أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - العراقي والشيوعية














المزيد.....

العراقي والشيوعية


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 5080 - 2016 / 2 / 20 - 20:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ينظر عامة العراقيين البسطاء للشيوعية كعقيدة دينية مضادة للإسلام كالماسونية والصهيونية معتقدين أنها تحّرم الصلاة على أعضائها وتبيح الخمر والجنس لأنهم لا يحللون ولا يحرمون! وبعضهم من سألني: أين يدفن الشيوعيين موتاهم! وهذا الفهم نتاج تاريخي للصراع الطائفي الإسلامي الذي أصبح نمطاً ذهنياً يسقطه على كل مختلف عنه ويعتبره مذهباً معادياً لمذهبه، ورغم أن الشيوعيون قدموا الآلاف الضحايا على يد النظام البعثي وقاتلوه ورفضوا احتلال العراق إلا أن هذا لم يشفع لهم عند الناس التي بقيت تنظر إليهم بريبة وشك، هكذا يتصور العراقي البسيط الشيوعية بفعل الإعلام الديني الذي بدأ منذ الستينيات ضدها عندما تولوا الشيوعية مناصب وزارية في عهد الزعيم (عبد الكريم قاسم) كان الهجوم لأسباب سياسية وإن اتخذ غطاء قوميا ودينياً، إذ أصدروا تشريعات بإلغاء الإقطاع وتشريع الزواج بالمحكمة ومحاولة المساواة بالإرث بين الرجل والمرأة. أن فهم العراقي للشيوعية لا يتعدى عبارة (ما يؤمنون بالله، ويكولون الطبيعة خلقت الإنسان) ومجرد أن يقرأ شخص كتب غير دينية يتهم بالشيوعية لان الشيوعيين معروف عنهم مثقفين، لذلك يحذر بعض العراقيين من كثرة القراءة التي قد تؤدي للجنون أو إضعاف العقيدة وهناك من الشباب من يعتبر الذي يقرأ الكتب كثيراً يسمى (معقد)، وأي حديث فيه نقد للدين يتهم بالشيوعية حتى لو كان المتكلم علماني، إذ لا فرق عند العراقي البسيط بين الشيوعية والعلمانية سوى الاسم فقط، وهناك من يطالب بالانتماء للحزب ظناً منه أن الحزب سيبيح الحرية الجنسية بين أعضاءه! وهناك من يقول لو امسك الحزب السلطة لأصبح الجنس والخمر مباحاً بالشوارع بسبب اقتران الشيوعية بالانحلال الأخلاقي، والتهم تدل نفسياً بوضوح على الرغبات المكبوته للمجتمع التي يخشى من انفلاتها إن زال الوازع الديني، وهذه الصورة النمطية في ذهن العراقي عن الشيوعية لا تتغير لو تحاورت لسنين وجئت بمئات الأدلة المضادة كون هذه الصورة هي جزء من الثقافة الاجتماعية التي للدين والقبيلة حظ كبير فيها للتشريع والسلوك يغذيها إعلام ديني يروج بأن الشيوعية عقيدة مضادة للدين.
مهمة توعية الناس بالشيوعية ليس الغرض منه الترويج لها وإنما فهما وإذا اختلفنا معها بعد استيعابها نأخذ منها ما هو ايجابي أو نطرح بديلا أفضل عنها، بعبارة أخرى رفض الشيء عن جهل وتظليل اخطر من قبول الشيء الخاطئ بقناعة. إن الروح الإنسانية التي تحملها الشيوعية لتوحيد المحرومين والكادحين لإلغاء الفقر والتفاوت الطبقي لاشك أنها قيم إنسانية كبرى نادت بها بعض الأخلاقيات والفلسفات والأديان ومن غير المنطقي تجاهلها وضربها عرض الحائط لأسباب أيديولوجية فقط.
أما موقف المثقفين منها فقد كان من مواقع أيديولوجية متمثل بالقوميين والإسلاميين الرافضين لها لاعتبارات دينية أو تاريخية، والمؤيدين لها من منطلق طبقي. وهناك من رفضها باعتبار أن مجتمعنا لا يوجد به صراع طبقي أما كونه مازال يراوح بين الإقطاع والرأسمالية أو لان بنية مجتمعنا مختلفة عن بنية المجتمع الأوربي، فالعراقيين لا يستعملون جملة (صراع طبقي) في أحاديثهم أبدا، وهناك من اعتبر الشيوعية هي وجدان إنساني وليست أيديولوجيا يجب أن يشعر به أي إنسان تجاه المحرومين والمعدمين من العمال. فراح البعض يبحث عنها بالتاريخ الإسلامي والعربي لإثبات أصالتها عند العرب والإسلام، وكان انهيار الاتحاد السوفيتي وبروز العولمة وانتشار الصحوة الإسلامية/الإسلام السياسي الامتحان الأعسر الذي تعرضت له الشيوعية بالعراق.
إن الشيوعية لم تنجح عندنا كونها تتعارض مع ثقافتنا القدرية حول قسمة الله للأعمال والمعيشة (الأرزاق) وان التفاوت الطبقي هو حكمة إلهية وان الفقراء أحباب الله وموعودون بالجنة وان الفقر ليس عيب، وان لا احد يموت جوعا، فكل شيء مقسوم من الله، لان المال مال الله وهو المسؤول عن تقسيمه، هذه الثقافة لا تقبل الاعتراض على تقسيم الله للإعمال والمعيشة، ولهذا لا يوجد لدينا صراع طبقي بالمعنى الماركسي فالعمال والحرفيون لا يشعرون أنهم يشكلون طبقة في مواجهة طبقة أخرى فلا زال الانتماء العشائري هو الانتماء الأول للعراقي ثم يليه المذهبي والديني، وان الصراع الطبقي أقصى ما بلغه كان على مستوى القيم حيث يتهم الفقير الغني بالبخل والكسب الحرام، بينما يتهمه الغني بالحسد والطمع والتملق والتزلف له، هذا لا يعني أن ليس هناك نوعا من الصراع فالمجتمع يعتبر الفقر شتيمة (فكر، فكرية، فكورة) ويسمى الغني (ابن خير، الله مفضل عليه) و(اﻟ-;-ﻔ-;-ﮕ-;-ر والخير) لهما معنى سحري الأول يجلب الشؤوم والنحس والفشل والثاني يجلب النجاح و التفاؤل والربح (ﮔ-;-صة ﻔ-;-ﮕ-;-ر، ﮔ-;-صة خير) الفقير يشفق ويعطف عليه الناس أو محتقر اجتماعيا، بينما الغني محترم مهاب مسموع الكلمة، أي أن إحساسنا بالصراع الطبقي يترجم بطريقة محرفة عن الواقع، فالعراقي حين يقول (احنا المكرودين، ولد الخابية، احنا الفقره) فانه يشير إلى طبقته التي يحس بها إحساسا غامضاً في مواجهة طبقة السلطة التي يراها سبباً في شقائه من غير أن يفكر بأن رأس المال المتحالف مع السلطة هو سبب شقائه وأنه يجب التوحد في مواجهته كطبقة عاملة. وهذا كله ينظمه ويمتصه ثقافة تعتبر الفقر ليس عيب وان المال مال الله وليس ملك احد. هل هذا يعني إن الدين/الإسلام متحالف مع الطبقات صاحبت رأس المال؟ ويصح عليه النقد الماركسي الموجه لتاريخ المسيحية؟ أتصور أن الإسلام استخدم في التحالف مع الطبقات الحاكمة واستخدم للتحالف مع الطبقات المعارضة كما استعمله القرامطة والزنج، ويمكن القول أن الإسلام حال دون نشوء الصراع الفعلي الذي بقي محصورا على التنافس والتحاسد.



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحليل الثقافي لكلمات السخرية
- ما هو الحرام النوعي؟
- العراقي والنظافة
- القاموس العامي للمجتمع العراقي 1
- رؤية إناسية لرأس السنة
- من تعليقات الفيس بوك
- النظرية الشجرية للبشر في المجتمع العراقي
- المفهوم الاجتماعي للمدنية
- العرقي والخمر
- نقد نقد المجتمع العراقي
- مراجعة في فكر هادي العلوي
- الحرام النوعي للأكل
- العراقي والعيد
- انطباعات عن ثورة التحرير العراقية
- العراقي والحيوانات
- العراقي والشارب
- الحرام النوعي للجنس
- التفسير الاجتماعي للتحية العراقية
- الحرام النوعي للشتائم العراقية
- التفسير الاجتماعي للكذب في المجتمع العراقي


المزيد.....




- روسيا تدعي أن منفذي -هجوم موسكو- مدعومون من أوكرانيا دون مشا ...
- إخراج -ثعبان بحر- بطول 30 سم من أحشاء رجل فيتنامي دخل من منط ...
- سلسلة حرائق متتالية في مصر تثير غضب وتحليلات المواطنين
- عباس يمنح الحكومة الجديدة الثقة في ظل غياب المجلس التشريعي
- -البركان والكاتيوشا-.. صواريخ -حزب الله- تضرب مستوطنتين إسرا ...
- أولمرت: حكومة نتنياهو تقفز في الظلام ومسكونة بفكرة -حرب نهاي ...
- لافروف: أرمينيا تسعى عمدا إلى تدمير العلاقات مع روسيا
- فنلندا: معاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة من شأنها أن تقوض س ...
- هجوم موسكو: بوتين لا يعتزم لقاء عائلات الضحايا وواشنطن تندد ...
- الجيش السوداني يعلن السيطرة على جسر يربط أمبدة وأم درمان


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - العراقي والشيوعية