أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم ألصفار - حكم الخرافة والبديل المغامر














المزيد.....

حكم الخرافة والبديل المغامر


جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)


الحوار المتمدن-العدد: 5042 - 2016 / 1 / 12 - 23:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حكم الخرافة والبديل المغامر
جاسم الصفار

يحكى في قديم الزمان أن قوم من الأقوام كانوا يقيمون في وادي محاط من جميع جوانبه بالجبال ألشاهقة. وكان لسكان هذا الوادي نمط حياة خاص بهم تنظمه قوانين صارمة، يجري الالتزام بها طوعا منذ الطفولة لتصبح اساس معتقدات وتقاليد تميز هذه المجموعة البشرية عن غيرها، يفتخر بها الاباء ويصغي لها الابناء.
من جملة القوانين التي اصبحت سنة يعيش وفقها سكان الوادي، قانون غريب يضع حدود لحرية حركة الانسان، بحجة ان الشيطان قد يوسوس في صدور الناس ويزين لهم مباهج الحركة والتنقل فيدفعهم الى التهلكة عند مغادرة الوادي وتسلق الجبال المحيطة به، فكل ما هو خارج الوادي وخلف تلك الجبال بيئات شيطانية تغري الانسان بمباهجها وتدفعه نحو الخطيئة التي سيعاقب عليها بعذاب ابدي لا نجاة منه.
ولتفويت فرصة الغواية على الشيطان، كان على كل مواطن في الوادي أن يحمل حول خصره منذ طفولته حزام تشد اليه حلقة من الخشب، تعلق عليها أثقال يجري تغييرها بصورة مستمرة بالتوافق مع العمر بحيث لا تسمح لحاملها بتسلق الجبال. وبهذه الطريقة يتجنب الانسان ارتكاب خطيئة التمتع بمباهج الحياة الشيطانية وينجو من عقاب الله.
ولكن هذا النظام ألذي تحرسه قوانين يسهر على تنفيذها سدنة معبد الوادي الذين يملكون سلطة مطلقة دينية ودنيوية على سكانه لم يرق للجميع. فنمت وتسربت بين الشباب أفكار جديدة لا ترى أية ضرورة لحمل الأثقال، وتنادي بالتحرر منها. ومع اتساع انتشار هذه الأفكار ألتحررية وزيادة عدد المنادين بها، تهيأت الظروف ألمناسبة للتغيير ألثوري.
وفي موعد محدد للتغيير، كسر الشباب قيودهم وثاروا على المعبد فارضين على سدنته احترام ارادة السلطة الجديدة التي لها وحدها، بعد نجاح الثورة، ان تنظم شؤون سكان الوادي. واعلنت قوانين جديدة تمنع حمل تلك الاثقال وتشجع على تبني نمط حياة جديد لا يقوم، كالسابق، على الخرافة والخوف من ألمجهول.
اثر هذا التغيير ألثوري ألذي منح الناس حرية أكبر للحركة وطموح كبير لسبر أغوار ألمجهول واكتشاف ألعالم ألذي يقع خلف السور الجبلي الذي يسور الوادي، تنادى الشباب جماعات لتسلق الجبال تقودهم رغبة الاكتشاف والتمتع بالقدرات الجديدة قبل المعرفة والخبرة والدراية. وهكذا بين فترة وأخرى تتهيأ مجموعة من الشباب لرحلة طويلة لم يعد منها أحد. ولم يسمع عنهم بعد مغادرتهم الوادي غير صرخات تمزق صمت الجبال بين فترة واخرى، تدل على تعرض بعضهم لمكروه. اما الناجون فلم تغريهم العودة.
تسرب ألقلق الى نفوس من بقى من سكان الوادي بعد انتشار شائعات تحكي روايات عن المصير ألمفجع ألذي لاقاه المتسلقون المغامرون ألذين لم يأبهوا للوائح الدينية ولا لتقاليد قومهم ففتكت بهم الضواري وعاقبت الالهة من بقى منهم حيا على معصيتهم للإرادة الربانية واتباع هوى النفس وغواية الشيطان. وكانت هذه الشائعات اساسا لتقويض النظام الجديد والتخلي عن كل ما اتى به الشباب من "بدع" زعزعت الامن والامان في الوادي، فعادت السلطة لسدنة المعبد مع حفنة من الانتهازيين والوصوليين الطامحين للحكم والتحكم بالأخرين.
لم تعد سلطة الخرافة كما كانت في السابق ولم يعد النظام في الوادي على حاله قبل ثورة التغيير، فبعد كل مغامرة تاريخية فاشلة، تغتني تجربة القوى الرجعية والمحافظة وتصبح اكثر براعة في ادارة السلطة والحفاظ على ديمومتها، سواء بالقمع او بشراء الضمائر او بالاثنين معا.
اما قوى التغيير والتنوير فتبقى شاخصة بأبصارها حد العمى نحو نور المعرفة، تبحث في فسيفسائها والوان قزحها عن لون واحد يبعث فيها الامل بمشروع تغيير جديد. لا هي قادرة على رؤية الظلام الذي يحاصر المعرفة بكل مخلوقاته المصنوعة من الشهوة والمال والدم، ولا هي قدرة على تمييز الوان اخرى في نور المعرفة، دونها لن يكتمل الوجه الحقيقي والانساني للمعرفة.



#جاسم_ألصفار (هاشتاغ)       Jassim_Al-saffar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة لنتائج زيارة الرئيس الفرنسي الى موسكو
- خيارات الرد الروسي
- ملاحظات في السياسة الاعلامية للمثقفين الوطنيين
- فرضيات تحتاج للتحقق بشأن كارثة الطائرة الروسية
- ملاحظات على هامش ندوة -الثقافة الجديدة- بشأن دور المثقف في ا ...
- قراءة لزيارة الرئيس السوري الى روسيا
- ملابسات توقيت قرار التدخل العسكري الروسي في سوريا
- الخيارات الروسية في الحرب السورية
- قراءة في اخبار العمليات العسكرية الروسية في سوريا
- اليسار العراقي، الانغلاق في الماضي ام الانفتاح على الحاضر
- مشاريع الاصلاح وافاقه
- نحو رؤيا واقعية للتغيير
- محاور المؤامرة على الارادة الشعبية
- رسالة من بعيد لابطال يصنعون التغيير
- الانفصاليون وخدعة الاستقواء بالفكر الاشتراكي (الجزء الثالث)
- الاشتراكية وخدعة الاستقواء بالفكر الاشتراكي (الجزء الثاني)
- الانفصاليون وخدعة الاستقواء بالفكر الاشتراكي (الجزء الاول)
- الرقيب في -طريق الشعب-
- وجهة نظر في الازمة الاوكرانية
- بعد ان سكنت العاصفة


المزيد.....




- مصدر لـCNN: إدارة ترامب تعلق مؤقتا العقوبات على الوفد المصاح ...
- -ألقى شطيرة على ضابط-.. القبض على رجل هاجم رجال الشرطة في وا ...
- قبيل قمة ألاسكا.. مصادر تكشف لـCNN أسباب -غضب- ترامب تجاه بو ...
- أنقرة ودمشق تحذران إسرائيل من زعزعة استقرار سوريا وإثارة الف ...
- كوريا الشمالية ترفض مبادرات جارتها الجنوبية وتستبعد الحوار م ...
- المغرب: تأجيل جلسة محاكمة الناشطة ابتسام لشكر بتهمة -الإساءة ...
- العاصفة -بودول- تعطل خدمات البر الرئيس للصين
- لمواجهة رسوم ترامب الجمركية.. البرازيل تطلق خطة -السيادة-
- نتنياهو يكشف أهداف إسرائيل -النهائية- في -حرب غزة- ضد حماس
- شقيقة الزعيم كيم تنفي إزالة مكبرات الصوت المناهضة لسول


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم ألصفار - حكم الخرافة والبديل المغامر