أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن إسماعيل - الخلاص المزيف














المزيد.....

الخلاص المزيف


حسن إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 5093 - 2016 / 3 / 4 - 01:36
المحور: الادب والفن
    


في بدء التاريخ البشري
كان المجهول منتصب القامة
وكانت الأسئلة تجول تصنع خيراً وشكاً وعمقاً وبحثاً

كل حضارة شقت طريقاً ما للوصول
للإكتشاف والبقاء ..وللرسوخ والانتصار
البقاء للأقوى
البقاء للأصلح
البقاء للمــُتأقلم والمــُـتكيف والمــُـتحكم
البقاء لحاملي خيوط العرائس

وبعد قرون كان الحصاد
من شق طريقه في الغيب وزرع الشموع والبخور .. حصد العشور والنذور
ومن شق طريقه في الأرض وزرع الشك والبحث والفلسفة والرياضيات .. حصد العلم

كان خوف الأول عظيماً ورغباته أعظم .. فحصد هيكل عظيم مـُرصع بالذهب والماس
وكان شك الثاني عظيماً ورغباته أعظم .. فحصد مختبر عظيم مـُرصع بالخيال

لم يملك الأول سلع ملموسة يبيعها لشعبه
كلها كانت سلع وجدانية ضميرية جوانية
تعزية ما .. صبر ما .. رضا ما .. سلام ما .. أمان ما
ورجاء لإنتظار ما هو ملموس فوق
في أرض الملموس يعطيك الوجدان
وفي سما الغيب سيعطيك الملموس
انتظر .. انتظر .. انتظر .. بعد الموت ستأخذ
أو ستكون محظوظ جداً وستحضر .. الانتصار في الأرض
مُلك السماء للأرض
انتظر .. انتظر .. انتظر

لكن الثاني كان يملك سلع ملموسة يبيعها لشعبه
والشعب جائع للأشياء
والحاجة أم الإختراع
وماء الأشياء مالح .. لا يروي
ولأجل ذلك سيظل السوق مفتوح على مصرعيه
لدينا عطشان ولدينا ما يظن أنه يرويه
معادلة التــُخمة التي لن تنتهي
والسراب لا يحتاج لغيب لنبقيه
يمكن أن تصنع سراب لعطشان في الأرض أسهل
والحياة بين الإحباط والرجاء .. بين الرغبة والقدرة .. بين الحلم والتحقق .. ممكنة
فانتظر .. واشرب واعطش .. وانتظر .. واشرب واعطش .. وانتظر

بعد قرون من تخيـُل الأول أنه امتلك الإجابة ومن تخيـُل الثاني أنه امتلك السؤال
من احتكر معرفة الغيب
ومن احتكر معرفة الوجود
من صنع نهراً من الدماء وأكوام من الجثث على مذبح الحقيقة المطلقة
ومن صنع نهراً من الدماء وأكوام من الجثث بقنابله النووية وطائراته التي بلا طيار

من ملأ كنزه وصندوق نذوره بعطايا القطيع للرب الذي ليس لديه حساب بنكي
ومن ملأ كنزه بسوق العولمة والشركات عابرة القارات وبمصانع السلاح التي تحتاج للحروب
ومصانع الأدوية التي تصنع الأمراض لكي تعالجها
البائعون الجائلون للغيب .. والبائعون الجائلون للأرض

المتكبر الأول من امتلك المطلق
والمتكبر الثاني من امتلك النسبي
وبينهما شعوب وقبائل تتقاتل وتتصارع على صك الجنة ولقمة خبز
وجهى عملة الجوع الإنساني .. الحرية والخبز أو الخبز والحرية .. ملك وكتابة

ما أتعس الإنسانية عندما تقع في فخ الجوع
وعندما يرصد جوعها صياد بلا قلب
تكتمل الغواية

المشكلة بعد هذا الكم والكيف الهائل من القرون
من الخوف والجوع والقلق والبحث والإرتواء والشبع
مازال الإنسان خائف
مازال الإنسان جائع
مازال الإنسان عطشان
لم يخلصه الهيكل
ولم يخلصه المختبر

يمكن أن تكون الإشكالية في البحث عن خلاص
في البحث عن شبع كلي
في البحث عن ارتواء بالرشفة القاضية
احتمال

أو احتمال آخر ..
أن الإشكالية في كبرياء الطرفين .. كبرياء الغيبي وكبرياء النسبي

والسؤال .. هل نحتاج أن نعرف أننا أطفال في كوكب في الفضاء الرهيب جداً
وأننا نحبو ومازالنا نحبو
وأننا نعرف بعض المجهول وبعض العلم
نعرف الكثير من الأسئلة وقليل من الإجابة
وأننا نحتاج أن نتأنسن أكثر من احتياجنا للإجابة والمعرفة والتكنيز
وأن الأطفال الجوعى أهم بكثير من تنظير الغيب وديناصورات العلم المسلح
وأن العجائز أهم بكثير من رائحة البخور وثيران الأسواق
ما أقبح وجهي العملة .. الكاهن والعالم .. من لا يصنعوا حياة افضل للبشر وللحيوانات وللطبيعة

ما أغبى الكبرياء والمتكبرين .. يثقبون سفينة بشريتنا بدعوة خلاصها
من أي الأشياء تخلصونا ؟!
هذا خلاص أم استعباد ؟!
هذا خير أم فساد
لو هذا هو الحب فكم يكون التوحش ؟!
لو هذا هو الهيكل فأين مغارة اللصوص ؟!
لو كانت قلوبكم لحمية فقلوب الصخر تربح

هل حان الوقت أن نقف .. أن نجعل إجاباتنا تصمت وأسئلتنا تستحي
هل حان الوقت لكي نرى كم تلوثنا بدماء الأبرياء
هل حان الوقت أن نصغي لصراخ المطرودين والمشردين والمنبوذين في الأرض
هل حان الوقت أن نذهب إلى الجوعى والعطشى
أن ينزل كل طرف من عرشه المرصع بالكبرياء
ويجول يصنع خيراً ويشفي كل من تسلط عليهم مرض أو فساد أو شر أو أنانية
هل حان الوقت أن يتأنسن الإنسان ؟؟؟؟؟؟؟



#حسن_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كواليس الخارجين عن النص
- أدين بدين الشرك
- فخ تجديد الخطاب الديني
- تيجان الجوهر
- Dream Trap
- ممتليء أنت .. وخاوية أنا
- المحاربون
- هل كُتب علينا أن نغتال السؤال بدم ديني بارد ؟
- البصمة .. والذوبان
- احنا ازاي .. احنا ليه .. احنا ايه ؟!!
- بريق الخلود .. وضجيج الفناء
- لعبة الفراغات القديمة
- الأحباء .. والغرباء
- مازلت أؤمن
- من يكفر بنفسه
- ألذ .. ألذ .. ألذ
- نير الحب
- PASSION
- متميز أم موهوم
- أرض الخوف


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن إسماعيل - الخلاص المزيف