أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 12














المزيد.....

الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 12


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 12 - 10:57
المحور: الادب والفن
    


(ب3) عالم ليس لنا
تستوجب هذه المجموعة الصادرة عام 1965 عناية خاصة تُلزم بترتيبها ضمن هذه الفترة، حيث تبرز موضوعة المنفى بشكل أكثر تطورًا، خاصة شعرية الصورة المعبرة عنها. بأي حال من الأحوال، نحن لن نقف عند حد الشعر في هذا العمل الأدبي، كما لم يقف عالم اللسانيات تودوروف عند حد الوصف في كل عمل أدبي، ليس هذا هدف كل علم، فالنقد علم، وليس دردشة، ليس خطابًا عن الخطاب. بدل أن نُسقط العمل الأدبي على نوع آخر من الخطاب –كما يقول تودوروف- نُسقطه هنا على الخطاب الأدبي، فنحن لا نقرأ العمل الأدبي، وإنما افتراضيات الخطاب الأدبي، التي جعلت منه خطابًا ممكنًا، أي عملاً أدبيًا: هكذا يمكن للدراسات الأدبية أن تصبح علمًا للأدب.
اعتمادًا منا على ما سبق، اخترنا ثلاث قصص، عنوان الأولى "جدران من الحديد"، حيث تفسر صورة العنوان الشعرية نفسها بنفسها، كصورة افتراضية لطائر في قفص حديدي. وبالفعل، تحكي القصة عن طائر يضرب بجناحيه قضبان قفصه بلا انقطاع، حتى عندما يقدمون له قفصًا أكبر، ولا يوقف ضرباته إلا في اللحظة التي يبدأ فيها احتضاره.
بالنسبة لموضوعة المنفى، هذه الحكاية تصفه كالسجن، وتجعل مطلب الحرية دافعها الأساسي، لكن النهاية غامضة: هل يموت الطائر لأنه استنفد قواه أم لأنه توقف عن الضرب؟
القصة الثانية "كفر المنجم" تعطينا صورة شعرية يذكّر مضمونها بصورة اللؤلؤة في المحارة الأخيرة، وهي تروي أيضًا قصة البحث عن ثروة يتوج صاحبها بنجاح هذه المرة، ولكن على حساب كرامته، فالمقصود هنا جمع الذهب المدفون في البصاق. إنها صورة هذه القصة التي تتبنى تقنية الأساطير، وذلك بسردها مغامرة شاب أراد أن يجرب حظه للمرة الأخيرة قبل أن ينتحر، فيبحر إلى مدينة من الذهب في وسط البحر، وهناك يجمع ذهبًا كثيرًا مطمورًا في البصاق الأسود رغم نفوره منه.
إن دافع فقدان الشخصية بواسطة النقود يظهر واضحًا جدًا للمرة الأولى، وهذه إشارة هامة أكثر عمقًا لفهم أسباب الصراع الاجتماعي الساعي لإعادة الشخصية عن طريق آخر غير طريق الحصول على النقود الملوثة.
وكذلك إن فهم الفلسطيني "الذي يبيع نفسه" كصورة افتراضية للشعور بالوعي، يذهب بنا إلى طريق الوعي بالمستقبل الذي بدأ يمثله أكثر فأكثر. هذا وإن كان الكاتب يطرح مسألة ذاك الذي ضيعته القضية، فهو يطرح في الوقت نفسه مستقبل وطريق القضية.
القصة الثالثة "العروس" تتجه بشكل واضح نحو المستقبل: إنها حكاية رجل يبحث في كل مكان عن عروسه، له هيئة مجنون، لكنه مقاتل قديم أضاع بندقيته.
الصورة الافتراضية هي في الوقت نفسه صورة واقعية، فالمطابقة واضحة بين صورة العروس الوهمية وصورة البندقية التي تسم الكفاح بسمة جديدة، والدافع هو أمل وخلاص هذا المقاتل اللذان يوجدان في نصفه الآخر: "ابحث معي عنه (عن المقاتل) حيث أنت، فلدي أخبار جديدة عن العروس." (61)
فالمقاتل يبحث عن العروس، والراوي يبحث عن المقاتل، ولهذا الارتباط المتبادل تعميق للدافع، وتعزيز للصورة، وتمكين للتأثير المباشر على الفعل القريب أو البعيد، كما يرى جوستاف فلوبير، وليس من غث الكلام انطلاقة الثورة عام 1965، العام الذي كتبت فيه هذه القصة.
ختامًا لهذا الفصل، يجدر بنا أن نشير إلى أن غسان كنفاني في ذلك التاريخ قد أصبح عضوًا في حركة القوميين العرب، وتبوأ منصب رئيس تحرير جريدة "المحرر" عام 1963 ذات الاتجاه الناصري، وكانت أعماله في تلك الفترة تمثل بالفعل المرحلة الانتقالية من بحثه عن تحديد إيديولوجي واضح. فالتطور الإيديولوجي في أعماله الذي رافق التطور التاريخي لمسار الشعب الفلسطيني يلتقي بانطلاقة الثورة الفلسطينية عام 1965، ليبدأ الطريق الجديد نحو استقرار إيديولوجي واجتماعي، مع ملاحقة مؤقتة لشعور المنفي المعذب، ولكن الذي يتطلع إلى الأمام.


مراجع
(61) غسان كنفاني: عالم ليس لنا، المجلد الثاني، دار الطليعة، بيروت 1973، ص 606.


يتبع ج – بيروت: نحو استقرار اجتماعي وإيديولوجي



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 10
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 9
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 8
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 7
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 6
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 5
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 4
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 3
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 2
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 1
- رعب - المشاهد الكاملة
- رعب - المشهد العاشر
- رعب - المشهد التاسع
- رعب - المشهد الثامن
- رعب - المشهد السابع
- رعب - المشهد السادس
- رعب - المشهد الخامس
- رعب - المشهد الرابع
- رعب - المشهد الثالث
- رعب - المشهد الثاني


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 12