أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال حسن - الغثيان














المزيد.....

الغثيان


جلال حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5069 - 2016 / 2 / 8 - 09:10
المحور: الادب والفن
    


الغثيان
جلال حسن

هاجس غريب انتابني وأنا أعبر الشارع قادما من تمثال كهرمانة باتجاه “ أرخيته” بمنطقة الكرادة، المنطقة هادئة تماما بعد أن شبعت أنفجارات سابقة وحصدتْ أرواح ناس أبرياء، كنت أمشي ببطء، وأنتقد نفسي على تثاقل الخطى في زمن يتطلب السرعة بخطوات أوسع، ورغم وسع الشارع ووضوح علامات المحلات التجارية، لكن ثمة غموض يلف المكان، غموض لا يفصح عن نفسه بسهولة، حتى الحديث بين صديقين يرتخي لمهابة المكان، لأنه يعطي فسحة من الاسترخاء والتأمل قبل الحديث، بل حتى المشي وحيداً يثير هواجس وأسئلة وتصورات وتأملات وصمت يعيد زمن مضى في لحظة آنية، ربما هذا السبب الذي دعاني أستعيد حالة قبل ثلاثين عاما حين كنت أتأبط كتاب أسمه “ الغثيان” للفيلسوف “ جان بول سارتر” وتعثرت على الرصيف في عبوري لنفس الشارع في زمنين مختلفين، تصفحت متن الكتاب وأسهبت بقراءته في مقهى تطل على رصيف يعج بالمارة والنساء الجميلات، لكن لم أكترث إلا ما تقول الرواية التي تغوص بالنفس البشرية وتتحدث عن الوجود والقلق والحياة والسأم والاجترار والخشية، حتى شعرت فعلا بالغثيان. لأن هذه الرواية الصعبة كتبت بقصديه تصور هيولية الرتابة بلا عنصر للتشويق غير الصمت بوصفة حالة نعيشها يومياً.
وهي باختصار تحكي عن طبيعة مثقف يشعر بالملل، هو “انطون روكانتان” إنسان يعيش في ميناء نورمان ببوفيل ويعمل على وضع سيرة “الماركيز دي روليبون” احد رجالات القرن الثامن عشر.
وروكانتان في الثلاثين من عمره، ولديه دخل خاص متوسط وهو غير مرتبط بعمل أو أسرة فهو يستطيع العمل والعيش بحرية، ومع ذلك فانه يشعر بأنه ليس حراً، لأن الحرية تتطلب التزاماً وشروطاً معينة، وهو الأمر الذي يعده “روكانتان” سخرية مرة من الحرية، وبالتالي يتهرب منها بشكل حقيقي.
وما زلت أتذكر أشرت بالقلم الأزرق إشارة في أحدى صفحات الرواية، هذه الجملة التي احتفظت بها تقول: هذه الأرض تحكنا بأظافر سود سرعان ما تتحول الى دود لذلك نختنق.
“روكنتان” شخصية قوية في الرواية وهو واعي ومثقف وحداثوي بينما نجد أن المجتمع ومن خلال موقف صاحب المكتبة لم يرحموه، وعاملوه على أنه ضعيف ومسكين، و تناسوا أنه زبون دائم للمكتبة وصاحبتها مع أنه مثقف من الطراز الممتاز، لذلك لا جديد فيما يفعله الأنذال.
أكملت الرواية وأنا أتصور أن “روكانتان” هو الذي كتبها لأنه يراقب الأشياء وهو الذي يكتشف ويفكر ويبحث عن نفسه ، وتساءلت: هل نعيش غثيان سارتر جراء ما يجري من رتابة الحياة التي لا تفك منا غير مزيد من السأم والملل؟ أنه غثيان ثقيل في دوامة الحالة اليومية، ولكن هل ثمة صحو؟ ربما هناك أجابة!

العراق - بغداد



#جلال_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساؤلات في الكشف
- الخشبة ورصانة المضمون
- الباقون بانتظار حتفهم
- مفاجأة نوبل
- نو .. ندام
- الطريق الى فينيسيا
- على سرير الفحص .. في عيادة الطبيب
- حرق الكتب
- في عيد الحب
- أنا الأعزل بلا مؤنه للغياب
- بعد منتصف الليل
- هتافات هادئة في قلوب مشتعلة
- قصب المزامير الرفيعة
- أوهام الفسبكة
- مكافأة المهزوم
- داعشيات
- جيراننا مسؤول
- الموصل بلا قدّاس
- حزين جداً يا وطن
- الكتاب في مواجهة السلطة الدكتاتورية


المزيد.....




- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال حسن - الغثيان