|
الفارق بين إنجازات الديكتاتور وانجازات القطروز
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5091 - 2016 / 3 / 2 - 00:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مروان صباح / لم يكون يحتاج المرء إلى عقد أو عقدين من الزمن لكي يكتشف الفارق بين نظام صدام حسين ، الديكتاتوري الشمولي ، الذي سيطر على جميع جوانب الحياة الاجتماعية ، تقريباً ،بما في ذلك الاقتصاد والتعليم والفن والعلوم ، وأيضاً ،على أفكار وأفعال المواطنين في الدولة وبين نظام طائفي ثيوقراطي أشبه بحكم الكهنة ، في ظاهره ، أما في حقيقة أمره ، يحمل مشروع واحد لا غير ، الثأر من التاريخ والحاضر والمستقبل ، حيث ، تشبع على أفكار من سطور الفتنة والتضليل ،بل هو ليس سواه ، يحتوي على تناقضات موروثة ، يجعله يحكم بالكراهية ، إلا أن ، وبالرغم ، من تركيز نظام صدام على بناء الجيش والأجهزة الأمنية ، شهد عهده تأميم شركة النفط وسخر أموال النفط لصالح التعليم والعناية الصحية وصناعة السلاح ، الأمر الذي رفع من مستوى الفرد العراقي إلى أعلى مستوى في العالم العربي ، وشكل هذا النوع من النهج ، زيادة في عدد السكان ، وأيضاً ، عكس تغير ملحوظ على الإنسان العراقي من الناحية الجسدية والفكرية ، كما أن ، شهد العراق على المستوى المعماري والخدماتي ، نهضة كبيرة لامست حياة العراقيين لحياة الغرب ، وبالرغم ، من ضراوة الحرب الأولى ، العراقية الإيرانية ، لم يتأثر مشروع التقدمي ، أبداً ، بل كان هناك إصرار وتحدي كبيران في مواصلة النهوض حيث شملت أغلب جوانب مناحي الحياة .
لقد وقع نظام البعث في العراق بأخطاء كثيرة ، لكن أهمها ، عندما اكتفى بالاعتماد على صناعات الآخرين ، فالعراق لم يشهد حركة صناعية حقيقية ، تأثر بها العالم ، حتى الزراعة لم تكن على المستوى المطلوب ، بل ، كانت أشبه بالزراعة الفانتازية ، والأمر الأخر ، عندما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية حصارها الطويل على العراق ، تعامل النظام مع الوقائع الجديدة ، بكثير من الكسل ، طبعاً ، على عكس ما جرى في الجانب الإيراني ، الذي جعل من الحصارعنوان متجدد للإرادة القادرة على صنع المستحيل ، فكان العمل دءوب ،يحمل إصراراً على تجاوز الحصار ، وهذا بالفعل تم تحقيقه ،حيث ، ابتكر النظام الإيراني كثير مِنْ الحيل والطرق وانتقل بين المربعات ببراغماتية مسئولة ، يعرف متى يتقدم ومتى ، من المفترض ، أن يراوح في مكانه ومتى تُحتم عليه الضرورة التراجع والانحناء للعاصفة الطويلة ، في المقابل ، حاول نظام البعث العراقي ، اعادة هيكلة الإنسان ،حسب معاييرعالمية لكنها منضبطة للجذور التاريخية ، دون أن ينزلق إلى التصنيفات والفرز الطائفي ، بل ، وحسب تعبير ديفيد كيلي ، موظف في وزارة الدفاع البريطانية وخبير ومفتش في الأسلحة البيولوجية ، فأن العراق يضم جيشاً من المهندسين ولديه النسبة الأكبر ، حسب التعداد السكاني ، حاصلين على شهادات العليا في الماجستير والدكتوراه ، وقد يكون البلد الوحيد الذي اعتمد نظام السلة الغذائية ، الأساسية للعائلة ، وتوزيعها على الشعب ضمن بطاقة الحصة التموينية ، بالإضافة طبعاً ، للعديد من القضايا التى أهتم الحزب في تأمينها ، استطاع توفير شبكة مجانية للنقل والاتصالات ودعم أسعار الملابس والأجهزة الكهربائية ، بهدف تيسير الزواج ، بل ، في ظل الحرب ، استوعب العراق خمسة ملايين مصري ومئات آلاف العرب ، تمتعوا بفرص عمل على أساس مشاركة العراقيين في الحقوق وليس بالواجبات .
إلا أن الصحيح الموازي ، يفيد ، أن الديمقراطية التى أرادت إنتاجها الولايات المتحدة في العراق من خلال قلة عاشت في كنف الحضارة الغربية لسنوات طويلة ، تبين بعد الخراب الهائل التى أحدثته في البلاد ، أن عيشها كان أقرب إلى سلوك القطط ، فهي مهما أمضت عمر بين البشر ، يبقى تناول طعامها ، اختلاساً ، رغم أنه مخصص لها ، وهكذا ،مارست قلة تحتمي وتستمد نفوذها من المحتل ، عبر حكومات ، تناوبَ على رئاستها أشخاص ،اختلفوا فقط ،في ابتكر الفساد ، لكنهم ، متوحدون بالهدف ، هو ،الانتقام من التاريخي والإنسان والحاضر والمستقبل للعراق ، حيث ، سمحوا للغرب أن يسرق مدخراته وتراثه وقضوا على الزراعة والمصانع التى وصل عددها إلى 1200 مصنع ثقيل ، هدموا أكثر من 6000 مدرسة ابتدائية ومتوسطة وثانوية ، تحولت جميعها إلى أماكن لا تصلح للتعليم ، فقدت البلد بنيتها التحتية وأصبحت الكهرباء والماء مسألتين ، من ضرب الخيال ، حلم العراقي اليوم ، بل منذ الاحتلال ، أن يحصل عليهما ،سمحت أيضاً هذه القلة القليلة ، للمدارس المذهبية السيطرة على الحياة العامة ، مقابل ذلك ، أهملوا بشكل مقصود مدارس الدولة ، وبالتالي ، هناك مكنة متواصلة تشتغل وظيفتها ، التحريض الطائفي ، الذي يُعتبر السبب الأساسي والجوهري في هجرة معظم السكان خارج العراق ، وأيضاً ، هو المسبب الحقيقي في ارتفاع القتل ، حيث ،دفع الجميع لحمل السلاح والتخندق في خندق الطائفي .
جانب ثاني هام ، تحول العراق بفضل هؤلاء إلى ساحة مباحة للجاسوسية ، فالموساد وأجهزة أخرى استخباراتية ، يتمتعون بالصول والجول على أراضيه ، وهي المحرك الفعلي لجميع الفتن والحروب الإعلامية والميدانية في الوطن العربي ، التي والذي ، أسسا إلى تقسيم الجغرافيا ، ولم يبقى سوى إعلان كل طرف عن دويلته القادمة ، هنا نؤكد ، أن الاختلاف مع صدام ، كنظام ونهج ، لم يكن أبداً ، على ما أنجزه في سنوات الحكم ، بل ، على ما لم يستطيع إنجازه ، كالتصنيع ، كان من المفترض ، أن يليق بأمة كانت حاضرة في خطابه على الدوام ، والأمر الآخر ،عدم جهوزيته لمعركة ، هو نفسه ، ساعد بتسريعها ، أي يعني ، السلوك الإجمالي لا يخفي ، للدول الكبرى وأيضاً ، دول إقليمية ، رغبتهم في تكرار المشهد العراقي والسوري ، في دول عربية أخرى ، وبالتأكيد ، يحتفظوا بأقليات ، هي ، على استعداد في أي وقت وتحت أي ظروف أن يمتطوا دبابات وطائرات المستعمر المتجدد ، كي ينجزوا ما فشل من إنجازه المستعمر القديم على مدار التاريخ ، فهل من الحكمة ، بعد كل ما أسلفنا ، أن يبقى الفارق غامض ، بل ،هناك فارق كبير بين إنجازات الدكتاتور وقطروز يخدم المحتل ، حتى لو تحول إلى اقطاعي ولديه قطاريز ، بالطبع ، سيبقى قطروز محسن ، لكن ، في غمرة هذا الضجيج والعجيج ، يتوارى مربين الشوارب ،سابقاً ، خلف حبل المشنقة التى حولها الراحل صدام إلى مرجوحة ، طبعاً ، بعد ما تخلصوا من أدوات الجريمة وقاموا بحلقها ، خوفاً من اتهامهم ،لاحقاً ، بالانتساب لمربع الدكتاتور ، معلنين على الملأ ، أنهم كانوا تاريخياً ، يحاولون التشبه بالقطط ، وليس أبداً ، بصدام . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضرورة التدخل في العراق وسوريا ، لكن ، ليس قبل إغلاق ملفات اخ
...
-
المطلوب لا تقعيراً ولا تحديباً
-
مقايضة إقليمية أخرى على حساب العرب
-
إذا تمكنتم أيها الظلمة أن لا تحضروا فلا تحضروا
-
تعصب للأقلية ،، بالضرورة سيؤدى إلى إخلاء عن ميشال سماحة
-
خوسيه موخيكا وزملائه
-
الجغرافيا التركية ليست أكثر تحصيناً من الجغرافيا العربية
-
آفة المخدرات وآفة السحر
-
نجاح الثورات العربية وإخفاق الحسم
-
من السهل التنطع للمسؤولية لكن من المستحيل تفادي النتائج
-
من يظن أن الخطاب الغربي يخضع للأفكار فهو واهم .
-
من أمنك لا تخونه ولو كنت خوان
-
تدخُل تركي في سوريا قريباً،، على غرار التدخل الروسي
-
خطاب الملك عبدالله ، تحدي في ذروة احتدام الصراع في المنطقة .
...
-
الانتقال من السلاح الدمار الشامل في العراق إلى الإرهاب العرب
...
-
عندما يتماهى المجتمع مع الغيب المطلق
-
استنزاف للوقت في مصر ، قد تكون خسائره افدح على المدى القريب
-
تحديثاَ شاملاً للدولة التركية في ظل منطقة مختلة
-
تهويل حول الجماعات الإسلامية وداعش،،، يتدرج إلى مستوى النازي
...
-
القسطنطينية مقابل الأندلس والقدس
المزيد.....
-
رجال الإطفاء يسيطرون على حريق غابات مهول بعد اندلاعه قرب إحد
...
-
حرائق تجتاح أوروبا: دمار واسع وعمليات إخلاء جماعي وسط موجة ح
...
-
ابتكار طبي لافت: زرع أنسجة بشرية مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعا
...
-
عون للارجاني: لبنان منفتح على إيران في حدود السيادة والاحترا
...
-
آخر صانع طرابيش في لبنان..هل تندثر هذه الحرفة التقليدية؟
-
8 شهداء بيوم واحد في مجاعة غزة والاحتلال يستهدف لجان تأمين ا
...
-
احتجاج نادر في الصين يكشف تقاعس الشرطة والسلطات المحلية وينذ
...
-
نيويورك تايمز: روسيا مشتبه بها في اختراق نظام ملفات المحكمة
...
-
كاتب روسي: ازدواجية معايير ترامب بالتعامل مع الدكتاتوريين ته
...
-
هل تنهي العدالة الانتقالية في سوريا الإفلات من العقاب؟
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|