أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - حصار الشاعر في ديوان -حالة حصار- محمود درويش














المزيد.....

حصار الشاعر في ديوان -حالة حصار- محمود درويش


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5087 - 2016 / 2 / 27 - 03:38
المحور: الادب والفن
    


حصار الشاعر في ديوان
"حالة حصار"
محمود درويش
عندما يخصص الشاعر ديوانه للحديث عن حالة محددة بعينها، فهذا يشير إلى الأثر الذي تركه فيه تلك الحالة، وكلنا يعلم بأن درويش عايش حصارين، حصار تل الزعتر وحصار بيروت، وكتب فيهما "قصيدة "أحمد العربي" وكتب ديوان "مديح الظل العالي" وعندما حدثت انتفاضة الأقصى كتب ديوان "حالة حصار" وهو بلا شك أعاد الشاعر إلى ما عايشه في الحصارين السابقين، فالمحاصر هو ذات جيش الاحتلال، والمحاصر هو وشعبه، وهذا ما جعل الشاعر يكمل ما بدأه، وأن يقدم شيء جديد، خاصة ما يتعلق بالشكل، فالمضمون واحد، لكن شكل/أسلوب الكتابة مختلف، فقد تعمد في هذا الديوان أن تكون المقاطع الشعرية مختزلة ومكثفة، وكأنه بهذا يريد اختصار الوقت، يريد أن ينهي الحديث عن هذه الحالة المؤلمة بأسرع ما يمكن، لا يريدها أن تستمر أكثر، لكن فكرة الألم والمعاناة التي يتركها الحصار يتم إيصالها بكل ما تحمله من ألم وقهر، وكذلك يوصل لنا طبيعة جيش الاحلال الذي يمثل بربرية العصر، فهذا الجيش وجد للقتل ولقهر الآخرين، وليس له وظيفة سوى هذا الأمر.
فيقول الشاعر بهذا الجيش:
"إلى قاتل: لو تأملت وجه الضحية
وفكرت، كنت تذكرت أمك في غرفة
الغاز، كنت تحررت من حكمة البندقية
وغيرت رأيك: ما هكذا تستعاد الهوية!" ص29، الخطاب المستخدم هادئ ومنطقي وعقلاني، وبعيد ان الانفعال والتشنج، رغم الألم الذي يعيشه الشاعر، فهو يستخدم تاريخ اليهود لكي يؤكد لهم همجية ووحشية ما يقومون به اتجاه الفلسطيني، فهو بهذا التذكير يؤكد وحشيتهم وتماثلهم مع من قاموا بحرقهم في غرف الغاز.
جنود جيش الاحتلال ليسوا ماكنات، بل بشر، يحسون ويفكرون، لكن تفكيرهم مختل، وإحساسهم حيواني،
"نخزن أحزاننا في الجرار، لئلا
يراها الجنود فيحتفلوا بالحصار" ص39، فهم هنا ساديون يتلذذون بتعذيبنا وقهرنا وقتلنا، ومع هذا نحن نقاومهم، ولا نظهر ما نحن فيه، نتجلد ونصبر لكي لا نمنح هذا السادي مراده من الفرح والتلذذ بتعذيبنا.
بعد هذا التوضيح لطبيعة جيش الاحتلال البربري، كان لا بد من تقديم الواقع كما هو للمتلقي/المحاصر، فلا مجال لجعله يهيم بالأحلام والأوهام، وعليه أن يعرف حقيقة ما يجري:
" سيمتد هذا الحصار إلى أن
يحس المحاصر، مثل المحاصر،
أن الضجر
صفة من صفات البشر" ص47، بهذا المنطق يتم الخلاص/انهاء الحصار والخروج إلى الحياة، نجد في هذا الكلام انتصار الضحية على الجلاد، فحالة الحصار باقية مع الحياة رغم ألمها، والجلاد السادي بعد أن يشبع/يلبي غريزته بحيث لا يعود تعذيب الآخرين يشكل له متعة، عندها سينتهي الحصار.
في المقابل يقدم لنا الشاعر الطرف الآخر من المعادلة، هو ونحن المحاصرين، فهل نحن بشر أم أشخاص خارقين جاؤوا من السماء، لا يكلون ولا يتألمون؟ الشاعر يقدم نفسه ونحن كبشر، نحس ونتألم ونتوجع ونغضب ونشعر بالقهر والاضطهاد ونحزن، لكننا صامدون.
"سأصرخ في عزلتي،
لا لكي أوقظ النائمين.
ولكن لتوقظني صرختي
من خيالي السجين" ص35، فهنا كان الغضب من الأخوة والاشقاء والأصدقاء الذي لا يحركون ساكنا، ولهذا كانت الصرخة التي صدرت من الشاعر ليست موجه لهؤلاء، بل لنفسه هو لكي يتخلص من وهم فاعليتهم وحضورهم، وهو بهذا الطرح يدينهم ويمسخهم بحيث لم يعد لهم أي أثر أو فاعلية، وكأنهم غير موجودين.
ويحدثنا الشاعر عما يعانيه من ألم فيقول:
"إلهي... إلهي لماذا تخليت عني
وما زلت طفلا... ولم تمتحني؟" ص44، بهذا الطرح يؤكد لنا الشاعر إنسانيته، إنسانية من يقتل وهو ما زال طفلا، لم يرى من الحياة شيء، فهو يطالب بأن يحيى كباقي الناس، أن يعيش الحياة بكل ما فيها، الفرح والحزن، أن يتعرض للإغواء، للفتنة، للامتحان، أن يواجه الشيطان، لا أن ينتهي هو لم يكمل ما يمر به الناس الآخرين، فلماذا حياته قصيرة وناقصة ومبتورة، بينما الآخرين يأخذون حياتهم كاملة؟ بهذا التساؤل يؤكد الشاعر على إنسانيته وعلى حبه للحياة وكل ما فيها.
بعد الحديث عن الذات ينقلنا الشاعر إلى الحديث عن الآخرين، الذي يتعرضون للقتل والموت المحاصرين، فيحدثنا عن الأم الأكثر ألما ووجعا في هذا الحصار،
"...قالوا: تزوج منذ
قليل. فزغردت، ثم رقصت وغنت
... تساءلت: أين العروسان؟
قيل:
هناك فوق السماء ملاكان
يستكملان طقوس الزواج.
فزغردت
ثم رقصت وغنت حتى أصيبت
بداء الشلل
فمتى ينتهي يا حبيبي، شهر العسل" ص46، بهذا يبين لنا الشاعر حجم المأساة التي تتعرض لها الأمهات في فلسطين، فوقت الموت يبدين ما يماثل حالة الجنون، يزغردن بدل النواح، فمن شدة المصيبة أن يستبدل البكاء بالضحك، وهذا ما يحدث مع الأمهات، يستبدل البكاء بالزغارد، لكن هل هذه الزغارد حقيقية فعلا أم تمثل شيئا مغاير تماما؟ الشاعر يجيبنا ففي آخر مقطع عندما قال على لسان الأم: " فمتى ينتهي يا حبيبي، شهر العسل" فهي تتحدث عن الحزن وليس الفرح، وتتساءل متى ستنتهي من ألمها.
يؤكد لنا الشاعر حقيقة المشاعر الإنسانية ليس عند الأمهات وحسب بل عن الشهداء، الذين يتكاثرون يوما بعد يوم، فيقول على لسان أحد الشهداء:
"لا تصدق زغاريدن
وصدق أبي حين ينظر في صورتي باكيا:
كيف بدلت أدوارنا يا أبي،
وسرت أمامي
أنا أولا
وأنا أولا!" ص79، كلنا يعلم بأن الأم الذي يقع على الأمهات يكون أضافا مضاعفة عما يمر به الأب، لكنهن يردن أن يقهر الحزن ومن يسبب هذا الحزن، بحيث يغضن بإظهار الفرح القاتل، بحيث يحرمنه من شعوره بالتلذذ بتعذيبهن، من خلال قتل ابنائهن، من هنا نجد الاباء يبكون يصمت أمام صورة الشهداء.
الديوان من منشورات رياض الريس، بيروت، الطبعة الأولى 2002.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرواية البائسة -آه يا حضن أمي- سامي محريز
- الإيحاءات الجنسية في ديوان -منكِ أسقي منديل الغيم- ليلى مقدس ...
- شركات الفساد
- السواد المميت في رواية -البوكس- قاسم توفيق
- اليأس والجنون في -غرفة بملايين الجدران- محمد الماغوط
- المرأة في مجموعة - دم بارد- جميلة عمايرة
- الحي الشعبي التركي في رواية -الهزيل بائع السجائر المهربة- رف ...
- الفلسطيني وأشكال النضال
- النص المقدس في رواية -أولاد حارتنا- نجيب محفوظ
- إلغاء الذات في مجموعة -كيف صار الأخضر حجرا- فوزية رشيد
- حالنا في رواية -مجانين بيت لحم- أسامة العيسة
- الشخصية الشعبية في مجموعة --إنثيالات الحنين والأسى- أسامة ال ...
- الدولة الكردية
- بناء الشخصية في رواية -رسل السلام- هاني أبو انعيم
- التشكيل وعصر النت في -تداعيات مسخ مسالم جدا- عامر علي الشقير ...
- السومريون في كتاب - حضارات ما قبل التاريخ- خزعل الماجدي
- الحنين في مجموعة -آه يا كاني ماسي- جاسم المطير
- المجتمع المصري في رواية -ليل ونهار- سلوى بكر
- المغامرة في رواية -خاتم اليشب- فارس غلرايبة
- مفهوم الرجوع في الإسلام


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - حصار الشاعر في ديوان -حالة حصار- محمود درويش