أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - وهم الخلق والخالق(1)- تأملات إلحادية















المزيد.....


وهم الخلق والخالق(1)- تأملات إلحادية


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 5148 - 2016 / 4 / 29 - 22:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- تأملات إلحادية - جزء رابع .
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان (45) .

هى رؤى فكرية وخواطر ومواقف تدور حول الإلحاد والإيمان أردت صياغتها فى تأملات موجزة بعدة سطور بغية أن يصل مضمونها بشكل سريع ومؤثر ولتفتح المجال أمام آفاق العقل لإختبارها والإبحار فيها .. أعتذر عن دسامة المحتوى فهكذا طبيعة كتاباتى , أو قل رغبة دفينة فى تدوين كل ما يجول فى دماغى قبل إنقضاء الحياة .
أعتنى بدءا ً من هذا الجزء بالوهم الشائع عن وجود خلق وخالق ومصمم لأتعاطى مع هذا الوهم من خلال علمنا المادى ثم أفنده من خلال تناول فرضيات ومعطيات الفكر الإيمانى ذاته بعد تمريره على المنطق لنكتشف حجم الخديعة الكبرى .
حتى تعم الفائدة فليكن تعاطينا واختبارنا للأفكار فيما هو مطروح , فلا داعى لنهج القفز لنسأل اسئلة لا تعتنى بما مطروح كعملية هروب منها لذا فليكن نقدنا وإختبارنا للأفكار فيما نحن بصدده , وأنا لن أغفل كل الفكر الشائع عن السببية والتصميم والمصمم والغائية والترتيب فى مقالات أخرى .

- ما يثبت تهافت المؤمن فى إيماناته إنه يهب مدافعاً عن الله محاولاً نصرته بإثبات وجوده بالرغم أن الأمور وفقاً لإيمانه تضع الإله فى موقف ضعيف متخاذل , وتقلب الصورة المُفترضة عن الإله الناصر الداعم للعبد .. لا تقل أن المؤمن يعتنى بجذب مخالفيه للإيمان بالإله فهو لا يملك ما يقدمه فليس لديه من الحجة والفكر المتماسك المقنع لأى شئ ليقدمه , ليكون دفاعه عن الإله دفاع عن هويته وإنتماءاته التى إختزلها فى الإله لذا تجد المجتمعات ذات الهويات المتعددة المنفتحة غير منزعجة من وجود أفكار مناهضة للإله أو الدين .. إضافة لذلك أن حمية المؤمن فى الدفاع عن معتقداته قد تكون من باب فكرة لا أريد أن أكون فى الملعب لوحدى أو لا أريد الإغتراب عن جذورى وقبيلتى وعلاقاتى القديمة أو قد يكون من باب أن هذا الملحد يثير قضايا حرصت دوماً على وأدها.

- الله خالق الكون والوجود والحياة كما يدعون بالرغم علمهم أن المادة لا تُخلق من عدم ولا تُفنى إلى العدم , ولكن هكذا العقل الدينى يمرر جمل من سُم إبرة أو قل يغفل عامداً متعمداً ما يزعج خرافاته فهو لا يعتنى بمواجهة الحقيقة تاركاً الحراك والفعل لأوهامه وخرافاته .. حسناً فلنتعامل مع العلم والمنطق والعقلانية لنثبت أن فكرة الخلق مستحيلة وجودياً , كذا وفق الإيمان الدينى ذاته أى سنتناول أزلية الوجود وإستحالة خلق العالم من خلال العلم أولا ثم من المعطيات التى يؤمن بها المؤمنون عن فكرة الإله , لنثبت هشاشة فكرة الخلق والخالق .

- سؤال من خلق الكون ؟ سؤال خاطئ منطقياً والصواب هو ما مُوجد الكون .. لماذا أقول أن سؤالك "من خلق الكون" سؤال خاطئ منطقياً لأنك أطلقت فرضية من توهمك ليس لها أساس لتضعه فى السؤال , فإعتبرت وجود خلق أى إيجاد الشئ من العدم , وهذا مستحيل علمياً وعقلياً ومنطقياً , علاوة أنك حددت سؤالك بمن الذى تعنى العاقل أى قدمت إجابتك المتعمدة فى السؤال .!
هذا السؤال بهذه الصيغة سيوقعك فى مآزق كثيرة أولها عليك إثبات أن هناك فعل خلق أى إيجاد الشئ من عدم , وثانيهما أن الخلق جاء من عاقل بل كل منتج فى الطبيعة جاء من عاقل وهذا غير متحقق بالطبع , وثالثهما أن العاقل الغير مادى قادر على إنتاج مادة .

- الطريف أن ما يقال عنها كتب مقدسة لم تذكر فى أى موضع أن الإله خلق الوجود من العدم بل لم يأتى أى ذكر للعدم فى نصوصها , فكل ما تشير له أن هناك صنعة ما وليس خلق أى عملية تحويلية قام بها الإله بتحويل وتشكيل الطين لإنسان , وفتق السماء عن الأرض , وإستخدام الماء فى صناعة كل شئ حى ألخ . وهذا يعتبر صنع أو تشكيل أو تكوين وليس خلق ,فنحن أمام حدث من أصل موجود , أى لا يوجد ذكر لقصة الإيجاد من العدم , وحتى القول "بكن فيكون" فلا تخرج عن الصنعة بشكل سحرى فهناك أمر موجه لشئ ما موجود أصلاً ليتكون بإستخدام الأمر " كن ".
- مبدع الفكر الأسطورى إنسان بسيط فهكذا كانت رؤيته للإله كصانع ومُشكل ليحمل هذا التصور عوار فى الفكر الإيمانى , ليبدع أهل اللاهوت والكلام فكرة الخلق من العدم فلو إقتصر الإله على الصنعة , فلن يكون إلهاً وسيصير وحدة وجودية ضمن الوجود غير مُفارق له , وستسأل حينها من أوجد الماء والطين .؟

- لماذا نقول أنه لا يوجد شئ اسمه خلق وأنها وهم وخرافة دماغ لأن الوجود والحياة ليسا فيهما وجود جاء من عدم , وقانون الطبيعة والمادة الذى نفطنه وندركه ونطبقه يقول عند حدوث أي تفاعل كيميائي فان كتل المواد المتفاعلة تساوي كتل المواد الناتجة عن التفاعل كما أن أي كتلة في نظام مغلق ستبقى ثابتة مهما حدث داخل النظام . فهذا القانون ينص على أن المادة في نظام مغلق لا يمكن أن تنشأ أو تفنى إلا إنه يمكن إعادة ترتيبها , فأي عملية كيميائية في نظام مغلق يجب أن تكون فيها كتلة المواد المتفاعلة مساوية لكتلة المواد الناتجة بعد انتهاء العملية .
في الفيزياء ينص قانون حفظ الطاقة أو بقاء الطاقة على أن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم ولكن يمكن تحويلها من صورة لأخرى . والقانون الشهير الذي اكتشفه أينشتاين هو قانون تكافؤ المادة والطاقة , فالمادة يمكن أن تتحول إلى طاقة في تفاعل نووي مثلا , ويمكن للطاقة أن تتحول إلى مادة , حيث يتحول شعاع غاما إلى إلكترون و بوزيترون فهذه المعادلة هي إثبات آخر لقانون بقاء المادة , فالمادة لا تتخلق من العدم ولا تفنى إلى عدم , إنما يمكن أن تتحول إلى طاقة وعليه لا يوجد شئ اسمه خلق .

- إذن يستحيل خلق الأشياء من عدم فى الزمن , فالعدم هو اللاموجود , واللاموجود عكس الموجود , والغير موجود مستحيل الوجود , أما الزمن فهو حركة الأشياء وهو ليس بعداً منفرداً فيستحيل وجوده بدون وجود المكان , وهذا يعنى أن الأشياء موجودة أصلا , فكيف يقال أن هناك خلق .؟!

- يقولون أن الاله خالق كل شيء من عدم , وإنه كان وحده قبل الخلق ولكن المنطق يقول : إذا كان الله وحده قبل الخلق و ليس له بداية , فالعدم أيضا الذى يعترفون بوجوده والذي خلق الله منه العالم ليس له بداية .. فأيهما أسبق .؟!
من الهراء القول بأن الله خلق العدم , فالعدم هو اللاشئ . والعلم يقول أن الطاقة لا تفني و لا تستحدث من وإلي العدم كما ذكرنا , فما الوجود الا صور مختلفة للطاقة والمادة فلا عدم ولا يحزنون .

- عملية الخلق المفترضة يلزم لها مكان أى الورشة التى تم فيها الخلق , ولكن المكان وجود وهذا يعنى أن الوجود قائم بذاته قبل الخلق أو الصناعة .

- أن يصنع الله المادة فهذا يعنى أنه كيان مادى وهنا لا توجد أى مشكلة , فالوجود المادى تم تسميته بإله ليبقى الفرق بين الإيمان والإلحاد أن المؤمنين يستطيبون الصلاة والركوع للجاذبية مثلا , بينما يرى الملحد سخافة هذا , ولكن المؤمنين سيسارعون بالقول أن الله ليس وجود مادى بل وجود لا مادى أنتج مادة وهنا يلزم إثبات نقطتين الأولى هل هناك وجود غير مادى , وما هى ماهيته , وكيف يعرفونه ويدركونه اذا كان الدماغ يستحيل ان يدرك ماهو غير مادى , ولياتى سؤال آخر كيف عرفوا هذا , وهل الوجود الغير المادى ينتج وجود مادى .؟

- إذا خضع الكون لقانون النشأة بلا غاية ودون سبب, كون المادة غير عاقلة و بلا غاية لا تصنع كما يزعمون , فنجد أننا حللنا المشكلة منطقياً دون الاستعانة بالميتافيزيقيا والتخديرات العقلية , فالكون نشأ بلا غائية كما نشأ الله بلا غائية هذا إذا كان موجوداً , وإذا وجد الله بدون سبب فمن الطبيعي أن يوجد الكون أيضاً بلا سبب , ليبقى الفرق أننا لم نرى الإله أو نقيسه أو نشعر به مادياً , في حين أننا نرى الكون والمادة ونقيسها ونؤثر فيها ونتأثر بها فهى موجودة وواقعة أمامنا , فما الأقرب للمنطق والعقل ؟.

- أرى سر إشكالية الفهم الإنسانى الذى أنتج فكرة الخالق والخلق أننا تصورنا الصفر الرياضى كشئ محدد ذو وجود , بينما هو مفهوم رياضى تقريبى , فلا يوجد شئ إسمه صفر فى الواقع المادى الوجودى أى لا يوجد صفر مادة , فمهما إستصغرنا القيم المادية للأشياء فهناك دائما قيمة ووجود يمكن أن يتغير ويتبدل وقد أكد العلم أن الطاقة لا تخلق ولا تفني من وإلي العدم , فالوجود يمر بدورة أزلية أبدية دائمة لا تتوقف , وعليه لا يوجد خلق أى الإيجاد من صفر مادة .

- يقولون أن الله خلق من العدم , ولكن العدم هو اللاموجود , واللاموجود عكس الموجود , والغير موجود مستحيل الوجود, فكيف خلق الله من الغير موجود , لكننا يمكن ان ننسف هذا الهراء بتناول سؤال القدماء عن الكون هل هو حديث أم قديم ؟ أى هو حادث ام ازلى .؟
بداية يجب معرفة أن الكون ليس هو الوجود ككل إنما هو جزء من الوجود بدليل وجود المادة التي نشأ منها الكون قبل النشأة نفسها .. فالكون نفسه له بداية لكن الوجود ككل لا بداية له , لأنه لا ينبغي لشيء أن يأتي للوجود من العدم , فالعدم معدوم لا وجود له .

- العدم عكس الوجود, وعكس الوجود هو اللاوجود , فإذاً لا وجود للعدم , وبالتالي لا وجود لإله يخلق من العدم , فلم يتبقى إلا الصنع فلابد من مادة يشكل منها, وبالتالي هو ليس إله , بل صانع مثله مثل الإنسان , وهنا تنتهي فكرة الألوهية والخلق .

- لم يتبقى لهم إلا الصنع أى تشكيل الأشياء من قبل صانع . والصُنع في هذه الحالة يجب أن يكون بناء على وجود مُخطط مُسبق لما يراد صنعة بتوفر المواد والعوامل اللازمة لصنعه , كما يصنع الأنسان أدواته وآلاته من أشياء ليبقى من الأهمية بمكان إدراك أن الصُنع والتشكيل ليس بالضرورة من صانع عاقل وهو ما سنتناوله لاحقا .

- حتى مقولة صنع الله الكون من المادة لن تتحقق بواسطة إله , ففى فرضياتهم يعتبرون الاله غير عاقل وهذا صحيح , فكونه عاقل يعنى إنه محكوم بما هو معقول فلا يحيد عنه ليقع تحت الجبرية ليكون خاضع للمادة وقوانينها لتتبدد ألوهيته , لذا فالسببية فى الإستدلال لا تعنى أن المُُسبب عاقل وبذا تنسف فكرة المصمم العاقل , فليس بالضرورة أن يكون وراء الشئ سبب عاقل لإنتاجه , فالإله ذاته حسب فلسفتهم ليس عاقلاً .

- إذا كان بالامكان أن يكون الإله بجلاله و قدرته الخارقة حسب زعم المؤمنين موجودا بدون صانع له , فأليس من الممكن بل الأكثر إحتمالاً أن يكون الكون وهو الأبسط بالمقارنة مع الإله المفترض موجوداً بدون صانع ؟ فلو رأينا مجموعتي حجارة على الشاطئ أحدهما على شكل دائرة و الاخرى على شكل بيت , و قيل لنا أن احدى المجموعتين صنعها شخص ما والاخرى تكونت عشوائيا بدون قصد , و كان علينا أن نحزر أيهما مصنوعة و أيهما غير مصنوعة فماذا سيكون جوابنا؟ بالطبع سنجيب اذا كان علينا أن نختار، فالأكثر إحتمالاً أن تكون الدائرة فهي الأبسط والأقل تعقيدا قد تكونت عشوائيا ً , كذا لو رأينا حجر وكمبيوتر فأيهما يكون مصنوعاً , وعليه إذا كان من الممكن بل من المحتمل ان يكون البسيط موجودا بدون صانع فهذا يلغي الحاجة الى وجود إله أي الصانع المزعوم .

- هل من الممكن نشأة الكون بما فيه من قوانين ، دون اي تدخل عاقل ؟!
هناك في علوم الفيزياء مباديء تسمي بمباديء التناظر .. وهي تقول إنه ليس هناك موقع أو زمن أو إتجاه مميز في الكون وهذه هي نفس صفات الفراغ ..أي من الممكن أن يكون الكون قد نشأ من الفراغ , والفراغ هنا ليس عدماً فالفراغ بحكم طبيعته مكون من جسيمات وجسيمات مضادة تتوالد وتفني في زمن قصير لا يتعدي زمن بلانك .. فأي خلل في هذا التوازن ستتوه بعض الجسيمات عما يناسبها من الجسيمات المضادة ، و تبدأ الجسيمات في التكون ، و تبدأ المادة و الكون .. فالعلم هنا قد أثبت إمكانية نشأة الكون دون أي تدخل خارجي من إله , فكل ما هو مرتبط بالعالم المادي له أصل وتفسير مادي , إما توصلنا اليه أو فى سبيلنا للتوصل إليه .

- القول بأن الله موجود يلزم بالقول بأن الذات الإلهية يتضمنها وجود معين , لأن كل شيء يجب أن يكون ضمن وجود معين لكي يقال عنه أنه موجود , فلو كانت الذات الإلهية ضمن وجود معين فهي إذاً ضمن الوجود إجمالا لأن هناك وجود واحد لا غير , وعليه يكون من الباطل منطقياً القول بأن الله خالق للوجود لأن الذات الإلهية المفترضة ستكون حينها جزء من الوجود وفى محتواة كون الوجود يشمل كل ما هو موجود .

- القول بأن الذات الإلهية غير موجودة في وجود معين , فهذا يعني من حيث لا يعلمون أن هذه الذات غير موجودة , لأنها أما أن تكون ضمن الوجود أو ضمن العدم , فلو كانت ضمن العدم فهي عدم . وحتى لو سلمنا جدلا بأن هناك خالق للوجود , فعملية الخلق يجب أن تحدث في وجود معين , كون الوجود شامل للذات الالهية , أي أن المؤمنين بفكرة الإله الخالق لن يستطيعون أن يخرجوا بالذات الإلهية خارج الإطار الشامل للوجود ليدعوا خلق هذه الذات للوجود .

- إن تتبع أي مفردة من مفردات الوجود وموجوداته يقودنا إلى سلاسل غير منتهية من الأسباب والمفردات والموجودات الأخرى ,فأجزاء الوجود ترتبط مع بعضها البعض بشكل متشابك بلا إنفصام وكلما دققنا في جزئيات هذه الموجودات لوجدنا أن هناك امتدادات غير منتهية لمفردات الوجود , وكلما تتبعنا الأسباب التي تسبق هذه الماهيات وكذلك الأسباب التي تليها نجد أنها أسباب مفتوحة ولكنها مترابطة ومتداخلة فى بعضها البعض , أي أن هناك إمتدادات غير منتهية ممكنة في داخل الموجودات وحولها وسابقة لها ولاحقة , هذا يعنى أن أجزاء الواقع يسبب بعضه بعضا بتلقائية كتعبير عن ماهيتها وطبيعتها وكينونتها ,لذلك فأجزاء الواقع غير محتاجة إلى شيء يأتي من خارج الوجود لكي يخلقها أو للدقة يصنعها , فسلسلة الأسباب في هذا الوجود لا مكان فيها لعوامل الخارجية أو لتدخل آلهة كونها سلسلة كاملة متكاملة تتجه نحو تعدد مفتوح للأسباب وليس إلى سبب واحد .

- مثال : عندما ننظر إلى البذرة نجد أنها مكونة من أجزاء مرتبطة بما حولها من مفردات الواقع ، فإذا كانت الظروف البيئية ملائمة فإن الأجزاء الأكثر إستعداداً في البذرة للنمو سوف تنمو بطريقة تحددها ماهيَة البذرة، ليصبح بعد النمو لدينا نبتة ثم شجرة تتعشق بمفردات الواقع , فهي مُسببة من عوامل ومُسببة لعوامل مفتوحة , وفي كل الأحوال لن نجد في كل هذا أي دور أو مكان لإله أو قوى خارجية عن الطبيعة .

- المؤمنين بفرضية الإله يستغلون جهل الإنسان بأسباب الأشياء فيحشرون فكرة الإله مكان هذه الأسباب المجهولة ليدخلونه في سلسلة أسباب الواقع بصورة غير شرعية , فهم لا يملكون أى دليل يربط الإله بالموجودات , لذا القول بأن ألله خالق الوجود هو قفز فوق الواقع لأن مفردات الوجود يكون بعضها البعض وهذا من صميم طبيعتها وماهيتها وحضورها , لذلك فهي غير محتاجة إلى إله ولا مكان له بينها .

- علينا أن نستقريء وندقق في الواقع فلن نجد لمكان بين جزيئات الواقع للخالق أو للدقة الصانع الخارجى , ولن نجد علَة أولى ووحيدة للوجود أساسا .. بهذه المنهجية الفكرية نكون قد تجنبنا متاهات معقدة ومفاهيم غير واضحة تماماً حول إمتدادات فرضية الإله , لأننا نكون قد عالجنا الفكرة في أساسها وجوهرها , وإختبرنا إمكانية الحدوث بدل تعقيدات امتدادات الحدث , فكم من نظريات كبيرة بنيت على أسس ضبابية .

- القول بأن وجود كائنات لها تكوين معقد منظم يعنى وجود خالق ذكي وإرادة واعية أوجدت هذه الكائنات قول فاسد , سنتناوله بالتفصيل فى مقال المصمم العاقل ولكن نشير هنا أن قولهم هذا يفسر الوجود بتسلسل من المُعقد بالتكوين إلى الأعلى بالتعقيد , وبهذه الطريقة لن تصل لنهاية , فخالق له خالق له خالق إلى مالا نهاية , بينما التفسير العلمى المنطقى يقول الكائنات التى لها تكوين معقد منظم يعنى أنها نشأت من عناصر بدائية بسيطة غير ذكية غير واعية , فما نعهده ونعلمه بل لا يوجد مشهد واحد من تريليونات المشاهد الوجودية إلا ويثبت أن المعقد والمركب جاء من البسيط , بينما الفكرة معكوسة فى الفكر الإيمانى حيث البسيط جاء من المركب والمعقد , بينما التفسير المنطقي الصحيح الواقعى أنه بدأ بالتسلسل من البسيط إلى المعقد , ومن هنا لو نرجع بالتسلسل سنصل لمكونات لن تناقض ذاتها لأنها أساسا بدأت من عناصر بدائية .

- لو تعاملنا مع فرضية أن الله كمركب أنتج البسيط فستنفى أيضا الخلق ووجود إله , فحينما نسأل كيف صدر الكون من الاله , وكيف يصدر التعدد من الواحد فكلمة "من " تقتضي الجمع بما قبل وبما بعد , بمعنى آخر الفاعل يجب أن يكون متصل بالمفعول به حتى يتم حدوث الفعل أى العلة يجب ان تكون متصلة غير منفكة بمعلولها حتى يتم حدوث الفعل .. كمثال : فإذا كان ( أ ) أوجد ( ب ) فهذا يعنى أن ( ب ) يجب أن تكون اتصلت مع ( أ ) في لحظة معينة هي نقطة الإيجاد وإلا ما تم الايجاد , كذا اذا كانت الكرة ( س ) هي سبب حركة كرة ( ص ) فهذا يعنى وجوب أن تكون هناك لحظة اجتماع للكرتين وهي نقطة التصادم , وهذا يقتضي الجمع مابين نقييضين حتى يتم صدور الكون من الإله.

- وفقا لفكرة الإله وعلاقته بالوجود سنجد أن له علاقة مع الزمن علاقة شيئين منفصلين عن بعض لتقول من أين جاء الزمن .. المؤمن لا يجد أى إشكالية كعادته فى الخروج من أزمة السؤال فالإجابة الجاهزة دوماً أن الله خلق الزمن , كماهى عادته عند تعامله مع كل مظاهرالتعقيد بالوجود .
الزمن مخلوق مقولة خاطئة منطقيا , فالزمن علاقة مع المكان وليس وجود مادى , ووفق المفهوم الإيمانى ذاته قول خاطئ فالمؤمن بالله يقول أن الله أزلى أبدى ليس له بداية أو نهاية وهذا يعنى أن الزمن أزلى أيضا فهو كالإله فى أزليته لنجد أنفسنا بين شيئيين لا يختلفا عن بعضهما من حيث اللانهائية .

- وجود خط زمني يمشي عليه الله يُحتم أن يكون الخط الزمني أطول من زمن الله نفسه , فاذا كان الزمان محدود فالله كذلك محدود , وإذا كان الزمان غير محدود ببداية أو نهاية فهذا يعني أن الله يحتل جزء منه حتى ولو وصفنا الإله كغير معرف ببداية ونهاية أى مقولة الإله أزلى التى تعنى أن الزمن لانهائى والإله جزء عليه أو أن الإله يسير فى سرمدية الزمن ليكون الزمن وجود منفصل عن الإله منافساً له فى أزليته , هذا بإعتبار مفهومهم للزمن ومقولتهم بالزمن المخلوق .

- الزمن هو حركة المكان ولكى يكون هناك خلق فلابد من وجود مكان مستقل ذو حركة يمنح الإله زمن الخلق وهذا ينفى قصة الخلق . فمادام الله ينسب إلى يومه قياساً فقد تحول إلى كميه مقاسه أى محدود , فعندما يقال أن يوم الإله يساوي كذا من أيامنا يعني أنه قد حدد قياس يومه ودخل مع المادة بعلاقة لا تنفصم , فالكميه المقاسه لاتقاس إلا في وسط مادي وهذا يعني أن الإله المُفترض موجود في زمكان وليس في اللازمكان أي أن لديه يوم ونهار وليل وساعات , وهذا لا يجوز مع فكرة الإله المطلق حيث تحدد فى الزمكان .. كما نشير أن هناك مكان مُستقل عن الإله حدد به زمنه أى ما يقال عنه أيام الخلق , فالمكان هنا ليس مخلوق .

- نحن نسينا نقطة خطيرة فى معرض الحكى عن الزمن , وهى أن الإنسان أبدع فكرة الزمن , فبدون وعى الإنسان الذى أبدع العلاقة مع المكان فلا زمن ولا يحزنون , فلتدور الأمكنة فلا زمن وجودى ولا ما يقال عنه زمن إلهى .

- عجبت لخالق يخلق الكون في لحظه بعينها بلا مبرر وبلا غاية , وعجبت لخالق يخلق شعوب وقبائل لأسباب لم يطلبوها ليعاقبهم أو يجزيهم عليها فيما بعد بلا مبرر , وأستغرب ممن لقنى صغيراً أن هناك من يحرك الشمس صباحاً والقمر مساءاً .. وصُعقت عندما وجدت الكهنه والشيوخ يؤكدون هذا الهراء بدون خجل .. وعندما إزداد تعجبي لم أجد سوى الكفر بالإله إحتراماً لعقلى .

دمتم بخير وإلى لقاء مع الجزء الثانى من وهم الخلق والخالق .
من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات إلحادية(3)-نحو فهم الوجود والحياة والإنسان
- إيمانكم غلط ووهم – مشاغبات فى الإيمان
- بماذا تفسر-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- تأملات إلحادية (2) - إشكاليات منطقية
- تأملات إلحادية-نحو فهم الوجود والحياة والإنسان
- الرد على مروجى الاعجاز البلاغى فى القرآن(2)
- ستة مشاهد من التخلف -لماذ نحن متخلفون
- الرد على مروجى الاعجاز البلاغى فى القرآن(1)
- هل ؟!- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- تنبيط (3)-سخرية عقل على جدران الخرافة والوهم
- حاضنة الإرهاب والتطرف المسكوت عنها
- مائة خرافة مقدسة (من51إلى69)-الأديان بشرية
- الثقافة الدينية السبب الرئيسى والجوهرى لإنتهاك المرأة
- قالت يا ولدي لا تحزن فالضلال عليك هو المكتوب
- مائة خرافة مقدسة(من41إلى50)-الأديان بشرية
- مائة خرافة مقدسة(من21إلى 40)-الأديان بشرية
- مائة خرافة مقدسة (من1إلى20)-الأديان بشرية
- تهافت المنطق الإيمانى أو للدقة تهافت الفكر المراوغ
- توقف وتأمل وفكر وقرر-نحو فهم الإنسان
- وستعرف أنك كنت تطارد خيط دخان-خربشة عقل


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - وهم الخلق والخالق(1)- تأملات إلحادية