أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 26















المزيد.....

الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 26


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5086 - 2016 / 2 / 26 - 13:44
المحور: الادب والفن
    


3 – أربعة أنماط للبطل المنفي: قرار الهرب من البؤس

ماذا تمثل هذه الشخصيات الأربع الرئيسية للرواية؟ تمثل في رأينا أربعة أوهام مختلفة، في عمر مختلف، وتختلف خصوصًا فيما بينها بحَسَب شعورها "بالذنب". نقول هذا منذ البداية لنضع حدًا لكل غموض في القراءة، فنؤكد، بالنسبة للشخصيات الثلاث الأولى، أن من اللازم عدم رؤيتها بصفتها ضحايا بريئة وقعت في يد انتهازي، إذ ليس هذا سوى أحد وجوه الحقيقة. لقد أظهرت الرواية وجهًا مختلفًا تمام الاختلاف من وراء تراجيديتها، يشكل التمفصل الدلالي للجمل الخبرية، فلعبة الوهم والحقيقة تثير التحابك السردي، المعروف تمام المعرفة في علم النفس، كما يرى اللساني العالمي جريماس. هذا ولا يكمن المعنى العميق لموت الشخصيات الثلاث في أن ما جرى على الحدود ما هو سوى نتيجة لحادث "عارض"، بينما هو النتيجة المنطقية لطريق لم يكن صحيحًا منذ البداية. لقد كان قرار الارتباط بهذا الطريق أصل المأساة، وليس حادثًا خلال السير.
لم تتخذ أية واحدة من الشخصيات الثلاث هذا القرار في صحو التفكير الهادئ، لكونها مدفوعة من الخارج، تدفعها ظروفها التي كان بإمكان هذه الشخصيات ألا تذعن لأمرها، لذلك كانت هي نفسها مسئولة عن هذا الارتباط التراجيدي. وقبل أن نلقي عليها المسئولية، ونقبض عليها متلبسة بالذنب، نود ملاحقة ظروف هذا القرار.

أبو قيس:

من هو أبو قيس؟ إنه رجل عجوز، فلاح يحب أرضه بعنف بعد أن طُرد منها، ويعني له الطرد من أرضه اختطاف كائن عزيز عليه، والحقيقة أن أبا قيس يحب الأرض كما لو كانت امرأة، عندما نقرأ:
"كلما تنفس رائحة الأرض، وهو مستلق فوقها، خُيل إليه أنه يتنسم شعر زوجه حين تخرج من الحمام، وقد اغتسلت بالماء البارد، الرائحة إياها، رائحة امرأة اغتسلت بالماء البارد، وفرشت شعرها فوق وجهه، وهو لم يزل رطيبًا، الخفقان ذاته: كأنك تحمل بين كفيك الحانيتين عصفورًا صغيرًا." (ص 37)
الطرد من الأرض بالنسبة له عبارة عن خزي عظيم تصدعت له حياته، فالصور دالّة عكسيًا في الاستشهاد السابق: المرأة العارية التي يتنسم شعرها بعد أن اغتسلت بالماء البارد كاستحضار حُلمي للماضي يؤشر إلى وضع حاضر بائس. وبالتالي، خلال فلاش باك، يكون استغلال المعلومات التي يزودنا السياق بها، عندما يعيد أبو قيس التفكير في أستاذ قريته الذي مات مقتولاً أثناء اغتصاب فلسطين، ويقيم حوارًا صامتًا معه ليبرر هذا الوضع الحاضر البائس:
"ولكنك على أي حال بقيت هناك، بقيت هناك! وفرت على نفسك الذل والمسكنة، وأنقذت شيخوختك من العار..." (ص 43) وليبرر بالتالي فعل عدم احتمال هذا الوضع.
وهكذا يتخذ أبو قيس قرار مغادرة بؤس المخيم ليجرب حظه في إيجاد عمل، فالرفاهية، وذلك في لحظة قلق ممزوجة بعدم اليقين. إن النصيحة الخادعة لأحد الأصدقاء ودموع زوجته هما اللتان حثتاه على اختيار حاسم، فكيف قدم الراوي ساعة القرار هذه؟
بمفردات ترتبط بما تعبر عنه من عناصر سردية تتجلى في الخطاب، وبكلام آخر، بشعور يربط حالة قبل الاختيار بحالة بعد الاختيار، وتبقى لحظة الاختيار غير معبر عنها، أو بالأحرى، يبقى أبو قيس مختطفًا بتيار خارجي، وليس بقرار واع.
لنر كيف يمر النص مرور الكرام عن اللحظة الحاسمة:
نتابع أولاً بشكل مفصل الحِوار بين أبي قيس وزوجته وصديقه حول ما سيكون باستطاعته أن يبني ويشتري ويعمل لو كانت له بعض الموارد. هنا، يتدخل الراوي، بقفزة عريضة تشمل الزمن اللاحق للحِوار، لينقلنا مع أبي قيس بعد وصوله إلى البصرة حيث سيحاول العبور اللاشرعي إلى الكويت... بينما كان الخيار قد تم خلال ذلك:
"لقد عرف أنها سوف تبكي، سترتجف شفتها السفلى قليلاً، ثم ستنساب دمعة واحدة تكبر رويدًا رويدًا ثم تنزلق فوق خدها المغضن الأسمر. حاول أن يقول شيئًا، ولكنه لم يستطع، كانت غصة دامعة تمزق حلقه، غصة ذاق مثلها تمامًا حين وصل إلى البصرة، وذهب إلى دكان الرجل السمين الذي يعمل في تهريب الناس من البصرة إلى الكويت..." (ص 49)
إنه الإحساس بالغصة الذي يربط، على المستوى الروائي، طورين أساسيين من حياة الفاعل، يحتويان بالضرورة على سمات ثانوية، هذان الطوران اللذان يمثلان منعطفًا كبيرًا بالنسبة له، هما في الوقت نفسه سمتان ثانويتان، تحتويان بالضرورة على سمات أساسية، وفي كلتا الحالتين التبادليتين، هذه السمات الأساسية والثانوية هي خواص إنسانية وفي نفس الوقت سردية تقوم بقيام الدور الوظيفي لأبي قيس كمنفي وكعنصر من عناصر السرد. ومع ذلك، فكل ما نعلمه عن هذا المنعطف الحياتي والدلالي عبارة عن انعكاس في الإحساس: لقد ترك أبو قيس نفسه مدفوعًا بحجج خارجية، وليس بقرار واع داخلي، لهذا رافقه الشك خلال الطريق كله. ونجده في حواره الصامت مع الأستاذ الشهيد يطرح بعض الأسئلة التي يتوجه بها، بعد كل حساب، إلى نفسه:
"ترى لو عشتَ، لو أغرقكَ الفقر كما أغرقني، أكنت تفعل ما أفعله الآن؟ أكنت تقبل أن تحمل سنيك كلها على كتفيك، وتهرب عبر الصحراء إلى الكويت، كي تجد لقمة خبز؟" (ص 43)
لو عشت، لو أغرقك، أكنت تفعل، أكنت تقبل، كل هذه الأسئلة يطرحها أبو قيس بالأحرى على نفسه، لتبرير القرار هذا صحيح، ولكن على الخصوص لاحتمال نتائجه.
ولتلخيص ما سبق نقول إن أبا قيس فلاح فلسطيني اتخذ قرارًا على الرغم منه، مع شكه في أن الطريق الذي عبره هو الصحيح.

أسعد:

هو نمط الفلسطيني الذي يريد الهرب لأسباب فردية تمامًا، فبعد أن شكل لنفسه حجة أنه "ثوري" يبحث عنه البوليس –دون أن يؤكد الراوي إن كان هذا الخطر حقيقيًا- يهرب لمنفعته الشخصية، على عكس أبي قيس.
يقابل أسعد صديق والده، سائق إحدى الشاحنات، فيقترح عليه أن يصحبه إلى بغداد، مقابل عشرين دينارًا. يحدثه كذلك عن الاضطهاد السياسي كي يدفعه إلى الهرب:
"إنني أنقذ حياتك بعشرين دينارًا، أتحسب أنك ستمضي عمرك مختفيًا هنا؟ غدًا يلقون القبض عليك." (ص 57)
وهكذا يغريه السائق.
عندما يتساءل أسعد كيف سيتدبر أمر الحصول على النقود، يحثه على الاستدانة:
"استدن، استدن، أي صديق بوسعه أن يعطيك عشرين دينارًا إذا عرف أنك ستسافر إلى الكويت." (ص 57)
وكمن يسقط في دوامة، ينصت أسعد لسائق الشاحنة، وهو يتكلم عن السهولة التي يمكن معها تكوين ثروة في الكويت، فيستدين في الحال خمسين دينارًا من عمه:
"سوف يكون بوسعي أن أرد لعمي المبلغ في أقل من شهر، هناك في الكويت يستطيع المرء أن يجمع نقودًا في مثل لمح البصر." (ص 61)
ويبدأ أسعد في الاعتقاد جديًا بهذه الثروة الخارقة العادة التي لا يمكن الحصول عليها في عمان، لكن السائق يخدعه تاركًا إياه في الصحراء، بين عمان وبغداد، لينقله بعض السياح معهم، دون أن يخفوا رأيهم، واصفين محاولة أسعد بالهرب. يهرب مماذا؟ ممن؟ ليس من السلطات على التأكيد، التي لا يفكر فيها إطلاقًا، فالسائق هو الذي زوده بهذه الحجة المشرفة. إن أسعد لا يفكر إلا في النقود، مفتاح المستقبل، لكنها في الواقع السراب في الصحراء.
يكون رد فعله التالي، بعد أن أدانه عمه خمسين دينارًا، بهذا الوصف:
"شد على النقود في جيبه، وتحفز في مكانه، ولكنه حين لمسها هناك، في جيبه، دافئة، ناعمة، شعر بأنه يقبض على مفاتيح المستقبل كله..." (ص 61-ص 62)
يتمالك عن غضبه أمام عمه الذي يريد شراءه ليتزوج ابنته بعد عودته من الكويت، لكنه خسيس لدرجة أنه يستطيع دحض مساومة كهذه، فيأخذ النقود ساحرًا من عمه في داخله:
"يا إله الشياطين! من الذي قال له إنه يريد أن يتزوجها؟ من قال له إنه يريد أن يتزوج أبدًا؟" (ص 61)
كما نرى رؤية جريماس، البِنية الفاعلية لأسعد كفاعل، كبطل، كموديل سردي، لهي جزء من البناء، وما يجري من ألعاب في توزيع الأدوار، في تعدد الوظائف، في فصل الدَّعاوى عن بعضها، لهو جزء من مهارة الموزع كنفاني، الراوي، السارد، هذه المهارة السابقة على السرد، وبمصطلح لساني، هذه المهارة السابقة على "الكوددة". نقول هذا لنشير إلى إظهار السياق تحت شكل مضامين يتم استثمارها باستقلال عن الرواية نفسها التي حسب تقنيتها التواقتية لم تبدأ بعد، فيأخذ الموديل السردي هذه المضامين على عاتقه، أسعد هنا، أبو قيس هناك، أو مروان كما سنرى.
ولكي نوجز سمات أسعد نؤكد على ما يسعى إليه من مصالح أنانية بحجة الثوري الهارب.

مروان:

هو نمط الفلسطيني الشاب الذي يرحل لأسباب نبيلة كي يعيل عائلته، عمره ستة عشر عامًا، ترك المدرسة لشعوره بأنه مسئول عن مشكل صعب: طلّق أبوه أمه، وتركها وحيدة، فتحتّم على الأم إطعام إخوته الصغار، لهذا كان على الابن أن يقوم مقام الأب. لقد تزوج الأب من امرأة أخرى –ذات عاهة- ليعيش آخر أيامه بهدوء بلا عبء عائلي، مؤجرًا بعض حجرات المنزل الذي تملكه الزوجة الجديدة.
يكره مروان أباه بسبب فعلته هذه، لكنه يفهم في الوقت نفسه الأسباب التي يولدها البؤس، ويعبر مروان عن ذلك برسالة يوجهها إلى أمه يقول فيها:
"لقد كان طموحه كله، كل طموحه، هو أن يتحرر من بيت الطين الذي يشغله في المخيم منذ عشر سنين، ويسكن تحت سقف من إسمنت." (ص 80)
البؤس إذن أصل فعلة أبيه اليائسة هذه، ليبحث مروان عن إنقاذ أمه وإخوته منه. أضف إلى ذلك أن أخاه، الذي يعمل في الكويت، قد توقف عن إرسال النقود بسبب زواجه. لهذا، يقرر مروان السفر. هل هو مذنب لاتخاذ مثل هذا القرار؟ لقد كان مدفوعًا، مثل أبي قيس، لكنه يشارك كذلك كل أوهام أسعد حول مفهوم الثروة السهلة، دون أن يعرف الحقيقة التي تنتظره هناك، فالنص التالي يعبر عن ذلك:
"لسوف يرسل كل قرش يحصّله إلى أمه، سوف يغرقها ويغرق إخوته بالخير حتى يجعل من كوخ الطين جنة إلهية." (ص 85)
مروان صغير جدًا ليقف على أبعاد قراره، حقًا يعرف جيدًا ما هو البؤس، لكنه يجهل الطريق الصحيح للتخلص منه، فأشار الراوي إلى التناقض القائم بين أوهام مستقبل سعيد والطريق الصحيح الموصل إليه، محدِّدًا منذ البداية أن مروان:
"لم تكن لديه أية فكرة محدَّدة عن وجهته الجديدة." (ص 71)
هذه المضامين الخاصة بمروان التي يتم استثمارها هي في الوقت نفسه مضامين يتم تشكيلها، مضامين تصوراتية، يمتلكها مروان هنا، أسعد وأبو قيس هناك، أو أبو الخيزران كما سنرى.
ختامًا لعرضنا الخاص بمروان نقول إنه نمط الشاب المثالي الذي يظن أن باستطاعته مقاتلة البؤس بقواه وحدها.

أبو الخيزران سائق شاحنة الماء:

من "يقود" الركاب الثلاثة إلى الموت، مؤكدًا أنه يصحبهم إلى الجنة، نمط الانتهازي الذي لا يهمه سوى النقود، بينما يُبدي للآخرين مظهرًا مختلفًا، هو في الحقيقة قناع، ليغطي على جشعه المادي.
لنر كيف يقدم نفسه لمروان:
"سأخبرك الأمر بكل صراحة، أنا رجل مضطر للذهاب إلى الكويت، قلت لنفسي: لا بأس من أن أرتزق، فأحمل معي بعض من يريد أن يذهب إلى هناك." (ص 81)
يعتبر نفسه إذن تاجرًا شريفًا (مضطر-أرتزق-أحمل معي)، ويجعل من سلوكه هذا مبدأً فلسفيًا يطرحه على اعتبار أنه "قانون الحياة":
"أنا مبسوط أنك ستذهب إلى الكويت، لأنك ستتعلم هناك أشياء عديدة، أول شيء تتعلمه هو أن: القرش يأتي أولاً، ثم الأخلاق." (ص 84)
لكن هذا القناع الذي يغطي الحقيقة بشكل رديء يبدأ بالسقوط، لتنكشف الحقيقة، قليلاً قليلاً، كلما توغلنا في الرواية، فنعرف أن أبا الخيزران خدم في الجيش البريطاني، وكان سائقًا ممتازًا:
"كان أبو الخيزران سائقًا بارعًا، فقد خدم في الجيش البريطاني في فلسطين قبل عام 1948 أكثر من خمسين سنة." (ص 94)
يضيف الراوي دون تعليق، ومع ذلك، كان سائقًا سيئًا عندما استدعاه المقاتلون الفلسطينيون ليعمل في صفوف المقاومة. لقد "فقد" مواهبه فجأة، ليجدها فقط في اللحظة التي أتبعه فيها التاجر الغني حاج رضا بخدمته. إنه ليس فقط انتهازيًا لا يبحث سوى عن الثراء، بل زيادة على ذلك، وبسبب هذه الحقيقة، يتخلى عن قضيته: لم يعرف أبدًا كيف يقاتل في سبيل قضية شعبه، فيعبر كنفاني عن هذا النمط للمنفي بالصورة الفنية التالية "للخِصاء":
"مرت عشر سنوات على اليوم الذي اقتلعوا فيه رجولته منه، ولقد عاش هذا الذل يومًا وراء يوم، وساعة إثر ساعة، مضغه مع كبريائه، وافتقده كل لحظة من لحظات هذه السنوات العشر، ومع ذلك فإنه لم يعتده قط، عشر سنوات طوال وهو يحاول أن يقبل الأمور، ولكن أية أمور؟ أن يعترف ببساطة بأنه قد ضيع رجولته في سبيل الوطن؟ وما النفع؟ لقد ضاعت رجولته وضاع الوطن، وتبًا لكل شيء في هذا الكون الملعون." (ص 109-ص 110)
ويتضح وجهه الحقيقي شيئًا فشيئًا من وراء قناعه حتى يعترف بصراحة قاسية بأن لا شيء يهمه غير النقود:
"أقول لك الحقيقة؟ إنني أريد مزيدًا من النقود، مزيدًا من النقود، مزيدًا من النقود، ولقد اكتشفت أنه من الصعب تجميع ثروة عن طريق التهذيب." (ص 114)
كان قناعه على التحديد أصل المأساة التي وقعت على الحدود، بعد أن جعل الحاج رضا موظفي الجمارك يعتقدون بأن أبا الخيزران "دون جوان" زمانه، فأراد أحدهم أن يعرف عنه المزيد، عندما راح يطرح عليه أسئلة حول موضوع علاقاته الجنسية (الملفقة طبعًا)، معيقًا إياه عن إخراج الركاب الثلاثة من الخزان، وكان هذا التأخير اللامتوقع سببًا لموتهم: كان الموت، كإجراء سياقي، الحل لعدم التوافق في طبع أبي الخيزران.
لتلخيص ما سبق نقول إن أبا الخيزران واحد من جرذان الصحراء التي يتحدث عنها أسعد خلال حواره مع السياح. لقد اعتقدت السائحة بأنها ترى ثعلبًا بدلاً من جرذ، لكن أسعد يخبرها بأنه ليس أكثر من جرذ بسيط من جرذان الصحراء. إنه المظهر الذي يخدع! جرذ يقتات بأكل جرذان أصغر منه:
"-أوف! إن هذه الصحراء مليئة بالجرذان، تراها ماذا تقتات؟
أجاب بهدوء:
-جرذانًا أصغر منها." (ص 67)
يمثل أبو الخيزران السائق البائس الذي يقتات بأكل أناس أكثر بؤسًا، فها هو يعلق بعد أن يسأل:
"-...ما اسم الفندق الذي تنزل فيه؟
-فندق الشط.
-آه! فندق الجرذان!... لكن حاذر أن تأكلك الجرذان قبل أن تسافر." (ص 62-ص 68)
هذه الجرذان موجودة رغم ذلك في الكويت، تنذر الرواية بالخطر، لكن أسعد لا يبدي أي اهتمام.
على المستوى الأدبي، الصورة الفنية هنا عبارة عن تشخيص مسبق للنهاية، تشير إلى أن الطريق هو طريق جرذان لا طريق عَرَضي، لكن للضرورة السردية أحكامها، ليكون التوسيع الأسلوبي، ويقوم التوازن بين عوالم الشخصيات الأربع.

يتبع 4 – بِنية الطريق: الخط البياني للإخفاق



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 25
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 24
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 23
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 22
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 21
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 20
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 19
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 18
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 17
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 16
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 15
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 14
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 13
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 12
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 10
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 9
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 8
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 7
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 6
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 5


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 26