراق وكسب ورقة دبلوماسية استراتيجية تتمثل بالمياه.
- زيادة الارتباط والتعاون بين الدول العربية وإسرائيل عن طريق الوسيط التركي ، وربط دول المنطقة بمشاريع تسوية وسلام مع الجانب الإسرائيلي عن طريق تلك المشاريع التركية ، وهذا ما أكدتهُ زيارة شمعون بيريس لتركيا عام 1988. (هويش ، 2011 ، ص52)
مشاريع نهر الفرات
- مشروع كيبان : يقع هذا السد عند التقاء رافدي نهر الفرات (مراد صو وفرات صو) ، وفي وسط إقليم الأزع ، ويعد من أهم المشاريع المائية في تركيا بعد سد أتاتورك ، ويقع على ارتفاع 211 م ، كما أن سعة الخزن فيه 30,7 مليار متر مكعب ، ويبلغ ما ينتجه من طاقة كهربائية حوالي 58,70 مليون كيلوواط ، ود تم انجاز هذا المشروع عام 1974.
- سد قره قايا : وهو من أكبر منظمات الري على مستوى العالم ، ويقع بالقرب من مدينة يوزوف جنوب سد كيبان بمسافة 166 كم في محافظة ديار بكر ، ويبلغ ارتفاع السد 173 م ، وكان الهدف الإستراتيجي من هذا المشروع هو إحداث ثورة اجتماعية واقتصادية في المناطق الجنوبية لتركيا وإحياء المناطق الصحراوية من أجل إحداث هجرة عكسية وتوفير فرص عمل كثيرة ، كما أن السد ينتج طاقة كهربائية بسعة 1800 ميغاواط ، ويحتوي على 6 وحدات توربينية سعة كل واحدة منها 300 ميغاواط.
- قناة شانتلي أورفا : وقد بوشر بعمل هذه القناة عام 1978 ، وكان الهدف الرئيسي هو لأغراض الري وربطه بسد أتاتورك ، ويبلغ طول هذه القناة 26,4 كم ، وقطرها من الداخل 7,5 م ويبلغ تصريفها الأقصى 328 متر مكعب في الثانية ، وهو أكبر نفق إروائي في العالم.
- مشروع اديمان كاهنا : ويقعُ هذا المشروع في الجزء الجنوبي من نهر الفرات ، وتم الانتهاء من انجازهُ عام 1989.
- مشروع قناة هالفان : ويقوم هذا المشروع بتحويل مياه سد أتاتورك لري الأراضي الزراعية الواقعة جنوب تركيا.
- مشروع كراكاس : وتم انجازه سنة 1987 لغرض سد حاجة تركيا من الطاقة الكهربائية.
- مشروع سفريك – هلفان : وهو سد بقدرة تخزينية تقدر بحوالي 460 مليون متر مكعب من مياه الفرات.
- مشروع سد الفرات الحدودي : ويقوم هذا السد بتغطية حاجة الأراضي الزراعية المقدرة مساحتها بحوالي 22 ألف هكتار تقريباً. (هويش ، 2011، ص50)
- مشروع سد أتاتورك : ويُعدُ سد أتاتورك على نهر الفرات في القسم الجنوبي الشرقي من البلاد، واحداً مِنْ أكبر عشرة سدود على مستوى العالم ، وتبلغُ قدرته التخزينية حوالي 48.7 كيلومتر مكعب، وقد بدأتْ أعمال تعبئة الخزان في السد سنة 1990 وانتهت في سنة 1992 ، وتبلغ مساحة سطح الخزان 817 كيلومتراً مُربع ، وتُحملُ المياه المأخوذة مِنْ سد أتاتورك إلى سهل حران من خلال نظام "سانليورفا" ، وهو أكبر نظام قنوات في العالم مِنْ حيثُ طولهُ ومُعدلُ التدفق فيه ، وتمرُ المياه في أنابين بطول 26.4 كم ومُحيط 7.62 أمتار ويُقدرُ التدفق فيها بحوالي 238 متر مُكعب في الثانية ، وهو ثلث تدفق نهر الفرات.
2015)-;- (aquastat –AR
مشاريع نهر دجلة
- سد ديوكيجيري : وهو أحد السدود المقامة على نهر دجلة في منطقة قرة حصلر ، قرب ديار بكر ، والغرض منه إرواء 20 ألف هكتار من الأراضي الزراعية.
- سد باطمان : ويقع هذا السد على رافد باطمان ، ويهدف إلى ري 37,744 ألف هكتار من الأراضي الزراعية ، وإنتاج 483 مليون كيلوواط من الطاقة الكهرومائية سنوياً.
- سد باطمان – ليفن : ويقع على رافد باطمان أيضاً ، ويهدف إلى ري 253 ألف هكتار من الأراضي وإنتاج 1,5 مليار كيلوواط من الطاقة سنوياً .
- مشروع دجلة – قزال قزي : وأهم منشآت هذا المشروع هو سد قرال قزي الواقع على رافد ماردين جالي في منطقة ديار بكر ، وتبلغ مساحة خزانه 5,770 ألف هكتار ، وسعته التخزينية حوالي 1,712 مليار متر مكعب ، ويروي 126,080 ألف هكتار من الأراضي ، وتبلغ الطاقة المنتجة من محطته 1224 ألف كيلوواط.
- مشروع كارزان : يقع هذا المشروع على رافد كارزان بالقرب من حوض باطمان ، في ولاية سعرت ، ويهدف المشروع إلى إرواء 60000 ألف هكتار ، وأهم منشآتهُ سد كرزان ، حيثُ تبلغ سعته التخزينية 436 مليون متر مكعب ، وطاقة محطته الكهرومائية تقدر بحوالي 315 كيلوواط . (جعفر ، 2013 ، ص 20+21)
ومِن المشاريع المقامة على نهر دجلة من قبل الجانب التركي ، مشروع سد أورفة الذي شرعتْ تركيا بتشييده بمساعدة مالية مباشرة من إسرائيل . وأيضاً مشروع سد أليسو الذي يقع قرب منطقة ردرا تجيسون الجنوبية .
ترجعُ فكرة إنشاء سد أليسو إلى عام 1954 عندما قامت إحدى المؤسسات التابعة للحكومة التركية بإجراء سلسلة من المسوحات الطبوغرافية والجغرافية بهدف إيجاد موقع ملائم لإنشاء سد كبير على نهر دجلة ، وفي عام 1971 تم الإنتهاء من هذه الدراسات وبوشر على إثرها بإعداد التصاميم الفنية للمشروع سنة 1982 ، وبدأ التفكير الجدي في المشروع في أواخر التسعينيات.
ويُعدُ سد أليسو من أكبر المشاريع المائية في تركيا بعد سد أتاتورك ، ويقع على نهر دجلة على بعد 65 كم من الحدود السورية والعراقية ، ويشكل جزءاً من مشروع غاب المشهور ، أما الأهداف الرئيسية لسد أليسو فتتمثل في الحصول على مكاسب اقتصادية كبيرة ، حيثُ يقوم السد بإنتاج الطاقة الكهرومائية بقدرة تبلغ حوالي 1200 ميجاواط ، وتبلغ طاقته السنوية 3830 جيغاواط ، وسيساهم هذا السد في إرواء مساحات زراعية كبيرة وسيعمل على توفير 80 ألف فرصة عمل للعاطلين عن العمل ، وخصوصاً في المناطق الجنوبية التي يتركزُ فيها الأكراد .
ويبلغ طول السد 1820 م وارتفاعهُ 135 متر ، وحجم سعته التخزينية 40,11 مليار متر مكعب ، ومساحة بحيرته 313 كم ، وقد شارك في بناء هذا المشروع 8000 عامل ، بكلفة تقريبية تقدر بحوالي المليارين . (العباسي ، 2012 ، ص7)
وقد وصلَ عدد السدود في تركيا فقد إلى 579 سداً تمَّ إنشاؤها لأغراض إمدادات المياه والري وتوليد الطاقة المائية والتحكم في الفيضانات ، ومُعظم هذه السُدود شيدتْ من أنواع السدود الصخرية أو الترابية ، وتبلغُ القدرة التخزينية الإجمالية للسدود الكبيرة (208 سداً تقريباً) حوالي 157 كيلومتراً مُكعباً تقريباً ، بينما تصلُ القدرة الإجمالية للسدود كاملة حوالي 651 كيلومتراً مكعباً، يُضافُ إلى ذلك أنَّ هُنالكَ 210 سداً تقريباً قيد الإنشاء في مشاريع مائية تسعى تركيا إلى تشييدها قريباً.

التحديات الأمنية لدول المجرى والمصب
أثر المشاريع التركية على الأمن البيئي الشامل لسوريا والعراق
أدتْ السياسة المائية التركية والمشاريع المُنبثقة عنها إلى تكبيد دُول المجرى والمصب(سوريا والعراق) خسائر فادحة في المياه ونوعيتها ، بالإضافة إلى تلوث المياه والأراضي في أجزاء كبيرة مِنْ أراضي البلدين ، والجفاف البيئي والتصحر الناجم عنْ قطع إمدادات المياه وتخفيض تدفق المياه لكلا النهرين : دجلة والفرات مِنْ قِبل الجانب التركيّ .
إنَّ التهديد المُباشر الذي لحق بالعراق نتيجة المشاريع التركية يتمثلُ بالانخفاض الحاد للتصريف المائي الذي كان يصلُ إلى العراق ، حيثُ تُشيرُ الدراسات إلى أنّ ما يصلُ العراق (9) مليار متر مُكعب ، بدلاً مِنْ (28) مليار متر مُكعب هو الرقم التصريفي الإعتيادي الذي كانَ العراق يستلمهُ طيلة سنوات سبقتْ المشاريع التركية ، حيثُ كانَ التصريف في فترة 31/12/1989 ما مقدارهُ (818) متر مُكعب طيلة (31) يوماً ، مِنْ أصل إجمالي التدفق الذي بلغَ (2.190) مليار متر مُكعب ، وفي أثناء مُدة التخزين الممتدة ما بين 14-31/1/1990 وصل التصريف إلى 65 متر مُكعب في الثانية ، مِنْ أصل إجمالي التدفق البالغ (0.102) مليار متر مُكعب، خلال ثمانية عشر يوماً. ( خليفة ، 2011، ص 22)
ولا يقتصرُ الأثر السلبي للمشاريع المائية التركية المقامة على حوضي دجلة والفرات على الجانب الاقتصادي ، بل يتعداه إلى جوانب أخرى سياسية وبيئية ومناخية وغيره ، حتى وصل الأمر بالسياسة التركية ، وبتصريح بعض المسؤولين الأتراك ، عن وجوب تبادل النفط بالماء ، كما اكد ذلك تصريح الرئيس التركي "توغوت أوزال" الذي قال في أحد اجتماعاته : "أنه بمجرد أن تصبح هذه الدول (العربية) معتمدة على خطوط أنابيب المياه التركية فإن ذلك سوف يساعد على تقوية وضع تركيا السياسي والاستراتيجي في المنطقة من خلال توفير فرصة لها للتدخل في المنطقة وربطها بنظام الأحلاف الغربية والارتماء في أحضانها وتوفير فرصة كبيرة للدول الأوروبية لاستغلال المنطقة".(هويش،2011 ،ص51)
وفي ١-;-٣-;- كـانون الثـاني ١-;-٩-;-٩-;-٠-;- أعلنـت تركيـا عـن اضطرارها لاستقطاع الجزء الأكبر من منسوب الفرات لمدة شهر كامل للإسراع بملء بُحيرة سد أتاتورك، وكان ذلك تهديداً حقيقياً "للأمن المائي السوري" على وجه الخـصوص، لأن أيّ انخفاض في مستوى نهر الفرات يؤدي مُباشرةً إلى الإضرار البالغ بالزراعة السورية عامـة وخاصة بالمحاصيل الزراعية الصيفية منها ، والى عطش "حلب" ثـاني أكبـر المـدن السورية. واضطرت سوريا إلى تقليص إنتاج الطاقة الكهربائية في سد الفرات بشمال سـوريا وتوقفت سبعة توربينات لانتاج الكهرباء تنـتج نحـو ٨-;-٠-;-٠-;- ميجـاوات وتغطـي ٦-;-٠-;-% مـن احتياجات سوريا الكهربائية، كما الحق الانخفاض الحاد لمنسوب المياه بالفرات خسارة فادحة للمحاصيل الشتوية السورية، خاصة في ظل معاناة سوريا من الجفاف للعام الثاني على التوالي (١-;-٩-;-٩-;-٠-;- – ١-;-٩-;-٨-;-٩-;-) . (العبيدي ، 2010 ، ص60)
وتكفي الإشارة إلى أنّ سد أليسو لوحده قام بالتأثير السلبي على كلا البلدين العراق وسوريا ، حيث تُشير الدراسات إلى أنّ التغييرات الهيدرولوجية لنهر دجلة أثرت على الوارد المائي لنهر دجلة الذي كان يبلغ عند الحدود العراقية التركية 20,93 مليار متر مكعب في السنة ، وبعد المشروع انخفض هذا الوارد نتيجة بناء السد إلى 9,7 مليار متر مكعب في السنة ، كما أثرَ بناء السد على البيئة والأحياء المائية لنهر دجلة ، مما يهدد التنوع البيولوجي في العراق وما يرافق ذلك من تبعات .
كما أن نقصان كل 1 مليار متر مكعب من واردات العراق يؤدي إلى فقدان مساحات زراعية تقدر بحوالي 625000 هكتار ، فيما ستبلغ مجمل المساحات الزراعية المحرومة من المياه حوالي 696000 ألف هكتار، مما يعني دمار الزراعة في العراق . كما يعمل مشروع أليسو على تحويل ما يزيد عن 3 ملايين دونم من الأراضي الزراعية الواقعة في وسط وجنوب العراق إلى أراضي جرداء ، كما سيعمل المشروع التركي على توسع ظاهرة التصحر وامتداداتها في العراق ، ويزيد من الكثبان الرملية بفعل عوامل الطقس ، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة في الزراعة والإقتصاد . ( العباسي ، ص13)
كما ترتبَ على مشروع أليسو حدوث هجرات ونزوح جماعي مما هدد – ولا يزال يهدد - الأمن الديمغرافي العراقي ، فحوالي 5 محافظات عراقية و13 ناحية تقع جميعها على حوض نهر دجلة وروافده ، مما يعني أن هذا السد لوحده يؤدي إلى الدفع بالسكان دفعاً لترك مهنهم وأعمالهم الزراعية والصناعية والحرفية ، والهجرة إلى أماكن أخرى ، وهذا النزوح العشوائي سيؤدي إلى تفكك النسيج الإجتماعي وتغيير أنماط العمل وثقافة الشغل ، مما يهدد السلامة المجتمعية والأسرية والترابط المجتمعي . ( وهاب ، 2014، ص254)
إنّ التبعات الرئيسة للمشاريع المائية التركية تتمثلُ أيضاً بتحويل العراق وسوريا إلى دولٍ تابعة – مائياً وغذائياً – للقوى الأجنبية ، عن طريق ربط هذه الدول بمشاريع سلمية وتنموية مُستدامة ، كما يُشكل التهديد المائيّ خطراً قدْ يُشعلُ حرباً فيما لو جاءتْ قوى حكومية في كلا العراق وسوريا ( مع الملاحظة أن غياب الحل السلمي في الظرف الراهن نتيجة "الربيع العربي" أدى إلى المزيد من التفرد التركي والإيراني في مقدرات العراق وسوريا المائية).
ومن أثار المشاريع التركية المباشرة التلوث البيئي الذي يشمل النباتات والأحياء البيولوجية ، فقدأدى انخفاض تصريف نهري دجلة والفرات داخل الأراضي السورية والعراقية إلى انسياب المياه الجوفية المالحة باتجاه البلدين وتركيزها في الأراضي العراقية خصوصاً ، وفي نهر الفرات على الجانب العراقي زادت نسبة المُلوحة بشكل كبير في أغلب المناطق الرسوبية، مما أدى إلى تلوث المحاصيل وعدم قدرة المياه وفاعليتها في الاستعمال الزراعي ولأغلب أصناف المحاصيل ، كما ترك ذلك أثاراً واضحة على مساحة الأراضي القابلة للزراعة إذ سيؤدي ارتفاع نسبة تركيز الأملاح إلى تدهور خواص التربة الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية ، وبالتالي تدهور الإنتاج الزراعي خصوصاً مع الإعتماد على طريقة الري بالغمر وهي الطريقة الشائعة في العراق ، حيث تشكل نسبة استعمالها 80% من مجمل الأراضي المروية ، وقد أدت هذه الظواهر الناتجة عن المشاريع التركية ونقصان كميات الواردات إلى سوريا والعراق إلى تملح مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في كلا البلدين، حيث بلغت تلك المساحات في العراق وحده مساحة 5288000 دونم في سنة 2008 فقط . (الشمري ، علي ، 2012 ، ص 61)
يُمكن الإشارة في هذا السياق إلى المشاريع التركية وأثرها الأمني والاقتصادي على كل من سوريا والعراق عبر النقاط التالية :
- تحويل مجرى نهر الفرات الطبيعي إلى مجرى صناعي يبتعد عن المجرى الطبيعي ، وخلق توترات دائمة في المنطقة جراء تخفيض معدلات المياه الجارية لكل من سوريا والعراق وخطورة ذلك على الحياة الإجتماعية والسياسية للبلدين، ومن تلك الأثار ما جلبه مشروع سد "قره قايا" الذي تحدثنا عنه ، حيثُ قد بدأ الأملاء الأولي للسد عام 1984 واحتاج إلى توفير كمية من المياه وصلت إلى أربعة مليارات متر مكعب، وعلى إثر قيام الحكومة التركية بتشغيل توربينات السد ، ألحق ذلك ضرراً بليغاً في سوريا والعراق، بسبب انخفاض وارد النهر السنوي بمقدار 10 % ، وهي نسبة خطيرة ومرتفعة جداً ، مما أدى إلى عجز في مياه النهر بنسبة 40 % من حاجات العراق ، وتزامن ذلك مع فترة إملاء سد القادسية.
- ألحقت المشاريع التركية أضراراً زراعية لأكثر من 3 ملايين فلاح بسبب شحة المياه خاصة بعد تنفيذ سد كيبان.
- تلف قسم كبير من أشجار النخيل وهلاك عدد من الحيوانات وأشجار الفاكهة .
- انعدام الملاحة النهرية في الفرات بسبب قلة المياه في مجرى النهر وتلوث المياه وانتشار مرض الملاريا.
- تراجع حصة سوريا جراء مشاريع غاب التركية ، منْ 21 مليار متر مكعب عام 1990 إلى أربعة مليارات متر مكعب عام 200 ، مما ترتب على ذلك خسائر فادحة في الأراضي الزراعية السورية ، وتدهور القطاع الحيواني وحدوث أزمة حقيقية داخل الأراضي السورية. (هويش ، 2011 ، ص54+55)
- انشاء سد اليسو على نهر دجلة سيحرم 696 ألف هكتار من الأراضي الزراعية العراقية من المياه ويخفض الوارد المائي 11 مليار متر مكعب ، كما أنّ لهذا المشروع تأثيرات سلبية على عدد من المدن الكردية في تركيا اضافة إلى إزالته لمواقع تاريخية مهمة : أشورية ورومانية وعثمانية. وسيقلص تأثير سد أليسو من الواردات المائية التي تصل إلى العراق وسوريا .
- نتيجة تخفيض تركيا لتدفق المياه صوب سوريا والعراق وصل العجز إلى 100 مليون متر مكعب في سوريا ، وفي مجال توليد الطاقة الكهربائية فقد تأثرت بشكل كبير وملموس نتيجة المشاريع التركية ، فخلال قطع المياه سنة 1990 توقفت سبع محطات كهربائية من أصل ثمانية في سد الفرات ، مما ألحق أضراراً بالغة في صناعة النفط في مصفاة حمص وصناعة الأسمدة ، وأثر ذلك على مصانع النسيج ، وإلغاء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية بقوة 660 ميجاواط كانت سوريا تنوي اقامتها عند سد تشرين ، ويبين الجدول التالي التغيرات الكمية والنوعية لحوضي دجلة والفرات في العراق نتيجة مشاريع غاب التركية :
اسم النهر معدل وارد النهر قبل غاب معدل وارد النهر بعد غاب نسبة الملوحة قبل غاب نسبة الملوحة بعد غاب
دجلة 20.90 مليار متر مكعب سنوياً 9.16 ملغم/لتر 250 ملغم/لتر 375 ملغم/لتر
الفرات 45.8 مليار متر مكعب سنوياً 3.30 مليار متر مكعب سنوياً 457 ملغم/لتر 1220 – 1275 ملغم/لتر
جدول (1) : التغيرات الكمية والنوعية على مياه نهري دجلة والفرات الجارية في العراق بفعل إقامة مشروع الغاب.
المصدر : جعفر، علي طلب ،(2013)،"طوبوغرافية نهر دجلة وتحدياته الطبيعية والبشرية، مجلة ديالي (جامعة ديالي) ، ع 60: ص19.
الخاتمة
يُعتبرُ نهري دجلة والفرات من الأنهار الدولية التي تشتركُ فيها عدة دُول (سوريا والعراق وتركيا) ، وقد أدتْ السياسة التركية المائية إلى نشوء نزاعات حول النهرين ، حينما بدأتْ الحكومات التركية المُتتالية بإنشاء مشاريع تنموية مُستدامة على أراضيها ، وبما أنَّ تركيا تُعتبر دولة منبع بالنسبة لنهري دجلة والفرات ، فقدْ ساهمتْ في إستغلال هذا الظرف الجيولوجيّ والطبيعيّ مِنْ أجل إقامة السدود والمحطات والمشاريع المائية ، مُعتبرة المياه على أراضيها مياه وطنية ، وترفضُ تركيا اعتبار نهر الفرات نهراً دولياً بحيث تُطبقُ عليه قواعد القانون الدوليّ ، وتُطلقُ عليه وصف "المياه العابرة للحدود" .
إنَّ التهديد والتحديّ الأمني والمائي يتلخصُ في أنّ معظم مصادر المياه العربية تقعُ في منابع خارج الإقليم نفسه ، هذا ما شاهدناه في مياه العراق وسوريا ، مما يجعلُ من دولة المنبع ، التي هي تركيا في دراستنا ، مُتحكمة في نصيب باقي الدول المتشاطئة والمشتركة في نفس النهر ، ويُعطيها القيمة الإستراتيجية لأمنها المائي والغذائي.
وربما تعودُ سياسة تركية المائية – وفي جزءٍ كبيرٍ منها – إلى تقليص نفوذ السوريين ودعمهم المُباشر للأكراد في المناطق الجنوبية الشرقية من تركيا ، كما تسعى تركيا إلى مقايضة الدول النفطية ، وعلى رأسها العراق ، بالماء ، وهذا ما شاهدناه من تصريحات مباشرة من مسؤولين وسياسيين أتراك .
لقد توصلتْ هذه الدراسة إلى اعتبار السياسة التركية المائية هي بألف ولام التعريف : سياسة إرهاب بيئي ، حيثُ قامتْ ولا زالتْ بالتفرد في قراراتها المائية ، رغم تحذير المنظمات الدولية ، ورغم المخالفات الصريحة التي تقوم بها الحكومة التركية للقوانين الدولية والأعراف الإقليمية.
ومِنْ التوصيات في هذا المجال اللجوء إلى القضاء الدولي والمحاكم الدولية التي وضعتْ أسساً عادلة في تقاسم المياه ، والقرارات الصادرة عن تلك المنظمات التي تمنع دول أعلى المنبع من إيقاف أو التسلط على دول أسفل المنبع ، والشراكة المستديمة على أساس حقوق "حُسن الجوار" والحقوق التاريخية المُكتسبة للدول التي تتشارك في الأنهار الدولية .
إنَّ عرض القضية العراقية والسورية ومشكالهما المائية أصبحَ ضرورة مُلحة ، وخصوصاً بد مرحلة "الربيع العربي" وما آلتْ إليه المنطقة مِنْ دمار وتخريب للمصالح والبنية التحتية الحيوية لكلا البلدين .





الحواشي والهوامش :
جميعُ الأرقام والإحصائيات الواردة في هذه الدراسة هي أرقام رسمية مُعتمدة ، وجميعها تقع في أخر تحديث لسنة 2015 ، ما لم يُشر إلى غير ذلك في الحواشي والهوامش.
2 لرسم الصورة العملياتية الشاملة fop للمشروع تمَّ الإعتماد على عدد مِنْ الدراسات الواردة في متن هذا البحث وحواشيه، ومُصطلح full operation picture قُمتُ بجلبهِ مِنْ ساحة الدراسات الأمنية المُتعلقة بمسرح العمليات إلى ساحة المشاريع المائية ، لتقارب البيئة المتكاملة وتفاصيل البيئة اللوجستية بين الميدانين.
3 راجع دراسات : عبد العزيز ، الجبوري ، المخزومي ، خدام .. الواردة في المراجع.

المصادر والمراجع :
أولاً : الكتب
- خدام ، منذر ، 2001 ، الأمن المائي العربي الواقع والتحديات ، ط1 ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، لبنان .
- المخزومي ، شاكر عبد العزيز ، 2011 ، في طريق العطش : أزمة المياه في العراق وبعض الدول العربية ، ط1 ، دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع ، عمان ، الأردن.
ثانياً : الدراسات والبحوث
- الشمري ، رضا عبد الجبار ، والشمري ، عباس حمزة ، (2012) ، "التحديات التي تواجه الأمن المائي العراقي والحلول المقترحة لمواجهتها" ، مجلة القادسية للعلوم الإنسانية ، م(15) ع 1 :57- 75.
- داوود ، ابتهال محمد رضا ، (2008) ، "مشكلة المياه في الوطن العربي تركيا وسوريا والعراق " ، مجلة دراسات دولية (جامعة بغداد) ، ع38 : 103 – 118.
- العباسي ، ريان ذنون ، (2008) ، " مشروع سد أليسو وتأثيره على الوضع الإقتصادي للعراق " ، مجلة دراسات إقليمية (جامعة الموصل) ، ع12 : 202 – 222.
- العباسي ، ريان ذنون ، (2005) ، " الآثار الاقتصادية والبيئية لمشروع جنوب شرقي الأناضول على سوريا والعراق" ، مجلة دراسات إقليمية (جامعة الموصل) ، ع4 : 220 – 236.
- إبراهيم ، مازن خليل ، (2012) ، " مشروع أنابيب السلام وأزمة العلاقات التركية السورية" ، مجلة السياسية والدولية ( جامعة المستنصرية) ، ع20 : 377 – 394.
- جعفر ، علي طلب ، (2013) ، "طــــوبوغرافيــة نهــــــر دجلة وتحـــــدياته الطبيعية والبشـــــــــــرية "، مجلة ديالي للبحوث الإنسانية (جامعة ديالي) ، ع60 : 573 – 614.
- هندي ، زهراء ، و الربيعي ، ظاهر ، (2013) ، " الموارد المائية في الجمهورية العربية السورية الواقع والمستقبل" ، مجلة أبحاث البصر ( العلوم الإنسانية) ، م(38)ع1: 180-201.
- وهاب ، أمال ، (2014) ، " السياسة الدولية والإقليمية للمياه المشتركة دراسة حالة سد اليسو التركي"،مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية (جامعة كركوك)، م (3) ، ع 10 : 206-326.
- هويش ، كريم جيجان ، (2011) ، " السدود والمشاريع التركية المقامة على نهر الفرات وأبعادها الجيوستراتيجية على سورية والعراق" ، مجلة جامعة الأنبار للعلوم الإنسانية ، ع1 : 42-59.
- العبيدي ، أميرة إسماعيل ، (2010) ، " إشكاليات السياسة المائية بين سوريا وتركيا " ، مجلة التربية والعلم (جامعة الموصل) ، م(17) ع44 : 57-69.
- عبد العزيز ، هشام فوزي ، (2008) ، " مشروع أنابيب مياه السلام التركي والمواقف العربية منه (1987 – 1999)" ، مجلة المنارة ، م(14) ع2 .
- خليفة ، آذار عبد ، (2001) ، " المائية التركية في نهر الفرات وأثرها في العراق (1990 -2005)" ، مجلة الأستاذ ( كلية التربية ابن رشد) ، د.ع ، د.ت.
- الناصح ، أحمد كامل حسين ، (2009) ، " أثر السياسة المائية التركية على التنمية الزراعية بالعراق للفترة من (1990-2006)"، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية (جامعة بغداد)، م(15) ع53 : 166-187.
- العجيلي ، محمد صالح ، (د.ت) ، " متغير المياه في العلاقات العربية التركية" ، مجلة الفكر السياسي، د.ت ، ص 257 – 263.
- الجبوري ، محمد علي محمد تميم ، (2014) ، " المعضلة المائية بين تركيا والجوار الجغرافي العربي" ، مجلة المستقبل العربي ، ع419 : 75 – 89.
ثالثاً : التقارير
- تقارير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة
1- الجمهورية العربية السورية (2015)
http://www.fao.org/nr/water/aquastat/countries_regions/syr/SYR-CP_ara.pdf
2- تركيا (2015)
http://www.fao.org/nr/water/aquastat/countries_regions/tur/TUR-CP_ara.pdf
3- العراق (2015)
http://www.fao.org/nr/water/aquastat/countries_regions/irq/IRQ-CP_ara.pdf



#رعد_تغوج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولات الصراع والحرب في العلاقات الدولية
- خوان ميرو : شعرية الفراغ عند السوريالي الرجعي
- قردة وسعادين وظباء
- كلود مونيه الوهج القادم من الجنوب
- التسوية السياسية في سوريا
- غزة تنتصر
- سطوة التاريخ في رواية فرسان وكهنة
- نقد الشرعية الإبستمولوجية لقواعد الأصول
- المُؤمن الصادق لإيريك هوفر : أفيون الجماهير
- التنظير للجحيم : الحدود الدموية للإسلام
- الرحلة إلى غوانتنامو
- الاحتباس الحراري ومأزق الطبيعة
- هكذا تكلمت فكتوريا - اللامتوقع في رواية كنوت هامسون


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رعد تغوج - مُتغير المياه في الإستراتيجية التركية (الصراع على نهري دجلة والفرات)