أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - أجمل من إله.














المزيد.....

أجمل من إله.


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 5158 - 2016 / 5 / 10 - 08:05
المحور: الادب والفن
    


-1-
يُحكي أني كنتُ فيما مضى،
من ألف عام..
حرًا..
فلما صرتُ عبدًا في أسر يومٍ اشتراني من سوق التواريخ المحفورة في الروح؛
وهبني للريح،
وللغيّم..
وطالبني أن أجالس موجةً حتى الصباح أحكي لها قصتي القديمة،
وأن أغزل طول النهار ما ينقضُه الليلُ من نسيج الحكاية..
وأحمل الرسائل في المغيب إلى الشمس التي قررت الإفطار مبكرًا جدًا مع شعاعها الأول الذي استفاق للتو، ويستعد أن يغادر نحو طرف الأرض الغارق في أفق البحر...
ألفُ عامٍ وعام أسيرُ نحو بلدتي البعيدة التي بدّلت ملامحها حين نحتوا أول تمثال لوجه أمي التي ماتت بعد ولادتي مباشرة، ووضعوه في متحف البلدة، حين رفض كاهن البلدة أن تكون أمي إلهًا للناس يعبدون...
يا بلدتي؛
أفٌ لكم، ولما تعبدون غير أمي...
أمي الإله ولو كانت بشر.

-2-
في ليلتين قبل ألفٍ مضافةٍ إلى السنين التي ماتت، سألتني الشمسُ:
- يا رجل، أتؤمن مثل الناس أنّ للكون إلهًإ ووجهه النور؟
فابتسمت،
كيف يا شمسُ تنسين وجه أمي؟
وهل من إلهٍ يوازيها نورًا حين تفرش ابتسامتها الطيبة في ساحة بيتنا في الصباح؟
راحت الشمس تصفرُّ،
وتحمرُّ،
الحقيقة أنها اجتهدت في إقناع قلبي أن للكون إلهًا غير أمي..
حكت الشمس، وقالت:
كان فيما مضى، من ألف ألف عامٍ عبدًا في جوار أميرةٍ يغني لها عن الحب،
والعشق،
وعن حكايات المجون التي يبدو في بطولتها ساذجًا للغاية،
ويبدو محبًا للحياة بحجم بحرٍ يحب سفينة القرصان الذي يجوب البحر مغتاظًا أن تقاليد مهنته تفرض عليه أن يرفع علمًا أسود اللون مدببًا في وسطه صورة جمجمةٍ لوجهٍ كان قبيحًا إلى حدٍ بغيضٍ...
سألته الأميرة:
- يا عبدي، أتؤمن مثل العبيد أنّ للجمال إلهًا يُشابهني؟
فابتسمت،
يا أيتها الأميرة، هل من جمال يشبه وجه أمي حين كانت تحكي لنا عن ليلتها الأولى كإله للجمال، ثم استوت على عرشها فوق ماء عيني؟

-3-
حين دخل الليل على عادته الرجيمة وغافلني كما يليق بأسير كان مثلي من آلاف السنين حرًا،
أراني امرأة تعرت عن شواغلها،
وراحت تصلي...
وتدعو في جوف حكايتها للغائبين بأن يعودوا،
وألا يأكلهم دود الأرض،
راحت تبكي وتشكو إلى نول النسيج، وتخبره عن طزاجة القلب الذي دفنته، وعن الأحلام التي نبتت فيه، ولم يمهلها الوقت أن تثمر البرتقال الصيفي...
أدارت في السكون قرصًا مدمجًا يحمل صورة القلب وصوته حين كانت تتمنى له عامًا جديدًا سعيدًا، وتعدُ الثواني ليبدأ عامها الخامس عشر بعد ألف أمنيةٍ وقبلة...
طالعتها صورتها تطوّق عامها الجديد، حين انساب الليل قريبًا من خصلة شعر تغازل وجهها القمحيّ حين كان يطفيء شمعةً للبدايات البريئة في وسط كيكتها ومشروبها الغازي يراقص فقعاته الجريئة التي طارت نحو جبهتها التي يمر بها الربيع كل عام...
وحين انتهت من صلاتها، سألتني:
- يا أنت، أتؤمن مثل كل الناس أن هناك إلهًا يحمي أحبتنا من الدود الشره؟
فابتسمت،
ورحت أنقش في شاشتها قلب أمي، وكيف يحمي المؤمنين بها من دود القبور، ويبقي على طزاجة القلوب...
فتثمر أشجار البرتقال الصيفي،
وتبقى الابتسامات؛ فلا نموتُ.

مختار سعد شحاته.
bo mima
روائي وباحث أدبي.
مصر/ الإسكندرية.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورقة خفيفة.
- السابعة من مساء الميدان
- بين نصفين: أحلام شمس/ شمس أحلام
- مؤسسة يدوية بالإسكندرية لفن صناعة الكتاب
- شوق الدرويش ما لها وما عليها
- الشاعرة لبنى عبد الله المستعدة للانقضاض على وحدة تائهة
- ما بين الفوضى وسقف المؤسسة في الجوائز العربية
- كان مرة -واحد مصري-..
- النص الإبداعي بين امرأتين
- رواية إليها المسير.. لبغداد السايح
- -باب جانبي في كابينة والدي-
- العين صابتني ورب الكلمة نجاني
- الرجل ال-يباشر-.. قصة قصيرة
- رسالة.. نص أدبي إلى الرفيق مولانا الدرويش الذي يعرف نفسه.
- للأخ المسافر.. إليهم جمعاء
- هل كان أبو الأنبياء مُداهنًا؟! المقال الأول بعد التأسيسي لنظ ...
- نظرية الضيق.. مقال تأسيسي رقم 1
- يقولُ وليد.. مهداة إلى ديوان -تفسر أعضاءها للوقت- للشاعر ولي ...
- سرور التي تضخّ حزنًا ووجعًا قراءة في رواية -الشويرة- لمحمد ا ...
- قراءة لمجموعة -صباح مناسب للقتل- لأسامه جاد.


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - أجمل من إله.