استحضار شبح روح (الوطن) بين مجلس محافظة الموصل والعبادي

سمير عادل

الحوار المتمدن-العدد: 5095 - 2016 / 3 / 6 - 23:27
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

اعلان حيدر العبادي رفضه لطلب مجلس محافظة الموصل، بعدم السماح لتشكيلات الحشد الشعبي بالمشاركة في معركة الموصل لطرد داعش منها، والتحجج بأنه لا يحق لاي كان حرمان اي شخص من المشاركة في تحرير ارضه، ينبئ بمرحلة ما بعد داعش، المرحلة التي تعد لها جميع الاطراف القومية والطائفية في العملية السياسية. اعلان العبادي هذا جاء في كلمة له بمؤتمر المصالحة في المناطق الغربية، وتزامنت معه تصريحات عمار الحكيم في لقاءه مع مبعوث الرئيس الامريكي باراك اوباما، الذي أكد ما قاله العبادي حول مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل، وبأن لا يحق لأي طرف في تحديد ملف من يشارك ومن لا يشارك. وبالتوازي مع تلك التصريحات، قال ابو مهدي المهندس الذي يشغل منصب نائب رئيس الحشد الشعبي، بأن العبادي وعد بتقديم الامكانات الى الحشد وتطوير كفائته كي يصل بمستوى جهاز مكافحة الارهاب وان تكون له الاستقلالية.
الاصرار من قبل أطراف التحالف الشيعي، والرفض من قبل القوى الاخرى، مثل مجلس محافظة الموصل وأطراف من تحالف أتحاد القوى، بمشاركة او عدم مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل، لها رسائل سياسية وخطوات يراد ترسيخها بعد طرد داعش من الموصل. فاللغط الذي نجده حول الحشد الشعبي في معركة الموصل، والذي تشتد وتيرته، لم نلمسه بهذا الحد في معركة الرمادي. لأنه ببساطة، ان معركة الموصل هي اخر المحطات العسكرية، التي تفتح الباب لمرحلة اخرى، تختلف طبيعتها من الناحية السياسية المحلية والاقليمية. اي بعبارة اخرى تعني اعادة رسم المعادلة السياسية وبتوازنات جديدة تختلف كليا عن مرحلة ما قبل داعش في ١-;-٠-;- حزيران عام ٢-;-٠-;-١-;-٤-;-.
ان محاولات العبادي والتحالف الشيعي، بإضفاء الصبغة الوطنية على معركة الموصل، لسوقها كمبررات في مشاركة الحشد الشعبي الى جانب الجيش والبيشمركة، هي محاولات مظللة وفاشلة، ولا يمكن تسويقها على اخوتهم الاعداء في العملية السياسية. وايضا ان السعي الحثيث للقوى المسمات بـ"السنية" في الحيلولة دون مشاركة الحشد الشعبي، تحت مبررات لا تسمح بإعادة سيناريو الانتهاكات الفاضحة للحشد في تكريت وبيجي وديالى، هي الاخرى واهية. فيمكن لجم الحشد الشعبي بتعهدات لا يمكن له التنصل منها، إذا كانت القضية محصورة بالانتهاكات. الا ان القوتيين المتصارعتين، وهي التحالف الشيعي والتحالف السني، منذ اليوم الاول لتأسيس العملية السياسية على اسس المحاصصة، يعرفان جيدا ان الاستحقاق السياسي بعد داعش قد حلت ساعته. فوجود قوة عسكرية مثل الحشد الشعبي تدين بالولاء للتحالف الشيعي في الموصل، يعني تفويت الفرصة، او تقليل فرص اعداد تهيئة الارضية للفيدرالية السنية الموعودة، او في اسوء الاحوال تقويض تلك الفيدرالية الى اقل ما يمكن.
وفي نفس الوقت، ان الفرصة الاخيرة للعبادي وحزب الدعوة بالبقاء في ادارة السلطة داخل التحالف الشيعي، هي النجاح في معركة الموصل. وان النصر في الموصل هو قارب النجاة لأنقاذ ما يمكن انقاذه على الاقل ببعض من هيبة التحالف الشيعي التي ضيعها المالكي. وايضا سيخرج العبادي اقوى وبمليشيات قوية لها الولاء الطائفي المطلق، وبإمكانه المضي في تنفيذ برنامجه الاصلاحي الذي تلخص بسياسة التقشف وقصم ظهور العمال والموظفين، والالتفاف على المطالب العادلة للجماهير بالقضاء على الفساد، ومحاكمة الفاسدين، واعادة ما سرق خلال السنوات الفائته اليها، وتقليم اضافر منافسيه مثل الصدر وغيره، والالتفاف على الامتيازات التي يطالبون بها تحت عناوين حكومة التكنوقراط والاصلاحات ومحاربة الفساد.
ما لم ينجح فيه المالكي، عندما شكل قيادات عمليات نينوى والانبار وديالى، وهي مرتزقة عسكرية تابعة له أقرب الى جيش نظامي، لترتكب جرائم التطهير الطائفي وشراء الولاءات، من اجل ارضاخ المنطقة الغربية لسلطة التحالف الشيعي، يحاول العبادي اليوم ان ينجح في استرجاع بعض ما خسره المالكي من رصيد طائفي ونفوذ سياسي، وتحسين الورقة التفاوضية مع التحالف السني خلال مرحلة ما بعد داعش. وهذا سر اصرار التحالف الشيعي الذي يمثله العبادي، في اشراك الحشد الشعبي في معركة الموصل، والذي يعد له ان يكون الحرس الثوري الجديد في العراق، على غرار الحرس الثوري الايراني، والمرسوم له ان يكون اداة التحالف الشيعي وجزء حيوي من جهاز الدولة الجديد لترسيخ سلطة التحالف الشيعي.
ان اشراك الحشد الشعبي في معركة الموصل هو محاولة اخيرة للتحالف الشيعي في عدم تقسيم العراق الى فيدراليات، تمنح بموجبها لما سمي بالعرب السنة حصة من السلطة، والتي تعني قضم من حصة وامتيازات التحالف الشيعي، التي تمتع بها خلال عشرة سنوات من حكمه. ففي "العراق الجديد"، كل شيء تبدل، فحل التحالف الشيعي الطائفي محل حاملي راية "الوطن والوطنيين" وهم القوميين العروبيين الملتحفين اليوم بلباس طائفي سني. فالوطن عبارة عن كعكة كبيرة من اموال النفط وسلطة ونفوذ وامتيازات. وسينتزع عنوة قسم منه اي الوطن، ومن حصة التحالف الشيعي، لصالح الفيدرالية السنية الجديدة. وهذا يكشف عن سبب الدموع الساخنة للتحالف الشيعي على الوطن، والاصرار على مشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل.

#سمير_عادل (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل