|
اجتثاث وإحلال ، فراغ لا يوجد قوى وطنية قادرة على ملئه
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5146 - 2016 / 4 / 28 - 13:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اجتثاث وإحلال ، فراغ لا يوجد قوى وطنية قادرة على ملئه
مروان صباح / تحت تصنيفات مختلفة ، أسست جماعة الإخوان المسلمين اقتصادها الذاتي ، من خلال مؤيد ، منتسب ، منتظم ، عامل ، ووفقاً لآليات ناظمة يحددها مكتب الإرشاد ، تطورت العلاقة بين الفرد والجماعة عبر سلسلة اختبارات ، أهمها الأمانة والولاء ، طبعاً في مجال المال والاقتصاد ، وبالرغم أن الجماعة ، حقيقة سياسية واجتماعية ورياضية وروابط علمية ثقافية تعتمد على نهج شمولي ، يشمل جميع مناحي الحياة ، إلا أن ، يبقى الموضوع المالي والتمويل ، مصدر قوتها وسرها الأخف ، وقد تكون الجماعة ، في أكثر من 70 دولة ويزيد في العالم ، لم تترك صنعة أو تجارة أو زراعة أو صيد أو صحة إلا وعملت فيه ، بل ، استطاعت تكوين مصارف وبنوك ومراكز تجارية كبيرة ، بالتأكيد ، يعود فضل انتشار ونجاح واستقلال الجماعة مالياً واقتصادياً إلى الإمام البنا ، فقد حرض الرجل ، المسلم ، أين كان وبالأخص ابن الجماعة على تحرير اقتصاده من المستعمر أو الأجنبي عموماً ونبه مبكراً ، لاستقلال يتورط بالتبعية .
يقدر حجم المشاريع القائمة ، لجماعة الإخوان المسلمين في العالم ، بالمليارات وتعتبر من الشبكات ، التى ليس سهلاً تتبعها أو التعرف على ركائزها ، حتى أن الإلمام بشمولية حجمها الكلي ، عصي هو الآخر على أبناء المؤسسة نفسها ، فهناك من الأعضاء أدار مشاريع اقتصادية عملاقة ، لعمر طويل ، كعضو في الجماعة ، لكنه ، خرج إلى التقاعد بمعلومات بسيطة ، لا تشكل ذات أهمية حول الشبكة الكاملة ، وهذه السرية كانت وتظل العنصر الأهم في استمرارها وديمومتها ، وقد اعتاد أهل بيت الجماعة والأنظمة العربية ، وأيضاً ، العالم على هذه السرية ، رغم ما أحدثته حركة حماس عندما رفعة درجة السرية عن وثائق داخلية تفصح عن حجمها المالي أو موازنتها ، لم يكن أمراً مألوفاً ، بل ، هو بالغ الندرة ، وعلى هذا النحو ، تُعد المملكة العربية السعودية والخليج عموماً ، المصدر الأهم والأضخم لجماعة الإخوان ، تاريخياً ، بالطبع ، بحكم التحالف التاريخي بين الإخوان وال سعود في الجزيرة العربية ، ولاحقاً ، التفاهمات التي أبرمها الإمام البنا مع ال سعود ، ومع مرور الوقت ، تطور الدعم في سياقات متعددة وفي محطات مختلفة ، كرادع لأيديولوجيات ماركسية وماوية تبنتها أنظمة وحركات ، ومن ثم ، تعاظم الدعم أثناء حرب أفغانستان .
يبدو أن أعضاء الجماعة ، اليوم ، خانتهم تقديراتهم ولم يستفيدوا من حكمة البنا ، الشائعة ، حول قواعد العلاقة بين ال سعود والإخوان ، لهذا ، جاء رفع الغطاء السعودي عن الإخوان ، الأم ، في مصر ، بعد ما أظهرت الأخيرة نوايا صريحة بالتمرد ، وهذا ، صحيح عندما مالت إلى الجانب الإيراني ، أحياناً ، وغمغمت في موقفها اتجاه النظام الأسدي ، طوراً ، إلا أن الصحيح الموازي يفيد أيضاً ، أن الدول العربية الآخرى ، تبنت ذات النهج والعقاب ، بل ، وصلت المحاسبة إلى اجتثاث الجماعة من مناحي الحياة العربية ، ومحاصرة اقتصادها المعلن وملاحقة ما هو مجهول ومستتر ، والحال أن أخطر خدعة ، قد يكون ارتكبها النظام العربي في حق ذاته ، عندما قرر اجتثاث جماعة الإخوان من السوق التجاري العربي ، دون أن يضع بدائل تحمي السوق من اختراقات خارجية ، وهذا يحتاج إلى من يمتلك بصيرة نافذة ، لأن ،عدم ادراك الإحلال ومواجهته ببدائل وطنية حقيقية ، ليست اسمية فقط ، سينقل المنطقة من خيبة إلى خيبات ، فمنذ عام 2004 م شهد الاقتصاد العربي نقلات نوعية على صعيد السياحة والمُجمعات التجارية ، الكبرى ، التى ينطوي تحت عناوينها امتيازات أجنبية خارقة الحدود ، حيث ، شكل هذا النوع من التجارة ، شراكة أجنبية وطنية ، استحوذت على نصف السوق ، بل ، تفوقت على التجارة الوطنية القائمة ، التقليدية ، لكنه ، حاكى فئة محدودة فقط من المجتمعات العربية ، وأضاف إرباكاً هائلاً للقائمين على سياسات الاقتصاد الوطني ، مما جعلهم مكتوفين الأيدي بسبب تواضع خبرتهم وشح إمكانياتهم وفضحَ حجم الجهل الأعمى الذي يتمتعون به ، بل ، انتقل الأجنبي إلى الاستثمار في مربعات أخرى ، بسبب فساد المؤسسات الوطنية وكثرة تذمر وشكوى المواطن ، حيث ، تمكن من مؤسسات تُعد في عرف البشري ، ملك شعبي ، مثل الكهرباء والمياه والنقل والهاتف والنت ، تحولت جميعها مملوكة إلى شركات عابرة الحدود ، يغيب تماماً عن الجمهور ، حقيقة أصول مالكها الفعلي ، وفي جانب ثانِ ، بالطبع ، مع قرار اجتثاث الإخوان ، باتت الساحة للمستثمر الأجنبي ، أريح وأكبر ، لا يوجد فعلياً منافس ، بل هناك ، كومبارسات رجال أو حتى نساء أعمال ، يمارسون دور البزنس الكوني بطريقة شاهد ما شفش سوى حفنة دولارات ، طبعاً ، دورهما منزوع من المعرفة والفهم للدور الذي أوكل لهما ، وبالتالي ،أدى ذلك إلى تضخم في موازنة الحكومات وعجز مالي غير مسبوق أمام أنفاق لا يرقى إلى الدخل ، بالإضافة ، أنه أحدث الاستثمار الأجنبي زيادة في البطالة وتوسعت بشكل كارثي ، وكانت واحدة من أهم النقاط التى سارعت في انفجار الربيع الشعبي .
فلسفة التعتيم وفقه خلط الأوراق ليس لها سوى هدف واحد ، التضليل ، فإذا كانت المملكة العربية السعودية ، وحدها فقط ، تستثمر في الولايات المتحدة الأمريكية بما يقدر التريليون ، يعني ألف مليار دولار ، دون أن يترك ذلك أي انعكاس ثقافي / إيجابي على المجتمع الأمريكي ، فكيف يعقل لبعض الاستثمارات الأجنبية ، المتواضعة ، أن تقلب المجتمعات العربية رأساً على عقب ، وتؤثر فيها اجتماعياً وثقافياً وسياسياً وحتى في القضايا المركزية وأيضاً بالمعتقدات الثابتة ، كل هذا التأثير حتى بات العربي عارياً ، تماماً ، رغم أن الاستثمارات لا تتجاوز سوى عشرات الملايين ، إذاً ، من الطبيعي ، أن يأخذ النظام إجراءات ، أحياناً ، توصف تأديبية وآخرى اجتثاثية ، لكن ، من الطبيعي أيضاً ، أن يعلم صاحب القرار ، قبل البدء في تنفيذ قراره ، من هي الجهة التى ستحل مكان المجتث . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علاقة الصهيونية بالإمبراطوريات وعلاقة الإمبراطورية الأميركية
...
-
في ذكر رحيل ابو محمود الصباح ، تاريخ محتشد بالمواقف الأخلاقي
...
-
رحمك الله يا من مثل أحمد العربي في القطر التونسي ، شاعر الثو
...
-
من خصوصيات المرحلة القادمة ، أنها لا تقبل التعمية ولا الجهل
...
-
أمة عاجزة عن الدفع عن تاريخها ، من محاربة الإرهاب إلى محاربة
...
-
القاسم المشترك بين الأوروبيين والعرب ، هو ، التفكيك والانحلا
...
-
دونالد ترمب ، مرحلة الاستبداد الاقتصادي وانهيار قواعد القانو
...
-
الفارق بين إنجازات الديكتاتور وانجازات القطروز
-
ضرورة التدخل في العراق وسوريا ، لكن ، ليس قبل إغلاق ملفات اخ
...
-
المطلوب لا تقعيراً ولا تحديباً
-
مقايضة إقليمية أخرى على حساب العرب
-
إذا تمكنتم أيها الظلمة أن لا تحضروا فلا تحضروا
-
تعصب للأقلية ،، بالضرورة سيؤدى إلى إخلاء عن ميشال سماحة
-
خوسيه موخيكا وزملائه
-
الجغرافيا التركية ليست أكثر تحصيناً من الجغرافيا العربية
-
آفة المخدرات وآفة السحر
-
نجاح الثورات العربية وإخفاق الحسم
-
من السهل التنطع للمسؤولية لكن من المستحيل تفادي النتائج
-
من يظن أن الخطاب الغربي يخضع للأفكار فهو واهم .
-
من أمنك لا تخونه ولو كنت خوان
المزيد.....
-
مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب
...
-
نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
-
سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
-
الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق
...
-
المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
-
استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
-
المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و
...
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي
...
-
الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|