أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - رعب - المشهد الرابع















المزيد.....

رعب - المشهد الرابع


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5030 - 2015 / 12 / 31 - 17:11
المحور: الادب والفن
    


كل كلمة تقرأ أو تسمع تحمل خطرًا على البشرية، أو هي بالأحرى تمثل خطرًا يثير الرعب، مع استعمالاتها الإيديولوجية تنتقل من كونها حروفًا ولغة إلى كونها أفعالاً وممارسة، وهذه في السياقين التاريخي والاجتماعي أفعالٌ لقتل وممارسةٌ لإجرام
تقول "مع استعمالاتها الإيديولوجية" إيفانوف ألكسندروفيتش، يقول الناقد في العلوم الإنسانية ميشكو، وهذا ما لم أره، وتقول كذلك "في السياقين التاريخي والاجتماعي"، وهذا كذلك ما لم أره
لأنك تنتمي إلى إيديولوجياك البورجوازية، يرد إيفانوف ألكسندروفيتش بهدوء، ولم تتحرر منها كما تحررت أنا
تقصد علاقتي برؤية العالم
أقصد رؤية العالم التي لك
الشيئان ليس واحدًا، أنا أعترف، يقول ميشكو، بعد بعض التفكير، لكني مرتبط بمرحلة تاريخية، وأنا كناقد أبقى غريبًا عنها
باسم الموضوعية! يتهكم ألكسندروفيتش، تبقى غريبًا عنها باسم العلمية! بينما أنت تفعل كل شيء باسم موضوعيتك، وباسم علميتك، فتنتهي علاقتك برؤية العالم، وتجد نفسك في صميم رؤيتك للعالم حسب مراحل تاريخية لكل منها شروط للحقيقة تحدد ما هو ممكن وما هو مقبول، بينما رؤيتي للعالم حسب سياقات تاريخية لكل منها شروط للفعل تحدد ما هو غير ممكن وما هو غير مقبول، فلم أفصل بين السياقين السياسي والاجتماعي. في كل كتبي أنت لا تجد حدودًا بينهما، ألسنا نتكلم عن اللغة وخطرها على البشرية؟
أنت تقول اللغة وأنا أقول الخطاب
هذا فرق ثان ما بيننا، فالخطاب ابن اللغة، وهو يكون بأمر الإيديولوجيا، وبكلمات أخرى بأمر نظرتك إلى العالم، بعد استعمالها للكلمات. اللغة، يا صديقي، قحبة، دومًا ما تخضع للكيفية التي يريد فيها زبونها أن يضاجعها
برأيك لا شروط للخطاب تتبدل عَبر الزمن تبدل العلم بشكل متطور؟
هناك شروط للخطاب، لكنها لا تتبدل تبدل العلم بشكل متطور، تتبدل تبدل استعمالاتنا للغة بشكل متطور أو متخلف، وهذا الفرق الثالث ما بيننا. كل ما قيل عن الشيوعية أمس وما يقال عن الإسلام اليوم يؤكد ما أقول
بعد بعض التفكير، يقر العالم ميشكو: هناك شروط للخطاب تتبدل عَبر الزمن تبدل العلم بشكل متطور أو تبدل السياسة بشكل متخلف
بشكل متخلف أيةً كانت درجة العلم، يضيف ألكسندروفيتش، وأيةً كانت المرحلة، عندما يتعلق الأمر بالسياسة لا فرق هناك بين فرنسا والمملكة العربية السعودية
اللغة كما تقول قحبة، يتنهد ميشكو
وابنها الخطاب نغل
قواد
قواد في مرحلة ثانية، مرحلة إعادة إنتاج اللغة
ماذا لو كان ماركس معنا اليوم؟
لو كان ماركس معنا اليوم لرأى في صراعنا مع داعش صراعه الطبقي المحرك للتاريخ
تقول صراعه الطبقي؟
لأنه مثلك، ميشكو، حتى ولو كان مثلي
أنا لا أفهم
ماركس هو رؤية العالم التي له، يعني مثلي، وفي نفس الوقت علاقته برؤية العالم، يعني مثلك، مثلي يرى العالم بشكل موضوعي علمي، ومثلك يقيد نفسه برؤية للعالم عمادها موضوعيته هو وعلميته هو، فتتصارع اللغة لديه، وتفرض جورها عليه جورًا محوره الإنسان، ويكون ما يسمى "الصراع الطبقي"، الذي هو الصراع اللغوي، اليوم كالأمس، الفرق هو السياق التاريخي والسياق الاجتماعي فقط لا غير
في هونولولو هناك صراع بين أسماك القرش الكبيرة وأسماك القرش الصغيرة على أسماك السردين
لغويًا، وبالتالي سياقيًا، الصراع هو صراع طبقي، فلا صراع فعلي هناك، بما أن كل أسماك القرش صغيرة وكبيرة لا تنام على جوع بطنها. طبعًا هناك حالات استثنائية عندما يتحول الصراع بين أسماك قرش كبيرة وصغيرة من ناحية وأسماك قرش كبيرة وصغيرة من ناحية، فيكون الصراع طبقيًا، وتكون الحروب، وتكون الفاشية
وأسماك السردين؟
أسماك السردين سلعة ككل السلع للاستهلاك، وفي السياق العالمي اليوم أسماك السردين هي المهاجرون الذين يتم استهلاكهم بطريقة من الطرق ليكون كل المتصارعين شبعانين، وأنا عندما أقول "ليكون كل المتصارعين شبعانين" لا أعبر بكلماتي هذه عن المعنى الخفي للغة، ولكن عن أثرها الخفي، هل تتابعني، ميشكو؟ أثرها الخفي كما أقول، لا معناها الخفي كما تقول، فترضي اللغة النفوس، وتشبع الغرائز، وتحث على الصراع، وتبث الشقاق، وتذكي الأحقاد، وتدفع مصانع سيارات رونو إلى التطوير، وشركة ويندوز إلى منافسة شركة آيبل، والقروش إلى الحصحصة ما بينها على السردين، وبالتالي إلى التحكم بالتخمة على أفضل وجه، إلى آخره إلى آخره، فتُحرك اللغة التاريخ. ألم أقل لك إن اللغة قحبة؟ تحركه على حساب الشعوب العربية كسردين وكمستهلكين للسردين وباقي شعوب العالم، هكذا أنا أفهم التاريخ، هكذا أنا أفهم التطور، هكذا أنا أفهم الأزمة الاقتصادية من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي في بنوك الرأسماليين، هكذا أنا أفهم السخام العربي من المحيط إلى الخليج في طنجرة الأمريكيين. والسردين العربي (وكل سردين آخر) أمام عجزه التام أمام لغته ولغة غيره، أمام اللغة، يؤكد وجوده اليوم في قاع الفكر، ونحن الغربيين معه، فنفكر في انتهاء الفكر، انتهاء الإنسان، انتهاء الكون، تمامًا كما تقول، ميشكو، في سياق ثقافي آخر، السياق هناك سحري، وهنا خرائي: إنها الاستحالة العارية المطلقة لأن نفكر هكذا
يفتح إيفانوف ألكسندروفيتش كتبه على كلماته، ويبول عليها دمًا
توقف ألكسندروفيتش! يصيح الناقد الإبستمولوجي ميشكو بالكاتب الملعون، وهو يجذبه من ذراعه
دعني أفرغ مثانتي، يرجو إيفانوف ألكسندروفيتش
كنت أظن أن لديك ردوبًا في أمعائك
وكل هذا الدم، ها أنت ترى أن جهازي البولي غير ما كنت أعتقد
هالك
إنها الكلمة
لكنك لم تكن تعرف
إنها الكلمات
هل تشخ اللغة دمًا كذلك؟
تشخ، تخرأ، تشخر، تسعل، تلتذ، تنعظ، تتلوى، تتألم...
تراوح، تزايد، تعاند، خاصة تعاند
تقول ما لا يريد كاتبها
غصبًا عنه
فتفضحه
قرأت لشاعر "سنصير شعبًا حين نحترم الصواب وحين نحترم الغلط"، فتقول كلماته شيئًا آخر غير تاريخي، لأن هذه ليست شروط كل شعب، وغير شخصي، لأنه كشاعر لم يكن من هذا النوع
وماذا بخصوصك؟
ماذا بخصوصي؟
نعم، وماذا بخصوصك؟
أنا أسوأ منه
أنت أسوأ منه!
أنا أكثر منه افتضاحًا
أنا لا أرى ذلك
أنا أكثر منه إجرامًا
تقول هذا لأن اللغة قحبة أم لأن لغتك قحبة؟
لم أطرح على نفسي مثل هذا السؤال
هل تسمح لي بالإجابة عنك؟
أسمح
لأن لغتك قحبة، يلقي ميشكو قبل أن ينفجر باكيًا
لماذا تبكي؟ يسأل إيفانوف برعب
لا يجيبه الناقد العالمي، ويواصل البكاء


يتبع المشهد الخامس






#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رعب - المشهد الثالث
- رعب - المشهد الثاني
- رعب - المشهد الأول
- إرهابيون السيناريوهات الكاملة
- إرهابيون - بكين - سيناريو10
- إرهابيون - واشنطن - سيناريو9
- إرهابيون - ستوكهولم - سيناريو8
- إرهابيون - موسكو - سيناريو7
- إرهابيون - غزة - سيناريو6
- إرهابيون - معان - سيناريو5
- إرهابيون - نيويورك - سيناريو4
- إرهابيون - الرياض - سيناريو3
- إرهابيون - باريس - سيناريو2
- إرهابيون- تل أبيب - سيناريو1
- وماذا لو كانت داعش؟
- المشروعان مشروع التنوير ومشروع الدولة
- عساكر النص الكامل
- فندق شارون النص الكامل
- هذه هي حقائق أحداث باريس
- الاستفتاء على الدستور


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - رعب - المشهد الرابع