أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 39














المزيد.....

الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 39


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5099 - 2016 / 3 / 10 - 13:12
المحور: الادب والفن
    


5 – بِنية البطل

في "الباب" بطل جديد يرفض سلطة القضاء والقدر في السياق الذي قدمناه، لكننا لن نحدد هذا البطل من الناحية النفسية، ولا من الناحية العنترية، سنحدده من ناحيته "كمشارك"، كما يقول رولان بارت، لأن كل بطل، عند رأي كلود بريمون، يمكنه أن يكون بطل الأحداث الخاصة به: في حالة شداد البناء التمرد التحرر، في حالة هُبا الهدم الإخضاع التسلط. عندما تتضمن الأحداث الشخصيتين، يتفرع عنها أفقان، أفق هُبا وأفق شداد، ما هو بناء لدى شداد هو هدم لدى هُبا، ما هو تمرد هو إخضاع، ما هو تحرر هو تسلط، ووفقًا لذلك، هناك بِنيتان سرديتان لبطلين، بِنية هُبا: "هذه مملكتي! هذا الباب فقط مملكة صغيرة ولكنها منيعة، العرش المجهول هو سر منعتها، والصولجان غير المرئي هو حارسها الأبدي..." (ص 120) وبِنية شداد: "ورغم ذلك فأنا الذي صنعت ابني، وأنا الذي جعلته ملكًا بملء إرادتي، ولسوف يذهب يومًا إلى إِرَم، وهناك سيجد الفكرة المحروقة، وهي تنمو من جديد، وسيتغير، سيتغير." (ص 118)
هناك إذن بِنية للبطل في المقاطع الخاصة به كأحداث وكعالم، مملكة الإله هُبا، ومملكة الملك شداد (إِرَم)، والواحد محكوم بأنه موجود أو ليس بموجود للآخر، والواحد والآخر في ثوبه محتويات عالمه (العرش والصولجان لهُبا والابن لشداد) وعناصر عالمه (السر والحارس لهُبا والفكرة لشداد)، فهما، إي هُبا وشداد، هما العلاقات التي بينهما، البناء والتمرد والتحرر من ناحية، والهدم والإخضاع والتسلط من ناحية، هذه العلاقات بين البطلين التي تعرض لعلاقات أخرى بينهما وبين أبطال آخرين أو بين الأبطال الآخرين، عندما يراد وصف تحول هذه العلاقات خلال المسرحية، علاقات هُبا بالملكين الآخرين، عاد ومرثد، علاقات شداد بابنه وأبيه، ليس فقط من ناحية من هم ولكن من ناحية ماذا يفعلون كذلك. شداد يريد أن "يزرع البذرة" مثلما يقول عند حديثه عن ابنه: "إني أعرف أن البذرة التي زرعتها هناك لا بد أن تنمو يومًا، لا بد أن تشرق من بين الحطام." (ص 118) وهُبا يرى في شداد رؤيته لنفسه، فيريد أن "يبني جنته" مثلما يقول عند حديثه عن شداد: "هل تعتقد أنك لو حكمت إِرَم لأسعدت كل الناس، ولفكرت بكل الأفراد؟... حين ابتنيت إِرَم هل فكرت بكل العمال الذين قضوا تحت سياط الشمس... لقد كنت تريد أن تبني جنتك، وكان ذلك كل شيء بالنسبة لك!" (ص 197)
لهذا يسمي جريماس الأبطال "فواعل" –حَسَْب بارت- فهو يصنفهم مقارنًا إياهم بما يفعلون، وهو يرى عالم فعلهم في ازدواجيته إلى ما لا نهاية كفعل وفاعل عَبر النص، وبما أن الفاعل محدَّد بطبقة –حَسَْب بارت- سيحوي في ثوبه ممثلين من كل نوع، الفاعل شداد مثلما رأيناه مع أبيه، فابنه، ومثلما سنراه مع أمه، مع أبيه ينطبق عليه قانون الاستبدال، ومع ابنه قانون الإحلال، ومع أمه قانون الفقدان، فقدان العاطفة، وبالتالي التعارض في الموقف، فهي من نوع أبطال الأدب التأملي، لا تحارب ضيم القدر بل تقبله –على عكس أم سعد- لأنه صادر عن قوة إلهية، فيقول لها شداد: "قررتِ أن تعيشي بلا سؤال تاركة كل شيء لحكمة هُبا، أنتِ تعيشين بدافع العادة فقط." (ص 65)
إذن تحديد البطل يكون –حَسَْب بارت- باشتراكه في فَلَك الأفعال، وهذه الأفلاك بصفتها قليلة تقوم على نماذج وأصناف: لهذا كان المستوى الثاني للوصف الذي هو مستوى الشخصيات، مستوى الأفعال.

ختامًا لتحليلنا نقول:
1 – نريد أن ننفي عن "الباب" ما رآه النقاد من عمل هامشي بالنسبة لباقي مؤلفات غسان كنفاني، وذلك لمجرد أنه لم يصف "النضال" الفلسطيني، متجاهلين المرحلة التاريخية التي عبرت عنها المسرحية، والمرحلة الكتابية التي أنتجتها، وطريقة الكتابة غير المباشرة عن هذا "النضال".
2 – "الباب" عمل درامي يتراوح بين الميتافيزيقي والواقعي، وظف غسان كنفاني فيه الميتافيزيقي لخدمة الواقعي، ليصوغ مسرحية قريبة من انتظارات الجمهور، هدف كل مسرحية، وذلك عندما نعلم أن المسرحية القديمة في مصر، والمسرحية الأقل قدمًا لكن القديمة كأختها في اليونان، المسرحية كنوع أدبي بكل بساطة، كانت ولم تزل تلعب دور الوثاق بين المثقف والناس.
3 – تتناول "الباب" بالتفصيل فكرة تعدد الشخصيات في شخصية البطل والبطل في شخصيات متعددة، مما يجعل منها الموديل المسرحي للأدب العربي، هذا الأدب الذي هو مع الأسف عقيم في المسرح، لا ينتج أو ينتج ما هو قليل، ومعظم ما ينتجه لا يرقى إلى ما تأمله الدراما.
4 – إذن "الباب" ثقافيًا يكشف عن عاهة مزمنة من بين عاهات الأدب العربي، ويفضح كتاب مسرح الأربعة الملاليم –كما يسميهم بريشت- الذين لم يعملوا بكد كغيرهم من كتاب المسرح في العالم، والذين كانوا ضحية التلفزيون بعد أن كانوا ولم يزالوا ضحية النظام، فالمسرح الأداة الأولى للتثقيف، والنظام ضد التثقيف مهما كان.
5 – "الباب" سياسيًا تقول للمحللين السياسيين اليوم إن تذويب القضية الفلسطينية في بحر الصراع العربي-العربي مستحيل، فهل يذوب السمك في الماء؟ وإن وقوف الحكام العرب والحكام الإسرائيليين أكثر ما يكون قربًا من بعضهم ليس ابن اليوم بل منذ اليوم الذي جعلوا فيه من فلسطين "إِرَمَهُم"، وهذا شيء طبيعي، ثابت في مضمونه متغير في شكله، لكن ما ليس متغيرًا موقف الشارع العربي في مضمونه وفي شكله، إنه الثابت حتى إقامة الدولة تحت حكم أحفاد شداد.


يتبع 2 – القبعة والنبي: نحو وضع اجتماعي جديد



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 38
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 37
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 36
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 35
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 34
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 33
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 31
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 30
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 29
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 28
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 27
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 26
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 25
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 24
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 23
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 22
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 21
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 20
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 19
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 18


المزيد.....




- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 39