أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 13














المزيد.....

الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 13


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 13 - 12:23
المحور: الادب والفن
    


ج – بيروت: نحو استقرار اجتماعي وإيديولوجي
(ج1) ما تبقى لكم
كان الإنتاج الأدبي لكنفاني في فترة ما بين انطلاقة الثورة الفلسطينية عام 1965 وبين الفشل التاريخي للأنظمة السلطوية بعد حرب 1967 ينمو وينضج مع نمو ونضج المرحلة الثانية لحركة التحرر الوطني، فميز هذه الفترة الشعور بالوعي ذاتًا، والعامل المحدد للسلوك شرطًا: أنَّ تجاوز الحاضر البائس إلى مستقبل أقل بؤسًا لن يتم إلا إذا تحرك الفلسطيني اعتمادًا على نفسه، لمواجهة العدوين السياسي والاجتماعي، وذلك قبل أن تطفو على سطح المستنقعات الامتيازات السلطوية للسلطة الفلسطينية، وتنحدر هذه السلطة بالكيان السياسي، الذي هو منظمة التحرير، إلى أسفل سافلين. والحال هذه، استُعمل مفهوم الشعور بالوعي ذاتًا سَلبيًا، وجرى تنفيذ شعار "التحرير مهمة فلسطينية بحتة"، لتنصل الأنظمة العربية من مسئوليتها، ولخدمة هذه الأنظمة، فالقضية الفلسطينية ستظل وتبقى قضية العرب. بهذا الشعار المغرض، أصاب السلطويون من عندنا وعندهم رَمِيَّتَيْنِ بِرَمْيَةٍ واحدة: رفع ضغوط الشعوب العربية عن الأنظمة العربية، ورفع ضغوط الشعب الفلسطيني عن "النظام الفلسطيني"، فكان القبول بالشعار بتواطؤ السلطة الفلسطينية مع السلطات العربية تحت غطاء القرار المستقل، الذي هو في حقيقته قرار هذه السلطات بما فيها السلطة الفلسطينية، وليس قرار الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، القرار الوطني المشترك، ليتحول المفهوم من الشعور بالوعي ذاتًا فلسطينية إلى الشعور بالوعي ذاتًا سلطوية.
لكن ما أدركه كنفاني في الفترة التي كان فيها ناصريًا شيء آخر تمامًا، أن مصر أو أي بلد عربي آخر غير مصر لن يتحرك لتحرير فلسطين ما لم يتحرك الفلسطيني بإرادته الحرة على طريق التحرير ذاته للجميع، فكانت الموضوعة الأساسية الثانية التي شملت إنتاج هذه الفترة هي: شعور المنفي المعذب الذي يتطلع إلى الأمام.
من هنا جاءت رواية "ما تبقى لكم" عام 1966، التي اكتملت فيها عناصر الرواية، وأعطت مضمونًا أدبيًا شاملاً للتحول السياسي في تلك الفترة، قبل أن يتم "تحول التحول"، أي قمع الشعور بالوعي ذاتًا، للحيلولة دون استقرار اجتماعي واستقرار إيديولوجي يكونان قاعدة انتقال من حركة وطنية إلى حركة اجتماعية.
إذن، تلجأ "ما تبقى لكم" إلى أحداث واقعية أو خيالية، لتنقلها بلغة روائية، لغة الكتابة لا اللغة، فتنأى عن الوضوح، تحت معنى "البداهة" التي اتصفت بها كل أعمال كنفاني السابقة (واللاحقة)، ولهذا كان هذا العمل أهم أعماله، إذا أخذنا بعين الاعتبار ما اعتبره جيرار جينيت: أن ما يُروى لا يجري بسهولة، أن ما يُحكى لا يكون طبيعيًا، أن ما يُنَظَّم لا يدور حول مجموعة من الأحداث، وكفى الله الأدباء القتال، لأن ما يلفت الانتباه –كما سبق لنا القول- الجانب الفريد، الصُّنعي، المشكوك فيه، للفعل السردي.
ملخص الرواية: حامد يقطع الصحراء في طلب أمه (لن نقول فلسطين، مثل هذا التأويل خطورته على القيمة الأدبية للنص كبيرة، فلسطين نعم من خارج النص لا من داخله، وكنتيجة من نتائج التحليل، ما نقوم به عند هذا المستوى من عرضنا السريع بدءًا من النهاية)، وهو في الطريق، يلتقي بأحد الجنود الإسرائيليين، يخلصه سلاحه، ويتصدى له، في الوقت الذي تقتل فيه مريم، أخت حامد، زكريا الذي تزوجته بعد أن اعتدى عليها.
الدوافع هنا كلها إيجابية، وكذلك الصور الفنية. كما أن الصورتين الأساسيتين هما ذاتهما اللتان في "رجال في الشمس"، الأرض بجنانها وخيراتها، والصحراء بشموسها ورمالها، متناظرتان دومًا، ليستا متناقضتين، بل تسعيان في طلب بعضهما، في عَلاقة توافقية، تكاد عناصرها المتنوعة تمتزج الواحدة بالأخرى، طالما أن الطريق الآن هو الصحيح، الذاهب إلى فلسطين/الحياة/الجنة، إلى الجهة الأخرى من "الباب"... فالأرض الخضراء التي تمثل فلسطين كنتيجة واستنتاج هي الأم التي يذهب إليها حامد طوعًا لتحريرها، مواجهًا أهوال الصحراء، هذه الصحراء التي تتعاطف معه لهدفه النبيل: "وفجأة جاءت الصحراء، رآها الآن لأول مرة مخلوقًا يتنفس على امتداد البصر، غامضًا ومريعًا وأليفًا في وقت واحد." (62)... تصبح طوع يده، ويصبح جزءًا من جسدها عندما "يحس ببدنه يعلو ويهبط فوق صدرها" (63)، مما يستحيل ذلك اللهم سوى مع أرضه ذاتها! وبما أن دافع مهمته هو الخلاص الحقيقي مما يعيشه من عذابات في مخيمات الجحيم، تساعده الصحراء على العبور، تعطيه الحياة –نكرر- لا الموت، كما حصل مع "رجال في الشمس" الذين لم يدركوا جيدًا بأن طريقهم ليست طريق خلاصهم، وتصبح كأرضه: لها طبيعة تربتها الطرية وكفها الندية.
صورة أخرى إيجابية هنا هي صورة طريق الكفاح المسلح لتحرير فلسطين، فرافق هذه الصورة دافع خلق حياة جديدة تستجيب للموضوعة الرئيسية، وتؤكد التجاوز والتطلع إلى الأمام، ليَظهر هذا التجاوز بشكل متطور كدافع لِمَا تميزت به شخصية مريم: تجاوز الحرمان والأنانية، هذا التجاوز الذي يتبع الشعور بالبؤس تحت شرط التخلص منه بالممارسة الفعلية لا المشيئة القدرية. لقد حققت مريم ذلك في اللحظة التي قتلت فيها زكريا: العدو الثانوي وأحد أسباب الهزيمتين السياسية والاجتماعية، في الوقت الذي يقف فيه أخوها في منتصف الصحراء، منتصف الطريق إلى الوطن -الخلاص من العدو الداخلي يعني إنجاز نصف طريق التحرير- مواجهًا الجندي الإسرائيلي، العدو الأساسي، من أجل القضاء عليه: في منتصف الطريق، هو وعدوه وجهًا لوجه، بانتظار الحركة التالية، كل هذه العناصر السياقية تفسر أولى خطوات الثورة كعنصر تاريخي لا كعنصر عرفاتي.


المراجع
(62) غسان كنفاني: ما تبقى لكم، المجلد الأول، دار الطليعة، بيروت 1972، ص 161.
(63) غسان كنفاني: المرجع نفسه، ص 162.


يتبع (ج2) القبعة والنبي




#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 12
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 10
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 9
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 8
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 7
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 6
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 5
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 4
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 3
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 2
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 1
- رعب - المشاهد الكاملة
- رعب - المشهد العاشر
- رعب - المشهد التاسع
- رعب - المشهد الثامن
- رعب - المشهد السابع
- رعب - المشهد السادس
- رعب - المشهد الخامس
- رعب - المشهد الرابع
- رعب - المشهد الثالث


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 13