أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - اسمُها زَها حديد














المزيد.....

اسمُها زَها حديد


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 15 - 13:27
المحور: الادب والفن
    


بالأمس صافحني أحد المثقفين العراقيين في تورونتو، فبادرته قائلة: أُعزّيك في "زها حديد"، عوّض اللهُ العراقَ عنها خيرًا." فما بدا عليه أنه يعرف عمّن أتكلم. وغاص قلبي في حزن مضاف إلى حزني على فقدها. لماذا دائمًا يشيد الغربُ بمبدعينا وتنكرنا أوطاننا ومواطنونا؟!
انقصف أعظم قلم رصاص في التاريخ الحديث وقدت العراقية "زها حديد" رقدتها الأخيرة ولن تجلس إلى طاولة رسمها لتعلّمنا كيف بوسع ناطحة السحاب أن تكون باليرينا راقصة؟ كنت أتابع أخبارها بفرح طفلة، وفخر أمّة بأسرها، وكلما هممتُ بالكتابة عنها، أجدُ أن حجم ما بداخلي أعلى من مقدرة الكلمات وطاقة مداد القلم، فأُرجئ الكتابةَ حتى تتوازن الكفّتان. إنها أهم شخصية نسائية معاصرة، ليس عربيًّا وحسب، بل عالميًّا في الشأن المعماريّ. حينما كنتُ طالبةً بكلية الهندسة، قسم العمارة، جامعة عين شمس، كان الأساتذةُ يعددون أسماء أبرز معماريي العالم، فيشرقُ اسمها كعصفور الجنة وسط باقة من الزهور. زهرةٌ أنثى. اسمها زها، لا يمكنكَ أن تذكر خمسة من أعظم مصممي العالم الحديث دون أن تذكرها. والعمارة، كما نعلم، هي أمُّ الفنون الستة، كما حددها الإغريق: العمارة، النحت، التشكيل- المسرح، الشعر، الموسيقى، حيث الثلاثة الأوَل تعتمد الإيقاع المكانيّ أو الأبعاد، بينما تعتمد الثلاثة الأخرى الإيقاع الزمانيّ. ومن هنا فإن البارع في فن العمارة، هو بالضرورة قابضٌ على جمرة الفنون بشموليتها، مختزنٌ طاقتها بكاملها في روحه.
حين تتأمل مبانيها القلقة غير المستقرة، التي كأنما ترقصُ خطوطُها رقصةً ناعمة حينًا، ورعوية شرسةً حينًا آخر، يخاتلك الشكُّ بأنها لا تمسك، مثلنا نحن المعماريين، قلم رصاص أو رابيدو، أو حتى ريشة ألوان، بل ترسم مبانيها الفريدة تلك بريشة طائر حرون لا يعرف ما السكونُ، وما السكينة. طائر تعلّم كيف يحلّق في العلا، وأغفل أن يتعلم كيف يحطُّ على شجرة أو على حافة جبل. أبديُّ التحليق، لا تكلُّ جناحاه عن الخفقان.
تجيد اللعبَ بالخط المنحني الراقص، مثلما تجيد اللعب بالخط المستقيم الحاسم كنصل سيف. ثم تجمع ذلكما الشتيتين اللذين ظنّا ألا تلاقيا. في صالة الألعاب المائية الأوليمبية بالبحرين، صنعت الجميلة "زها حديد" ما يشبه القوقعة الضخمة التي ترتكز على الأرض من أدقَّ نقطة في قاعدة القوقعة، ما يُشعرك بأن المبنى سيغافلك ويقع. ثم تأخذك الفانتازيا بعيدًا وتفكرُ أنه يقف، ولا يميل ولا يقع، فقط لأنه يريد ذلك، وليس بفعل الحسابات الإنشائية والرياضية الدقيقة المعجزة! كأنما تودُّ حديد أن تقول إن بناياتها لها إرادتها الخاصة، التي تقرر بها متى تستقر، أو تميل، وقتما تريد.
والكلام، ولو بالمرور السريع غير المتخصص، عن أعمالها المعمارية، التي تجدلُ على نحو بارع، الأسطورةَ بالمعاصرةِ بالواقع بالوظيفة، يستغرق مجلدُا ضخمًا، تضيق عنه سطور مقال عابر وحزين كهذا. ويعدُّ، كذلك، لونًا من الاختزال المُخلّ الذي لا يليق بعالِمةٍ عراقية شاهقة القدر مثل زها حديد. ويكفي أن نعلم أن خبراء متخصصين اختاروها لتكون على رأس مائة أهم شخصية عالمية بارزة تركت بَصْمتُها الفكريةُ دويًّا ذائعًا في مجالها، واحتلّ اسمُها مكانَه الرفيعَ في استفتاء تايم 100، الذي تقيمه سنويًّا مجلة "تايم" الأمريكية. فازت زها حديد بأرفع الجوائز العالمية من البلدان المتحضرة التي تقيّم العقلَ والموهبة والعمل، منها جائزة Pritzker Prize، التي تعادل جائزة نوبل، ولكن في مجال العمارة. فمتى تكرّمها الدولُ العربية "النائمةُ"، كما يليق بموهبة عملاقة صنعت للعروبة اسمًا كونيًّا؟ من المستحيل تقريبًا أن تعثر بإنسان غربيّ لا يعرف مَن هي "زها حديد"، فمتى يعرفها العرب؟



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثغرة في قانون ازدراء الأديان
- كنتي سيبيه يمسكها يا فوزية!
- توب الفرح يا توب
- لماذا اسمها -آنجيل-؟
- لماذا هرب الجمل؟
- دولة الأوبرا تزدري الطبيعة!
- لابد من الموسيقى
- أمهاتُ الشهداء وأمهات الدواعش
- عبقريةُ البسيط وعبطُ الفيلسوف
- سوطٌ لكل امرأة
- كُن مرآةً ولا تكن عكازًا
- البيض الأرجنتيني
- الست فضة والست ماري
- لقاء الرئيس الذي لم أحضره
- هل نلغي الدستور؟
- الكود الإنساني للأطفال
- تيمور السبكي... ونحن والدستور
- اسجنوا بورخيس مع أطفال المنيا
- أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!
- الحريةُ مناطُ التكليف | أخرسونا لتدخلوا الجنة!


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - اسمُها زَها حديد