أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم ألصفار - دروس ثورة منتصرة















المزيد.....

دروس ثورة منتصرة


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 5099 - 2016 / 3 / 10 - 11:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دروس ثورة منتصرة
د. جاسم الصفار
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، أصبح متاحا الاطلاع على حقائق التاريخ ووثائقه الاصلية ففقدت مصداقيتها أطنان من الكتابات المظللة التي خلقت وعيا ومعايير معرفية لا تربطها مع الواقع سوى قدرة السلطة السوفيتية على تسويق سياستها ورغباتها ورؤياها على انها هي الواقع. وهذا بالمناسبة ليس بجديد، فقد ظللت كل السلطات العقائدية الدينية والدنيوية شعوبها وشعوب الارض كلها بإحلال القراءة التي ترغب بها للأحداث التاريخية محل مجريات التاريخ الحقيقية.
ففي وعي اغلب اليساريين والاشتراكيين اليوم ترسخ وصف المفكر الاشتراكي الكبير كارل كاوتسكي "بالمرتد"، وفقا لما كتبه الزعيم البلشفي فلاديمير اليج اوليانوف (لينين)، كما ترسخ فهم التحالف الاساس للطبقات الطليعية في اي مجتمع على انه تحالف "سرمدي" بين العمال والفلاحين واصبح المنجل والمطرقة شعارا امميا يرفعه الشيوعيون ويزينون به صفحاتهم اينما كانوا وفي اي زمان وجدوا، على خلاف الرؤيا الماركسية للتحالفات الاجتماعية والسياسية. أما المناشفة فقد حلت عليهم لعنة اشتراكيو الاممية الثالثة واستحقوا شتائم كل منتسبي الاحزاب المنضوية تحت راية الاممية الثالثة، مع ان المناشفة كانوا اكثر امانة والتزاما جدليا بالماركسية من البلاشفة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي العمالي الروسي.
وستكون وقفتي هنا مع الفهم الخاطئ لنتائج ثورة 1905 في روسيا، والتي جهد الاعلام السوفيتي على ترسيخ التصنيف البلشفي لها على انها ثورة منكوبة وفاشلة، في عقول الاشتراكيين في كل انحاء العالم، مع انها كانت قد استوفت كل اهدافها وخلقت ارضية صلبة للتطور الاقتصادي والاجتماعي على اساس العدالة الاجتماعية والديمقراطية السياسية في روسيا القيصرية، والأهم، انها صنعت ايمانا عميقا لدى الجماهير بقدرتها على التغيير.
ففي يوم احد، في التاسع من يناير/كانون الثاني عام 1905، أطلق جندرمة النظام القيصري النار على المتظاهرين العزل في بيتربورغ عاصمة روسيا القيصرية، وأثارت هذه الحادثة التي عرفت فيما بعد "بالأحد الدامي"، ردود فعل شعبية غاضبة في كل انحاء روسيا القيصرية، شاركت فيها أكبر الاحزاب الروسية على اختلاف اتجاهاتها، اضافة للاتحادات والنقابات العمالية والمهنية، لتصبح بداية لثورة شعبية عظيمة، امتدت احداثها حتى عام 1907.
بدأت الثورة بإضرابات عمالية، انتشرت في معظم المدن الروسية، رافقتها اضطرابات في الجيش والقوات البحرية الروسية. تصاعدت بعدها نشاطات جماهيرية نظمتها اتحادات العمال والطليعة المثقفة في روسيا، واعلن العصيان في بعض قطع الاسطول البحري الروسي لتصل الثورة الى ذروتها في خريف عام 1905 بإضراب عام اعلنته في البداية نقابة عمال المطابع وتضامنت معها الاتحادات والنقابات العمالية والمهنية الاخرى. اضطر قيصر روسيا على اثرها اعلان اصلاحات جذرية في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، تنازل بموجبها عن سلطته المطلقة في ادارة شؤون روسيا واطلق الحريات السياسية وحرية التجمع وحرية الرأي والنشر والاقتراع العام لإنشاء مجلس برلمان (دوما) لروسيا.
تبعا لذلك تباينت ردود فعل الاحزاب السياسية الروسية، فكان موقف الاحزاب والقوى السياسية والنقابية الممثلة للبرجوازية الروسية مثل "اتحاد 17 اكتوبر" و "الحزب الدستوري الديمقراطي (الكاديت)" اضافة الى ممثلي الطبقة العاملة " الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي- المناشفة" وممثلي البرجوازية الصغيرة "ألاشتراكيين الثوريين-اسيري" ونقابات العمال الرئيسية في روسيا، أنها اعلنت في بيانات رسمية لها، ان الثورة الشعبية قد حققت اهدافها وما عليها بعد ذلك الا المساهمة في انجاز الاصلاحات وتطويرها في المرحلة الحالية والاستعداد لتوظيف ما حققته الثورة من انجازات من اجل خلق ظروف ومتطلبات تطور ثوري لاحق.
أما البلاشفة (الجناح المتطرف في الحزب الاشتراكي الديمقراطي العمالي الروسي) الذي كان هدفه، منذ بداية الثورة، اسقاط الحكم القيصري القائم في روسيا واستلام السلطة، فلم تقنعهم فكرة الثورة على مراحل، التي تبناها المناشفة، كما انهم لم يعترفوا اساسا بفكرة ان الثورة تتطلب توفر حالة ثورية مؤسسة على طبيعة التطور الاقتصادي والاجتماعي. لذا قام البلاشفة بالتحريض على قتال شوارع اشتعلت نيرانه، في شهر ديسمبر/كانون الاول، في بعض مناطق موسكو التي كان لهم نفوذ كبير فيها.
الا ان اصدار القيصر في 11 ديسمبر/كانون الاول للائحة تنظيم الانتخابات البرلمانية التأسيسية لأول سلطة تشريعية في روسيا القيصرية، وشروع القوى السياسية بالتهيؤ للحملة الانتخابية، كان لها اثر كبير في تهدئة الحماس الثوري عند جماهير البلاشفة المندفعين وراء شعارات ثورية مصاغة على مبدأ "اما كل شيء او لا شيء".
حققت ثورة 1905 في حدود كونها ثورة برجوازية ديمقراطية انجازات كبيرة في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فحصلت الاحزاب السياسية على حق النشاط والدعاية وتنظيم الاجتماعات وتنظيم المسيرات وغيرها من الفعاليات، وتحسن وضع الفلاحين الذين حصلوا على حقوق اجتماعية كانوا محرومين منها كحرية التنقل والاقامة، واكتسبت اتحادات ونقابات العمال شرعيتها، وتحقق حلم عمال المصانع وجميع المؤسسات الانتاجية بتقليص عدد ساعات العمل اليومي اضافة الى حق المشاركة في الانتخابات.
وأهم ما في تلك الانجازات هو انها فتحت الطريق لتغير في وعي الناس، كان له الاثر الكبير في نضج الوعي الثوري واتساع قاعدة الحركة الاشتراكية في روسيا، اضافة لما خلقته تلك الانجازات من ظروف جادة وممهدات اساسية للتطور الاقتصادي الاجتماعي اللاحق. ففي الوقت الذي شغل فيه ممثلي الكاديت (الحزب الدستوري الديمقراطي) أغلب مقاعد البرلمان الروسي (مجلس الدوما) في اول تشكيلة له، حصل الاشتراكيون على الاغلبية في تشكيلاته اللاحقة.
واخيرا، فان التاريخ دروس وعبر، يسلم لدعاة التغيير الديمقراطي في بلادنا، مفاتيح ادارة التحركات الشعبية من اجل رفع مستوى الوعي الثوري عند جماهير لا تملك اليوم سوى رغبات بالتغيير الذي يضمن لها حياة كريمة مطمئنة، لن تتحقق دون تعديل دستوري يقضي على نظام المحاصصة الاثنية والطائفية ويفتح الطريق نحو افاق تطور اوسع.



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افكار حوارية في الثورة والتحالفات السياسية
- الخاسرون في حرب النفط
- افكار في موضوع المصالح الوطنية
- حكم الخرافة والبديل المغامر
- قراءة لنتائج زيارة الرئيس الفرنسي الى موسكو
- خيارات الرد الروسي
- ملاحظات في السياسة الاعلامية للمثقفين الوطنيين
- فرضيات تحتاج للتحقق بشأن كارثة الطائرة الروسية
- ملاحظات على هامش ندوة -الثقافة الجديدة- بشأن دور المثقف في ا ...
- قراءة لزيارة الرئيس السوري الى روسيا
- ملابسات توقيت قرار التدخل العسكري الروسي في سوريا
- الخيارات الروسية في الحرب السورية
- قراءة في اخبار العمليات العسكرية الروسية في سوريا
- اليسار العراقي، الانغلاق في الماضي ام الانفتاح على الحاضر
- مشاريع الاصلاح وافاقه
- نحو رؤيا واقعية للتغيير
- محاور المؤامرة على الارادة الشعبية
- رسالة من بعيد لابطال يصنعون التغيير
- الانفصاليون وخدعة الاستقواء بالفكر الاشتراكي (الجزء الثالث)
- الاشتراكية وخدعة الاستقواء بالفكر الاشتراكي (الجزء الثاني)


المزيد.....




- مصر.. الدولار يعاود الصعود أمام الجنيه وخبراء: بسبب التوترات ...
- من الخليج الى باكستان وأفغانستان.. مشاهد مروعة للدمار الذي أ ...
- هل أغلقت الجزائر -مطعم كنتاكي-؟
- دون معرفة متى وأين وكيف.. رد إسرائيلي مرتقب على الاستهداف ال ...
- إغلاق مطعم الشيف يوسف ابن الرقة بعد -فاحت ريحة البارود-
- -آلاف الأرواح فقدت في قذيفة واحدة-
- هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثال ...
- العام العالمي للإبل - مسيرة للجمال قرب برج إيفل تثير جدلا في ...
- واشنطن ولندن تفرضان عقوبات على إيران تطال مصنعي مسيرات
- الفصل السابع والخمسون - د?يد


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم ألصفار - دروس ثورة منتصرة